|
رواية جريمة في رام الله
نشر بتاريخ: 08/02/2017 ( آخر تحديث: 08/02/2017 الساعة: 11:06 )
الكاتب: بهاء رحال
بداية أعترف أن قرار النائب العام دفعني للبحث عن رواية جريمة في رام الله التي لم أكن قد سمعت بها من قبل، وقد صدرت حديثاً ووصلت نسخها إلى رام الله، ولكني فشلت في العثور حتى على نسخة الكترونية، ولم يسعفني الحظ أيضا بالحصول على نسخة ورقية من الكتاب كون الشرطة الفلسطينية قامت تنفيذاً لقرار النائب العام بمصادرة كافة النسخ وسحبها من جميع المكتبات، وبالتالي لم اقرأ هذه الرواية إلى الآن، فلا تتوقع عزيزي القارئ أني أكتب من باب الدفاع عنها، أو من باب مهاجمتها، فلست من هواة الكتابة عن شيء أجهل ما محتوياته.
ومنذ ساعات الصباح زاد شوقي لرواية تم منعها من التداول وعجزت عن الحصول على نسخة منها، بسبب قرار أصدره النائب العام بحجة انها تخدش الحياء العام، وأنا لست ممن يؤيدون فكرة الرقابة الصارمة، أو حتى رقابات المنع برمتها، لهذا أقول أني ضد قرار المنع، منع أي كتاب من التداول في الأراضي الفلسطينية، وليترك الأمر للقارئ الذي هو وحده يستطيع أن يمنح الكتاب عمراً أو يقتله ويرمي به، ولو كنت مكان كاتب الرواية لتقدمت بالشكر الجزيل لسعادة النائب العام على قراره، فلمثل هكذا قرارات حظ كبير يساهم في نشر الرواية بشكل واسع لا تحلم، وأنا واحد من اولئك الذين لولا هكذا قرار لما بحثت عن الرواية، وبرغم اني لم استطع الحصول على نسخة، إلا أني سأواصل بحثي علني اتعثر بنسخة استطيع من خلالها الحكم على ما جاءت بها، من صور ومشاهد وإيحاءات أودت بأن توصف هذه الرواية بأنها تخدش الحياء العام، ولكني لا أتفق بأن هناك أدب يخدش الحياء العام، فالأدب سواء كان رواية أو قصة قصيرة أو مسرحية أو عمل سينمائي او تلفزيوني يكون بالأساس قائم على فكرة النقد، وفي بعض الاحيان فان انتقاد ظاهرة ما، تستوجب الكتابة عنها من باب القاء الضوء عليها، وليس من باب تحفيز الآخرين على ممارستها. الخطر لا يكمن فقط في قرار النائب العام والمتعلق بمنع تداول رواية جريمة في رام الله، بل الأخطر هو تأييد القرار من قبل صحافيين وكتاب وروائيين وحقوقيين يرون في هذا القرار أنه قرار لا يعتدى على حرية الفكر والنشر والتعبير في فلسطين، وهذا ما يدفعنا للشعور بالخطر، خوفاً من مستقبل قد تسيطر فيه الرقابة بكل أدواتها على شكل ونوعية الكتابة وتضع حدوداً للإبداع وفق رؤى محددة ويصبح اصدار العمل بحاجة إلى جمله من الموافقات الأمنية والقضائية وغيرها، فهل هكذا يكافئ القضاء الكتاب والمبدعين الفلسطينيين والتي كانت انجازاتهم في السنوات الأخيرة لا حصر لها وحصدوا جوائز عالمية واستحقوا المرتبة الأول في البوكر وجائزة كتارا وجائزة الشيخ زايد. لا أتفق مع قرار منع نشر أي كتاب، خاصة ونحن في عالم لم يعد يقتصر النشر فيه على الكتب الورقية، فوسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية وصفحات الانترنت التي لا حصر لها تضمن عمليات النشر بعيداً عن مقص الرقيب، وبعيداً عن أي رقابة داخل حدود الدول أو خارجها، ولهذا فإنني أدعوا الجمهور الواسع الذي أعلن تأييد لقرار منع تداول رواية جريمة في رام الله، إلى التنبه لمثل هكذا قرارات في المستقبل قد تطال الجميع، ولن يقف الأمر عند الرقابة على الكتب، بل ستمتد لتصل حتى أقلامكم التي تكتب مقالات وتطل عبر الفضائيات، ولا بد لي أن أشكر موقف وزارتي الثقافة والإعلام على ما قدموه من اعتراض على ما جاء في القرار، وهذا ما نراهن عليه، لتبقى الحرية في فلسطين سقفها السماء، سماء الحقيقة والابداع، سماء واسعة، رحبة تتسع لفسيفساء مختلفة الأذواق، والأدوار، والأقلام، والأفكار، والرؤى. |