وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

النائب اللحام: لجنة التحقيق بأحداث نابلس تطالب بتصفية الفلتان

نشر بتاريخ: 08/02/2017 ( آخر تحديث: 11/02/2017 الساعة: 15:09 )
النائب اللحام: لجنة التحقيق بأحداث نابلس تطالب بتصفية الفلتان
نابلس - حصري معا - كشف النائب محمد اللحام رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية حول أحداث نابلس (18-24/8/2016) تفاصيل وتوصيات تقرير لجنة التقصي.
فقد اوصت اللجنة حسب النائب اللحام، بالطلب من النيابة العامة المختصة ملاحقة المجرمين والمتسببين، وكل من له علاقة بمقتل رجال الأمن وتقديمهم للعدالة، فتح تحقيق جنائي بمقتل أحمد أبو العز حلاوة، وتقديم الفاعلين للمحاكمة، وإحالة المسؤولين عن الفشل في حماية المعتقل إلى مجالس تأديبية، التحقق من مدى صحة الروايات المتداولة حول مقتل كل من فارس حلاوة وخالد الأغبر، ومن عدم وجود مخالفات قانونية تتطلب فتح تحقيق رسمي حول ملابسات مقتلهم.
كما اوصت اللجنة بالطلب من السلطة التنفيذية اتخاذ قرار سياسي واضح بتصفية بؤر الفوضى والفلتان الأمني والقيام بعمل أمني مستمر ودائم، وضع خطة وطنية شاملة لإنهاء حالة الفلتان والفوضى، ومصادرة الأسلحة غير القانونية من المناطق الفلسطينية، تفعيل المؤسسات الأمنية المتخصصة بالرقابة على القوى الأمنية، وملاحقة ومتابعة عناصر الأمن المشاركة بالفلتان والفوضى، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، إصدار قرار أو نظام يلزم قادة الأجهزة الأمنية بتشكيل لجان داخلية، لاستخلاص العبر والدروس بعد كل حدث أو عملية تقوم بها، بغض النظر عن كون الحدث قد شكل نقطة نجاح أو إخفاق، وذلك لتحسين الأداء، ولضمان عدم تكرار الأخطاء، تحسين الوضع الاقتصادي في الأماكن المهمّشة التي تعاني الفقر، إصلاح الآلية المتبعة بالإفراج عن المعتقلين ومنع التدخلات، وذلك بالالتزام بقانون الإجراءات الجزائية والقوانين ذات الصّلة بالتوقيف، واحترام حقوق المواطن المنصوص عليها في القوانين والاتفاقات الدّوليّة والعمل على تطبيقها، اعتبار التدخلات والضغوطات التي تمارس من قبل بعض الجهات والشخصيات للإفراج عن بعض المعتقلين مخالفات قانونية أو جرائم يحاسب عليها القانون، تطوير ورفع قدرات الجهات المختصة بالتحليل وتقديم التقديرات والتصورات المستقبلية للتهديدات التي تواجه الأمن الفلسطيني، وربطها بالأقسام المختصة بالعمليات، لرفع القدرات وتحسين الاستعدادات.
كما واوصت اللجنة السلطة التنفيذية بمراجعة السياسات الأمنية السابقة وخاصة ما يتعلق بالتجنيد، الطلب من لجنة التحقيق الرسمية المشكلة بقرار من مجلس الوزارء العمل بالسرعة الممكنة لانهاء اعمالها وتقديم تقريرها للجهات المختصة ونشر نتائج أعمالها للرأي العام، إكساب قوى الأمن القدرة على حرمان المنفلتين والخارجين عن القانون الملاذ الآمن من الملاحقة أو الراحة، وهذا يتطلب توسيع مناطق السيطرة الأمنية الفلسطينية، ومن الضروري عدم انتظار الموافقة الإسرائيلية لتوسيع مناطق السيطرة الأمنية، وتبني وسائل وأفكار خلاقة تُمكّن من ضبط الأوضاع، واستخدام الأجهزة المخابراتية بطريقة ناجعة، يجب أن توظف أجهزة الأمن الفلسطينية جهوداً لكسب تأييد ودعم المواطنين للنشاطات الأمنية؛ لأن ذلك عامل هام في ترسيخ الأمن والنظام العام، توسيع وتعميق عمليات التثقيف والتوعية للمواطنين، مع التركيز على المناطق التي تعاني من ظاهرة الفوضى والفلتان، تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني والقيادات المحلية لتحمل مسؤولياتها الوطنية تجاه مجتمعاتها، أهمية معالجة مراكز القوى وظاهرة الاستزلام.

وفيما يلي تقرير لجنة التقصي كما حصلت عليه معا
مقدمة (تشكيل وأهداف لجنة تقصي الحقائق)
بحثت هيئة الكتل والقوائم البرلمانية الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة نابلس، في الفترة الواقعة ما بين (18-24/8/2016) وأدت إلى وقوع ضحايا بين رجال الأمن والمواطنين، وقررت تشكيل لجنة تقصي حقائق؛ للوقوف على حقيقة ما يجري، استنادًا لدور المجلس التشريعي والنواب، وعملاً بالقانون الأساسي والنظام الداخلي. وتشكلت اللجنة من النواب: محمد اللحام، وجمال أبو الرب، وجمال حويل، ومهيب عواد، ورضوان الأخرس.
عملت اللجنة بكل مسؤولية لدراسة ما جرى، لاكتشاف المخالفات غير القانونية والإخفاقات العمليّاتيّة بهدف العمل على تلافيها وعدم تكرارها؛ لتعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتقوية المؤسسة الأمنية، ولدرء مخاوف المواطنين وطمأنتهم بأن المؤسسة الأمنية تعمل لخدمة الوطن والمواطن، وأن أعمالها محكومة بضوابط تحول دون استغلال السلطة ومخالفة القانون. مع التأكيد أن اللجنة لا تهدف إلى إجراء تحقيق جنائي؛ لأن ذلك يقع ضمن اختصاص ومسؤوليات النيابة العامة، مع عدم استبعاد تحويل أية قضية جرمية تكتشف إلى الجهات المختصة لاتخاذ المقتضى القانوني وفقاً للأصول.
المنهجية (إجراءات العمل التي قادت لإعداد هذا التقرير)
قامت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية بإعداد هذا التقرير، استناداً إلى الاجتماعات وجلسات الاستماع التي عقدتها اللجنة مع عدد كبير من الشخصيات الاعتبارية والرسمية، والزيارات الميدانية التي قامت بها، بالإضافة لمراجعة ما صدر عن الجهات الرسمية، وما نشر في وسائل الإعلام حول الأحداث .
عقدت اللجنة خمسة عشر اجتماعاً في مدينة نابلس مع شخصيات اعتبارية ورسمية وشعبية وعدد من الأهالي، وقامت بزيارة البلدة القديمة في نابلس- وبالتحديد حارة عقبة الدرج- واطّلعت على ما جرى هناك، كما زارت مراكز التوقيف في مدينة أريحا، والتقت بالمعتقلين لدى اللجنة الأمنية المشتركة الموقوفين على خلفية أحداث نابلس، واستمعت لهم حول ظروف اعتقالهم، ثم انتقلت للعمل في رام الله، حيث عقدت ما يزيد عن عشرة اجتماعات، والتقت مع رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية كل على حدة، وعليه تشكر اللجنة عاليًا كل من تعاون معها من شخصيات رسمية وشعبية وأهلية.
مدينة نابلس قبل الأحداث:
ثمّة أهمية كبيرة لاستعراض الأوضاع في مدينة نابلس قبل تاريخ 18/8/ 2016 (استشهاد رجال الأمن) بغية فهم ما جرى، والتّوصّل إلى استنتاجات واقعيّة تخدم الهدف من تشكيل لجنة تقصي الحقائق، لقد عانت مدينة نابلس حالة من الفوضى والفلتان فترةً طويلة، تمثلت صورها: بحمل الأسلحة النارية بشكل علني يهدّد حياة المواطنين، وإطلاق النار العشوائي والمتكرر أحياناً، واستهداف الشركات بشكل مباشر في أحيان أخرى، ولم يكتشف الفاعلون في كثيرٍ من المرات، بسبب عدم الجدية في التعامل مع هذه المظاهر، ويضاف إلى ذلك فرار المطلوبين إلى مناطق السيطرة الإسرائيلية والأماكن المكتظة بالمواطنين التي تقع تحت السيطرة الأمنيّة الفلسطينيّة، والتي تتخوف قوى الأمن من وقوع ضحايا إذا ما لاحقتهم فيها، وتسليم المطلوبين لأجهزة انفاذ القانون كان يتم عبر وساطات وصفقات تفتقد للأبعاد القانونية والأخلاقية.
وتدور أحاديث عن مراكز وصراع للنفوذ وانتشار للخاوات لم تتحقق اللجنة من وجودها، رغم أن الكثيرين في لقاءاتهم مع اللجنة أشاروا إليها بتحفّظ، ويبدو أن هناك تخوفاً من قول الحقيقة،كما أنّ هناك تحريضاً دائماً ومستمراً على المؤسسة الأمنية.
وصف الأحداث
نشب خلاف في الأيام الأخيرة من العام الماضي )2015( بين عائلتي حلاوة وحمامة حول "بسطة"، استخدمت فيه الأسلحة النارية، ما أسفر عن مقتل الشاب أشرف محمد البيعة من مخيم العين المقرب لعائلة حمامة. وحاولت الأجهزة الأمنية اعتقال المشتبه بهم بمقتل الشاب المذكور، وطالبتهم بتسليم أنفسهم، ولكن دون جدوى، وبعد فترة من الحادث تم التوصل إلى اتفاق أو تفاهم أو تسوية مع قائد الأمن الوطني اللواء نضال أبو دخان يسلم بمقتضاه المشتبهون من أفراد عائلة حلاوة أنفسهم للأجهزة الأمنية بوساطة مساعد أحد الشخصيات السياسية، على أن تشكل لجنة وطنية لحل مشكلة مقتل أشرف البيعة. وكان من بين أفراد عائلة حلاوة المعتقلين نصر أحمد أبو العز حلاوة المصاب بمرض في القلب، حيث وُعَدَت العائلة باعتقاله في ظروف صحية مناسبة، وإطلاق سراحه لاحقًا، إلا أن الإجراءات تأخرت، ما أثار حفيظة العائلة، التي حاولت الضغط على الأجهزة الرسمية بقيام عدد من الشبان والأطفال بإشعال الإطارات ورمي الحجارة يوم الخميس الموافق )18/8/2016( وهناك من يقول: أطلقت النار عشوائيَا، ما استدعى حضور قوة أمنية مشتركة للسيطرة على الموقف، وأثناء مطاردة القوة "للمشاغبين" في البلدة القديمة وقعت بكمين محكم، حيث أطلقت عليها النيران من أكثر من اتجاه بشكل مباشر، ما أدى إلى استشهاد اثنين هما: شبلي إبراهيم بني شمسة (27 عاما) من جهاز الشرطة، ومحمود محمد ذيب الطرايرة) 26 عاما( من قوات الأمن الوطني، وإصابة آخرين، وتمت محاصرة اثنين من أفراد الشرطة ومساومتهم على سلاحهم مقابل خروجهم سالمين وبأمان من قبل أحد أفراد الأمن المشاركين بالفلتان، حيث تم إطلاق النار عليه وإصابته بجروح واعتقاله.
قامت الأجهزة الأمنية إثر ذلك بحملة تفتيش واسعة في حارة عقبة الدرج بالبلدة القديمة، تضررت نتيجتها المنازل والمخابز والمؤسسات الأهلية ومقر حركة فتح، وعملت الحكومة الفلسطينية على إصلاح الأضرار وفي ليلة الجمعة الموافق )19/8/2016( أعلن رسمياً عن مقتل اثنين من المشتبه بهم بإطلاق النار على رجال الأمن وهما: فارس حلاوة وخالد الأغبر أثناء اشتباك مسلح مع أجهزة الأمن أصيب خلاله أحد أفراد المخابرات بقدمه وفقاً لمصادر رسمية، إلا أنّ أبناء عائلتي حلاوة والأغبر -أثناء لقائهما بلجنة تقصي الحقائق في نابلس- رفضوا الرواية الرسمية، وأكدوا أن أبناءهم لم يشتركوا بإطلاق النار على رجال الأمن، وتم اعتقالهم أحياء، وتصفيتهم، ولديهم شهود على ذلك.
استمرت ملاحقة المشتبهين في مقتل رجال الأمن، وتمكنت قوة أمنية مشتركة تضم (الأمن الوقائي والأمن الوطني) بتاريخ )23/8/2016( من اعتقال أحمد أبو العز حلاوة- الضابط في جهاز الشرطة- المتهم بتدبير عملية قتل رجال الأمن بتاريخ )18/8/2016 (،أثناء دهم أحد البيوت في نابلس الجديدة، واقتياده إلى سجن الجنيد، وما إن وصل الساحة بدأ بالصراخ والتهجّم وشتم رجال الأمن، وإثْر ذلك تجمّع عليه أفراد الأمن المتواجدين هناك، وبدأوا بضربه، وحاول عدد من الضباط والجنود حمايته دون جدوى، حيث فارق الحياة وفقاً للرواية الرسمية، أما رواية أهل الضحية فقد أشاروا أن ما تمّ تعذيب وتصفية.
الموقف الرسمي من الأحداث
استنكرت الجهات الرسمية مقتل رجال الأمن بتاريخ(18/8/2016)، وأكدت إصرارها على ملاحقة المجرمين وتقديمهم للقضاء، وشاركت وفود رسمية في تشييع الشهداء رجال الأمن. وبعد مقتل أحمد أبو العز حلاوة أعلن محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب النبأ واصفاً إياه (أحمد أبو حلاوة) بالرأس المدبر لأحداث نابلس التي وقعت يوم الخميس، وأسفرت عن استشهاد رجال الأمن، كونه مَنْ وزّع السلاح والتعليمات على مطلقي النار، مؤكداً عدم وجود تخطيط مسبق لقتله أو الاعتداء عليه بهذه الطريقة، وسوف تقوم قوات الأمن بدراسة ما حصل واستخلاص العبر.
أكد دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله وزير الداخلية أن مقتل خالد الأغبر وفارس حلاوة كان خلال اشتباك مع قوى الأمن، وما حصل في حارة "درج العقبة" بنابلس من تكسير للبيوت خلل، تمت معالجته بإصلاح الأضرار على نفقة الحكومة. واصفاً مقتل أحمد أبوالعز بالحادث الشاذ، الذي لا يعبّر عن مسلكية وسياسة الأجهزة الأمنية، حيث قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة وزير العدل الاستاذ علىي أبودياك ونواب النائب العام في كل من النيابة المدنية والعسكرية للتحقيق في كل أحداث نابلس، وأكد أنه لن يتدخل في عمل اللجنة، وأشار إلى أن العمل الأمني المستدام والاعتقالات والتحقيقات مستمرة للوقوف على حقيقة ما جرى، والافراجات عن المعتقلين لا تتم إلا بتوصية من قادة الأجهزة الأمنية ترفع إلى رئيس الوزراء والرئيس،وذلك للحدّ من الواسطة، والتأكد من عدم وجود تدخّلات، وأكد حرص قوات الأمن الفلسطيني على عدم إراقة الدماء أثناء العمليات، وتم اتخاذ إجراءات بحق عدد من العاملين في الأجهزة الأمنية المشاركين بالفلتان بالطرد من الخدمة.
وفي السياق ذاته وصف قادة ورؤساء الأجهزة الأمنية -أثناء اجتماعهم باللجنة- حادث مقتل رجال الأمن بالخطير الذي لا يمكن السكوت عليه، وأكدوا جميعاً أن مقتل أحمد أبو العز حلاوة حادثاً غير مقبول لم يحدث نتيجة قرار أو سياسة رسمية، والدليل هناك من سبق وقتل أفراد من الأجهزة الأمنية وتم اعتقاله وتحويله للقضاء لاتخاذ المقتضى القانوني، ولم يمس بأي أذى، وأضافوا أن المتضرر الرئيس من مقتل أحمد أبو العز بهذه الطريقة هو الأمن الفلسطيني، وتعمل الأجهزة الأمنية للحيلولة دون تكرار وقوع هكذا أحداث من خلال إصدار تعليمات تشدد على الانضباط والالتزام، وهم بانتظار إنهاء لجنة التحقيق الرسمية أعمالها لاتخاذ الإجراءات اللازمة، واستخلاص العبر.
الموقف الشعبي من الأحداث
طالبت مؤسسات وشخصيات نابلس الرسمية والشعبية بشكل مستمر ومتواصل بضرورة العمل على فرض القانون والنظام العام، والقضاء على حالة الفوضى والفلتان، واستنكرت واستهجنت حادثة مقتل رجال الأمن بتاريخ (18/8/2016) والتفّت حول المؤسسة الرسمية، ونظرت بارتياح إلى الإجراءات الأمنية المتخذة حتى بعد مقتل خالد الأغبر وفارس حلاوة، وكانت غالبية الأصوات تدعو إلى وأد الفتنة وحقن الدماء، إلا أنّ مقتل أحمد أبو العز حلاوة في الجنيد خلق حالة من الذهول والاستياء العام، وعلت ردود فعل مطالبة بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن مقتله، وخرج في جنازته الآلاف نظرًا لتجاوز القانون من قبل رجال القانون، ويمكن القول: إن مقتل أحمد أبوالعز حلاوة شكّل نقطة تحول في الموقف الشعبي من النشاط الأمني والخروقات غير القانونية التي حدثت أثناءه، وظهرت أصوات تطالب بسحب العسكر من المدينة واستبدالهم برجال الشرطة المدنية، وأخرى تؤكد ضرورة بقائهم، وهذا لا يعني بكل تأكيد تراجعاً شعبياً عن مطلب توفير الأمن وإنفاذ القانون بل أصبح مطلبًا مقرونًا بضرورة احترام القانون، وتنفيذه بعدالة من أجهزة الأمن. كما عبّر عدد من أهالي المطلوبين عن خوفهم على حياة أبنائهم، وطالبوا بضمانات على حياتهم إذا ما سلم المطلوبون أنفسهم، وعبر الكثير من الأهالي وفعاليات نابلس عن استيائهم من تحويل المعتقلين إلى مدينة أريحا للتحقيق، معتبرين ذلك شكلاً من أشكال العقاب والتعذيب.
الاستخلاصات:
1- استشهاد رجال الأمن
يشكل نصب كمين لقوات الأمن الفلسطينية، وإطلاق النار عليها بشكل مباشر تحدياً لسلطة القانون، وتطوراً خطير اً غير مقبول، يجب العمل لمنع تكراره، وملاحقة المجرمين وتقديمهم للمحاكمة.
2- تناقض الروايات حول مقتل كل من خالد الأغبر وفارس حلاوة
تناقضت الرواية الرسمية حول مقتل كل من خالد الأغبر وفارس حلاوة مع رواية الأهالي، حيث أشارت الرواية الرسمية أن المذكورين كانوا مطلوبين لقوى الأمن، ومشتبه بهم بالمشاركة في قتل رجال الشرطة بتاريخ (18/8/2016) وقتلوا في اشتباك مسلح مع الأجهزة الرسمية، في حين أن العائلات حلاوة والأغبر تنفي هذه الرواية جملةً وتفصيلاً، ويبدو أن تعدّد الروايات وانتشار رواية الأهالي في وسائل الإعلام يرجع إلى عدم الثقة بالأجهزة الرسمية نتيجة لطريقة مقتل أحمد أبو العز.
3- مقتل أحمد أبوالعز حلاوة
تبيّن للجنة تقصي الحقائق من دراسة ما جرى في "الجنيد" مايلي:
أ‌- مقتل أحمد أبو العز حلاوة على أيدي أفراد من قوات الأمن بالضرب المبرح مخالفة واضحة للقانون تستدعي تقديم الفاعلين للمحاكمة.
ب‌- عدم وجود سياسة رسمية تشجع على تعذيب المعتقلين أو قرار رسمي بالاعتداء عليه حتى الموت؛ لأن هناك عدداً من العسكريين المتواجدين مكان الحادث حاولوا حمايته، كما سبق واعتقلت الأجهزة الأمنية المشتبه بهم في قتل رجال الأمن "الطبوق والصيفي" بتاريخ 26/6/2016 ولم يمسهم أذى، وهذا لا يعني بالتأكيد إعفاء الأجهزة الأمنية والقائمين عليها من تحمل المسؤولية عما جرى.
ت‌- لم تقم الجهات الأمنية المختصة باتخاذ إجراءات انضباطية معلنة، أو ايقاف أيّ من العاملين في مكان الحادث "الجنيد" عن العمل لحين انتهاء أعمال لجنة التحقيق الحكومية.
4- الإفراجات
حدّد قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 إجراءات التوقيف وتمديد الاعتقال، إلا أن الآلية المتبعة في الإفراج عن المعتقلين والتي تتطلب توصية اللجنة الأمنية ومصادقة رئيس الوزراء والرئيس، لوقف التدخلات والضغوطات التي تمارسها بعض الجهات للإفراج عن بعض المعتقلين، مخالفة واضحة للقانون، وخاصة قانون الإجراءات الجزائية وقانون الخدمة في قوى الأمن الذي يحظر على الضبابط أن يوسط أحداً أو يقبل الواسطة في أي شأن من شأن وظيفته .
5- محاولات الابتزاز والضغط على المؤسسة
كفل القانون للمواطن الحق بالتعبير عن الرأي والتظاهر والاحتجاج بالاساليب والوسائل السلمية، إلا أن اللجنة -بالاطلاع عما جرى في نابلس- وجدت أن هناك وسائل وأساليب غير قانونية يستخدمها البعض للضغط على المؤسسة الرسمية لحملها على الاستجابة لطلباتهم غير القانونية، ومنها: القاء الحجارة على أجهزة انفاذ القانون، وحمل الأسلحة وإطلاق النار أثناء التجمعات والتظاهرات، وعادة ما تستجيب السلطة للمحتجين أو تتراجع أمامهم بشكل يهدد ويمس بهيبة المؤسسة، ويشجع المنفلتين على التمادي بأعمالهم.
6- انتشار أسلحة الفوضى
تنتشر الأسلحة غير القانونية في مدينة نابلس وأماكن أخرى في الأراضي الفلسطينية، ما يشكل مصدراً للعنفِ والجريمة، يقوّض شرعية المؤسسة الفلسطينية، ويحطّم احتكارها لاستخدام العنف المشرّع قانوناً، ويهدّد أمن وتماسك المجتمع، ويؤدي إلى سيادة شريعة الغاب وقوانين القوة، ويشجع على تكوين العصابات والقوى العائلية التي تتحدى الأجهزة الرسمية وسيادة القانون، ويلحق أضراراً اقتصادية كبيرة، ويعطل المشاريع التنموية، ويبعث على عدم الطمأنينة والخوف لدى المستثمرين، ويصبّ كل ذلك في مصلحة دولة الاحتلال التي تحاول دائماً التأكيد أنّ الفلسطينيين غير قادرين على ضبط الأوضاع الأمنية، لتبرير استمرار الاقتحامات للمدن الفلسطينية والاعتداء على المواطنين.
7- أسباب تدهور الأوضاع والانزلاق إلى منحدر الفوضى والفلتان
بحثت اللجنة عن الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع وانتشار مظاهر الفوضى والفلتان، وتبين مايلي:
أ‌- عدم معالجة المشاكل التي تحدث أولاً بأول وملاحقة "المشبوهين" بشكل دائم ومستمر، ما أدى إلى تراكم الأزمات والمشاكل الأمنية وتفاقم الأوضاع وتدهورها.
ب‌- حل المشاكل والمخالفات القانونية بالتسويات و"الطبطبه" والصفقات بعيداً عن الحلول الجذرية والقانونية.
ت‌- عدم القيام بعمل أمني متواصل ودائم، شجّع الجماعات المسلحة على التمادي والتطاول على سلطة القانون، خاصة في ظل فقدان الأجهزة الأمنية الفلسطينية حصريّة استخدام الأسلحة والوسائل القتالية.
ث‌- الحملات الأمنية الموسمية التي كانت تقوم بها المؤسسة الأمنية أعطت انطباعاً خاطئاً للبعض أن أجهزة إنفاذ القانون تستبعد بشكل دائم ومستمر نظرية التصادم الاختياري بالمطلوبين للعداله والمشبوهين، وهذا خلق حالة من الارتياح لدى المطلوبين؛ لأنهم لا يتخوفون من إمكانية مفاجأتهم واعتقالهم وتشويش مخططاتهم ونواياهم، ما ألحق أضرار اً فادحة بالأمن والنظام العام.
ج‌- السبب الرئيس لتعميق أزمة الفلتان في نابلس التأخر في إتخاذ قرار لانهاء الأزمة، نتيجة التردد والضعف الناشىء عن الحرص على أرواح المواطنين والالتزام بالقانون، حيث تعتبر محاولة غرس الخوف من وقوع ضحايا بين المدنيين العّزل على أيدي قوى الأمن الفلسطينية- إذا ما دخلت ولاحقت الفارين في الأماكن المكتظة والضيقة- إحدى الوسائل التي يستخدمها البعض لإطالة أمد الفلتان وإفشال العمليات الأمنية، وهذه ليست دعوة لدخول المناطق المكتظة بأي ثمن، وإنما دعوة لتبني وسائل استخباراتية أخرى بشكل مبدع وخلّاق.
ح‌- عدم قدرة قوى الأمن على العمل بحرية خارج المنطقة المصنفة "أ" حسب الإتفاقيات الأمر الذي يوفر ملجأ للخارجين عن القانون.
8- عدم توقع استعداد المسلحين لإطلاق النار على رجال الأمن
توفّرت لدى الأجهزة الأمنية معلومات مسبقة حول ما يجري في البلدة القديمة بنابلس، من تواجد فارين من وجه العدالة، وانتشار للأسلحة النارية الأتوماتيكية، ورغم ذلك دخلت القوة الأمنية البلدة القديمة دون استعدادات كافية أو تعزيزات أو احتياطات، ويبدو أن حيازة المعلومات شيء والعمل بموجبها أمراً آخر، إذ لم يتم اتخاذ الاحتياطات المناسبة للحيلولة دون وقوع ضحايا بين رجال الأمن، لذا يجب إعادة النظر ودراسة القدرات التي تزيد من امكانية الاستفادة من المعلومات ومعالجتها، واطلاع المختصين عليها، لإتاحة الفرص لتحسين الأداء.

9- ضعف الانضباط والقدرة على التحكم
بيّنت الأحداث في مدينة نابلس وجود ضعف في الانضباط والقدرة على التحكم في الأجهزة الأمنية، لأن ردة فعل قوى الأمن على الأحداث كانت ردة ثأرية واتضح ذلك من حادثة مقتل أحمد أبو العز حلاوة، وأعمال العنف التي مارسها أفراد من الأجهزة الأمنية في حارة عقبة الدرج في البلدة القديمة بنابلس بعد استشهاد زملائهم، حيث تم تدمير الأثاث وإلحاق الضرر بالمنازل والمؤسسات المختلفة.

10- مشاركة بعض العاملين في الأجهزة الأمنية أو محسوبين عليها في حوادث الفلتان الأمني
تبين مشاركة بعض منتسبي الأجهزة الأمنية بشكل أو بآخر بالفوضى والفلتان ، فمن ضمن 300 مطلوب في الضفة الغربية على قضايا جنائية لأجهزة تنفيذ القانون، هناك 14 عنصر أمن مطلوب، وفقاً لما أشار إليه دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله في اجتماعه مع اللجنة بتاريخ 3/10/2016 أي ما نسبته 4.5% تقريبًا من المطلوبين الجنائيين، وهذا عدد كبير يستدعي التوقف عنده، والبحث في أسباب هذه الظاهرة، والعمل على تعزيز الانضباط في المؤسسة الأمنية.
11- استخلاص العبر والتنبؤ بالأحداث مهمة المؤسسات السياسية والأمنية
تحسين الأداء وتحقيق النتائج المرجوة يمر عادة في الأجهزة المؤسسية عبر تقصي الحقائق واستخلاص الدروس والعبر والتنبؤ بالأحداث، ويبدو أن الجهات المختصة لا تقوم بذلك بصورة ناجعة، فقد وقعت في الأراضي الفلسطينية بشكل عام عدد من الحوادث الخطيرة التي كان يجب أن تكون مؤشراً على خطورة ما يجري، ودافعاً لاتخاذ قرار حاسم لإنهاء الفوضى والفلتان، ومنها: سرقة سيارة رسمية للشرطة الفلسطينية ، وإنزال وزير من سيارته ، واطلاق النار على رجال الشرطة في الرام ، ومقتل اثنين من رجال الأمن في نابلس بتاريخ 26/6/2016، إضافة إلى الانقلاب على الشرعية في قطاع غزة 2007، الذي (الانقلاب) جاء تتويجاً لظاهرة فوضى السلاح والفلتان الأمني. إلا أنها (المؤسسات السياسية والأمنية) تأخرت في التعرف على مكامن الخطر واتخاذ القرار المطلوب، ما أدى إلى التدهور الذي حصل.

12- فشل السياسة الأمنية السابقة
يُسلّط الوضع الأمني السيء في نابلس الضوء على نموذج عام للوضع الأمني الهشّ في الأراضي الفلسطينية، ويدق جرس الإنذار، ويبين أن الاضطرابات الكثيرة التي تعيشها نابلس هي صنيعة السياسات المتخذة على مر السنوات السابقة، وغياب دور القيادات المحلية المسؤول، حيث أظهرت الأحداث الأخيرة استمرار ظاهرة المسلحين، وفشل سياسة احتواء المطلوبين وسحب الأسلحة، فهناك عددٌ من الخارجين على القانون يتلقون رواتبهم من السلطة الوطنية، ما يعني أن الأجهزة الأمنية ما زالت بحاجة لإصلاحات وتوفير الإمكانات اللازمة لتقوى على ضبط الأمن ومحاربة ظواهر الفلتان.

13- الآثار النفسية لحادثة الجنيد ورواية أهالي الأغبر وحلاوة حول مقتل أبنائهم
كان لحادثة الجنيد (مقتل أحمد أبو العز حلاوة) و لانتشار الرواية غير الرسمية حول مقتل كل من خالد الأغبر وفارس حلاوة آثار نفسية سلبية على المطلوبين وأهاليهم، فقد أصبح الفارون من وجه العدالة وأهاليهم أكثر تخوفًا على سلامتهم في حال تم اعتقالهم، أو استعدادهم لتسليم أنفسهم، استناداً إلى ما أشار إليه أهالي الفارين وبعض ممثلي المؤسسات الشعبية والحزبية أثناء لقاء لجنة تقصي الحقائق البرلمانية. لذا لا بد أن تقوم الأجهزة الأمنية بإرسال رسائل تطمئن للفارين وأهاليهم على سلامتهم وحسن معاملتهم، إذا ما بادروا بتسليم أنفسهم للعدالة. إن رسائل من هذا النوع ستساعد على كسب تأييد وتعاون المواطنين كافة، وأهالي الفارين خاصة مع الأمن، على أن يكون ذلك بالتوازي مع تعزيز القناعة للمطلوبين وأهاليهم وكل من يقف خلفهم، بأنّ العمل الأمني متواصل لن يتوقف إلا بإنهاء الفلتان والقبض عليهم.

14- أثر الفلتان على المؤسسات والشعب الفلسطيني
مظاهر الفلتان التي تشهدها الأراضي الفلسطينية ومدينة نابلس يصبّ في خدمة التوجهات والسياسات الهادفة لخدمة دولة الاحتلال ومشاريع تصفية القضية الوطنية الفلسطينية؛ لأنها تؤثر سلبًا على الوحدة الجغرافية والسياسية للشعب الفلسطيني، وتضعف وتضرب هيبة ومكانة المؤسسات الشرعية الفلسطينية على الصعد الداخلية والخارجية والإقليمية والعربية والدولية.