وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من الذي لا يريد للقضاء الفلسطيني أن يكون مستقلاً؟

نشر بتاريخ: 20/06/2017 ( آخر تحديث: 20/06/2017 الساعة: 17:15 )
من الذي لا يريد للقضاء الفلسطيني أن يكون مستقلاً؟
الكاتب: المحامي سمير دويكات
كلنا قبل أننا لم نعد نشعر أن هناك حياة تليق بآدميتنا فوق تراب فلسطين، فالاحتلال على اشد بغضه، واعتداءاته متواصلة ليل ونهار وفي أي وقت نتوقع أن يكون مصيرنا بين الأموات بمجرد رصاصة في لحظة غضب من مستوطن أو صهيوني جندي أو ضربة حجر أو دهس أو غيرها، وعلى الرغم من ذلك إلا أننا صبرنا وكابدنا تلك الحياة، وقدمنا الشهداء والجرحى والأسرى، فهذه العوامل نشعر أننا لن نكون فيها ذات تغيير دون أن يكون هناك تدخل حقيقي في بلدان حول العالم ودعم خارجي.
لكن على الصعيد الداخلي، تم بناء المجتمع الفلسطيني على أساس الثورة ومنظمة التحرير والقادمين نتيجة مشروع أوسلو وتحت غطاء الصهاينة وحرابه على رقابنا، فكان نتيجة الوضع الداخلي أن يكون هناك بناء مؤسساتي يليق بتضحيات شعبنا الفلسطيني ولكن تفاجآنا انه تم العمل بارتجالية مفرطة في تكوين المؤسسات وفصلت على مقياس كثير من الناس الذين ارتبطت مصالحهم بالقيادة والمنظمة، وكأنهم جاؤوا يحكمون شعبا من المريخ أو الهنود الحمر، وقد همشوا كل الوطنيين والمواطنين الذين أسسوا لعوامل الدولة والوطنية في فلسطين.
ومع مرور الوقت استمر الكفاح من اجل مؤسسات وطنية تليق، فتم سنة 2002، إصدار القانون الأساسي الذي أسس لمرحلة جديدة، عنوانها الدستورية والقانونية. ولكن الانقسام وفي ظل تجاهل وصعوبة إجراء الانتخابات زاد الطين بلة سنة 2007، وأصبح الوطن مشاع للفساد والنهب والسرقة، وأصبحت التعيينات تتم على أساس شخصي بعيدا عن الكفاءة والوطنية الحقيقية.
اليوم وفي ظل اقتراح قوانين من الحكومة وإصدارها وهي خالية من معايير النزاهة والشفافية، ولا تعتبر دستورية، وموضوعها محل جدل كبير، أصبحت الحالة فوق اعتبارات كبيرة وتساؤلات مريرة، وأصبح الوضع لا يطاق، وأصبحت التعيينات الدستورية في بعض المؤسسات تتم على خلاف القانون والأحكام القضائية، كما حصل فعلا في التعيين الأخير في مجلس القضاء.
ليست غريبا أن تكون تلك الحكومة وقيادة الحكومة غير راغبة بقضاء نزيه وشفاف ومستقل، لأنها أصلا غير قانونية ولا تتمتع بالإجراءات القانونية التي حددها الدستور، وليس غريبا أن يتم إعادة الأحكام التي كانت سارية قبل سنة 2002 بخصوص النيابة وتبعيتها والقضاء وتبعيته.
فأمام العجز الكامل عن إصلاح القضاء ومنه تدريب القضاة وفتح آفاق جديدة وتعيين قضاة أكفاء، وزيادة أفراد الشرطة القضائية. كان من المتوقع الاقتراع على تعديل قانون السلطة القضائية للإجهاز تماما على الجهاز القضائي، وتسليمه لأشخاص كخلفاء لعائلاتهم وان يصل به المدى إلى انهيار حقيقي، وان يتم قذف كل الجهود السابقة في بحر الظلمات لإرضاء وزير العدل وغيره.
فمن صنع بابه من أساليب غير قانونية، لا يمكنه أن يطمأن إلا باختراق المنظومة أكثر وأكثر في ظل غياب الحسيب والرقيب، وهي لن تقف هنا بل ستستمر لان هذا نهج ليس وليد لحظة، فهناك من يرى في الوطن عزبة لأبيه، أو هدفه أعلن بتدمير الوطن. وان القضاء المستقل الناجز هو عدوه الاول.