|
تقويم جديد للأسير محمد القيق
نشر بتاريخ: 09/03/2017 ( آخر تحديث: 09/03/2017 الساعة: 16:10 )
الكاتب: المتوكل طه
أيّها المُسجّى على الهتافِ المشتعل بالقلوب ، والمُرصّع بأنابيب التغذية الجبرية المُحرّمة ، خوفاً من موتك الحاسم الزلزال . أيُّها الصاعدُ على استطالةِ المآذنِ وشعلة الجُلّنار . أيّها المتماهي بغيم الجنّةِ الُمتناسخِ من أثوابِ الساحل الشاميّ إِلى سدْرة المُنتَهى .. وصولاً إلى مدية الغاضب ورصاصة الشجاع .
أيتها الزّفةُ الرانخةُ بَعِرق الملائكةِ في صَهْد العُرْسِ المستحيل ، والأيّلُ بقرنيه البرقيّين ، يُطْلقُ شِعابَ الرّعدِ في السماء . أيّها الفصيحُ المتلعثمُ من فرْط اتّساع عيون الغزالةِ ، التي تأخُذكَ إلى شالها المُطهم بالشّهد . أيّها المسكونُ بالشمس لتمحوَ ظلْمةَ النهارِ ، وتجعلَ الليلَ نهارياً مثلَ ملامحكَ الواضحةِ في العتمةِ وبين الغرباء . أيُّها الحيُّ المقتولُ الذي لا يموت ، وصورتهُ في البيوت.. إرجع ! فإنك حيٌ ، ولا يليق بك الغياب . قد نتفكّك ضلعاً ضلعاً ، ونتخلّع عضواً عضواً ، ونترامى في جغرافيا الحزن أو القصف أو السفر الكريه ، ليثبت أن الغياب هو الحقيقة القاهرة ، التي تزداد تضوّراً وهلعاً وتُلقي صحن جمْرها الحارق في قلوبنا المتفَحّمة ! لكن درس الجوع يعيد لنا قوامنا واستقامتنا ، لنبقى استطالةً فلسطينيةً ، لا يكسرها القيد ولا يبعثرها السوط والظمأ. ويسيل الحبر مع الدمع ، على غير حدث وذكرى ، تمتد لعقودٍ بعيدة هي سنوات المظلَمة ،التي جرفت أحلامنا ، وقوّضت بيوتنا ، وخبزت وجوهنا على بلاط النار ، ولم تترك لنا غير كلام لا يصلح لرتق الفؤاد ، من هذا الرمح الوثنيّ المسموم !! لكن القلبَ من حديد ، والروحَ من عاصفات الأساطير ، والنَفْسَ من غمام العرْش الصافي ، والعقلَ بوصلة لا تحيد عن المحراب . لهذا ؛ سيكونُ الثلجُ أحمرَ هذا العام ، جمريّاً يتوهّجُ مثل جِفْتِ العَجَم المُعَجّن بالزيت اللاذع الموّار في الموقد الكبير . ستلفح الموجةُ البيضاء وجوهَ السكون الخائفة من مواقد الشجر الساحر على التلال ، والتي لا يرفّ جفنها فزعاً من كبّارة البلد المتكلّسة المنحوتة على شكل السكون ، تلك التي ترى المدن الضائعة والرؤوس المقطوعة والأفواه الفارغة من الأصوات ، والتي رضيت أن تأنس للضبع الناهش لحم أمها ؛ البيارة الخالدة. سيكونُ تقويمٌ آخر لأعراسِ الربيع ولوزِ النوّار . . وستأخذُ الحقائبُ نشيدها كاملاً من أبجديةِ النبع المتجدّد ، ليبدأَ دْرسُ فلسطين ؛ حيث بسملةِ العودةِ .. ويمضي إلى التفاحةِ كاملةً من ذُرى الكرمل إلى نقبِ الرمل الساخن ، ومن الليمون إلى القمر .. ويرفعُ ألوانَ البيرقِ فوق القبّة التي تُرضع النجوم ، عاصمةً إلى أبدِ الدهّرِ ، لينتهي على أسوار الدولةِ الأكيدةِ ، لزمن جديدٍ ، نذكرُ فيه الشهداءَ والجرحى وأسرى الحرية القاسية ، ويفهقُ من ضوئهم نور الرجل ، الذي لن يترجّل دون ميعاد للحياة. |