وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عندما تقول المملكة السعودية كلمتها.. يلتزم العرب

نشر بتاريخ: 07/06/2017 ( آخر تحديث: 07/06/2017 الساعة: 16:38 )
عندما تقول المملكة السعودية كلمتها.. يلتزم العرب
الكاتب: بهاء رحال
لم نشهد موقفاً عربياً حازماً كهذا الموقف الحاصل مع قطر منذ سنوات طويلة، فمنذ حرب الخليج لم يلتزم العرب بموقف موحد تجاه أي من الدول سوى ما حدث ابان حرب الخليج مع الفارق هنا في التشبيه بين العراق الكبير العظيم آنذاك، وبين قطر التي سقطت في شبهة اللعب بأدوار هزيلة، هددت الأمن والاستقرار للكثير من الدول العربية، وهنا نرى حجم الدعم الرسمي والشعبي في مختلف البلدان العربية التي تضررت مصالحها كثيراً بفعل التدخلات المباشرة أو غير المباشرة من دولة قطر التي تعد حاضنة للكثير من أحزاب المعارضة الهاربة والفارة من بلدانها، كما وتعد منطلقا لنشر الفوضى في دول المنطقة.
التوتر الحاصل في الخليج انعكس على المنطقة برمتها، فلم تعد المسألة خاصة بدول الخليج العربي فقط، بل امتدت لتشمل دول أخرى أهمها مصر التي اتخذت موقفاً حاسماً منذ اليوم الأول لنشوء الأزمة تبعتها المملكة الأردنية، وهذا مرده إلى قرار الشقيقة الكبرى التي عادةً لا تتخذ قرارات بهذا الشكل من الحزم إلا ولاقت اجماعاً عربياً واسعاً، وهذا ما نراه هذه الأيام من مواقف تجاه قطر التي لعبت أدواراً مشبوهة وأقامت تحالفات أضرت بالمنطقة برمتها، فكانت الحاضنة الأولى للانقسام الفلسطيني، وسعت لبقاء الانقسام طيلة هذه السنوات، وساهمت في اضعاف المواقف الفلسطينية على كافة المستويات، مستخدمة قناة الجزيرة ومنابرها الاعلامية الاخرى في التشهير والتشويش وبث كل ما هو يعكر صفو العلاقة الفلسطينية الداخلية، فكانت القضية الفلسطينية أول هدف عملت على تقسيمه ولم تكتف بهذا بل واصلت سياساتها تجاه دول أخرى في المنطقة، وهذا ما جعلها تفرض على نفسها عزلة شعبية قبل أن تأتي هذه العزلة الرسمية التي تقودها المملكة السعودية.
منذ أن تفجرت الأزمة، بدا معها سحب السفراء وهذا لا يعني العامة بشيء، لأنه شأن دبلوماسي لا يؤثر على البسطاء العاديين، لكن وعلى الفور من الاعلان عن قطع العلاقات بدأ التلويح بطرد الوافدين من العاملين، وهذا ما يهدد عشرات الآف بل مئات الآف وملايين الأسر التي تعتاش من عملها في مجالات متعددة، وستجد نفسها بين ليلة وضحاها على قارعة الطريق وفي المطارات والصحراء الواسعة على الحدود، وهذا أمر غير منطقي وله تداعياته الأنسانية والأقتصادية والاجتماعية، ولن يكون سهلاً كما يظن البعض.
ما يجري فعلا هو بداية لزلزال قادم يهدد المنطقة وسيجلب الكثير من التغيرات الحقيقة على أرض الواقع، وهذا يعود بالأساس إلى السياسات العربية العقيمة التي تفتقر للديمقراطية والحرية الفكرية والوطنية ووسائل النهوض بالمجتمعات، لهذا نتعامل مع قضايانا بجهوية ونتحالف مع من يدفع أكثر، وترى الكثير يبدي مواقفه دون فهم، وبشكل فوري تدفع الشعوب ثمن قرارات بلادها، فتجد عائلات برمتها تطرد، موظفين وباحثين وأطباء ومهندسيين ومعلمين، يطردون شر طرد في العراء، ولا ذنب لهم سوى أن أحد الأمراء خالف طاعة أحد الملوك، فيسقط الويل على الشعوب، والشعوب هنا لا تختار قدرها، فهؤلاء الأمراء والملوك لم تختارهم الشعوب، ولم تنتخبهم عبر صناديق الانتخاب، لتحاسب على سياساتهم وتدفع ثمن خلافاتهم مع بعضهم، هؤلاء الملوك والأمراء يختلفون، ثم يتصالحون، ثم يختلفون، ثم يتصالحون، فلماذا تدفع الشعوب أثمان خلافاتهم.