|
فلسطين والجزائر وتوأمة النضال
نشر بتاريخ: 07/07/2017 ( آخر تحديث: 07/07/2017 الساعة: 13:16 )
الكاتب: عباس الجمعة
يحتفل الشعب الجزائري الشقيق بالذكرى الخامسة والخمسون لاستقلال الجزائر، فهو عيد عربي بامتياز، حيث تحتفل الجزائر باستقلالها لتجدد العهد لشهدائها ومجاهديها الذين صنعوا النصر، تجدد لهم العهد على حمل الأمانة وصيانة الاستقلال واستمرار العمل من أجل جزائر حدد ملامح نضالها، ان لم يكن هويتها.
أمام هذا المشهد الذي يختصر تاريخ الشعوب في نضالها من أجل الحرية والتقدم وتصديها للاستعمار والاستلاب ومحاولات تزييف الهوية والتاريخ في ذهن الأجيال، أمام ذلك كله اكتب عن استقلال الجزائر حيث زرتها للمرة الاول قبل سنوات على اثر انعقاد المنتدى العربي الدولي للاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، فرأيت من خلال زيارتي المشهد الذي عاشته الثورة الجزائرية في المعارض، حيث عرضت الصور التي واجه فيها الشعب الجزائري الاستعمار والدمار والموت وغطرسة القوة من جهة، وكذلك صمود الارادة والعقيدة والروح أمام عوامل التدمير وأدواته من جهة أخرى، فشتان بين بائع روحه من أجل حياة الآخرين والأجيال القادمة والوطن، وبين من يشتري بتضحية الآخرين حضوراً وشهرة وسلطة وسطوة، شتان بين الدم والحبر وروعة الاستشهاد. الكلمة حياة والكلمة موقف والكلمة مسؤولية، فانا اليوم اكتب عن الجزائر، لتخليد ثورة شعب وقضيته وتضحياته ورموز تلك الثورة وشهدائها وأهدافها، ليكون ذلك بمتناول الأجيال، التي يدور القتال حول ذاكرتها وتوجهاتها ومواقفها وخياراتها المستقبلية هذه الأيام، ولينعش الذاهب ذاكرة القادم ويغرس فيها خلاصة التجربة والتاريخ فيسهم في تكوين الذاكرة من جديد وفي انعاش حوادث التاريخ ودروسه، لكي تعيش الأمة حاضرها وتبني مستقبلها في ضوء معرفة وتجربة ووعي لا بد منه ولا غنى عنه بالنسبة للشعوب والأمم. في ظل هذه الظروف تحتفل الجزائر بعيدها، لتؤكد على تؤامة نضالها مع فلسطين، فهي تقدر الثائر الفلسطيني، بعد ان تخلى معظم النظام الرسمي العربي عن القضية المركزية، ولكن نقول ان الأمم باقية ما دامت تعي ذاتها وحقوقها وهويتها ومصالحها وما يمايزها عن الأمم الأخرى، وهي باقية ما بقيت على حق واحترام للحق، وحين تضعف ذاكرتها فان على أبنائها أن يجددوا تلك الذاكرة وأن ينعشوا روح الأمة بانعاش مقومات هويتها ووجودها ووجدانها، وعلينا أن نفعل في الذكرى الخامسة والخمسون لعيد استقلال الجزائر على حمابة هذا البد الذي قاد ثورته بمواجهة الاستعمار، حيث لم ينس جراحه، فقدم مليون ونصف المليون شهيد استشهدوا من أجل استعادة الاستقلال والحرية، هذا البلد العربي الذي يحمل قضية العرب الكبرى فلسطين منتصرا لثورة الشعب الفلسطيني ، لانه صاحب التجربة الكبيرة والدور النضالي الكبير في المقاومة والتحرير، فلتبقى الجزائر في ثوب الانتصار والبناء البهي، وثورة شعبها الأبي نضال تعتز به اليوم بين الأمم. ورغم البعد الجغرافي، فإن العلاقة التاريخية ظلت متوهجة بالمواقف التي قدمتها الجزائر من أجل فلسطين، فيما الفلسطينيون ينظرون إلى الجزائر كأخوة في العروبة، وعندما وقفت المناضلة جميلة بوحيرد المرأة التي صفق لها العالم طويلاً محبة واعتزازاً وتقديراً، هي المرأة التي سيستيقظ الشهداء من مقابرهم إذا ما تكلمت، أما التاريخ فسيركع تحت قدميها إجلالاً وإنصاتاً، هي الشخصية التي اختارها التاريخ لتكون بين أبرز خمس شخصيات سياسية طبعت القرن العشرين. هي ليست مجرد اسم رنان في التاريخ العربي الجزائري، إنها رمز مضيء من رموز الكرامة العربية والحرية الإنسانية، هي تجسيد للنزوع المقدس نحو كل ما هو جميل في الحياة البشرية، إنها قصيدة في تراب الوجدان الجزائري والعربي والإنساني، إنها شجرة مثمرة وخالدة في تربة الروح وفي ماء الحلم ودم التحرر القومي والوطني والإنساني. الجزائر سيدتها العظيمة، تخشى عليها ومستعدة لأن تفديها بما تبقى لديها من عمر وجسد نحيل وبصر ضعيف، حيث وقفت في سهل الخيام وبوابة فاطمة ونظرتها الى فلسطين لقول من هذه البقعة التاريخية بالمعنى الحضاري والانساني، والتي خطت بدمائها وخطت بمعتقليها وأسراها وجرحاها وشهدائها وعوائلهم أسمى البطولات، ان التاريخ العربي خط بأحرف من ذهب تاريخنا ومستقبلنا، وسنكون أوفياء لتضحياتكم في فلسطين والجزائر وللبنان وفي اي منطقة تدافع عن العزة والكرامة والانسان، سنحاول تطوير جهادنا بما يسمو ليكون على مستوى تضحيات شهداء فلسطين والجنوب وفي كل بقعة ينشر النضال نوره فيها. امام عيد الجهورية الشعبية الجزائرية نطالب المخلصين في أمتنا وقواها الحية للتضامن المبدئي للحفاظ على قضايانا الوطنية والقومية ومواجهة كل المخططات والأهداف التي تستهدف الأمة ومستقبلها ومستقبل أجيالنا، وضرورة تحقيق دعم عربي ثابت لقضية فلسطين والحفاظ على دول المنطقة واستقرارها، وضرورة أن تتمكن الجامعة العربية من وقف حالة التردي على مستوى الساحة القومية والتصدي للهجة الشراسة للقوى الامبريالية ومخططاتها وأهدافها الخارجية، والوقوف بوجه التدخلات الخارجية والمحاولات المحمومة لمنع وصول الحالة الرسمية العربية إلى وضع يؤهلها لاستيعاب حجم المخاطر التي تهدد الأمة ومصالحها إذا لم تسارع إلى تحقيق تضامن عربي فعال يدافع عن أمتنا ومصالحها الوطنية والقومية. ختاما : الجزائر بالنسبة للشعب الفلسطيني كانت المثل الأعلى لتغلب الإرادة والتصميم والتضحية على أسلحة القهر والظلم والعدوان. فكما انتصرت الجزائر على الاستعمار الفرنسي لا بد أن تنتصر فلسطين منح كل التسهيلات للفلسطينيين الذين تدفقوا إلى الجزائر، وامتد العطاء الجزائري إلى الشباب وطلاب العلم من أبناء فلسطين ففتحت الجزائر جامعاتها ومعاهدها إلى آلاف الطلبة الفلسطينيين في الطب والهندسة والصيدلة والكليات الإنسانية، وتبنى قضايا الشعب الفلسطيني وأطلق قولته المشهورة (أنا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) فكل التهنئة للجزائر لشعبها المناضل بهذه المناسبة الوطنية المجيدة متمنيين بمناسبة ذكرى العيد الوطني دوام الرفعة والتقدم لهذا البلد الشقيق وللشعب الجزائري المزيد من التقدم والازدهار. |