وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

(قَطَر).. و(السّعوديّة) والمنطقة.. والعالم

نشر بتاريخ: 07/07/2017 ( آخر تحديث: 07/07/2017 الساعة: 10:33 )
(قَطَر).. و(السّعوديّة) والمنطقة.. والعالم
الكاتب: د. بهجت سليمان
(قَطَر).. و(السّعوديّة) والمنطقة.. والعالم.. هل نحن على أبواب حربٍ جديدة..؟؟!

في غَلَبة الأحداث على التّحليل، تتظاهر الأولويّات، أحياناً، في علاقات مُبهمة أو في شكل غير واقعيّ أو غير حقيقيّ.
كما أنّ تداخل الأسباب والنّتائج في كثافة الأحداث، تجعلُ تبادلَ المواقع والأدوار، يُبدّلُ زوايا الرّؤية في تحريكٍ أو تحرّكٍ، تبدو فيه مجموعة من الأحداث تنتسبُ إلى جملةٍ سياسيّة واحدة، هذا إن لم تكن صالحةً لتكونَ عموميّات عامّة، في الوقت الذي لا ينصحنا فيه التّاريخُ بهذه الاستفاضة في التّعليل.
وعلى العكس، فإنّ الحدث الواحد نفسه قد يعني في هذه "الجملة" السّياسيّة، غير ما يعنيه - هو نفسه - في "الجملة" التّالية.
هذه صورة من التّعقيدات التي يتعدّاها الصّراع المرير العابر للتّأمّل، عندما يكونُ لزاماً على خطاب الحرب أن يكونَ عامّاً، وهو كذلك على أيّ حال.
في الظّاهر، فإنّ الحدث الخليجيّ الأبرز والمعاصر، يمرُّ في العلن والمباشرة الصّريحة سهلة التّفسير والتّأويل. .( قَطَر) مموّلة للإرهاب الإقليميّ وربّما العالميّ، أيضاً.. !؟؟
هذا ما ينصبّ عليه الإعلام ومن ورائه السياسة الفجّة التي لم تعد تقنع عقول الجماهير المتابعة للحرب.. ولكن أيّ تمويلٍ هذا، وأيّ إرهاب؟
في أقربِ خطاب ذكريات السّياسة العالميّة التي لم يجفَّ حبرها بعدُ، كان الإرهابُ "الإسلامويّ" ظاهرة فوق جغرافية تجاوزت الحدود السّياسيّة للدول، كما تعدّت هذه "الظّاهرة" الأيديولوجيّات السّياسيّة " المُحافظة" أو غير "المُتحرّرة" مُخترقةً "دولاً" و"ممالكَ" و"إماراتٍ" و"دويلاتٍ" و"منظّماتٍ " و"أحزاباً "، أيضاً !
وكانت المنطقة الإقليميّة كلّها على قائمة "الإرهاب" العالميّ الذي فنّدته قوى الغرب الإمبرياليّ وبنّدتهُ تبنيداً مُزوّراً لم ينجُ منه، بالاتّهام، حتّى القلب الذي يحترق به في سورية.. !!؟
ومع التّطوّر الضّروريّ للتّفاعلات المرجوّة والمرغوبة، أو غير ذلك، للحرب، سعى العقل السّياسيّ الغربيّ (الإمبرياليّ ) إلى تطوير الخطاب السّياسيّ نفسه عن طريق تحديداتٍ أقلّ تعميماً، فأصبحت الحرب على الإرهاب هي حربٌ على سورية على اعتبارها جاذبة للإرهاب العالميّ.. !!؟
في "النّقلة" الشّطرنجيّة السّياسيّة التّالية، بدت "الرّقعةُ" الإرهابيّة تتجاوز حدود "الشّطرنج" الدّوليّ، فدخلت "دول" جديدة في مجرى الصّراع، وانتقل خطاب السّياسة إلى التّحذير من خطرٍ إرهابيّ داهمٍ على "العالم الحرّ" الدّيموقراطيّ !! هذه المرّة، أيضاً.
كان كلّ سياسيّ عاقلٍ يترقّبُ وينتظرُ تحوّلاتٍ سياسيّة أخرى في نسقِ الخطاب الثقافيّ - السيّاسيّ العالميّ المركزيّ، وكنّا، على الأغلب، غير بعيدين في التّوقّعات على احتمالات تطور "الخطاب" الغالبة.
"فَجْأَةً" ينشقُّ المشهدُ الأميركيّ عن ( ترامْب ) في تحوّلٍ صارِعٍ للسيّاسة الأميركيّة، تجاه الحرب بين ( أوباما ) و( ترامْب ) !
من المفهوم طبعاً أنّ المسألة ليست متعلّقة بالأسماء الشّخصيّة لرؤساء أميركا، وإنّما بالقرارات المُستجدّة في "السّياسة".
قلنا، ونكرّر، إنّ الهدف الأميركيّ ( المركزيّ الغربيّ ) هو هدفٌ مزدَوج: أوّلاً، ابتزاز "الخليج"، وثانياً الإبقاء على الجغرافيا الاقتصاديّة الخليجيّة، عازلاً جغرافياً - سياسيّاً في النّظريّة "الجيوبوليتيكيّة" الأميركيّة، كفاصل "أوراسيّ" متقدّم في وجه الزّحف القاريّ الرّوسيّ مع منظومته الاقتصاديّة - السياسيّة الآسيويّة بعامّة، والإيرانيّة - التّركيّة بخاصّة.
بكلّ تأكيد فإنّ أميركا لا تعتبر (تركيا) من "عظام الرّقبة"، وهذا ما لم يفهمه التّركيّ، إلّا متأخّراً جدّاً!
وفي غضون إدراك أميركا العميق للمنظومة السّياسيّة الإقليميّة، وفي صناعتها المحاذيرَ والمعجزاتِ أمام "الإتّصال" و "التّفاهم" الأدنيين ما بين عناصر هذه "الكتلة" القاريّة الصّلبة، تقليديّاً، والتي هي بمنأًى جغرافيّ - على الأقلّ - عن الطَولِ الأميركيّ، وفي ظروف التّفاوت المفهوميّ لأسس وأهداف وآفاق الصّراعِ العالميّ، بين أميركا و(إسرائيل)؛ أيضاً؛ وأمام احتشاد القوّة الأميركيّة الاستراتيجيّة المباشرة في أقصى "شرقِ آسيا"..
وأمام خشيةٍ سياسيّة أميركيّة واقعيّة من توحّد "الجهود" الإقليميّة لمقاتلة "الإرهاب" تحت الضّغط الذي شكّلته قوى المقاومة والممانعة في الحرب السّوريّة المباشرة والصّريحة على "الإرهاب" الإسلامويّ..
أمام كلّ هذا وعناوين تمتّ إليه، فقد حان وقت الانتقال في "الّلعبة" الأميركيّة إلى أقصى المقامرة المجانيّة، فكان من المفروضِ - وبذكاءٍ متوسّط - أن يُضافَ إلى "المنظومة" متغيّراً سياسيّاً جديداً في مناخ "مضمونيّة" الجانب الاقتصاديّ - الإبتزاز ّ.. فكان هذا المُتغيّر ببساطة هو قلبُ صفحة جديدة في تاريخ "الخليج "!
ممّا كتبته أميركا على هذه "الصّفحة" الجديدة ، هو أنّ على "المنطقة" أنْ تُهدّد تهديداً شخصيّاً للزّعامات الفارغة فيها من قبيل ( محمد بن سلمان ) و ( تميم بن حمد ).
وليس هذا فحسب، وإنّما أيضاً اتّقاءً وقائيّاً لإمكانيّة احتمال التهام قوة خليجيّة لقوة خليجيّة أخرى، تحضيراً لتوتّرٍ مُستدام.
في الواقع كانت الخشية على (السّعوديّة) وليست على (قَطَر).. !!؟
في السّياق أعادت ( أميركا ) ببساطة اصطفاف الدّول الإقليميّة اصطفافاً طارئاً بالنّسبة إلى هذه الدّول!
وفي المقابل جعلت أميركا "المكان" من جديد مؤهّلاً لمستقبلٍ تجريبيّ ليس واضح المعالم، إذا استثنينا منه فكرة السّيطرة الأميركيّة عن بعد..وإشغاله إشغالاً مباشراً عن "مشاريع" ربّما كانت قيد التّكون في الأفكار أو في الواقع، لقوى لا تستطيبها أميركا نظراً لتاريخها غير الخاضع.. ( إيران، مثلاً ) أو حتّى غير المنسجم ( وهنا أعني تركيا)، بما في ذلك الزّحف الإيرانيّ النّاعم إلى دول "الخليج" العربيّة مثل ( قَطَر ) و( عُمَان )!
كانت تبدو في الأفق أيضاً "مهاراتٌ سياسيّة" مزعومة، غير مستحبّة أميركيّاً. لم تكن أميركا غافلة - ولا يُمكن أن تكون غافلة - عن التصالحات التّقاطعيّة ما بين روسيا وقَطَر وتركيا وإيران..
وعلى ألّا ننسَى جوهرَ حديثنا - هنا - وهو الخشية الأميركيّة من أن يصبّ اتجاه التّغاير أو التّغيّر أو التّغيير في صورة "سهلة" أو "سريعة" لمصلحة سورية، إذ أنّ الهدف الأمريكي، المرحليّ على الأقلّ، هو استدامة الصّراع في سورية واستنزاف كلّ "المكان" في أتون هذه الحرب، تحت الرّقابة الأميركيّة التي تعني الحفاظ على منابع الإرهاب في العالم.. !!؟
كان السّؤال حول الإشراف على منبع الإرهاب الإسلامويّ في العالم بسيط الجواب.
تشكّل (السّعوديّة) بأيديولوجيّتها السّياسيّة الجاهليّة، أكبر خزانٍ للإرهاب الإسلامويّ عبر أكثر من مئة عام، في العالم! ..
ولأنّها حقيقة تاريخيّة أن يُنظر إلى الواقع من هذه الزّاوية، فإنّ الذي جرى هو قلب "المفهوم" التّاريخيّ إلى مفهوم سياسيّ مصنوع بالقوة والعنف الذي طوّرته أميركا بسرعة، في قلب الخلاف الخليجيّ المدفون في نوايا الالتهام والزّعامات التّقليديّة العربيّة الإسلاميّة بذاكرتها المليئة من الأمس القريب..
فإذا بالأمر يتحقّق ولا يتحقّق أيضاً في آنٍ معاً. ( في هذه الجزئيّة نُحيلُ القرّاء إلى فهم حداثويّ نقديّ عميقٍ لمبدأ "الهُويّة" الأرسطيّ!! ).
فَوَفقَ الدّور "القَطَريّ" - كما صرّح بالشّأنِ مسؤولون ضالعون في الجريمة على سوريّة - لم تكن (قَطَر) نقيّة أخلاقيّاً في تخريب سورية..
بل على العكس فقد ساهمتْ وصنعتْ وموّلَتْ ودرّبتْ واستحزبَتْ واستعصَبَتْ وحرّضَتْ وخرّبتْ وقتَلَتْ في سورية بالقدْرِ الذي شاركها فيه آخرون معروفون كالسّعوديّة وتركيا، ممّا لا يجعل التّهمة بتمويل وتصنيع الإرهاب غريبة عنها.
الأسباب قريبة والتّعليلُ شهير!.. هكذا جرت إعادة تركيز الكثافة السّياسيّة (الإعلاميّة)، على نحو أطال في عمر "الوظيفة السّعوديّة"، كحاجة حربٍ مستقبليّة، مثلاً..
في حين أنّه لم يعمل على تقديم أيّ جديدٍ عن (قَطَر). ولكنّ الأمرَ المستجدّ أن تبلغَ الوقاحة السّياسيّة في الّلعبة التّافهة إلى أن يجري تحييد (السّعوديّة) أو تشريفها وتنظيفها من القذارة السّياسيّة بالمقارنة مع ( قَطَر ).
ما من شيءٍ، إذاً، يمكن أنْ يجعل السّياسة "الاستعاريّة" أقلّ وقاحةً أو أكثر خجلاً، أكثر ممّا يجعلُ "الجَمَلَ" مَضربَ المَثلِ في "الوفاء"!.
ماذا تريدُ أميركا؟
ببساطة، فإنّ ما تُريده أميركا، علاوةً على ما أوضحناه بالتّفصيل أعلاه، هو أن تفرضَ بالقوّة قواعد لعبةٍ جديدة في الصّراع السّوريّ - الشّرق أوسطيّ - الأوراسيّ، وهذا ما قد حصَلَ فعلاً.
التّحالفاتُ الجديدةُ ليستْ شاذّةً كما قد قلنا على "الهوايات" "السّياسيّة الاستعاريّة"..
فقد تعوّد القارئ أن يقرأ في الأدب السّياسيّ، ما مفاده عدم خلود التّحالفات والتّناقضات والعداوات في "السّياسة".. !!؟
هذا قولٌ للهواة السّياسيين أو لآخرين من مرتبةِ تلامذة السّياسة.
ثمّة خطّ سياسيّ تاريخيّ آخر يوصفُ ويُقوّمُ على أسس أخرى هي من طبيعة العدالة الطّبيعيّة.. وقد كان ( أفلاطون ) رائدَ هذه المدرسة السّياسيّة في التّاريخ، كما كان (عليٌّ) من مُحَدّثيها في الإسلام الأوّل.
كنّا نحن هنا، أيضاً، قد تحدّثنا على هذه الصّفحة حول السّياسة بوصفها أخلاقاً خالصة.
هذا صحيح!
ولكنّ الغريبَ - في أقلِّهِ - هو هذا "التّسارُعُ" القياسيّ في الاصطفاف .. هل كان هذا "الاصطفاف" خطة ( ب ) أخرى على غرار الخطة ( ب ) الأميركيّة التي تحدثنا مرّة هنا، على هذه الصّفحة، عنها، أيضاً؟ (كان مختصرها أنّنا قلنا إنّها الانتقال الأميركيّ في الصّراع السّوريّ من "الوكالة" إلى "الأصالة".. لتحقيق أهدافٍ.. وأهدافِ الآخرين الأعداء )؟
يبدو الجواب على هذا السّؤالِ أمراً مستعصيّاً.. ليس لصعوبته، ولكنْ بسسب ما قد يذهب البعضُ في تفسيره بعيداً أو قريباً على غير ما رمينا إليه.
باختصار هنا، فإنّ ما نعنيه ليس "الخطّة" ذاتها، إذ من البيّن أنّ الوشائج التي صنعت هذا الاصطفاف ليست ارتجاليّة الّلحظة، وهذا أمر بَدَهيّ.
ولكنّ الذي يستوقفنا في الحالة الأخيرة هو الحجم أو الكمّ الأخلاقيّ في هذا "الاصطفاف".. !!؟
هل نعود، دَوراً، لنتساءلَ حول علاقة السّياسة بالأخلاق.. ؟!
لا أظنّ أنّه من المفيد تكرار التّأكيد على عمليّة و"براغماتيّة "، أيضاً مضمون العدالة في الأخلاق والسّياسة سواء بسواء!
من السّابق لأوانه - كما يُحبّ أن يُعبّرَ المُحلّلون أو المُعبّرون - أن نقوم، الآن، بتقويم النّتائج الجديدة لهذا الاستقطاب الطّارئ.
أعني من السّابق لأوانه فعلاً، أن نجزمَ بأنّه اصطفاف طارئ أو ثابت ونهائيّ..
على الأقلّ في الهزيع الأخير من هذه الحرب، الذي بدأ فعلاً.. ولكن هل تنتهي الحرب المعاصرة على هذا المنوال؟
إنّه من أكثر الأشياء عرضةً للشّكّ والسّخريّة هو أن نقول بنهاية للحرب على هذا الطّراز.. لا أعني أبداً أن مظاهر الحرب لن تتبدّل.
ما أقولهُ هو إنّ حرباً أخرى بدأت أو ستبدأ وشيكاً، هي من نوع إعادة توزيع "الصّراع" في سورية أو- و- على سورية في الجغرافيا التي تُعدّ لحربٍ جدّيّة بمفهومٍ يختلف عن مفهوم الحرب على الإرهاب!
هذا أمرٌ كبيرٌ وأيضاً ذو شجون.. !!؟
هل ينتهي "الإرهاب" - أي هل سينتهي - مع التّضحية السّياسيّة بقطر واصطفاف "الآخرين" إليها ؟
هل سيكون مصير هؤلاء "الآخرين" هو، أيضاً، التّحييد السّياسيّ لإطلاق دورٍ رئيسي للسّعوديّة في إعادة تنظيم وهندسة الإقليم؟
هل ستحيّد (إيران) و (تركيا)، أو هل سيتحدّد دورهما بتحجيمه بواسطة "عطايا" أو "رشيّاتٍ" سياسيّة و"أمنيّة " و"اقتصاديّة"، كُلّاً منهما وَفق الجغرافيا و المجال الحيويّ و الإخضاع؟ ـ طبعاً مع التمييز بين الدور الإيراني والدور التركي ـ .
وأخيراً هل سيبلغ "الاتّفاق" (أو "التّقاطع الجيوبوليتيكي") الرّوسيّ - الأميركيّ أقصاه، هنا، على هذا النّحو، في "الصّراع".. في هذا الشّوط من المواجهة... ؟؟!
كلّ ما تقدّم أسئلةٌ تخطرُ في خَلَدِ كلّ مَن " أقلقه " أو " أضناه " واقع هذه الحرب..
ولكن ألا يبقى "المُقترح" الأخير، هنا - مُقترحنا - وجيهاً، إذا قلنا إنّ عصر الصّراع العالميّ لا يزالُ يدورُ في الفَلَكِ الأميركيّ؟
عندما تتكاثرُ الأسئلةُ من هذا القبيل، ومعها تبدو الأجوبة محفوفة بالمغامرات الاجتهاديّة، فإنّ "فلسفة السّياسة" هي المؤهّلة وحدها للتّصدّي للمقاربات الفكريّة القابلة للاشتغال.
وعلى هذا الأساس علينا أن نفكّرَ بقوّةٍ مرجعيّة تُذلّل الكثير من الصّعوبات في طريقة تناول الأفكار والأحداث معاً في وقتٍ واحد.
يجب أن يذكر وأن يتذكّر "الجميع".. أنّ حرباً كالحرب التي أشعلها "العالم" في سورية هي حرب غير مسبوقة.
ولكنّ الاستنتاج المبنيّ على هذه الحقيقة بالضّبط، يجعل من القول بإمكانيّة تكرارها أو اشتمالها على أكثر ممّا عاصرناه فيها، احتمالاً استنتاجيّاً ( غير استقرائيّ ) عمليّاً ووارداً ورود كيفيّة وأسباب اشتعال أصلها من "العدم".
هو ليس عدماً طبعاً، وإنّما هو "عدمٌ" تخييليّ أصاب "الحكمة" كما أصابَ "شرَفَ العالم" بالدّهشة والذّهول!
إنّ من استطاع أن يُشعل هذه الحرب، بالطّريقة والكيف والكمّ، على نحو ما كان، هو قادرٌ أيضاً على تكرارها بتفاصيل مستفادة أكثر دقّة وفاعليّة انطلاقاً من خبرة تجربة الحدث.
وإذا وصل بنا الحديث هذا الموصِلَ، فإنّ حرباً أخرى، إذاً، قد تكون على الأبواب التي لم تُغلق نهائيّاً، بعد.
وأمّا إذا لم يُقيّض لأحدٍ أن يفهمَ هذا الكلام على أنّه تحذيرٌ، فَقَدْ يفهمه على أنّه تهديد.. !
ليس التّهديد بتقرير قرارٍ إنسانيّ، وإنّما تهديد "العشوائية" الكونيّة - الطّبيعيّة للاجتماع السّياسيّ العالميّ، بأنّ استعادة الاستقرار "العشوائي المضطرب" بالعودة إلى استقرارٍ متناوب.. لا يُمكن أن يكون على هذه الطّريقة من مجموعة التّعسّفات.