|
يوسف زيدان ينفي المعراج: لزق ده مع ده
نشر بتاريخ: 09/03/2017 ( آخر تحديث: 09/03/2017 الساعة: 16:37 )
الكاتب: د. أحمد رفيق عوض
أغاظني يوسف زيدان جداً وهو ينفي حادثة الإسراء والمعراج بقوله النهائي والبليغ والسديد، إن المعراج ما هو إلا إعادة إنتاج لأسطورة فارسية حول زارادشت، وأن المسلمين الأوائل تمثلوها ومن ثم أدمجوها ضمن "أسطرة" سيدنا محمد، ودليل يوسف زيدان على ذلك دليل سريع وحاسم ولا رجعة عنه، وهذا الدليل يقوم على "أن الواحد لازم يُشغّل دماغه" حسب قول ابن خلدون، وأن المسألة، مسألة المعراج يعني، لا تعدو عن كونها "لزق ده مع ده"، أي استعارة الحكاية من الفرس وإلصاقها بأساطير أخرى عند المسلمين.
هذا معناه، حسب زيدان، أن المعراج كذبة، أو قصة سابقة تم إدماجها أو حشرها أو استعارتها من ثقافة وثنية تمت هزيمتها، ولكن لا بأس بأن تُستغل أو تُستخدم بعض أساطيرها لتعظيم النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك كله "لزق ده مع ده"، ولأن العقل لا يقبل فكرة المعراج، أي أن ما يقبل عقلي صحيح وإلا فلا، يعني حتى يصبح ما جاء به الإسلام صحيحاً، فإن من الواجب استشارة يوسف زيدان أولاً، ومن ثم نؤمن به ثانياً. وكان يمكنني أن أستعرض معرفتي الدينية وغير الدينية في الكلام عن هذا الهراء كله، وكان يمكنني أن أسرد على مسامع زيدان وغيره كل ما قيل حول ذلك، وأن حديث الإسراء والمعراج حديث متواتر، تناقله كبار الصحابة وذكرته أمهات الكتب وتربت عليه أجيال المسلمين في كل بقاع الأرض .. وكان يمكنني أن أنقل إلى زيدان قصص الذين طاروا إلى السماء أو نزلوا منها، وقد سبقنا أنيس منصور إلى ذلك كله، لا أريد هنا أن أستعرض معرفتي ولا قراءاتي، إذ أشعر الآن أن هذا مجرد فذلكة، وخارج الموضوع، وأنه لا يفيد أيضاً. أريد هنا حقاً أن أتحدث عن أمر مختلف، أريد أن أشير إلى الخفة والطيش والتسرع، أريد أن أشير إلى الاستخفاف والاستهانة بمشاعر المسلمين، أريد أن أشير إلى الجهل أو التجاهل، أريد أن أشير إلى الرغبة في الهدم المأجور أو غير المأجور، أريد أن أشير إلى الهبل والاستهبال، أريد أن أشير إلى الفضائحية، أريد أن أشير إلى العيب، أريد أن أشير إلى خيانة المثقف، أريد أن أشير إلى الرغبة القاتلة في الظهور والرغبة في الاختلاف، أريد أن أشير إلى قلة الإيمان وقلة العقل وفقر القلب وفقر الوجدان، أريد أن شير إلى الدعوة التكفيرية في هذا الكلام، واستعراض العقل والتمعقل، والتشدق والفراغ، والتشكيك الذي لا طائل تحته سوى الضجيج والتضليل والإضلال والضلال، أريد أن أشير إلى غرور المثقف وعنجهيته وعماه. هذه هي الفضيحة الثانية التي يقدم عليها هذا الشخص بعينين مفتوحتين لا يرى فيهما، وهو في كل فضيحة يخلع عنه صفة الكاتب القارئ، والمثقف العامل العالم، من أجل شهرة يمكن اكتسابها في وقتنا الحاضر بقليل من التعري أو إطلاق كليب إباحي. لو قرأ هذا الرجل، بعقل وقلب مفتوح، وإيمان كامل، بدينه وشعبه وأمنه وتاريخه، لكان عليه أن يبني لا أن يهدم، أن يكمل لا أن ينسف، إن كل ما يفعله هذا الشخص هو أن يكون هدفاً للسخرية أو اللعنة أو لكليهما، المثقف يرى ولا يعرف فقط. |