|
خيانة القسم
نشر بتاريخ: 14/04/2017 ( آخر تحديث: 14/04/2017 الساعة: 12:41 )
الكاتب: عيسى قراقع
اثار الاسرى الفلسطينيون في مطالبهم الانسانية والحياتية موضوع العلاج الطبي للاسرى المرضى، وذلك في الاضراب المفتوح عن الطعام والذي سيبدأ يوم 17/4/2017 متزامنا مع يوم الاسير الفلسطيني وبقيادة الاسير القائد مروان البرغوثي .
ان هذا المطلب العادل يفتح الملف الطبي للاسرى واسعا، بل يفتح صفحات المعاناة القاسية التي يعانيها الاسرى بسبب الجرائم الطبية المتعمدة بحقهم، واكثر من ذلك يثير بقوة اسئلة الضحايا من الاسرى سواء الشهداء الذين سقطوا بسبب الاستهتار بصحتهم ، او الاحياء منهم المصابين بأمراض خطيرة وصعبة. الطاقم الطبي الموجود في سجون ومراكز التوقيف والتحقيق الاسرائيلية، شاهدوا ورأوا آلام ومعانيات الاسرى واهمالهم طبيا وعدم تقديم العلاج لهم، وشاهدوا عمليات التعذيب القاسية بحق الاسرى ولم يمنعوا ذلك، بل مارسوا الصمت او شاركوا في تقديم تقارير لجهاز المخابرات عن جهوزية المعتقلين لممارسة التحقيق والتعذيب والضغط النفسي عليهم من اجل انتزاع اعترافات منهم. الاطباء مسؤولين عن صحته وسلامة الاسرى ، ان اخلاقيات الطب وقوانين السلوك الدولية تلزمهم بمنع عمليات التعذيب وفضحها والابلاغ عنها، وتلزمهم القيام بواجبهم المهني بتقديم العلاجات للمرضى والمصابين منهم. وحسب تقارير هيئة الاسرى ومؤسسات حقوق الانسان المدعومة بشهادات عديدة من الاسرى المرضى، فقد تبين ان اطباء مصلحة السجون كانوا شركاء فاعلين في الاهمال وإساءة المعاملة المنهجيين للاسرى، وجزء من اداة القمع بحق الاسرى وذلك من خلال التقصير وعدم القيام بواجباتهم الطبية والمهنية او من خلال صمتهم على الاهمال الطبي والتعذيب العنيف او من خلال مساهمتهم في هذا القمع والتستر عليه. ان ازدياد الحالات المرضية في سجون الاحتلال واكتشاف امراض مفاجئة ، وسقوط شهداء من المرضى بأعداد متزايدة خلال العشر سنوات الاخيرة يوضح ان حالة لامبالاة بحياة وصحة الاسرى المرضى وان الطواقم الطبية العاملة في مصلحة السجون والمعسكرات ومراكز التوقيف والتحقيق قد تحولوا الى جزء من النظام القمعي الاحتلالي. ولعلّ اخطر دور يقوم به الاطباء هو الموافقة على التعذيب والضغوطات النفسية التي تمارس على المعتقلين خلال استجوابهم بما فيهم الجرحى والمصابين ومشاركة الاطباء في المساومة على العلاج مقابل الاعتراف وتقديم استشارات وتقارير عن حالة المعتقلين تسمح بممارسة التعذيب بحقهم ، مما يدل على تواطؤ طبي في اساءة معاملة الاسرى واهمالهم وتركهم فريسة تحت رحمة المحققين والامراض المختلفة. لقد شاهد الاطباء وعرفوا عن عمليات الضرب والتنكيل والمعاملة القاسية بحق الاسرى خلال اعتقالهم واستجوابهم، وكذلك معرفتهم سياسة الحجز والعزل بحقهم وتعرضهم لضغوطات نفسية وحرمانهم من حقوقهم الانسانية. لقد وضعت نقابة الاباء العالمية الخطوط العامة للاطباء فيما يخص التعذيب وانواع العقوبة او المعاملة الاخرى السيئة وغير الانسانية للاسرى وعلاقتها بالاحتجاز والسجن، إضافة الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاعلان العالمي للحقوق المدنية والسياسية والذي صدر عن الامم المتحدة عام 1966 ، وكذلك الاحكام الصادرة في معاهدة جنيف الاربع لعام 1949. وقد اصدرت نقابة الاطباء العالمية وثيقة اكثر وضوحا عام 1955 حول دور الاطباء خلال النزاعات المسلحة جاء فيها (المهمة الاساسية لمهنة الطبيب هي حماية الصحة، وانقاذ الحياة ، ولهذا يعتبر الامر غير اخلاقي للاطباء وإن قاموا بتقديم النصيحة او القيام بإجراءات وقائية او تشخيصية او علاجية لا يمكن تبريرها بحق المريض ، او بأضعاف القوة البدنية او العقلية للانسان دون اي مبررات علاجية). وجاء اعلان طوكيو 1956 ليكون دليل الاطباء المتعلق بالتعذيب والمعاملة او العقوبة الوحشية او غير الانسانية او المذلة بما يتعلق بالمعتقلات والسجون ، اذ ذكر الاعلان انه (يجب على الطبيب عدم تشجيع او التغاضي عن المشاركة في اي تعذيب او اية اجراءات وحشية او غير انسانية او مذلة مهما كان الذنب الذي اقترفته الضحية) وبذلك فإن اعلان طوكيو قد ابطل الشراكة غير الشرعية بين الطب والتعذيب، وفي عام 1982 اعلنت الامم المتحدة مباديء متعلقة بالاخلاقيات الطبية ودور الطاقم الصحي وخاصة الاطباء في حماية السجناء والمعتقلين من التعذيب والمعاملة غير الانسانية ، وتبنت ذلك العديد من الجمعيات والنقابات الطبية العالمية. وبالاستناد الى ذلك فإننا نجد ان الاطباء العاملين في مصلحة السجون قد خالفوا كل تلك القواعد وتحولوا الى اطباء في زي جلادين او معذبين ومعالجين في آن واحد وخانوا قسم ابو قراط الطبي، ويظهر ذلك من خلال المؤشرات التالية: 1) سكوت الاطباء عن ارتكاب اخطاء طبية كما جرى مع الاسير سامي ابو دياك الذي اصيب بالتلوث خلال إجراء عملية ازالة ورم له في المعدة في مستشفى سوروكا الاسرائيل يوم3/9/2015 أدى الى دخوله في حالة غيبوبة، وكذلك ما جرى مع الاسير ثائر حلاحلة الذي اصيب بالتهاب الكبد الوبائي بعد علاج اسنانه يوم 16/4/2013 بأدوات طبية متسخة و ملوثة في عيادة سجن عسقلان ، وكذلك ما جرى مع الاسير عثمان ابو خرج الذي تم اعطاؤه ابرة بالخطأ في سجن شطة عام 2007 مما ادى الى معاناته من التهاب الكبد، وكذلك ما جرى مع الاسير محمد هشام عليان سكان الجلزون الذي فقد خصيته بسبب تأخر الاطباء في سجن نفحة بتحويله لإجراء عملية جراحية عاجلة بعد شعوره بآلام واوجاع شديدة، وحسب طبيب مستشفى سوروكا الذي اجرى العملية قال انه لو حول المريض قبل ساعة لما تم استئصال الخصية. 2) المماطلة الطويلة في تحويل المرضى للمستشفيات وتأجيل طويل في إجراء العمليات الجراحية. 3) عدم وجود فحوصات دورية وتشخيصات مبكرة للاسرى المرضى مما يؤدي الى تفاقم الامراض ووصولها الى حالة مزمنة. 4) غياب اطباء متخصصين في عيادات السجون مما يجعل تشخيص الامراض ناقصا او خاطئا. 5) عدم معرفة الاسرى طبيعة الادوية التي يتلقونها مما يضعهم في حالة من عدم اليقين. 6) عدم وجود عناية خاصة بالحالات المرضية النفسية والمصابة بأمراض عصبية. 7) عدم وجود عناية خاصة بالمعاقين والمشلولين من حيث مكان الاحتجاز ، الاكل، الحركة، الاجهزة الطبية المساعدة. 8) صمت الاطباء على السماح للمحققين بإجراء تحقيقات واستخدام اساليب تعذيب غير محتملة بحق اسرى مرضى او جرحى او مصابين. 9) صمت الاطباء امام عدم الاستجابة لطلبات الافراج المبكر عن اسرى مرضى من ذوي الامراض الصعبة او التعاطي مع الشكاوي العديدة حول عدم تقديم العلاج للعديد من الاسرى المرضى. 10) غياب مراقبة من قبل وزارة الصحة الاسرائيلية او نقابة الاطباء او المؤسسات الصحية الدولية لآليات العلاج والعناية بالاسرى المرضى في سجون الاحتلال. 11) صمت الاطباء على قوانين وتشريعات تعسفية تخالف اخلاقية المهنة الطبية كقانون التغذية القسرية بحق الاسرى المضربين عن الطعام. 12) عدم رفع تقارير وشكاوي الى الجهات ذات الاختصاص او الى النقابات الطبية عن حالات التقصير بالعلاج او استخدام التعذيب والمعاملة المهينة بحق المعتقلين. |