|
المواطن المُخدر
نشر بتاريخ: 05/02/2017 ( آخر تحديث: 05/02/2017 الساعة: 10:31 )
الكاتب: رامي مهداوي
سأدخل في الموضوع مباشرة من خلال سؤالي لك عزيزي القارئ: أين أنت مما يحدث حولك؟ وما أقصده بحولك هو الفضاءات المختلفة التي تتواجد بها وليس مكان محدد بما لك وعليك من حقوق وواجبات. لتكون المحصلة النهائية مسؤوليتك تجاه المجتمع الذي أنت منه.
للأسف ما أقرأه في الآونة الأخيرة من خلال مشاهداتي لأحداث مختلفة وعدم وجود ردود أفعال من المجتمع/المجتمعات الفلسطينية يجعلني أصف المواطن بأنه مواطن مُخدّر، وقد يقول قائل: المواطن تم تخديره، بالتأكيد هناك فرق كبير إذا ما كان المواطن خُدّر أو مُخدّر بمعنى أن تم فعل التخدير بفعل فاعل من أجل وصول المواطن وبالتالي المجتمع الى حالة اللامبالاة. كلٌ منا يعيش بحالة المواطن المُخدّر في المجتمعات المختلفة التي يعيشها، مجتمع العائلة، مجتمع العمارة، مجتمع الحي، مجتمع القرية/المدينة/المخيم، مجتمع العمل، مجتمع الحزب، مجتمع الجامعة، مجتمع الكنيسة والمسجد، لتحصد اللامبالاة جميع مكونات وأدواة المجتمع الفلسطيني، ليكون فريسة سهلة لمن أراد الإنقضاض عليه. لا أحد يكترث إذا ما إرتفعت أسعار الكهرباء 5%، لا أحد يكترث إذا تم تأجيل إنتخاب البلديات، لا أحد يكترث إذا قطاع غزة بحاجة لأبسط مستلزمات الحياة من ماء وكهرباء وأدوية، لا أحد يكترث ويسأل متى المصالحة؟ لا أحد يكترث الى متى سيبقى المجلس التشريعي إسم دون فعل؟ لا أحد يكترث ويتجرأ أن يسأل الى متى سيبقى حالنا بتراجع دائم؟! والأخطر من كل ذلك بأن عدوى التخدير انتقلت الى المؤسسات الأهلية مما جعل فعل المؤسسات التي يجب أن تلعب دور توعوي وضاغط بحقوق المواطن وواجباته بحالة هذيان نتيجة التخدير، وإذا ما قال لي قائل بأن تلك المؤسسات تم محاربتها وتخديرها أيضاً؛ أرد عليه وبكل جرأة إذاً ما حاجتنا لها منذ البداية إن لم تستطيع المؤسسة أن تحافظ على ذاتها وتواجه الظلام بكل أشكاله!! ما حاجتنا لمؤسسات ولدت ميته من رحم بحاجة الى تغيير!! أصبحت أشك بأن الكثير من تلك المؤسسات هي ليست فقط مُخدرة وإنما شريكة في تخدير المواطن والمجتمع. حالة الخوف المحيطة بنا من جهة، والتخدير الذي أصابنا جميعاً من جهة أخرى، أفقدتنا روح الإستنهاض والنهوض وإعلاء صوتنا لمن يجب أن يسمعونا، التخدير جعلنا نبحث عن حلول فردية وليس جماعية، التخدير جعل المواطن يحمل شعار " حط راسك بين الروس وقول وينك يا قطاع الروس"، التخدير جعلنا نفكر بالمسكنات وليس بالعلاج، التخدير جعلنا نفكر في أقساط المنزل والسيارة، التخدير جعلنا نقبل أي حل دون التفكير في تبعيات ذلك. أخشى ما أخشاه بأن حالة التخدير التي نعاني من أعراضها الآن ستنتقل الى مستويات صعبة تقودنا الى نهاية ما بقي من المشروع الوطني، والدخول الى مرحلة جديدة يخطط لها ليس فقط الإحتلال وإنما المحيط الإقليمي برؤيا/ رؤى تجعلنا كمواطنين مخدرين تابعين لمشاريع أصبحت أكبر من قضيتنا الفلسطينية. إن لم نستيقظ جميعاً من حالة التخدير التي نعيشها كل في موقعه، علينا أن لا نلوم إلا أنفسنا، بالتأكيد العلاج من التخدير ليس بالنزهة المريحة وإنما هناك العديد من العقبات التي ستواجهنا، وأعتقد أول هذه العقبات أن نجد من يسمعنا ونخبره بأن المواطن إستيقظ من تخديره. |