|
الــــــــّوَهــــمُ هـــــــــــــو الصَـــــــــــــفَقَــة
نشر بتاريخ: 25/05/2017 ( آخر تحديث: 25/05/2017 الساعة: 11:43 )
الكاتب: فراس ياغي
عَظَمةْ أبي ذر الغفاري كانت في رميه لعَظْمَه جَمَلْ أكل لحمها الأغنياء وتعثر فيها الفقراء، تعبيراً عن موقفه المبدأي في الدفاع عن الفقراء وعن فهمه لطبيعة الدعوة المُحمديه التي ناصرت الضعيف ووقفت إلى جانب الإنسانية والإنسان، والي الشام آنذاك إبن هند بنت عتبه توجس منه فأرسله للخليفه الذي نفاه ومات حيث نفيه، قرار نفي أبي ذر لم يكن جهل بقدر ما كان تأكيد على طبيعة الحكم، حكم الأقليه الأرستقراطيه التي سيطرت على دولة الرسول عليه السلام آنذاك للشعب الفقير الذي إنتفض مطالباً الخليفه بالإستقاله والتنحي، فكانت الفتنه الأولى التي لا زالت تلاحقنا حتى أيامنا هذه، فتنه السلطه والحكم وعدم قدرة العرب على إبتكار نظام حكم حقيقي يُعبر عن رأي الشعب ويكون لصالح الشعب، فتم أبشع إستغلال لدين محمد صلى الله عليه وسلم وكان مفهوم الخلافه كملكٍ عضوض من زمن معاويه وحتى أيامنا هذه وبصيغ مختلفه...البعض تمسك بالإسم "الخلافه" كمفهوم إسلامي رمزي وإعتبر أن الأمويين والعباسيين والعثمانيين وما بينهما كانوا خلافه إسلاميه، رغم أن جوهر النظام السياسي لتلك الحُقًبْ لا يُعبر مطلقا عن مفهوم نبينا الأعظم صلوات الله عليه وسلم لشكل وجوهر الدوله، دولة الإنسان ودولة العَدل ودولة السلوك والقيم التي بدأها وكان هو قُدوَتها الحسنه.
اليوم نحن نفتقد لكل شيء، نفتقد للقدوة الحسنه كما نفتقد للأرستقراطيه الوطنيه التي زورّت أحاديث النبي عليه السلام للبقاء في السلطه وعملت على توسيع سلطانها وثرواتها وشكلت إمبراطوريه كبرى إمتدت لمئات السنين وحكمت العالم...اليوم أصبح بعض حكام العرب الأغنياء يفتخرون بالعطايا والصفقات التي تُرهق كاهل شعوبهم وفقط من أجل وهم الحمايه، ووهم الشراكه، ووهم الدفاع عنهم من عدوٍ مُفترَض جارٍ لنا منذ بدء الخَليقه وسيبقى كذلك حتى تحين الساعه...الحاضر العربي والإسلامي جهلٌ مَقصود في واقع وهم الحقيقه والعجز الشامل وهو إمتداد للجهل التاريخي الذي أصبح حقيقه إسلاميه يتغنى فيها خطباء المساجد والدعاة (إقرأها أدعياء) في حديثهم عن جزاري بني أميه والعباسيين وما بعدهم. أما فلسطينيا...فنحن اليوم نعيش أوهام لا مثيل لها في تاريخ ثورتنا المعاصره، وتقوم القيادة الفلسطينيه بنقل الشعب الفلسطيني من ذاك الوهم إلى هذا الوهم، فالوهم أصبح لدى قياداتنا هو الحقيقه والسبب ليس جهلاً!!! لكنه قدراً، وأيُّ قَدَر!!! إنه القَدَر المُرتبط بالبيت الأبيض...قدرنا وقضيتنا ومصيرنا إرتبط هناك كمركز لصناعة الوهم وتصديره، وقيادتنا ليس لديها حيله سوى أن تقبل صاغره تلك الصناعه وذاك الوهم...اليوم جاء سيد البيت الأبيض مزهواً بحصوله على صفقة القرن من مملكة آل سعود الذين أعطوه ما يريد لمعرفتهم أن هذا السيد يعشق المال ويعيش على الصفقات، ولكن في نفس الوقت ستكون صفقه بإتجاه واحد فلن تحارب أمريكيا بأبنائها لحماية أي ملك أو حاكم، بل هي تحارب لأجل بقاء قاعدتها في منطقتنا آمنه وحين تتهدد مصالحها...جاء ترمب إلى قاعدة أمريكا الأساسيه "إسرائيل" وأكد بشكل قاطع ليس على حمايتها فقط بل وعلى العمل لمنع أي نوع من الإساءه إليها، فهي درة التاج وهي الحامي الأمين لمصالح امريكا والغرب. بعدَ ذلك، ماذا سنأخذ فلسطينياً؟...أخذنا تصريح عن حق تقرير المصير(لم يحدد حتى هذا المفهوم) دون التطرق لمفهوم الدولتين أو الدولة الفلسطينيه، وأخذنا أنه يُعد لخطة سلام يَعتقد المحللين أنها سوف تتعاطى مع قضايا الوضع النهائي بشكل منفرد والعمل على تحقيق صفقات منفصله في كل قضيه، وعليه، سيكون لدينا عدة صفقات، صفقة حول الإستيطان، صفقة تتعلق بالقدس، صفقة تتعلق باللاحئين (أعتقد أنها ستتأجل إلى أجل غير مسمى)، صفقة تتعلق بالحدود وتبادل الأراضي، صفقة تتعلق بالإقتصاد والمياه...إلخ، صفقات لن تنتهي لأنها لن تحدث بإعتبارها أوهام تبيعها إدارة ترامب وفقا لرؤيتها المرتبطه بمفهوم التفاوض لتحقيق الصفقه، لذلك سيكون لدينا عدة جداول زمنية لأن كل صفقه منفرده سيكون لها جدول زمني خاص بها. أيها الشعب...صدق الصحفي الإسرائيلي القائل بان "زيارة ترامب أعادت القضية الفلسطينيه مئة سنه للوراء"، وصدق ترامب لأنه أكد على أولويته في المنطقه وهي إسرائيل والمال وتصدير الأوهام والفتن للمنطقه، وصدق الحكام العرب والقيادة الفلسطينيه لأنها تماهت وصدّقت وقبلت أن تعيش المُصَدّر إليها من أوهام...في حين الشعب العربي والشعب الفلسطيني كان هو الكاذب الكبير لأنه لم يصدق ولم يقبل بتلك الأوهام، فكان تركيزه على زوجة ترامب ميلانيا وعلى إبنته إيفانكا ولم يلتفت للكذب السياسي والنفاق الهائل الذي عايشه منذ مشروع روجرز عام 1970 وحتى يومنا هذا...فنحن، كما قال الشاعر العراقي الكبير المرحوم مظفر النواب مخاطباً الأمام علي كرّم الله وجهه "لا زلنا نتوضأ بالذل...ونمسح بالخرقة حَدّ السيف"، وقيادتنا لا زالت وستبقى تتنفسُ بلا نهايه أوهام ومبادرات وصفقات أمريكا التاريخيه. |