|
لنحقق أهداف الأسرى لكن بسرعة
نشر بتاريخ: 23/04/2017 ( آخر تحديث: 23/04/2017 الساعة: 10:12 )
الكاتب: تحسين يقين
ليس لنا إلا ذلك!
هي أيام عصيبة يعيشها أسرانا، وأهاليهم، وشعبنا؛ فلا يمكن الاستمتاع الفعلي والعادي بالطعام وهم عنه صائمون. أما السؤال الوطني والإنساني والأخلاقي والسياسي-النضالي فهو كيف يمكننا الارتقاء بأدائنا شعبا وقيادة بما ينسجم مع إضراب أسرانا؟ عوامل الإنقاذ تكون عقلانية مخطط لها بمهارة وحكمة، إذ ليس الهدف أن يطول إضراب أسرانا في سجون الاحتلال! ليس الهدف التجويع أبدا! الجوع وسيلة نضالية لتحقيق الحياة الكريمة، والإضراب هو أيضا وسيلة فاعلة لتحقيق أهداف المضربين أسرى كانوا أو غير أسرى، في الحرب والسلم وفي مؤسسات المجتمع، غايته نبيلة من أجل الكرامة الإنسانية، وفي حالة الأسرى، فإنه الأكثر نبلا والأكثر صعوبة. ولعل مفاتيح تحقيق أهداف الإضراب هنا، وليس بعيدا، إلا بقدر ما نحتاج فعلا من ضغط هذه العاصمة أو المؤسسة الأممية. في أيدينا ما نصنعه دائما؛ في أيدي الساسة والجمهور، ولعل الإعلام الملتزم والواعي يكون مساندا، إذ أنه ليس هو العامل الوحيد والرئيس، إلا إذا أريد له حرب أخرى على هامش حرب الأسرى، أو في متنها، فتكتمل المأساة حين يتم توظيفها في غير ما خلقت له. مطالب الأسرى الفلسطينيين عادلة، بل حقوق عالمية وإنسانية منصوص عليها، ومن الممكن من هذا المنطلق تطوير أدائنا النضالي سياسيا، وإسرائيل كدولة احتلال تدرك ذلك. فمن الممكن مخاطبة ومفاوضة الحكومة الإسرائيلية في ظل حضور أممي، كون أسرانا أسرى حرب، فليس هناك ما يمنع الإسرائيليين فعليا من الاستجابة لمطالب الأسرى المضربين عن الطعام، وهي مطالب موضوعية، وإن كانت هناك مطالب يرى الإسرائيليون أنها ليست كذلك، فإنهم لو تأملوا الواقع بتجرد سيجدون أن هناك مبررات قوية لدى أسرانا. اختيار الزمان هو حق للأسرى في أماكن اعتقالهم؛ فهذا قرارهم، والمثل يقول: "اللي بعد العصي مش زي اللي تحتها"، وفي ظل اختيارات الأسرى ليس لنا إلا المساندة لا شيئا آخر، وجزء مهم من المساندة هو تعجيل تحقيق جزء كبير من الأهداف، وأظن أنه يمكننا فعل ذلك، من خلال أدوات وأفعال إبداعية ومنها: - جعل العمل الميداني متمما للجهد السياسي، بما لا يخلق تأزيما للوضع، يزداد فيه عدد الأسرى. - الوحدة الوطنية في العمل السياسي والميداني، والتواصل اليومي مع الأسرى، واحترام قراراتهم. - جعل الاختراق في قضية الأسرى مفتاحا من مفاتيح استئناف العملية السياسية. بل إن ذلك يشكل فرصة للحكومة الإسرائيلية لفعل ذلك. - النظر لقضية الأسرى بشكل عام وجعل تحررهم مقدمة لتحرر شعبهم وهم الذين واللواتي يدفعون ضريبة في الحرية من أعمارهم في الأسر. - التفكير العميق في النظر لجزئية قضية الأسرى ضمن السياق السياسي والوطني، فضيتهم هي قضية شعب تحت الاحتلال، وهو شعب معتقل وإن كان سجنه ذا فضاء أوسع. - من خلال القنوات المفتوحة مع الإسرائيليين، ومن خلال الدول الراعية للمسيرة السياسية المتعثرة، يجب الضغط على حكومة الاحتلال بالاستجابة للأسرى، لأن ذلك أصلا هو أمر موضوعي تكفله المواثيق الدولية. إنها فرصة الحكومة الإسرائيلية لتقديم فعل "حسن النوايا"، خصوصا في ظل الحديث عن استئناف للعملية السياسية. - إيجاد لغة سياسية فلسطينية خاصة يتم الحديث من خلالها مع الإسرائيليين، تضطرهم تنفيذ استحقاقات هم يعرفونها جيدا. - تحميل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مسؤولية الأفعال الفلسطينية المناهضة للاحتلال، كونها استمرت في عنادها بشأن حقوق الشعب الفلسطيني في التحرر، والاستمرار بفرض سياسات لا إنسانية ولا أخلاقية تجاه شعب عريق. - تحفيز الإدارة الأمريكية بفعل شيء ما، كونها الراعية الكبرى لعملية السلام، فها هي ترسل ثلاث طائرات حربية من طراز F-35 الى اسرائيل لتنضم الى طائرتين من هذا النوع سبق لسلاح الجو الاسرائيلي ان استلمها مطلع هذا العام، فلم لا تطلب من إسرائيل الآمنة تقديم دلائل حسن نوايا، تعتمد عليه الدولة الراعية في استئناف العملية السياسية، فكما جمعت افتراضيا بين رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيليين من أجل خلق ظروف داعمة للعملية السياسية، فلعلها تواكب ذلك في الاستجابة لطموحات أسرى الحرية وأهايهم وشعبهم، إن ذلك سيقوي الشارع الفلسطيني باتجاه زيادة أمله في تحقيق السلام. ولا شك أن أسرانا وشعبنا قادرون جميعا على الإبداع النضالي، حيث سيشكل التعاون أحد فواعل العمل الوطني-الثوري، باتجاه حصر الاحتلال، ودفعه للتفكير الجديّ بالاقتناع بالحل العادل للقضية الفلسطينية، واحترام نضالات الأسرى. في ظل انفعالنا وتدفق مشاعرنا، من المهم أيضا بحث قضية الأسرى بشكل موضوعي، والتي سيقود بحثها إلى بحث مراحل تقدم العملية السياسية، والتي كان الأسرى على رأس أولويات قيادتنا، والتي –حتى نكون منصفين- ظلت كذلك، فما من أي عملية تفاوضية تم إجراؤها إلا وكان الأسرى على رأس الأولويات. هناك أمور حدثت، يتحمل مسؤوليتها، من أخّر بأفعاله ليس فقط من تحرير الأسرى من ذوي الأحكام العالية، بل ومن بسط السيادة الفلسطينية على مناطق "ب" و"ج". ولكننا اليوم، ونحن نؤمن بالوحدة الوطنية، وبالمصالحة، لا نريد فتح المواضيع بما يزيد الخلاف، بل بما يقربنا من بعضنا بعضا. وعليه، يمكننا النظر الآن إلى المصالحة وسيلة نضالية لاستكمال الاشتباك السياسي مع الاحتلال، بقطع التبريرات عليه، من أجل ليس فقط الإراج عن أسرانا بل والإفراج عن شعب معتقل ليقرر مصيره. دعنا فقط نتأمل محطات الطريق؛ ففي ظل انشغالنا بلبنة موضوع الساعة، لنتأمل البنيان المكون من لبنات أخرى، بالأبواب والنوافذ! ولكن قبل ذلك "انقذني ودع الملامة ثانيا"! هل هناك ما نختلف عليه من فعل وطني؟ أليست قضية الأسرى عاملا مجمعا لنا؟ فلماذا إذن تخرج علينا بعض الأصوات لتصطاد في الماء العكر، ولتشتت جهود من يدفعون ثمن الحرية مضاعفا!؟ والمحزن الذي يثير الغضب والسخرية بل والرثاء هو أنه ما إن ندخل بأي اشتباك حتى نقتتل فيما بيننا! أخيرا، الأسرى أدرى منا بفعلهم النضالي، وعلينا احترام قرارتهم بل والدفاع عنها، وهذا هو الحد الأدنى لفعلنا، أما الحد الأعلى للفعل فإن له حكماء شجعانا، بشعبنا وبهم سنعبر نحو التحرر الوطني. |