وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خربشة افكار...نحن وإسرائيل

نشر بتاريخ: 05/02/2017 ( آخر تحديث: 05/02/2017 الساعة: 10:40 )
خربشة افكار...نحن وإسرائيل
الكاتب: المحامي شوقي العيسة
الشعب الفلسطيني يعيش في فلسطين منذ الاف السنين، تعاقبت عليه ديانات واحتلالات كثيرة وبقي يعيش على هذه الأرض، وتراكمت لديه حضارة وثقافة استفادت من مختلف الديانات الوثنية والسماوية ومن الإنجازات العلمية المختلفة الميدان والمنشأ.
في العصر الحديث ومع تبلور نظام عالمي احتلت فيه دول أوروبية مركز القوة، وعملت على تعزيز هذه القوة بالسيطرة على خيرات بلدان خارج حدودها، من خلال ما اصطلح عليه بالاستعمار الكولونيالي. وكان من ضمن أهدافها لمواصلة سيطرتها لأطول فترة ممكنة العمل على منع إعادة نشوء امبراطورية للشعوب العربية، فعملت لتحقيق ذلك الى تجزيء الأراضي العربية الى دويلات تحت احتلالها المباشر.
وفي تلك الفترة كانت قد نشأت حديثا حركة عنصرية رأسمالية عالمية، سميت الحركة الصهيونية، التي وجدت في يهود أوروبا المضطهدين أداة لتحقيق اهداف لها، باحتلال دولة ما وتجميع عدد كبير من يهود أوروبا فيها.
كان من الطبيعي ان تتحالف هذه الحركة على قاعدة المصالح المشتركة مع الدول الأوروبية الاستعمارية وخاصة بريطانيا العظمى في ذلك الوقت، وذلك بتحقيق هدف بقاء الشعوب العربية ضعيفة ومتفرقة ، وخلال ذلك اعادوا احياء فكرة قديمة كان نابليون فرنسا طرحها، وهي تأسيس دولة لليهود في فلسطين، مستغلين اساطير دينية قديمة . وكان هذا الطرح مناسبا للطرفين، فهو من ناحية يحقق وجود قاعدة (دولة) للحركة العنصرية لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية، ومن ناحية أخرى يحقق للاستعمار اهداف دائمة وبعيدة المدى باستمرار السيطرة ، كون هكذا دولة لا يمكنها البقاء بدون حماية ومساعدة الدول الاستعمارية، وبالتالي التبعية الدائمة لهذه الدول .
ولذلك بعد الحرب العالمية الثانية عندما ضعفت دول أوروبا انتقلت تبعية إسرائيل مباشرة للامبراطورية الاستعمارية الجديدة الولايات المتحدة الامريكية 
وهكذا نحن الشعب الفلسطيني كنا دائما جزأ من دول حكمت المنطقة، حين لم تكن مقسمة الى دويلات ، باستثناء بضعة عشرات من السنين في القرن الثامن عشر حين اشتد الظلم والقهر على شعبنا فقاد الظاهر عمر شعبنا في ثورة لتحريره والاستقلال به بعيدا عن الظلم والقهر .
في القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى حين لم يعد الاحتلال المباشر مقبولا وظهرت للشعوب المجاورة دول شبه مستقلة، لم يحصل ذلك في فلسطين نتيجة لما تحدثنا عنه سابقا من تحالف بين الحركة الصهيونية والاستعمار الأوروبي وخاصة البريطاني . ولان ذلك لم يكن منطقيا ومنسجما مع حركة التاريخ ولان شعبنا قاومه ولان الظروف وموازين القوى اختلفت قليلا بعد الحرب العالمية الثانية، كان لا بد من إيجاد مخرجا ولو مؤقتا ، وعليه قامت الأمم المتحدة، المنظمة الدولية التي أنشأت بعد الحرب لتدير معادلة موازين القوى الدولية ، بإصدار قرار التقسيم الشهير الذي يعطينا دويلة على جزء من فلسطين، ولكن هذا القرار صدر ليس لكي ينفذ، ولم ينفذ، بل هو عمليا اعطى شرعية لقيام دولة إسرائيل على الجزء الأكبر من فلسطين ، إسرائيل التي قامت لاحقا وبدعم القوى الاستعمارية بالسيطرة على باقي فلسطين .
ما تعرض له شعبنا ليس مجرد قيام دولة اقوى منا باحتلالنا ، بل اننا ندفع ثمن قيام الدول العظمى الاستعمارية واذرعها وادواتها ، بخلق قاعدة لها لتأمن مواصلة سيطرتها على مجموعة كبيرة من ما يسمى بشعوب العالم الثالث . أي اننا لا نواجه الاحتلال الإسرائيلي بل نواجه منظومة الاستعمار الحديث العالمية.
لذلك وبما انه ليس لدينا قوة عظمى تساندنا في هذا الصراع غير المتكافئ، علينا ان نكون على اعلى درجات الفهم السياسي والتكتيك والتخطيط واستغلال كل ما لدينا في هذا الصراع.
في عام 1948 حققنا انجاز بان قسما من أبناء شعبنا بقي في وطنه ولكن ذلك لم يكن بتخطيط من القيادة ، وكذا الامر في عام 1967 ، هذان الانجازان الذان ابقيا جزءا من شعبنا في داخل الوطن يلعبان الان اهم دور في الصراع.
اما تأسيس منظمة التحرير فقد كان إنجازا في الحفاظ على هويتنا كشعب وفي الحفاظ على قضيتنا حية وتعريف مختلف شعوب الأرض بالظلم الواقع علينا، وصولا الى اعتراف الأمم المتحدة بنا ك دولة . هذه الإنجازات السياسية الرئيسية التي حققناها، دون الخوض في تفاصيل كثيرة . ولكن الأخطاء التي ارتكبناها حدث ولا حرج.
الان نحن في مرحلة حرجة جدا تتسم بالتراجع والخسائر ، واستشراس الأعداء للاستفراد بنا.
عندما تكون حركة التحرر في هكذا وضع خطير يكون ملحا التفكير بعمق واخذ كل العوامل بعين الاعتبار لتحديد استراتيجية وبرنامج عمل للمواجهة ، وهذا لا يتم بطريقة طالب مدرسة يكتب موضوع انشاء للأستاذ . وكذلك ليس استحقاق اعلامي للنشر وليس لاستعراض العضلات والتنافس بين (الشلل) . نحن نتحدث عن مصير شعب ووطن ، وليس عيبا التعلم من الأعداء.
علينا مراجعة الأخطاء واصلاحها، علينا إعادة بناء المنظومة السياسية وتخليصها من الفاسدين والمنتفعين ، علينا الاستفادة من اية إمكانية مهما كانت صغيرة ، وليس لدينا لحظة واحدة لاستراحة المحارب .
خندقنا الطبيعي هو مع من يدعمنا بإخلاص ويقف معنا في نضالنا أينما كان ، وليس مع أنظمة رسمية مصالحها مع اعدائنا .
قمنا في الماضي بتأييد اثيوبيا في احتلالها لاريتيريا وذلك لارضاء الاتحاد السوفياتي وقمنا بتأييد صدام في احتلال الكويت لاهداف ضيقة وآنية ، ونقوم بتأييد السعودية في اعتدائها على اليمن لا ادري لماذا . ونؤجل الكثير من الخطوات التي يجب ان نقوم بها بادعاء احراج العدو وتسجيل نقاط على طريقة مهارة لا تفيد أحدا.
ارضنا تضيع يوميا والعدو لا يضيع دقيقة في العمل ضدنا ، فماذا ننتظر؟!
ان من يستطيع التفكير والتخطيط ووضع الاستراتيجيات ليس موظفا او تابعا ، بل كفاءات وطنية عالية هدفها مصلحة الوطن ولدينا منها الكثير في كل انحاء العالم .
اهم عامل قوة لدينا هو شعبنا وخاصة الموجود داخل الوطن كشوكة في حلوقهم وعلينا الحفاظ على هذا المنجز بكل ما لدينا من إمكانيات ، ان كل قرش لا يذهب لدعم هذا الصمود ويذهب الى جيوب المنتفعين والمتسلقين والفاسدين هو خنجر يطعن أبناء شعبنا .
اذا لم تقم منظمة التحرير بواجبها فمطلوب من كل الكفاءات الوطنية ان تتداعى لوضع النقاط على الحروف ، وليس في فندق خمس نجوم وليس بتمويل اجنبي .