وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مواقع التواصل سلاح ذو حدين

نشر بتاريخ: 02/04/2017 ( آخر تحديث: 02/04/2017 الساعة: 15:16 )
مواقع التواصل سلاح ذو حدين
الكاتب: يوسف عودة
لكل أمر إيجابياته وسلبياته؛ وهذا إصلاً ينطلق من مبدأ الحياة والقائم على أن لكل أمر نده، فالخير نده الشر، والصدق نده الكذب، والعدل نده الظلم، وإذا كان الخير إيجابي بطبعه فالشر سلبي بمكنوناته، وبالتالي هذا هو المبدأ المتاح للعمل به في الحياة بشكل عام، وهو يمتاز بالعدل لمن أراد الخير لنفسه، ويمتاز بالخبث لمن جعل على عينيه غشاوة، فلم يعُد يبصر الأشياء الجيدة من حوله. وبتقدم علوم الحياة وظهور وسائل تكنولوجية عديدة جعلت بل سهلت من عمليات التواصل بين أقطاب المعمورة، وزادت من مصادر المعرفة والمعلومات وذلك لسهولة تواجدها ونشرها على الشبكة العنكبوتية، كل هذا خلق أنواع من الإيجابيات التي يسرت على الناس بكافة أطيافهم وجنسياتهم مسألة الحصولة على المعلومة، وبنفس الوقت جعلت من العالم قرية صغيرة، وعمدت مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها إلى تقريب وجهات النظر أحياناً وإبعادها في أحيان أخرى. وأضحت بمثابة سلاح ذو حدين إن لم تجيد إستخدامها فلربما تكون من ضحاياها.
وهذا ما بات يعرف في أيامنا بالجرائم الإلكترونية، وبدأ بأخذ أشكالاً متعددة داخل المجتمعات، ولعل المجتمع الفلسطيني يعاني هو الأخر من هذه الظاهرة وبشكل ملفت للعيان، حيث كثُرت في الأوانة الأخيرة قضايا الإبتزازات الناتجة عن مثل هذه الجرائم، ولعل النسب التي أشار إليها الناطق بإسم الشرطة الفلسطينية في العديد من المواقع الأخبارية، لدليل قوي على أن هذه الجرائم باتت تهدد النسيج الاجتماعي وتقلق وتخيف الناس الذين لم يستطيع البعض منهم حتى اللحظة إدراك كيفية التعامل مع هذه القضايا، خاصة وأن المجتمع المحافظ له ضرائبه التي لا يمكن للبعض تجاوزها، فتشير إحصائيات الشرطة إلى حدوث ما يقارب الـــ 400 جريمة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية آذار منه، وأما في العام 2016 فقد بلغت الجرائم الإلكترونية في الضفة الغربية فقط ما يقارب 1327 جريمة، وهذا بالطبع مؤشر خطير على وجود مثل هذه الجرائم التي تؤثر بشكل سلبي في حياة الناس.
وللأسف لا يوجد قانون فلسطيني مختص حتى اللحظة بمثل هذه الجرائم، وبالتالي فإن التعامل مع مرتكبي الجرائم الإلكترونية يتم على أساس أنها جرائم واقعية، أي يتم التعامل معهم وفق نصوص قانون العقوبات الأردني الصادر عام 1960 والمطبق بالأراضي الفلسطينية، حيث يتم تحويل قضاياهم إلى جرائم واقعية تنطبق مع النصوص الواردة في القانون، وبالتالي يتم تقديمهم للمحاكم على نصوص قانونية لا تصلح لقضاياهم، وهذا أيضا من العوامل التي تُخيف الناس من تقديم الشكاوى في هذا المضمار، بسبب عدم وجود قانون رادع يجعل من الجاني عبره لغيره. إلا أنه ونظراً لخصوصية الوضع في فلسطين وللحفاظ على الترابط الوطني، ولأهمية إدراك الجميع بنوايا الاحتلال وما يمكن أن يُحيكه ضد هذا الشعب، وللحد من مثل هذه الجرائم، بادرت الشرطة الفلسطينية إلى إنشاء وحدة متخصصة بالجرائم الإلكترونية من طاقم متخصص هدفهم إيقاف أو بالأحرى الحد من عمليات التشهير والإبتزاز التي تحدث على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالطبع التعامل مع هذه القضايا والجرائم لا يقع على عاتق أحد بعينه أو على عاتق جهة معينة، بل يقع على عاتق الجميع وبالمقام الأول "الأهل" الذين يتوجب عليهم توعية أبنائهم ومراقبتهم بإستمرار، والسؤال الدائم عنهم وعدم ترك مسافات بين الأباء والأبناء، فمثل هذه المسافات يُولد الفتور في العلاقات وبالتالي تقود الى كوارث لا يحمد عقباها، وأيضا يتوجب على الجميع الوعي والإدراك لأهمية إشراك الشرطة في مثل هذه القضايا حتى لا يكون الإنسان عرضه للإبتزاز وما شابه من قضايا قد تؤثر سلباً عليه، والأهم من هذا كله "أحفظ تُحفظ".