|
المثلث المقلوب في ازمة قطر.. مشهد دراماتيكي
نشر بتاريخ: 15/06/2017 ( آخر تحديث: 15/06/2017 الساعة: 18:49 )
الكاتب: د. ياسر عبد الله
يتساءل العرب عن سر إصرار السعودية ودول عربية أخرى على مقاطعة قطر بعد زيارة الرئيس الأمريكي "ترامب" الى السعودية، أثر تصريحات منسوبة للرئيس القطري على الصفحة الرسمية للحكومة القطرية، ويستهجن المتابعين للشأن الخليجي سرعة الاجراء وردة الفعل على حدث اعتقد انه لا يستحق اكثر من مقالة او رد رسمي عليه من قبل السعودية، فقطر ليست وليدة هذا الحدث او ذاك وسياستها في الوطن العربي ضبابية تثير الكثير من الغموض والتساؤلات؛ علاقتها مع ايران، رعايتها للانقلاب في غزة ودعم حركة حماس وفي نفس الوقت الذي تحافظ فيه على علاقات رسمية مع السلطة، فتح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة، قاعدة العديد العسكرية الامريكية، الوجود التركي على أراضيها، مشاركتها مع السعودية في قوة مشتركة في اليمن.
يقول كريستيان "اولريخسن" المختص بالشأن الخليجي" يبدو ان السعودية والامارات بدأتا تشعران ان الاصطفاف في المنطقة يميل لصالحهما في الوقت الراهن على حساب الاسلامين وايران مع وصول ترامب الى الحكم " وكأنه يقول ان السعودية والامارات ليس دول إسلامية وان عداءها مع ايران يفرض على دول الجوار اتخاذ موقف مشابه من ايران، ومن الواضح ان اتصال امير قطر بالرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني واتصال روحاني به يهنئه بحلول شهر رمضان قد اغضب السعودية والامارات، وايران وقطر دولتان لا خلاف بينهما ويوجد علاقات دبلوماسية وسفارة لكل من البلدين في بلد الاخر وما يجري هو شيء طبيعية في عالم السياسية. ولكن من الواضح ان ما جاء به ترامب للخليج اشعل نار الفتنة بين دول الخليج العربي، من اجل نهب ثروات السعودية والامارات والسيطرة على منطقة الخليج من خلال خلق خلاف بين تلك الدول يخدم بالدرجة الأولى أمريكا وإسرائيل ـ ولا عجب ان وزير الجيش الإسرائيلي "ليبرمان" في ان يصرح ان الخلاف في دول الخليج يخدم اهداف دول الكيان الصهيوني، وقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي "إن قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها مع قطر، يمكن أن يفتح الباب أمام إسرائيل للمشاركة في مكافحة ما سماه بالإرهاب." والغريب أيضا ان تركيا وايران لا تتفقان سياسياً وبالرغم من ذلك تجد قطر تحافظ على علاقاتها مع تلك الدولتين كما هي محافظة على علاقاتها مع إسرائيل ومع أمريكا، يعني ان قطر تقوم بدور صعب في المنطقة ولديها القدرة على خلق توازن لها في المنطقة وتحالفات، ولا اعتقد ان دولة بهذه الحنكة السياسية ترتكب هفوات مراهقين سياسيين بتعليقات على الانترنت حول هذا الموقف او ذاك، وقد يستهجن البعض مصادقة أردوغان على اتفاقيتين يتم بموجبها نشر قوات تركية في قطر وتدريب قوات الدرك التركية للقوات القطرية هناك مما يمهد لإرسال سفن وطائرات حربية تركية الى الدولة التي تواجه نزاعا دبلوماسيا مع العديد من الدول العربية. وعبر التاريخ العربي والصراع العربي الصهيوني فقد ارتكبت عصابات الصهاينة مجازر بحق الشعب الفلسطيني؛ مجازر النكبة، واحتلال الأرض في النكسة، وحرب بيروت، والانتفاضة الأولى ومشهد "محمد الدره" والانتفاضة الثانية وحروب غزة الأخيرة وحصار أبو عمار، وكل ذلك لم يحرك ضمائر الامة العربية ولم نر الجيوش العربية والدبلوماسية العربية تتحرك كما هي الان في مقاطعتها لدولة عربية وقد سبق ذلك حدث اخر حين احتل صدام حسين الكويت أيضا تدخلت الدول العربية لتحرير الكويت من احتلال صدام حسين لها ولم تتحرك لتحرير القدس أولى القبلتين. فكيف يحدث ذلك في مشهد دراماتيكي مع قطر في اقل من 48 ساعة، انقلب المثلث العربي على عقبه واستند الى احد حوافه مائلا متمايلا ضد قطر نتيجة موقف سياسي ان جاز التعبير فهو يدخل في حريات التعبير عن الرأي فلم ترتكب قطر جريمة ضد أي بلد عربي كما فعل الصهاينة ضد ارض وشعب فلسطين، فأي سياسية هذه وأي عمق عربية هذا، وصدق قوله تعالى :" الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98)" (سورة التوبة ) روسيا كدولة وحيدة تقف بجانب سوريا في حربها ضد الإرهاب في حين نجد ان تلك الدول التي قاطعت قطر هي نفس الدول التي تدعم القضاء على نظام بشار الأسد وهي نفس الدول التي تقيم تحالفاً مع الولايات المتحدة الامريكية تلك الدولة التي تشكل العدو الاستراتيجي لروسيا وقد تحدث بيشردسكين قائلا: "روسيا مهتمة، بصفتها دولة مؤثرة في الشرق الأوسط، بدق إسفين بين الولايات المتحدة والدول العربية" ويجد الكاتب أنه "مع أن قطر كانت لديها علاقة عدوانية مع روسيا؛ بسبب سوريا، وللدعم الذي تقدمه لرئيس النظام السوري بشار الأسد، إلا أن العلاقة الآن دافئة أكثر من وقت مضى. ويرى بيشردسكين أن "لا مصلحة للكرملين بتقويض استقرار قطر، مع أن من مصلحة الولايات المتحدة زرع بذور عدم الثقة بين روسيا وقطر ". وفي تحليل لتصريحات امير قطر سوء كانت حقيقية ام اختراق من جهات أخرى معنية بخلق ازمة بين الدولة العربية، فحين يقول امير قطر "أمريكا تتعامل بشكل عدائي تجاه ايران"؛ هذه عبارة تقال كل يوم وفي مختلف المجالات وهي حقيقة لا تنكرها أمريكا نفسها وهناك عداء تاريخي بين أمريكا وايران معلن وليس في السر، وحين يقول أيضا ايران ذات ثقل إقليمي واسلامي لا يجوز تجاهلة – أيضا- هذا كلام منطقي ومعروف للجميع ان ايران لها ثقل وحضور في سياسة الشرق الأوسط بل والعالم وحين يقول " قاعدة (العديد) الأميركية في قطر موجودة لحماية قطر من مطامع بعض الدول المجاورة" فهذا حق طبيعي لاي دولة ان تحمي حددها واما عبارة "إيران ضمان للاستقرار في المنطقة" وهذا كلام منطقي تماماً فايران دولة لها ثقلها ووزنها في المنطقة، وكل ذلك من تصريحات ليس بالشيء الجديد وهناك علاقات اكبر من ذلك كانت بين ايران وقطر وبين ايران وحركات إسلامية ولكن السؤال الذي اثار فضول العالم والعرب والمسلمين بشكل خاص لماذا الان؟ وهذا الخلاف يخدم من؟ وطبيعي جدا أن أي خلاف عربي يصب النهاية في مصلحة دولة الكيان الصهيوني التي لا تنتظر حدث الخلاف بين الدول العربية بشكل عرضي وانما تسعى من خلال ادواتها وحليفتها أمريكيا لخلق بذور الفنتة بين الدول العربية وإثارة نعرات قبائلية عربية من اجل خلق حالة من عدم الاستقرار في الوطن العربي مما يسهل مهمة إسرائيل في السعي الى حلمها التاريخي وهو تحقيق حلم " دولة إسرائيل الكبرى " من النيل إلى الفرات ودجلة في العراق. والسيناريو المحتمل في المستقبل القريب خلق تحالفات جديدة قد تفتت مجلس التعاون الخليجي بانقسام تكون قطر والكويت وعُمان خارج المجلس وبهذا يكون قد دُقَ مسماراً في نعش مجلس التعاون الخليجي بمباركة أمريكية روسية ويخدم ذلك الكيان الصهيوني ويخدم سياسة أمريكا في نهب ثروات الخليج وتفردها بالدولة العربية الخليجية فهي تحافظ على علاقتها مع السعودية كما هي تحافظ على علاقتها مع قطر أيضا ولكن السياسيون العرب لا يعرفون ما يدور فوق رؤوسهم من الشروع بتصميم مقصلة صنعت خصيصا من اجل السيطرة على ثروات الخليج في حال استنكفت أي منها عن الدفع للولايات المتحدة الأمريكية وهذا كان احد بنود الدعاية الانتخابية لرئيس الأمريكي ترامب حين قال "يجب ان تدفع دول الخليج لأننا نقوم بحمايتها". |