|
ما يشبه الرسالة لمستر برزدنت دونالد ترامب
نشر بتاريخ: 07/05/2017 ( آخر تحديث: 07/05/2017 الساعة: 10:34 )
الكاتب: تحسين يقين
فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب المحترم
البيت الأبيض- واشنطن دي سي صباح الخير من فلسطين مساء الخير في العاصمة واشنطن أسعد الله أوقاتكم أنتم وأسرتكم وشعبكم الصديق الطيب والكريم أجواء العاصمة ربيعية هذه الأيام فلعلك تهنأ وأسرتك وشعبك بهذا الاخضرار حولك، ولعلك تنجح في إدارة بلدك الجميل نحو المزيد من الازدهار. نشكرك على حسن استقبال رئيسنا د. محمود عباس، فقد كان لكرم الضيافة أثر طيب علينا، نحن أبناء وبنات الشعب الفلسطيني. سيدي الرئيس: قد لا آت بجديد، ولن أكون أكثر بلاغة من شاعرنا الكبير محمود درويش في التعبير عن مأساة شعبنا منذ أكثر من قرن مضى، وليس فقط منذ آخر احتلال لما تبقى من فلسطين عام 1967، أقول ذلك سيدي حتى أكون صريحا كمواطن لا دبلوماسيا كسياسي. باختصار نحن تعبنا من الاحتلال الإسرائيلي، وتألمنا، وفتحنا منذ سنوات طويلة صفحة جديدة، ونحن نتوق للحياة الكريمة في ظل السلام، في دولة مستقلة كباقي الدول، أو دولة واحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، فنحن كشعب وبشر ومواطنين مدنيين لنا الحق بذلك، بعيدا عن التحالفات والعلاقات الدولية، نحن شعب يريد العيش العادي والطبيعي، لا الاعتداء على أحد، فنحن بحاجة لكل وقت لنبني فيه حياتنا الشخصية والجماعية والوطنية. ونود فعلا العيش المشترك مع الشعب الإسرائيلي دون أن يكون هذا العيش على حسابنا. سيدي الرئيس: لعلك تسأل الحكومة الإسرائيلية لم ترفض مجرد الحديث عن حل الدولة الواحدة الذي هو الحل الأمثل؟ كلنا أحببنا بلادك وتمنينا السفر إليها بما تضم البشر من كل والأديان والألوان، فلسطينيون وإسرائيليون أيضا يحبون السفر والهجرة للولايات المتحدة، ألا يمكن أن نصنع هنا أيضا دولة تضم الجميع وتحترم كرامتهم؟ سيدي الرئيس إذا كان كل ما رشح عن القمة هو استعداد الولايات المتحدة للعب دور الوسيط بين فلسطين وإسرائيل، قلي بربك مع من نتحدث في دولة إسرائيل؟ لتقل لي بعد أن استقبلت رئيس الوزراء الإسرائيلي السيد نتنياهو هل وجدته فعلا مستعدا للاعتراف بنا كشعب وبشر؟ أو ليقل لي أي سياسي مخضرم محايد وموضوعي إسرائيلي مع من نتحدث في إسرائيل اليوم أو غدا! نتيجة القمة، الاستمرار فيما هو جار الآن، أي إطالة عمر ما يسمى بإدارة الصراع-النزاع لا يهم! ، كأن يكون وعد إسرائيلي بجدية الحل السياسي، الذي يجب أن يعني إنهاء الاحتلال. صورة رئيسنا معك تنبئ عن المضمون، كأنه يقول لفخامتك: ماذا نستطيع أن نعمل أكثر؟ ماذا علينا أن نقدم أكثر مما قدمنا؟ إسرائيل تبطش وتستهين بابسط القوانين الإنسانية، تطرد صحفيا هولنديا لانه انتقد حكومتها المقدسة، و"توبّخ" سفير السويد لموقف بلاده المتفق أصلا مع الشرعية الدولية،، تقتل دون مبرر وأسال سيديّ أي عسكريّ يجيبك، تخرّب، وتتعسف في الاعتقال، وتستكثر على أهالي الأسرى ما تساعدهم به السلطة الوطنية لدعم قوت يومهم في ظل حاجتهم. سيدي الرئيس: كل ما يتم تقديمه لا يكفي أدنى متطلبات العيش، ولعلنا نجد من يعلمك كم يتلقى أهل الأسرى من رواتب، وكم هو الحد الأدنى للفقر في دولة إسرائيل. فقط هذا ما نتمنى أن يذكره أحد مهما كانت جنسيته. لمن تترك أسرة الأسير؟ لمن يترك أمرها مهما كانت دوافع الأسرى؟ وهل من الحكمة والعقلانية أن نزيد آلام تلك الأسر؟ وهل نحن بذلك سنساهم في زيادة إقبال الشعب الفلسطيني على العملية السياسية؟ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بالكرامة ايضا! حين تصلي سيدي تردد صلاة السيد المسيح: "أبانا الذي في السماوات. ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك. كما في السماء كذلك على الأرض. أعطنا خبزنا كفاف يومنا. وأغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، كما نحن نغفر لمن أخطأ وأساء إلينا. ولا تدخلنا في التجارب. لكن نجنا من الشرير. لأن لك الملك والقوة والمجد إلى أبد الآبدين. آمين." في صلاتك لعلك تذكر خبز الآخرين المقهورين والمعذبين، الذين تم احتلال وطنهم بالقوة، والذين جزء كبير منتهم صاروا لاجئين وما زالوا! لعلك تتذكر سيدي التسامح الإنساني تجاه الأسرى، الذين يواصون إضرابا عن الطعام لتحقيق أهداف إنسانية نصّ عليها القانون الدولي. اسأل الحكومة الإسرائيلية لماذا يختار المضربون عن الطعام هذه الوسيلة الصعبة في نضالهم الحقوقي؟ بعد بضعة أسابيع ستحلّ ضيفا عزيزت علينا، ولتتوقع أن يكون أطفال الأسرى بين مستقبليك حين تزور فلسطين. إنهم أطفال كأبنائك حينما كانوا أطفالا، وهم كأحفادك. لقد تمنى شاعرنا توفيق زياد ابن مدينة الناصرة بلد السيد المسيح عليه السلام، أن يعطي نصف عمره لمن يجعل طفلا باكيا يضحك. لقد دمعت عينا الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حينما استقبلته طفلة أسير، فكان لتلك الدمعة أثر ما زلنا حتى الآن نتذكرها. الإنسانية يا سيدي لا تجزئة فيها، وليست الحقوق مقتصرة على قوم، فالكرامة ببساطة هي للجميع. سيدي الرئيس هؤلاء أطفالنا وشبابنا الأسرى لم يشهدوا على الأرض عيشا كريما، فراحوا يجتهدون في البحث عنه، وهم إنما فعلوا كما تفعل الشعوب تحت الاحتلال. وصدقني سيدي الرئيس أنهم انطلقوا من أنفسهم، ولم يدفعهم أحد، فقد رأوا بطش الاحتلال، فانفعلوا ومضوا يمارسون الحد الأدنى من المقاومة الشعبية المشروعة، فهل ذكر لك أحد كيف يعتقل الجيش أطفالا يلقون الحجارة على جدار الفصل والضم المشيد على أراضيهم والمحصن أصلا ضد القذائف! سيدي الرئيس لعلك تتساءل لماذا تعتقل إسرائيل فتية في عمر الزهور لم يروا من الحياة شيئا؟ الأسرى سيدي هم ضحية السياسات الإسرائيلية التي ترسخ الاحتلال والاستيطان ولا تريد دفع استحقاقات عملية السلام، أليس الأسرى نتيجة الاحتلال الطويل! سيدي الرئيس: قبل أن تسأل عن القذى في عيوننا انظر بالأحرى للخشب في أعين من يمارسون التنكيل والقمع لكل من يفكر بالكرامة! أما التحريض سيدي الرئيس، فقد تم تأسيس لجنة منع التحريض بعد توقيع مذكرة واي ريفر عام 1999 وكانت اللجنة ثلاثية، تضمنا نحن والإسرائيليين وأنتم، أي برعايتكم، وتستطيع الاستفسار عن عملها، لقد كان الاتجاه وقتها وقف التحريض لدى الطرفين، فلماذا يتم التركيز على الفلسطينيين، ماذا عن الإسرائليين أيضا؟ إن هذه الأمور تتم بالتوازي والتعاون والاحترام لا بالتحريض علينا. وأدعوك سيدي إلى الاطلاع على كتاب "فلسطين في الكتب المدرسية في إسرائيل- الأيديولوجيا والدعاية في التربية والتعليم" للباحثة والأستاذة الجامعية الإسرائيلية د. نوريت بيلد- إلحنـان، الذي نشرته قبل 6 سنوات، لتعلم أن هناك أصوات موضوعية لا تخاف ذكر الحقائق. وأنقل لفخامتك استعداد وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم لتشكيل فرق دولية لدراسة النظام التعليمي الفلسطيني شرط قبول إسرائيل بالأمر ذاته. لقد رفضت إسرائيل العرض لأنها ببساطى ترى نفسها فوق القانون، وأنه يجوز لها التحريض استثناء عجيبا. سيدي الرئيس: بالرغم من عدم الرغبة في دخول التجارب " ولا تدخلنا في التجارب. لكن نجنا من الشرير"، اسمح لي فخامتك فقط أمرا واحدا وهو: أنه لو كنت مكاننا هنا ماذا كنت سوف تعمل؟ لو كنت فتى فلسطينيا ماذا كنت صانعا؟ مع كل هذا العناد الإسرائيلي الذي يسوق قضيتنا كأنها قضية حياة يومية، وتسهيلات اقتصادية، بدلا أن يتعامل معها سياسيا، قلي مع من نتحدث في دولة إسرائيل؟ سيدي الكريم لعل العبارة "السلام يبدأ من فلسطين والحرب أيضا" صحيحة، وهي تستوجب دفع استحقاقات السلام، ومنها احترام كرامة شعبنا، وإن "الحجر الذي ما زال يهمله البناؤون طويلا سيظل حجر الأساس". طوبى لمن يصنع السلام، طوبى لك وأنت تمضي لصنعه من أجل مستقبل الشعبين هنا. وتقبل فخامتكم سلامنا واحترامنا لكم ولحكومتكم وشعبكم الرائع الكريم |