وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز حقوقي يدعو الحكومة للتراجع عن فرض خصومات على رواتب موظفي غزة

نشر بتاريخ: 05/04/2017 ( آخر تحديث: 05/04/2017 الساعة: 21:40 )
غزة - معا - دان المركز الفلسطيني لحقوق الانسان الاجراءات الأخيرة التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني في رام الله بحق موظفي غزة، والتي طالت خصومات على رواتبهم، وصلت إلى ما نسبته 30% من إجمالي رواتبهم، وتجاوزت الـ 50% لموظفي الدرجات العليا وأصحاب الرواتب المرتفعة.

واعرب المركز في بيان وصل "معا" عن خشيته أن يكون ذلك مقدمة لقطع رواتبهم بالكامل وتخلي الحكومة عن التزاماتها القانونية تجاه موظفيها الذين التزموا بقرار رئاسي سابق طالبهم بعدم التوجه لوظائفهم في منتصف العام 2007.

ووفقاً لمتابعة المركز، تفاجأ أكثر من خمسين ألف من موظفي الخدمة المدنية والعسكرية من أبناء قطاع غزة، والتابعين للحكومة الفلسطينية في رام الله، مساء أمس، الثلاثاء الموافق 4/4/2017، بخصومات كبيرة على رواتبهم، تراوحت ما بين 30% إلى 50% من إجمالي رواتبهم، وقد شملت تلك الخصومات الموظفين الذين ما يزالون على رأس أعمالهم أيضاً، وقد خلف ذلك القرار حالة من الغضب والسخط في أوساط الموظفين وأفراد أسرهم، وعبر المئات منهم عن خشيتهم من تدهور كارثي في أوضاعهم المعيشية والحياتية، في وقت يسدد غالبيتهم نحو نصف رواتبهم للبنوك عن قروض كانوا قد اضطروا للحصول عليها من تلك البنوك.

وراى المركز أن قرار الاتحاد الأوروبي بوقف دعم بند الرواتب ليس جديداً، حيث كان الاتحاد الأوروبي قد أبلغ السلطة الفلسطينية بذلك منذ عدة أشهر مضت، وفي المقابل لم تلجأ السلطة إلى اتخاذ أية خطوات لمواجهة تبعات القرار الأوروبي، ما يشير إلى غياب أي مستوى من المسؤولية المهنية والأخلاقية تجاه إيجاد حلول واقعية لحماية الموظفين وضمان استمرار رواتبهم.

وكان شادي عثمان، مسئول الإعلام بالمفوضية الأوروبية بالقدس، قد أعلن في شهر فبراير الماضي، أن الاتحاد الأوروبي تبنى سياسة دعم مالي جديدة للسلطة الفلسطينية للعام 2017، تقضي بوقف توجيه 30 مليون يورو، من أمواله لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة، وتحويلها لدعم العائلات الفقيرة ومشاريع التنمية والبنية التحتية وخلق فرص عمل.

واعتبر عثمان، أن هذه التغييرات من المفترض ألا تؤثر على قدرة السلطة تجاه تمويل رواتب موظفيها في قطاع غزة، لا سيما أنها لم تعد ملزمة بتقديم الدعم المالي للعائلات المحتاجة التي ستتلقى سنوياً نحو 20 مليون يورو، إضافة إلى تقديم 10 ملايين يورو لدعم القطاع الخاص وبرامج توفير فرص العمل.

وقد جاء التوجه الأوروبي تنفيذاً لتوصيات تقرير لجنة الرقابة الأوروبية عام 2013، التي اعترضت على دفع الاتحاد الأوروبي رواتب لموظفين لا يعملون، دون وجود مبررات مقنعة أمام دافع الضرائب الأوروبي بتحويل أمواله لهم، وهو ما حدا بالاتحاد إلى إعادة توجيه أمواله لقطاعات أُخرى، وليس تقليصها.

واستهجن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قرار حكومة الوفاق، وراى أنه يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الأساسي المعدل للسلطة الفلسطينية للعام 2003، ولقانوني الخدمة المدنية وقانون الخدمة في قوى الأمن الوطني رقم(8) لعام 2005 وتعديلاتهما، كما رأى أن حل مشكلة الضائقة المالية المزعومة، وإن وجدت ينبغي ألا يتحملها موظفو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة فقط، بل يجب أن تطال كافة الموظفين على قاعدة المساواة وعدم التمييز، خاصة وأن موظفي السلطة المدنيين والعسكريين من أبناء القطاع لم يتخذوا قرار توقفهم عن العمل، بل هم التزموا بقرار رئيس السلطة الفلسطينية في حينه، والذي طالبهم بعدم التوجه للدوام في مكاتبهم الحكومية.

واستغرب المركز استمرار حكومة الوفاق في حجب المعلومات والقرارات الخاصة بهذا الشأن، وخاصة قرار الاتحاد الأوروبي بإعادة توجيه مساعداته المالية للسلطة ووقف دعم بند رواتب الموظفين دون أن تتأثر مساهمته المالية لصالح دعم موازنة السلطة الفلسطينية.

وقال "وتثير المبررات التي صاغتها حكومة الوفاق الوطني، عبر المتحدث باسمها، الغرابة والاستهجان كونها كانت على علم بقرار الاتحاد الأوروبي منذ عدة شهور، ولم تلجأ إلى القيام بما يلزم من أجل تفادي المساس بحقوق موظفيها المدنيين والعسكريين على حد سواء، بما فيها حقهم وأفراد أسرهم في مستوى معيشي لائق، يكفل لهم ولأفراد أسرهم الحياة الكريمة، وما يكفي لهم من المأكل والملبس والغذاء والمأوى الملائم، وحمايتهم من غول المرض والعوز والعجز والشيخوخة".

واشار الى أن الحكومة الفلسطينية لم تعلن عن أية مقترحات عملية أو بديلة يمكنها أن تحقق الأمان الوظيفي، كما راى المركز اقتصار قرار خصم الرواتب على موظفي قطاع غزة دون الضفة الغربية شكلاً من أشكال التمييز الذي ينتهك مبدأ المساواة والقضاء على كافة أشكال التمييز.

واعتبر المركز أن مبررات الضائقة المالية التي عبر عنها الناطق باسم الحكومة تتناقض تماماً مع التقارير الرسمية، والصادرة عن كل من وزارة المالية وسلطة النقد الفلسطينية، والتي تشير إلى تحسن كبير نسبياً في الأداء المالي، بما في ذلك تطور كبير في مستوى الإيرادات التي حققتها السلطة خلال الربع الأخير من العام الماضي، مقابل انخفاض ملحوظ في مستوى الانفاق العام خلال نفس الفترة.

واشار تقرير سلطة النقد الفلسطينية خلال الربع الرابع من العام الماضي إلى ارتفاع الايرادات غير الضريبية بشكل ملحوظ خلال العام، حيث حولت السلطات المحتلة الإسرائيلية نحو 593 مليون شيكل لخزينة وزارة المالية، وذلك على خلفية توقيع اتفاقية الكهرباء مع شركة الكهرباء الإسرائيلية، تحويل 580 مليون شيكل من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهي من متأخرات المقاصة الخاصة بقطاع غزة ما يعني تحسن ايرادات المقاصة، فضلاً عن تحويل مبلغ 558 مليون شيكل إلى حساب السلطة على ضوء تجديد تراخيص كل من شركة الاتصالات الفلسطينية وجوال.

وقد سجل ارتفاع في الايرادات المحلية خلال الفترة المذكورة، وهو ما أدى إلى تحقيق فائض في الحساب الجاري بقيمة 82.6 مليون شيكل. كما بلغ حجم المنح والمساعدات الخارجية خلال العام 2016 للحكومة الفلسطينية نحو 2.9 مليار شيكل، من بينها 805.9 مليون شيكل خلال الربع الأخير، وهو ما أدى إلى المساهمة في تغطية نحو 27.5% من إجمالي نفقات السلطة خلال نفس الفترة، وساهمت في تحقيق فائض مالي عوضاً عن العجز السابق المتراكم، حيث بلغ الرصيد الكلي نحو 581.9 مليون شيكل.

وقال" إن تلك الأرقام تشير إلى تحسن في حجم المنح والمساعدات المالية الدولية خلال العام المنصرم، وتدحض فكرة وجود الضائقة المالية التي تحاول الحكومة الفلسطينية استخدامها كمبرر لقرارها الأخير ضد موظفيها المدنيين والعسكريين في غزة".

واشار المركز أن التقارير المالية الرسمية للسلطة الفلسطينية إلى انخفاض الإنفاق العام الفعلي خلال الربع الأخير من العام الماضي بنحو 7.2%، وهو قد طال بشكل رئيسي بند الرواتب والأجور في الموازنة، والذي انخفض فعلياً بنحو 32.5%، حيث لم تقم الحكومة الفلسطينية منذ منتصف العام 2007 بأية تعيينات حقيقية تذكر في قطاع غزة، خاصة في ظل معاناة كل من قطاعي الصحة والتعليم بسبب تقاعد المئات، بل آلاف الموظفين خلال تلك الفترة.

ودعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الرئيس الفلسطيني ورئيس حكومة الوفاق الوطني إلى التراجع الفوري عن هذا القرار غير القانوني، والذي يمثل شكلاً من أشكال محاربة الموظفين المدنيين والعسكريين في وسائل عيشهم ورزقهم.

وطالب المركز كلاً من الرئيس ورئيس الوزراء بالإيعاز لوزارة المالية بإعادة كافة الاستقطاعات المالية إلى موظفي قطاع غزة، والبحث عن آليات أخرى تساهم في تحقيق الأمان الوظيفي، وتحمي هؤلاء الموظفين وأفراد أسرهم من تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ويخشى أن تؤدي تلك الإجراءات إلى تفاقم الانقسام السياسي الفلسطيني، وهو ما يدفع ثمنه الموظفون العموميون في قطاع غزة.