(وثائق) البلديات مهددة بالاغلاق.. والسبب؟

الخليل- معا- تقرير محمد العويوي- تخيل نفسك وأنت تسير على رصيف، أو في أي شارع ما أو كنت تسير بالقرب من ورشة بناء أو اي مكان آخر وتعرضت لاصابة، تقول بينك وبين نفسك: "الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل". وربما يقول لك آخرون: "الحمد لله على السلامة". طبعاً حمداً لله على سلامتك.! لكن تذكر هناك تأمين يُسمى "تأمين المسؤولية المدنية" وقد وجد لحمايتك..
في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على "تأمين المسؤولية المدنية" ما هو؟ وما هي الاهداف من وضعه؟، ومن يحمي؟، ومن يعوض؟.. ويجب ان نعرف ان التأمين بالأساس بني على مبدأ منتهى حُسن النية.
تعويض بمليون شيكل.. وترضية بـ14900 شيكل
يدرس المستشار القانوني لشركة "باكلدرين" رفع قضية ضد بلدية الخليل، وضد شركة تأمين، للمطالبة بتعويض الشركة عن الخسائر التي لحقت بها جراء فيضان مجاري البلدية على مخازن الشركة، بعد ان رفضت شركة التأمين تعويضه عن الخسارة التي لحقت بالشركة والمقدرة بنحو مليون شيكل. كما تفكر شركة تعمل في مجال الإنشاءات، بتقديم شكوى ضد شركة تأمين لتهربها من دفع تعويضات لعامل اصيب خلال عمله.
وقال عز سعيد الجعبري: "خسرنا ما يزيد عن مليون شيكل بسبب فيضان مياه الامطار من مجاري بلدية الخليل على مخازننا، وقد أقر خبراء البلدية بهذه الخسارة وأنهم قد تسببوا فيها، وتم ابلاغ شركة التأمين وحضرت للموقع وعاينت الاضرار والاسباب والمسببات، لكن هذه الشركة ترفض التعاطي معنا ودفع مليون شيكل بدل تعويض، ولذا سنتوجه للقضاء للمطالبة بحقنا".
من جانبه أوضح المهندس يوسف الجعبري، عضو مجس بلدية الخليل، أن البلدية قامت بابلاغ شركة التأمين وطالبتها بدفع تعويضات لهذه الشركة، وعلى شركة التأمين تحمل مسؤولياتها.
في شهر شباط الماضي، اصيب عامل في ورشة بناء وتم نقله للمشفى، وحسب العادة كما يقول الياس طه مدير شركة الأمير العقارية:" قمنا بابلاغ شركة التأمين بالحادث، وفي اليوم التالي للحادثة قام السائق بتقديم إفادة عما حدث لدى شركة التأمين، لكن التأمين رفض معالجة العامل وتقديم تعويضات مالية له، ومعللة السبب " بأن تأمين المسؤولية المدنية، بيننا وبينهم، لا يغطي العامل، وقرروا دفع 1490 شيكل كمساهمة من شركة التأمين لعلاج العامل لكنهم رفضوا تحمل مسؤولياتهم".
ما هو التأمين؟
يُعرف المختصون التأمين، على أنه وسيلة لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها الإنسان أو ممتلكاته أو أمواله، وهو أفضل الوسائل التي تُمكن الانسان من التخفيف من آثار الكوارث والحوادث، بفعل الشخص نفسه، او بتقصير منه، أو بفعل الغير، وهو وسيلة الأمان التي تتفق وروح العصر الحديث حيث كثر فيه استخدام المعدات والالات وزادت فيه المخاطر.
والتأمين، عقد -بوليصة- بين شخص او شركة تعمل في مجال ما، وبين شركة التأمين التي تتكفل أو تلتزم بموجب الاتفاقية بدفع التعويضات حسب ما جاء في بنودها.
ويُعتبر "تأمين المسؤولية المدنية"، من اهم انواع التأمينات في الوقت الحاضر، وقد تدخل المُشرع وفرض بعض بنوده بنصوص قانونية آمرة، كما هو الحال بالنسبة للتأمين من المسؤولية الناشئة عن حوادث السير.
وفي هذا السياق يقول خبير التأمين عبده إدريس :" المسؤولية هي الالتزام بالتعويض المادي عن الأضرار التي تلحق بالغير نتيجة خطأ ما، وتقوم تلك المسؤولية عند وجود ضرر يصيب الآخرين نتيجة خطأ أو إهمال غير متعمد، ويترتب على المتسبب ضرورة جبر هذا الضرر، والمسؤولية تجاه الغير تشمل المسؤولية عن أعمال شخصية تتمثل في كل خطأ سبب ضرراً للغير ويلزم من ارتكبه بالتعويض، وتشمل أيضاً المسؤولية عن أعمال الغير".
فيما اوضح يوسف صبارنة مدير فرع شركة تأمين بالخليل:" بان عقد التأمين -البوليصة- يوقع بين طرفين الطرف الأول وهو المؤمن له أو الزبون، والطرف الثاني هو شركة التأمين، وهناك أيضاً طرف ثالث مستفيد من هذا التأمين وهو الزائر أو المراجع او من يتم تحديده ضمن الاتفاقية".
وأضاف صبارنة انه تم توحيد تأمين المسؤولية المدنية من قبل سوق هيئة رأس المال، صاحبة الاختصاص في هذا المجال، وقد اختلفت حدود التغطية المالية حسب الاتفاق ما بين الشركة وما بين الزبون، ولها سقف محدد حسب طبيعة عمل المؤمن له، وكلما زاد السقف المالي يزيد القسط، ويتم تغطية الاضرار حسب نصوص الاتفاق.
ويؤكد عبده إدريس، على أهمية ان يقوم كل مؤمن له، بمراجعة العقد واستشارة قانوني قبل التوقيع عليه. مشيراً الى ان الغالبية العظمى من المؤمنين لا يقومون بقراءة نصوص عقود اتفاقية التأمين، وهذا يوقعهم في مشاكل هم في غنى عنها. مشيرا الى انه لا يوجد وعي لدى المواطنين، بالنصوص القانونية التي تضعها شركات التأمين وفي الغالب هي موحدة لكن تختلف بعض البنود حسب طبيعة عمل المؤمن له. واوضح عبده" الكثيرون يعتقدون أن التأمين يقتصر على تأمين المركبات او التأمين الصحي، هناك انواع متعددة من التأمين وعلى الموطن أن يعي هذه الانواع واهميتها لأنها تدرأ عنه الاخطار وتحميه وهي تحافظ على المال".
وبالعودة الى إلياس طه، فقد أوضح أن شركته تعاقدت لمدة 10 سنوات مع شركة التأمين، وهذه اول مرة يتعرض لهذا الموقف، والذي اعتبره موقفاً غير مشرف، حيث ان الشركة لم تهتم به، بل ماطلت حتى انها تخلت عن مسؤوليتها، وتناست شركة التأمين هذه ان شركته موقعة معها أربع اتفاقيات تأمين من ضمنها المسؤولية الاجتماعية،بحسب تعبيره مضيفاً:" سأقوم بالغاء 4 اتفاقيات مع هذه الشركة واعقد اتفاقيات جديدة مع شركة تأمين أخرى".
أما عز سعيد الجعبري، فلا زال ينتظر قراراً نهائياً من شركة التأمين قبل توجهه للقضاء للمطالبة بتعويضه عما لحق به من اضرار، جراء فيضان مجاري بلدية الخليل على مخازنه وخسارته لنحو مليون شيكل.
وختم خبير التأمين عبده إدريس قائلا " لو كان هناك اطلاع على قانون وأنواع التأمين من قبل المواطنين، لأغلقت البلديات والمؤسسات والشركات أبوابها بسبب قضايا التأمينات المرفوعة ضدهم في المحاكم.. أو لقامت هذه البلديات باتقان عملها والحفاظ على سلامة الناس بالدرجة الأولى، ومن هنا يجب نشر ثقافة التأمين في أواسط الناس وعلى شركات التامين تحمل ذلك".