وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

" جريمة في رام الله" تتردد أصداؤها في نابلس

نشر بتاريخ: 09/02/2017 ( آخر تحديث: 11/02/2017 الساعة: 15:14 )
" جريمة في رام الله" تتردد أصداؤها في نابلس
نابلس- معا- أثارت رواية "جريمة في رام الله" لكاتبها عباد يحيى جدلا، بعد مطالبة سكان مدينة نابلس منع نقاشها المزمع عقده في 18 شباط الجاري بمكتبة البلدية بالتعاون مع "مبادرة أسفار الثقافية".
وجاء منع الرواية تحت ضغط بعض المنتقدين بسبب ما تضمنته بعض صفحاتها من "سردية جنسانية" في الإطار النفسي والسلوكي لأحدى شخصيات الرواية، وهو نفس السبب التي برر به النائب العام قراره منع توزيع الرواية وسحبها من الاسواق.
"نور" الأكثر جدلا
تجري وقائع راوية جريمة في رام الله، وهي تنتمي إلى أدب الجريمة، في فترة ما بعد الانتفاضة الثانية، لتروي الصراع الاجتماعي والنفسي الذي عاشه المواطن في تلك الفترة. وتروي قصة ثلاثة شبان يعيشون في رام الله يجمعهم وقوع جريمة قتل لفتاة في المصيون سنة 2012، الامر الذي وضعهم في مواجهة مع مكونات المجتمع "بشكل معقد".
الشخصية الأولى "رؤوف" يقع في حب فتاة لا يعرف عنها شيئا، كانت داخل سيارة اجرة، اقلتها من جامعة بيرزيت إلى رام الله. أما الشخصية الثانية "وسام"، فيظهر علاقته المباشرة بالجريمة، كون القتيلة هي محبوبته، لينتحر في النهاية، والشخصية الثالثة"نور" الأكثر جدلا كونه يأخذ حيزا كبيرا في الرواية وسط مشاهد "جنسية" عنوانها الشذوذ، وهو من أسرة متدينة.
وحملت شخصية "نور" معها تناقضات التقبل وعدم التقبل، الانكسار والانتصار الاجتماعي، حتى اختار أخيرا البعد عن الشخصية المحورية في حياته "رؤوف" والهجرة إلى دولة أوروبية. "المشاهد الجنسية" التي وصفت علاقتهما لم ترق للبعض فطالب بوقف نقاش الرواية ومصادرتها.
"فيس بوك" يشتعل و" التابو" عنوان المنع
بالتزامن مع إلغاء النقاش، ووجود فضاءات التعبير المفتوحة، وجه المواطن حمدي أبو ظهير عبر صفحته على الفيسبوك سؤالا لبلدية نابلس "قبل ما توافقوا قرأتوا الكتاب؟ بتعرفوا شو فيه؟ هاي الثقافة إللي بدنا نناقشها أو نعلمها للاولاد؟. بحب اقولكم الكتاب اقل ما يقال عنه سقاطة أخلاقية وما بدي انشر بعض من صفحاته لأني اخجل من نشرها".
وانتقد المواطن حكيم فقها الجدل القائم حول الرواية، "كونه يزيد من شهرة الكاتب وكتابه"، فقد عقب في منشور له عبر فيسبوك: "الانتقادات تذكرني بموقف "آية الله" في ايران من كتاب "آيات شيطانية" وكاتبها سلمان رشدي، حيث أصبح ذا شهرة واسعة ولم يكن أحد في العالم قد سمع به من قبل"، واستطرد فقها قائلا: "علينا أن ندرك أن عقلية المنع والتحريم بشكل عام لم تعد تجدي نفعا في عالم اليوم، فمناقشة هذه الرواية من عدمه في هذا المكان أو ذاك لا تقدم ولا تؤخر، لأن ضغطة زر واحدة تجعلها متاحة أمام الملايين في عالم الشبكة العنكبوتية العالمية ووسائل التواصل غير المحدودة".
وفي المقابل توقع البعض أن ينتشر كم من الانتقادات الشعبوية لرواية تمس ما وصفه هذا البعض، بالثالوث المحرم "التابو" الذي تحدث عنه "بو علي ياسين"، وهو الدين والجنس والسياسة، أو ما اسماه البعض "الصراع الطبقي".
وفي هذا السياق نشر الكاتب "عادل الأسطة" تعليقا على منع نقاش الرواية، قائلا: انه يدرس مساق مناهج البحث العلمي، ويعلم الطلاب أنه في مجال البحث العلمي لا موضوعات محرمة، ولكنه أضاف أن هذا الامر نظري، فهناك موضوعات محرَّمة حتى في أميركا، فلا يسمح بمديح هتلر أو الإشادة بالهولوكست مثلا، "طبعا أنا ضد المنع، مع أنني قد لا أكتب كما كتب عباد يحيى في الصفحات 143 و147 من روايته".
البلدية تستأنف
ومع زيادة وتيرة الضغط الشعبي لإيقاف نقاش الرواية في مكتبة بلدية نابلس، صرح مسؤول المكتبة ضرار طوقان، أن النقاش سيتم تأجيله مبدئيا، لتجنب الاشتباك الكلامي في نابلس، وأضاف أنه قرأ الرواية، لكن لا يمكن غض الطرف عن المطالبين بإلغاء النقاش.
لا يمتلكون الشجاعة
من جانبها استنكرت "مبادرة أسفار" الهجوم الذي تزامن مع الهجمات على المبادرة الى نقاش الرواية، واعتبرته انتهاكا لحرية التعبير والتفكير. وتقول العضو في مبادرة أسفار آلاء القرمان انهم خططوا لاستضافة عباد يحيى ومناقشة روايته الأخيرة "جريمة في رام الله"، فواجهوا هجوما، من الاجتزاء والجهل، بحسب تعبيرها، "نحن نتعرض لهجوم لأننا نؤمن بحرية الأدب وحرية التفكير وحرية الرأي ونتمسك بحقنا فيها".
واضافت القرمان "أن ما تخافه نابلس وغيرها أكثر من أي شيء آخر، هو أن يأتي من يمتلك من الشجاعة ما يكفي ليضع عينه في عينها ويخبرها عن العوار والعفن الذي ينخرها"، بحسب تعبير القرمان.
تقرير: مجد حثناوي