|
العروض العسكرية الغزية تذكرنا بفاكهاني بيروت الغربية - بقلم نضال حمد
نشر بتاريخ: 02/10/2005 ( آخر تحديث: 02/10/2005 الساعة: 11:22 )
معا - كنت قررت الكتابة عن موضوع العروض العسكرية للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة منذ قدمت حركة المقاومة الإسلامية حماس عرضها العسكري الضخم. فالعرض المذكور سرعان ما ذكرني بالعروض العسكرية التي حرصت على إقامتها الفصائل الفلسطينية في زمن الفاكهاني وبيروت الغربية. وبالذات منها آخر عرض أقامته الفصائل وكان مركزيا في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان (01-01-1982)، ثم بعد ذلك احتل الجيش الصهيوني بعد معارك طاحنة كل لبنان تقريبا وطرد المقاومة الفلسطينية بعد حصار لبيروت الغربية استمر أكثر من ثمانين يوما، قاتل خلالها مخيم عين الحلوة الذي شهد العرض قتالا ضاريا وصمد بعد أن دمر تماما لأكثر من عشرين يوما.. كما قاتل الفلسطينيون مع حلفائهم من اللبنانيين قتال الأبطال في بيروت المحاصرة. ورغم ان العرض المذكور كان يعني استعراض القوة الفتحاوية والفصائلية الأخرى في مخيم عين الحلوة وهو اكبر المخيمات في لبنان، فان الأمور انتهت بعد ذلك بتسعة شهور بخروج الثورة الفلسطينية من جمهورية الفاكهاني الثورية إلى شتات قاري متعدد الجهات.
لذا نقول ما أشبه الليلة بالبارحة فاستعراض غزة الأخير لحماس وقبله وبعده لبعض الفصائل يعيد للذاكرة ما كانت تقوم به تلك الفصائل و الجماعات باستثناء حماس وجهاد حيث لم تكونا موجوتين في تلك الأيام. وكانت أكثر تلك الفصائل حرصا على العروض العسكرية حركة فتح بالذات. أما الآن والأزمنة اختلفت والأمكنة تبدلت وموازين القوى مالت وقالت فان حماس هي التي صارت القوة الأولى التي تقرر مسار الحياة الفلسطينية في قطاع غزة، وأصبحت للأسف تكرر ما كانت الفصائل الأخرى تقوم به وتفعله،ونجدها الأكثر حرصا على استعراض العضلات والقوات. وأما بقية القوى الإسلامية الأصغر والأخرى الوطنية واليسارية فقد أصبحت تعتبر على الهامش وغير ذات تأثير في ظل هيمنة الحركتين الأكبر حماس وفتح. بعد عرض حماس الكبير في الأسبوع المنصرم قررت فعلا التطرق للأمر والكتابة عن تلك الظاهرة المزعجة والتي تعتبر سلاحا فعالا بيد أصحاب التنسيق الأمني مع الاحتلال.وقد جاء احتفال مخيم جباليا ظهر الجمعة(23-09-2005) والذي تحول لمجزرة فظيعة جدا أما بسبب طائرات الاباتشي أو بسبب خلل في صواريخ الحركة ليجعلني أعود للموضوع نفسه ولمعالجته بأسرع وقت ممكن. على كل حال سواء ان سبب الانفجارات كان صواريخ حماس أو صواريخ الصهاينة فان الأمر انتهى بمجزرة ، ووقعت مذبحة كان يمكن تجنبها، ويتحمل مسئوليتها أولا الاحتلال في حال ثبت أن طائراته هي التي قصفت المهرجان. وتتحمل حماس أيضا مسئولية لأنها صاحبة الاحتفال الجماهيري أو العرض العسكري أو المهرجان السياسي الاستعراضي. ونقول ان العقل لا يقبل تلك الاستعراضات العسكرية والحشود المسلحة في مهرجانات شعبية وجماهيرية. لان تلك المهرجانات او العروض تعتبر أهدافا دسمة لكل الأعداء والمتربصين بالشعب الفلسطيني والوحدة الوطنية وقوى المقاومة الفلسطينية التي كانت بدورها دفعت ثمنا باهظا لطرد الاحتلال من القطاع. وخاصة حركة حماس التي قدمت معظم كوادرها وقادتها وخيرة شبابها شهداء في الزمن الفلسطيني الجديد ما بين الانتفاضيتين الأولى والثانية. لكن ورغم كل تلك التضحيات الضخمة لحركة حماس ورغم الطابور الطويل من الشهداء الأبطال إلا أن الذي تقوم به حركة حماس هذه الأيام يذكرنا للأسف الشديد بما كانت تقوم به فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في عصر الثورة الفلسطينية " الذهبي أو السلبي" في لبنان. ولا يوجد بالنسبة لي ما يبرر لحماس تلك العروض المتتالية خاصة أنها قدمت عرضا كبيرا وضخما مؤخرا اثبت قوتها وحصانة وصلابة جيشها القسامي الذي كان له الفضل مع المقاومين من الفصائل الأخرى في طرد الاحتلال من قطاع غزة. لكن بعد العرض الكبير كان يجب على الحماس الذي اجتاح قيادة وأعضاء وكوادر حركة حماس أن يتوقف وينكبح لتعود الأمور إلى مجاريها، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن القطاع لم يتحرر نهائيا بل أصبح مثل السجن الكبير الذي يحبس كافة أبناء القطاع خلف أسوار الاحتلال اللعين. فهل هناك حرية واستقلال والفلسطيني لا يمكن عبور الحدود او الخروج من القطاع؟؟ لا يوجد حرية ولا يوجد استقلال بالمعنى الصحيح او السليم، يوجد اندحار للاحتلال من على الأرض،لكن الاحتلال موجود في البحر وفي الأجواء وموجود رغم عدم وجود جنوده على الحدود والمعابر التي لا يستطيع الفلسطيني عبورها أو فتحها إلا بموافقة إسرائيلية مصرية. مجزرة رهيبة ومروعة تلك التي حدثت في مخيم جباليا ، هذا المخيم الذي قدم بدوره تضحيات عظيمة للثورة الفلسطينية المستمرة. ومن حق الناس ان تسال الآن كافة الفصائل الفلسطينية التوقف عن تلك العروض التي لا تعبر سوى عن استعراض العضلات والقوة للفصائل وهي لا تقدم ولا تؤخر في الصراع الدائر والمستمر مع الاحتلال الصهيوني الذي لازال يحتل الأرض ويحاصر القطاع ويتحكم بحياة كل الفلسطينيين على ارض فلسطين. ونأمل أن يكون هذا اليوم الدموي درساً لكافة القوى الفلسطينية من اجل اللجوء للعقل واستعماله في اتخاذ القرار. فما حدث جعل كل أعداء المقاومة الفلسطينية يشهرون أسلحتهم وألسنتهم ضد فصائل العمل الشعبي المسلح والمقاوم. لذا مطلوب من تلك القوى حماية نفسها من السنة وأسلحة الأعداء والعملاء والوسطاء ومن تجاوزاتها وأخطائها وزلاتها هي نفسها. |