وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الخشية الإسرائيلية من التوجه الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية

نشر بتاريخ: 12/03/2017 ( آخر تحديث: 12/03/2017 الساعة: 10:34 )
الخشية الإسرائيلية من التوجه الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية
الكاتب: محمد خضر قرش
تمارس سلطة الاحتلال الابتزاز السياسي الرخيص والخالي من أي مبرر أو تفسير تجاه النية اللفظية غير المصحوبة بالإجراء الفعلي، لدى منظمة التحرير للتوجه نحو المحكمة الجنائية الدولية رغم أنها لم تقدم طلبا رسميا بعد. فالاحتلال لا يترك مناسبة أو فرصة أو لقاء مع رؤساء الدول التي يزورها نتنياهو وغيره من أركان حكومته إلا ويطلب من الغير الضغط على الفلسطينيين لعدم التوجه إلى المحكمة العتيدة. ومما يشجع المحتلون الإسرائيليون على استمرار ممارسة ضغوطهم كما غيرهم، هو تردد قيادة منظمة التحرير وعدم جديتها في التوجه الفعلي بدون تلكؤ أو تباطؤ أو تردد أو تكاسل، فهو وحده الكفيل بوضع حد لكل التدخلات والضغوط على القرار الفلسطيني. وهناك سبب أخر للتردد وهو ضعف ولا مبالاة وعدم اهتمام وجدية الموقف الرسمي العربي في دعم ومؤازرة فعليه للموقف الفلسطيني في المحافل الدولية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الضغط على الفلسطينيين في هكذا توجهات وقرارات هامة ومصيرية. فقد سبق ذلك مواقف مماثلة فيما يخص التوجه لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير القاضي جولد ستون المتعلق بجرائم الحرب التي مارسها جيش الاحتلال في حربه العدوانية على قطاع غزة والضفة وفي قرار محكمة العدل الدولية بخصوص عدم شرعية بناء الجدار العنصري وكذلك التردد الفلسطيني المستمر في الانضمام إلى بقية المنظمات الدولية المؤثرة الأخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا تواصل سلطات الاحتلال ضغوطها غير المنتهية على الفلسطينيين في المحافل واللقاءات الدولية المختلفة في الوقت الذي تستمر فيه بالاستيطان وبناء الجدار وسياسة القمع ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والمنازل واقتحامها للمناطق المسماة "أ" زورا وبهتانا وتسارع تغيير معالم مدينة القدس وممارسة كل أشكال الاحتيال الرسمي للسيطرة على العقارات فيها بالإضافة إلى استمرار عدوانها العسكري المباشر ؟ لا يمكن فهم جدوى وأهمية الضغوطات في ظل كل ما سبق كما لا يمكن فهم وتفسير تلكؤ وتردد وتباطؤ منظمة التحرير وجامعة الدول العربية في عزم أمرهما معا واتخاذ قرار فعلي للتوجه نحو مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية والمطالبة بوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تضاعفت عشرات المرات بعد توقيع اتفاقية اوسلوا اللعينة.
الشعب الفلسطيني يستغرب كيف تتساوق الممارسات الإسرائيلية فوق الأرض الفلسطينية سالفة الذكر مع ضعف وميوعة وتخاذل الموقف الفلسطيني الرسمي ؟ فالشعب الفلسطيني المكلوم لا يستطيع أن يتقبل أو يتفهم أو يبرر تأخر منظمة التحرير في عدم الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية ؟ فحتى الساعة لم تقدم أو تطرح القيادة الرسمية الفلسطينية أسباب عزوفها عن تقديم الطلب وما هو المخفي علينا حتى تاريخه؟ تلكؤ وتباطؤ وتردد قيادة منظمة التحرير للدفاع عن الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني يطرح علامات استفهام كبيرة أزف وقت إجلائها وتوضيحها.لماذا تصمت قيادة منظمة التحرير عن كل جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني؟ ولماذا تتجنب قيادة منظمة التحرير عن فعل كل ما يحرج ويزعج ويؤذي سلطات الاحتلال سواء في الداخل عبر وقف التنسيق الامني وفي الخارج بالذهاب الفوري إلى محكمة الجنايات الدولية؟ 
ما تريده إسرائيل وبالتساوق الكامل مع السياسة الأميركية وبسكوت وصمت الدول العربية والإسلامية الغريب والمستهجن هو: مواصلة احتلالها للأرض الفلسطينية والاستيطان وبناء الجدران وتهويد القدس بدون أية اعتراضات أو قرارات أو احتجاجات عربية ودولية بحجة أن ذلك من شأنه أن يؤثر على عملية السلام أو المفاوضات العبثية المؤذية؟ فإذا كانت إسرائيل تخشى فعليا من لجوء الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وبقية المنظمات الدولية فلماذا تستمر في أعمالها العدوانية ضد شعب فلسطين ومستقبله؟ إسرائيل معنية بأمر واحد هو أن تواصل احتلالها ومصادرتها للأرض الفلسطينية وتهويد القدس بدون صدور إدانات دولية لها وبهدوء لتخلق أمرا واقعا ينهي المفاوضات في الميدان حيث لا يعود للفلسطينيين ما يتفاوضون عليه بعد ذلك؟ فهي تريد من الفلسطينيين الصمت والتزام الهدوء وعدم التوجه لأي محفل دولي لإدانة أفعالها البشعة والمتعارضة مع القوانين الدولية حتى تنتهي من مهمتها.فسلطات الاحتلال لا تريد أن يُطلق عليها دولة الابارتهد كما حصل مع دولة جنوب إفريقيا العنصرية السابقة. كل ما تريده سلطات الاحتلال هدوءا وصمتا وعدم إزعاجها بين فترة وأخرى بقرارات دولية ضد ممارستها العدوانية اليومية ؟ فهي بالحقيقة غير آبهة بكل المحافل الدولية ولا بكل ما يصدر عنها فجُل ما تريده بالضبط عدم إزعاجها أو صدور إدانات دولية على ممارستها. 
وباختصار شديد هي تنتظر بل وتريد من الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي ما يلي:أن يأتوا إليها ومعهم ماء عذب فرات وصابون مطهر لتغسل وجهها ويديها الملوثة والعدوانية ثم يقدموا لها المناشف الحرير الكشميرية لتنشفهما وبعد ذلك ليرشوا عليها العطر الفرنسي الفاخر بغرض محو وإزالة أية أثار لجرائمها التي تلوثت بالدماء الفلسطينية، ويقولوا لها شكرا على احتلالك ومصادرتك الأرض وتهويدك القدس وبناء الجدار وقتل الأطفال وحرقهم.وما دام هذا ما تريده سلطات الاحتلال فلماذا يتساوق الفلسطينيون والعرب معها؟؟ ولماذا التأخر المريب من الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وعقد الاجتماعات العلنية والسرية معها وتبادل السفراء والتعاون معها بكل المجالات وليس بالتنسيق الأمني الذي يقوم به الفلسطينيون فحسب؟ الانتظار والتلكؤ والميوعة والتردد الفلسطيني الرسمي أوجد حالة من اللامبالاة العربية والدولية تجاه أعدل قضية في التاريخ المعاصر. فهل بعد هذا ستستمر قيادة منظمة التحرير في التهديد اللفظي غير المصحوب بالإرادة والتصميم على التوجه إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية لحماية ما تبقى من حقوق وطنية.شعب فلسطين يريد عمل وقرارات يلمسها بنفسه وليس خطابات وتهديدات لفظية مكررة ومملة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا توقف الاستيطان ولا مصادرة الأراضي وتهويد القدس ووقف العدوان المستمر منذ بداية القرن الماضي. فمتى ستتخلى قيادة منظمة التحرير عن سياسة المهادنة والانتظار والخضوع للضغوطات والتي تعني عمليا الاستجابة لما ترغب به سلطات الاحتلال.