وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المصالح والتحالفات التي تقف وراء التصعيد الاخير حول غزة

نشر بتاريخ: 09/02/2017 ( آخر تحديث: 10/02/2017 الساعة: 15:37 )
المصالح والتحالفات التي تقف وراء التصعيد الاخير حول غزة
بيت لحم- معا- يتمحور جدول الاعمال والأجندة السياسية الاسرائيلية هذه الايام بشكل كامل تقريبا حول التحقيقات الجارية بشأن شبهات فساد نتنياهو وتعقيدات ما بات يعرف بقضية الغواصات وزيارة نتنياهو القريبة للعاصمة الامريكية واشنطن اخذت خلال الايام الاخيرة توترات امنية قد تتحول في ظروف معينة الى تصعيد حقيقي في غزة بالنضوج.

تجري هذه الاحداث على الجبهة الجنوبية حيث تتقابل فيها اسرائيل وحماس مع تدخل واضح وجلي يتحول في بعض الاحيان الى تحالفات مؤقتة لطرفين اضافيين هما مصر وتنظيم "ولاية سيناء" الذي يمثل تنظيم "داعش".

تتناقل وسائل الاعلام في تقاريرها المختلفة احداث لا يمكن التستر عليها او اخفائها من اطلاق الصواريخ وحتى نتائج تفجير او انفجار داخلي يقع داخل احد الانفاق لكن هناك مصالح تتصارع وتتقاطع ومشاريع ومكائد مشتركة وراء الكواليس وقد تؤدي ادارة خاطئة للازمة الى ازمة خطيرة قد تؤدي الى الانفجار كما حدث صيف 2014 حتى وان كان هذا الانفجار كما يظهر حاليا لا يشكل هدفا مرغوبا من قبل الاطراف الاساسية في هذه المعادلة.

ملخص للأحداث الاخيرة
سقطت يوم الاثنين صاروخا في منطقة مفتوحة في النقب الشمالي اضافة لعملية اطلاق نار من سلاح خفيف يبدو انها استهدفت معبر كيسوفيم. تم نسب عملية اطلاق الصاروخ لمنظمة سلفية متطرفة.

وشهدت الايام الاخيرة سلسلة من الاحداث ما بين اطلاق صواريخ وإطلاق نار من اسلحة خفيفة تكللت يوم الاربعاء بإطلاق صواريخ من سيناء باتجاه مدينة ايلات تصدت لها القبة الحديدة وتبنت "ولاية سيناء" المسؤولية باسم داعش.

ساعات قليلة بعدد ذلك وقع انفجار في نفق اسفل الحدود بين مصر وغزة في منطقة رفح استشهد فيه فلسطينيان وأصيب خمسة فسارعت حماس للإعلان بان غارة جوية اسرائيلية هي من اوقعت هذا العدد ردا على عملية اطلاق الصواريخ على ايلات.

يجري كل هذا في وقت يسجل فيه تقاربا ملموسا بين حماس ومصر بعد سنوات طوال من العداء الواضح اظهره جنرالات القاهرة اتجاه القيادة في قطاع غزة التي يرونها فرعا لخصمهم اللدود حركة الاخوان المسلمين المصرية.

شدد المصريون منذ صيف 2013 من الخناق على قطاع غزة، الاغلاق المتعمد لمعبر رفح الى جانب التجاوب الاسرائيليين البطيء مع معطيات الازمة الاقتصادية التي تعيشها حماس ساهم بشكل واضح في اندلاع الحرب بعد مرور عام تقريبا وعملت اسرائيل منذ ذلك التاريخ على تغذية التوتر بين حماس ومصر عبر تزويد الاخيرة بمعلومات استخبارية "موثوقة" تتحدث عن التعاون السري بين حماس وممثل تنظيم داعش في شمال سيناء "ولاية سيناء".

ظهر خلال الاشهر الاخيرة تغييرا حيث خفف المصريون الضغط على معبر رفح فيما شق وفد امني من حماس طريقه نحو القاهرة لبحث العلاقات بين الطرفين وقبل عدة ايام تم تصوير جولة حدودية قام بها مسؤولون فلسطينيون كبار على طول الحدود في منطقة رفح وترافقت هذه الجولة بوعود وضمانات قدمتها حماس لحفظ الامن والهدوء على هذه الحدود ومواصلة لجم الحركات والمنظمات السلفية في قطاع غزة والابتعاد عن رجال "داعش" في سيناء.

هناك شيئا ما يتحرك في خلفية هذه الاحداث وهذا ينطبق على الاتصالات المتعلقة بصفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحماس التي تبحث وفقا لتقرير بثته قناة الجزيرة عن "صفقة شاليط 2" ما يعني اطلاق سراح عدد كبير من الاسرى الفلسطينيين مقابل جثث الجنود وثلاثة اسرائيليين "مدنيين" مفقودين في قطاع غزة.

تشمل المساومة الجارية محرري صفقة شاليط الذين اعادت اسرائيل اعتقالهم في الضفة الغربية في تموز 2014 بعد عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة قرب المجمع الاستيطاني "غوش عصيون" جنوب بيت لحم.

رغم خيبة امل الاسرائيليين من اداء جيشهم خلال عملية "الجرف الصامد" ساد الهدوء النسبي قطاع غزة على مدى العامين والنصف الماضيين فاطلق منذ نهاية الحرب 45 صاروخا من القطاع فقط لا غير سقطت جميعها باستثناء اربعة منها في مناطق مفتوحة فيما اصيب جندي واحد فقط قرب حدود غزة طيلة هذه الفترة دون ان يصاب او يقتل أي مدني اسرائيلي.

لا يوجد ادنى شكل حول مواصلة حماس التسلح وتهيئة نفسها لخوض المواجهة القادمة لكن يجب التفريق بين الخطر الحقيقي الكامن في استئناف عمليات حفر الانفاق الهجومية وبين الاجراءات والخطوات الهادفة الى اظهار السيطرة والحكم مثل اقامة سلسلة من نقاط المراقبة على طول الحدود وهذا اجراء ذات مردود عملياتي وتكتيكي محدود جدا بالنسبة لحماس ويبدو ان القلق الذي تثيره نقاط المراقبة تلك بين سكان "منطقة غلاف غزة" امرا مبالغا فيه والنقاشات الجارية حول هذا الامر تتجاهل حقيقة ان الجيش الاسرائيلي هو الاخر يجري التدريبات ويجهز قواته للمواجهة القادمة.

يمكن لعملية اطلاق الصواريخ التي تبنتها داعش باتجاه ايلات ان تخدم هدفين الاول وهو الاكثر وضوحا هو الانتقام من اسرائيل التي يتهمها التنظيم منذ اشهر عديدة بتقديم المساعدة الهجومية والاستخبارية للجيش المصري الذي يشن الحرب على التنظيم في شمال سيناء والثاني ربما هدف التنظيم من خلال هذا القصف الى توجيه رسالة الى حماس على خلفية تقاربها مع مصر لكن لا يمكن ربط ما جرى في النفق بالقصف على ايلات فربما ما جرى داخل النفق كان نتيجة حادثة عمل عادية او تصفية حسابات على خلفية اخرى لا احد يعرف تفاصيلها وفقا لتعبير موقع "هارتس" الالكتروني صاحب هذا التقرير المنشور اليوم الخميس.

واختتم الموقع تقريره بالقول "يوجد هنا تراكم غير مألوف وغير عادي للحوادث يعرف من وتيرة التوتر لدى متخذي القرارات في الجانبين فالتصريحات الانفعالية في الجانب الاسرائيلي لن تساعد في تهدئة الاجواء في قطاع غزة حتى وان حقق مطلقيها بعض الارباح السياسية ويعتقد ان مصلحة اسرائيل الواضحة تتمثل في الحفاظ على قوة الردع وإبعاد شبح الحرب القادمة بقدر الامكان واي سياسة اخرى ستقود الى تورط غير ضروري في حرب طويلة ومتواصلة وحتى وان انتهت باسقاط حكم حماس كما يبشرنا بعض الوزراء فانها ستؤدي الى اغراق الجيش الاسرائيلي في مستنقع غزة لسنوات طويلة".