|
وثيقة حماس فصل وتفصيل جديد
نشر بتاريخ: 05/05/2017 ( آخر تحديث: 05/05/2017 الساعة: 19:56 )
الكاتب: محمد اللحام
قدمت حركة حماس نفسها بحلة جديدة عبر ما اسمته بـ" وثيقة حماس الجديدة " والتي كانت محط اهتمام ومتابعة وتحليل لما كان بها من تغيرات اصابة المضامين والجوهر للحركة التي وضعت ميثاقها الاول في نهاية عام 1988.. بعد حوالي 29 عاما تغير الطرح بتراجع واضح عن سقف ما كان. فقط سوف احاول تسليط الضوء بشكل علمي ومهني على ابرز ما جاء في الوثيقة الجديدة مناقضا للوثيقة القديمة وبعض الملاحظات في هذا المقال. اولا : لا شك ان النقطة المفصلية كانت في "حماس تعتبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو1967" أي حل الدولتين رغم الانشاء الضبابي الملحق بعبارات مثل "تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها حتى بحرها" كمن يقول سوف اشرب الخمر دون تعاطي الكحول، بينما في الوثيقة القديمة "فلسطين أرض وقف إسلامي لا يمكن التنازل عن شبر منها". ثانيا : التغير الثاني الجوهري كان انحلال وانفكاك حماس من حركة الاخوان المسلمين التي التزمت بمرجعيتها في الميثاق القديم وكذلك في المهرجانات والخطابات. ففي الوثيقة الجديدة لا ذكر لهذه المرجعية وهذا كان شرطا واضحا للمخابرات المصرية للتعاطي مع حماس.. من الواضح انها خضعت له وتخلت عن اخوان مصر لدرجة اختفت معها اشارة رابعة المعتادة. ثالثا : التغير الثالث الواضح هو اختفاء الخطاب الديني الذي ميز الوثيقة القديمة ليتم استبدال عبارات مثل "الجهاد بالمقاومة والمرأة المسلمة بالمرأة الفلسطينية والمجتمع المسلم بالمجتمع الفلسطيني واليهود وأحفاد القردة والخنازير بالعدو الصهيوني والصليبيين بالغرب والأمة بالشعب والحقوق الدينية بالحقوق الوطنية". بينما حرص الميثاق القديم على ختام كل بند وفرع بآية قرآنية لم تظهر أي آية قرآنية بالنص الجديد. التغير الرابع: تمثل باستخدام عبارات غير معهودة بتاتا مثل "العداء للسامية" حيث وقعت حماس في فخ غير موفق مطلقا وتناغمت مع بدعة وفبركة تاريخية اسمها العداء للسامية. كما تجاهلت الوثيقة المصالح والمرجعيات الغربية في نشوء وتطور وحماية المشروع الصهيوني ودولة الكيان. كما عرفت الوثيقة الفلسطينيين بأنهم "المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون في فلسطين حتى سنة 1947" بينما كان الميثاق الوطني انضج عندما اعطى المواطنة لكل من كان على الارض الفلسطينية ما قبل بداية الغزو الصهيوني لفلسطين بما فيهم حتى اليهود قبل الاستيطان والغزو. خامسا: وعلى صعيد اهداف وشعارات الحركة التي قالت في الميثاق القديم "تتكون البنية الأساسية لحركة المقاومة الإسلامية من مسلمين أعطوا ولاءهم لله، فعبدوه حق عبادته بهدف منازلة الباطل وقهره وان ارض فلسطين هي وقف اسلامي للمسلمين حتى يوم القيامة " أي ان عضوية حماس محصورة في المسلمين ولا يحق للمسيحي أو اتباع أي ديانة الدخول لصفوفها.. بينما في الجديدة "شعب فلسطين بكل مكوناته الدينية والثقافية والسياسية" أي انه تم فصل الدين عن السياسة ببعد وطني خارج اطار العقيدة التي كانت تقول جنسية المسلم عقيدته. وتم استبدال هدف حركة حماس الاول " إعلاء كلمة الله وقيام دولة الاسلام، بجملة تحرير فلسطين" إضافة إلى استعمال مصطلحات تصفها حماس بـ"العلمانية" لأول مرة مثل "الديمقراطية والتعددية والشراكة والأهداف الوطنية". سادسا: اذا كانت حماس انفصلت عن جذورها وأهدافها الاولى في بعض النصوص بالوثيقة الجديدة، فانها حاولت ان تفصل منظمة التحرير على مقاصها في الوثيقة الجديدة في سبيل الاحلال في قيادة المشروع الوطني عبر قيادة منظمة التحرير، فقد عبرت الوثيقة عن الرغبة للدخول في المنظمة مشترطة " ضرورة تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني بما يحافظ على الحقوق الفلسطينية" بينما اختفت عبارات كانت في الميثاق القديم اشترطت اسلامية المنظمة "ويوم تتبنى منظمة التحرير الفلسطينية الإسلام كمنهج حياة فنحن جنودها ووقود نارها التي تحرق الأعداء". سابعا : الحلول السياسية كانت مرفوضة بشدة في الوثيقة القديمة " لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية، فمضيعة للوقت، وعبث من العبث". بينما ابدت الوثيقة الجديدة الجاهزية للحلول السياسية وعبر عن ذلك خالد مشعل لقناة "CNN" عندما قال في محضر شرحه للوثيقة " ان ادارة ترامب ذكية وعليها التقاط المتغيرات لدى حماس بعيدا عن المقاربات السابقة" أي ان حماس جاهزة تماما للتقرب للأمريكان وحلولهم السياسية. ثامنا : لا يمكن تجاهل توقيت طرح الوثيقة في ظل استشعار حماس بتراجع شعبيتها " نتائج انتخابات الجامعات الفلسطينية، قيادة فتح لأوسع اضراب في سجون الاحتلال منذ اكثر من 20 عاما، زيارة الرئيس والاختراق النسبي للموقف الامريكي، فشل حماس في ادارة قطاع غزة والانفجارات المجتمعية هناك، رغبة مرجعيات حماس المتمثلة بقطر وتركيا في التقرب وإرضاء الادارة الامريكية الجديدة على حساب التشدد في الملف السوري". تاسعا : كان بإمكان حماس ان تعدل وتغير من استراتيجيتها ومضامينها مقابل اثمان ومكاسب وطنية عبر الشراكة مع الطيف الوطني خاصة ان هذا التغير كان مشروطا اسرائيليا وغربيا وكان من الحكمة استثماره دون تقديمه مجانا. عاشرا: من ابرز ملاحظاتي على الوثيقة انها لم تتعرض لنقد ولو بسيط من أي عنصر او كادر او قائد حمساوي رغم التغير الهائل في الاهداف والاستراتيجيات التي شكلت نقطة تغير عميقة بين ما كان وما صار، بل تابعنا تهليل وترحيب وتبرير وتضليل كأن شيئاً لم يحدث . في حين شكل موقف قيادة حركة فتح بتغير بعض استراتيجياتها وأهدافها الى حدوث زلازل داخل الحركة تبعها انشقاقات كبيرة. لغة القطيع امر خطير جدا وان تختفي المعارضة النقدية داخل أي اطار مشكلة كبيرة بالرغم من انها ظاهرة صحية تحمي وتحصن الاطار من التشذي والانكسار.. بينما التنظيمات والأطر الديكتاتورية الحديدية المنغلقة تكون عرضة للاندثار والاختفاء في حالة بروز أي خلاف او اختلاف بعد سنوات من الطاعة والتبعية والأمثلة على ذلك عديدة حين لم يكن هنالك طاعة وحديدية اكثر من الحزب الشيوعي السوفيتي الذي حكم نصف العالم 70 عاما وأصبح اثر بعد عين . |