وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حماس تحاكم انقلابها على الشعب الفلسطيني امام محكمة ثورية

نشر بتاريخ: 18/05/2017 ( آخر تحديث: 18/05/2017 الساعة: 09:55 )
حماس تحاكم انقلابها على الشعب الفلسطيني امام محكمة ثورية
الكاتب: احمد عيسى
بدأت المحكمة الدائمة في هيئة القضاء العسكري في غزة يوم الاثنين الموافق 15/5/2017، اول جلسات محاكمة المتهم اشرف ابو ليلة، قاتل الاسير المحرر والشهيد القسامي مازن الفقها، الذي كان قد اغتيل في 24 مارس الماضي، وفق ما تحدث به المدعي العسكري العام لحركة حماس في غزة فضل الجديلي.
وكان المتهم قد اعتقل من قبل قوى الامن التابعة لحركة حماس في قطاع غزة في منتصف شهر نيسان الماضي، وكان قد جند لكتائب القسام منذ فترة طويلة أي ما قبل العام 2004، وفق حديث جيرانه ومعارفه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، و قد جرى فرزه على ملاك القوة التنفيذية التي شكلتها حركة حماس كقوة عسكرية للحكومة الفلسطينية العاشرة التي ترأسها السيد اسماعيل هنية في العام 2007، كما كان قد فصل من القوة التنفيذية في نفس العام بعد تنفيذه مجزرة دموية بحق ستة من افراد جهاز الامن الوقائي الفلسطيني وفق حديث مصدر امني مطلع من حركة حماس لكاتب ومحلل سياسي معروف يقيم في قطاع غزة.
وفيما يعتبر حديث المصدر الامني المطلع المشار اليه اعلاه، اقرارا رسميا واعترافا يرتقي لدرجة القرينة غير القابلة للدحض ببعض من جرائم القتل التي نفذها المتهم ، إلا انه أي المتهم، قد تحدث طواعية اكثر من مرة لعدد من معارفه، ان الذين قتلهم من اجهزة الامن الفلسطينية في العام 2007، يفوق هذا العدد بكثير.
وعلى الرغم من حرص حركة حماس المناقض لقواعد الشرع والقانون والاخلاق، على ان تنظر المحكمة المشار اليها اعلاه بجريمة قتل المتهم للشهيد مازن الفقها بأمر مباشر من ضابط الامن الاسرائيلي (ابو العبد) فقط، وفق نص بيان قوى الامن المكتوب، الذي تلاه السيد توفيق ابو نعيم امام الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد صباح يوم الثلاثاء الموافق 16/5/2017 في احد فنادق غزة، معتبرة ذلك دلالة على الاقتصاص من القاتل وتحقيقا للعدالة، الا ان الدلالة الابرز لهذه المحكمة تكمن في اعتبارها محكمة ثورية لجريمة انقلاب حماس على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وقيادته السياسية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده.
المفارقة المهمة هنا ان اجراءات التحقيق مع المتهم، وانعقاد المحكمة قد تمت وفقا لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام 1979، كما ان جريمتي القتل والخيانة قد جرى تكييفهما وفقا لأحكام قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام 1979.
ولما كانت جريمة القتل من جرائم الحق العام، وفقا لنص المادة رقم (4/أ)، من قانون اصول المحاكمات الجزائية الثوري فالنيابة العامة تختص دون غيرها بإقامة دعوى الحق العام، اذ كان نص الفقرة المشار اليها اعلاه "تختص النيابة العامة بإقامة دعوى الحق العام ومباشرتها ولا تقام من غيرها الا في الاحوال المبينة في القانون"، ونصت الفقرة (ج) من نفس المادة على "تمتنع النيابة العامة عن تركها او وقفها او تعطيل سيرها إلا في الاحوال المبينة في القانون".
ويظهر من صياغة النصوص اعلاه انها نصوصا آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، فضلا عن انها ملزمة للنيابة العامة، اذ منع النص النيابة العامة، من وقف او تعطيل سير القضية او تركها، الا في الاحول المبينة في القانون.
وتفيد مراجعة نصوص القانون المشار اليه خلو مواده من أي نص يجيز للنيابة العامة، وقف او تعطيل اوترك قضايا الحق العام مكتملة الاركان كما هو واضح في مجمل الجرائم المنسوبة للمتهم اشرف ابو ليلة.
وتأسيسا على ما تقدم تعتبر النيابة العامة في غزة معطلة لسير العدالة إذا ما حركت دعاوي الحق العام ضد المتهم في المحكمة المقامة ضده الان في الجرائم المنسوبة اليه، وعلى ضوء ذلك يجوز لأي فلسطيني ان يقيم دعوى على النائب العسكري العام امام المحكمة المختصة سواء في قطاع غزة، ام في أي مكان آخر في الوطن او خارجه بتهمة تعطيل سير العدالة.
كما ويبدو من الوقائع اعلاه ان المتهم اشرف ابو ليلة، قد نفذ جرائم القتل المنسوبة اليه في العام 2007، فيما كان قد جند من قبل اجهزة الامن الاسرائيلية في العام 2004، الامر الذي يفسر دمويته وارتكابه لهذا الكم من جرائم القتل العلنية التي نفذها بحق ضباط ومنتسبي الاجهزة الامنية الفلسطينية في العام 2007.
ولما كان المتهم اشرف ابو ليلة هو احد ابرز ابطال (قتلة)، انقلاب العام 2007، فمحاكمته بتهمة الخيانة والقتل المقترن بالخيانة، هي محاكمة لدوره في الانقلاب ثنائي التوجيه تارة من قيادته في حماس وتارة اخرى من مشغله الاسرائيلي (ابو العبد)، مهما حاول فقهاء وصانعي الخطاب في حماس حصر المحاكمة في قضيتي الخيانة الوطنية وقتل الشهيد الفقها.
وفي ذات السياق تعتبر هذه المحاكمة هي مجرد البداية في تآكل وسقوط رواية حماس الاعلامية التي رافقت الانقلاب، اذ قدمه السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس بتاريخ 28/7/2007، على انه "عمل اضطراري اقدمت عليه حركة حماس للدفاع عن شرعيتها، دون الاستقواء بالأمريكان او الاسرائيليين كما فعلت دوائر داخل السلطة وداخل حركة فتح".
وقال فيه الدكتور محمود الزهار بتاريخ 25/10/2007، "ان الحسم العسكري في غزة كان دفاعا عن النفس وتأكيدا على وحدة قرار الحركة".
وبتاريخ 15/7/2016، قال السيد صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس "ان حماس اضطرت الى الحسم العسكري دفاعا عن الدم الفلسطيني، ولوقف الفلتان الامني وحماية التجربة الديمقراطية".
وفي الختام ادرك ان حالة المتهم اشرف لن تدفع قيادة حركة حماس بعامة، ولا فقهائها والذين يفتون فيها بخاصة، الى اعادة النظر في اسس التربية الداخلية في الحركة، فضلا عن اعادة النظر في الاسس الناظمة لعلاقات الحركة بالآخر الفلسطيني، و في هذا السياق اتوجه بالأسئلة التالية لكل من قيادة الحركة المذكورين أعلاه من وفق الترتيب الذي وردوا فيه:
ما مدى مساهمة اشرف في الدفاع عن الحركة؟ والى أي مدى استقوى بالآخرين؟
ما مدى مساهمة اشرف في توحيد قرار الحركة؟
ما مدى مساهمة اشرف في الدفاع عن الدم الفلسطيني، ووقف الفلتان الأمني، وحماية التجربة الديمقراطية؟