|
مرة أخرى.. سيارات مشطوبة وقرارات "مضبوبة"
نشر بتاريخ: 25/02/2017 ( آخر تحديث: 25/02/2017 الساعة: 14:37 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
نشرت هذه المقالة من قبل عام 2011 تحت عنوان "رينو 4"، واليوم أعيد نشرها تضامنا مع رجال شرطة السير والمواطنين الذين يتم دهسهم واستشهد احدهم في جنين دون اي مبرر . وفيها أعترض مرة أخرى على قرارات خاطئة صدرت قبل عشرين عاما وظلمت الفقراء لصالح الاغنياء .
حتى نهاية الثمانينيات كان جيش الاحتلال - الذي هزم كل الجيوش العربية - يستخدم سيارات صغيرة الحجم قليلة الحاجة الى الوقود ورخيصة بالنسبة لقطع الغيار وهي فرنسية الصنع تدعى رينو 4 ، حتى ان قادة هيئة اركان الاحتلال وجنرالاته ظلّوا يستخدمون هذه السيارات الصغيرة في تنقلاتهم لان الجيش الاسرائيلي كان يبحث عن توفير الميزانيات وتقنين الصرف ... أما نحن في السلطة الفلسطينية فقد اخترنا في العام 1995 سيارات من مصنع جنرال موتورز وهي سيارة بونتياك الفارهة والتي تحتاج الى كم هائل من الوقود لسياقتها !!! ثم ما لبثنا نشاهد في شوارع الضفة وقطاع غزة "صغار " الضباط والموظفين في السلطة يقودون سيارات الشفروليه والفورد والسيارات 6 سيليندر التي يقول عنها المواطن انها ( نهّابة بنزين ) وانا لغاية الان لا أعرف من يختار نوعية السيارات التي تستخدمها السلطة؟ وعلى اي اساس تجري العطاءات؟ وكيف يمكن ان نشرح للوفود التي تأتي للتضامن معنا مظاهر البذخ والفشخرة والطاؤوسية والتقليد الاعمى للدول الغنية؟ والاخطر ان تكون الدول المانحة هي التي اختارت لنا هذه السيارات او تبرعت ببعض منها !!! كما ان نشاطاتنا الوطنية تجري في فنادق 5 نجوم وهناك حالة من الترف او على الأقل حالة من عدم التقنين في المصروفات . ويبدو أننا بحاجة الى دراسة تجربة أزمة اليونان المعاصرة في كلياتنا الجامعية، ولا ضير ان يدرسها ويتعلم منها وزراء السلطة وقادتها ، والاهم من وزارء السلطة وقادتها ان تدرس المعارضة الفلسطينية سلوكيات الاقتصاد والفرق بين فكرة تأسيس دولة وبين الحديث عن مظاهر استهلاكية ومباهاة . وان يتحلّى القائد بسياسة التقشف والكفاف قبل ان يطلب من الجمهور ذلك . اليونان وبعد انضمامها للاتحاد الاوروبي أغرقت نفسها في النزعة الاستهلاكية. وعن غير وعي استخدمت حكوماتها تسهيلات غير ضرورية مثل السيارات الفارهة والتقاعد المبكر في سن الاربعينيات والقروض الميسرة بسهولة شديدة والرحلات حول العالم ، ونسيت حكوماتها ان خزينتها تغرق في الديون للاتحاد الاوروبي وللبنك الدولي فأنهار الاقتصاد فجأة وتبخّر صندوق التقاعد وخرجت الجماهير الاغريقية تتظاهر في الشوارع واحرقوا المحال وهدّدوا بنهب البنوك دون جدوى . الدول المانحة والبنك الدولي والاتحاد الاوروبي اشترطوا مساعدة اليونان بسياسة تقشّف وان تكف الحكومات عن التبذير وتنتهج سياسة ضبط النفس لمعالجة نفسها ووقف نزيف اقتصادها من خلال الخصخصة والمشاركة والحوكمة وغيرها من افكار خبراء الاقتصاد .... حاول " الوطنيون " الاغريق رفض الفكرة والاعلان انهم لن يبيعوا بلدهم للبنك الدولي ولن يدخلوا الاستعمار المالي على انفسهم من النافذة ، لكن الامر كان تخطّى مرحلة الشعارات الطنانة ودخلت اليونان مرحلة الخطر . وبالعودة الى اوضاعنا، انا لم أفهم كيف تقوم سلطة تحت الاحتلال باغراق نفسها بنزعات استهلاكية طاؤوسية لا حاجة لها ، في كل مكتب معدات فاخرة وفاكس ومع كل مسؤول لاب توب واكثر من محمول من أرقى الانواع، سيارات تنهب الوقود رغم ان لتر الوقود يساوي 2 دولار في الاراضي الفلسطينية ، وتحويلات طبية الى أفخم مشافي العالم وبرادي فخمة من القماش المخمل لنوافذ لمكاتب، أو مقاعد ومكاتب لا تملك دول أوروبا مثل فخامتها .... وعن احد الصحافيين في غزة قال لي "نكتة " ان احد المتضامنين من السودان جاء الى غزة يتضامن مع شعبنا في الحصار لكنه لمّا رأى مكاتب الحكومة واحوال الاسواق وسيارات الشعب قال بكل تلقائية : يا ليت يفرضوا الحصار على السودان لنعيش بهذا المستوى !!!!!! ملاحظة جديدة على المقالة القديمة - لماذا منعت السلطة الوطنية عام 1995 ، على المواطنين شراء سيارات قديمة من اسرائيل بسعر يناسب العائلة الصغيرة ومحدودة الدخل ؟ ام ان القرار حينها كان بالتنسيق مع وكلاء السيارات الفخمة ولمصالح الاثرياء ؟ وبعد 22 عاما على ذلك القرار ألم يحن الوقت بعد كي نسمح لمواطني الضفة بشراء سيارة من مواطن من القدس بأسعار زهيدة وتحويل ارقامها بدلا من اضطرار البعض لسياقة سيارة مشطوبة ؟ لا أفهم كيف لا نزال مقتنعون بذريعة اننا لا نريد تحويل الاراضي الفلسطينية الى مزبلة للسيارات الاسرائيلية القديمة !!!!! على اعتبار اننا نسيطر على الحدود وكل المنافذ !!! وعلى اعتبار أن جميع ملفاتنا النهائية تمام التمام وعال العال ولم يبق علينا سوى هذا ؟؟؟ |