|
مستقبل حركة حماس في ضوء تياراتها المختلفة
نشر بتاريخ: 13/07/2017 ( آخر تحديث: 13/07/2017 الساعة: 16:46 )
الكاتب: فادي قدري أبو بكر
تقودنا وثيقة حركة حماس التي أصدرتها في الأشهر القليلة المنصرمة إلى استنتاج مفاده أن الحركة تمر بمرحلة من المراجعات، والجهود التي من أجلها تجديد وتطوير الفكر والخطاب السياسي للحركة، خصوصاً في ظل تصاعد البروباغندا الإعلامية العالمية المناهضة للإرهاب، حيث تتخوف حركة حماس من محاولات إدخالها عنوةً ضمن هذه الدائرة وتصفية وجودها.
لم تأتِ هذه المرحلة إلا بعد بروز تيارات مختلفة في الحركة. حيث أن وجود تيارات و أجنحة مختلفة من حماس الداخل، حماس الخارج، حماس القسام، حماس المكتب السياسي، حماس قطر، حماس إيران، حماس مصر وآخرها حماس الدحلان أدى بشكل طبيعي إلى خلق حوار واجتهادات متباينة داخل أروقة الحركة أدى في نهاية المطاف إلى إنتاج هذه الوثيقة. إن ما يجري ما بين حماس ودحلان يمكن قراءته وتوصيفه ضمن التوافقات المصلحية، حيث تتعامل حركة حماس مع دحلان باعتباره الجسر الذي ستمر من خلاله من التدافع إلى التواصل والتفاوض مع المحيط الإقليمي والدولي. لم يأتِ التقارب الحمساوي الدحلاني مفاجئاً، فقد كشف النائب عن فتح في غزة أشرف جمعة في بداية عام 2014 أن "دحلان يقدم خدمات ومساعدات لسكان غزة لأنهم في وضع كارثي ويحتاجون لمساعدة كل الأطراف دون الحاجة لأن يندرج ذلك في إطار المؤامرات أو الخلافات داخل فتح". وذكرت مصادر أخرى، أن تفاهمات أجريت منذ عام 2012 بين دحلان وحماس كان نتيجتها إطلاق لجنة لـ(التكافل الاجتماعي) لتكون قناة لتقديم مساعدات بدعم عربي وخصوصا إماراتي لسكان غزة. وكان القيادي في حماس أحمد يوسف قد أبدى في بداية عام 2014 ترحيباً بتطور مساعي المصالحة المجتمعية بما يسمح لاحقاً بعودة دحلان إلى قطاع غزة، قائلاً: “لا يوجد ما يمنع من عودة دحلان لأن غزة جزء من وطنه ووصوله إليها هو حق له وخطوة منتظرة مهما كان الخلاف معه عند تطور مساعي المصالحة المجتمعية”. من جانب آخر أصدر كل من الإحصاء الفلسطيني واللجنة الوطنية للسكان بياناً صحفياً مشتركاً يوم 11/7/2017 يستعرضان فيه أوضاع السكان في فلسطين بمناسبة اليوم العالمي للسكان، وأفاد البيان بأن عدد سكان الضفة وغزة المقدر بلغ حوالي 5 ملايين نسمة وأن مجتمع القطاع فتياً وأكثر خصوبة، كما أن نسبة العاطلين عن العمل تزيد عن 40% في غزة. إن هذا مؤشر على الأزمة الحقيقية التي تواجهها حماس في غزة، ومؤشر آخر في الوقت نفسه على أهمية التوافقات المصلحية التي تجريها الحركة مع دحلان وغيره، والتي إلى جانب الشق السياسي تندرج في إطار استيعاب الجيل الغزاوي الشاب والنأي بالنفس من خطر ثورانه. على الرغم من تشديد القيادي في حماس موسى أبو مرزوق في حوار له مع صحيفة القدس بتاريخ 18/5/2017 "أن كتائب القسام ليست فوق القرار السياسي الصادر عن مؤسسات الحركة الشورية والتنفيذية "، إلا أن قيادة الذراع العسكري لحركة حماس أوضحت في بيان لها أنها غیر مستعدة لاستقبال دحلان في القطاع؛ واتهمته بتسلیم رجالھا لإسرائیل، في الوقت نفسه الذي يُجري فيه المكتب السياسي محادثات مصالحة مع دحلان!. يمكن أن نستشف من ذلك وبوضوح أن هناك تباين آخر إلى جانب التباين الموجود في المكتب السياسي، تباين ما بين تيار القسام وتيار المكتب السياسي. إن التحولات الراهنة التي تمر بها حركة حماس، تشابه بتدرجها تلك التي مرت بها حركة فتح، والتي يمكن إجمالها في عدة نقاط كالآتي: • تعديل الوثيقة: حركة فتح قامت بتعديل الميثاق القومي لمنظمة التحرير إلى ميثاق وطني، وحركة حماس قامت بتعديل وثيقتها. • تعدد التيارات: في فتح تجد القومي،الماركسي،البعثي،المحافظ والاسلامي وفي حماس تجد القطري، الإيراني، الداخل، الخارج، الدحلاني والقسامي. • أزمة القيادة في الخارج: تعرضت قيادة فتح قبيل توقيع اتفاق اوسلو إلى أزمة استقرار في الخارج، نتيجة ضغوط عربية ودولية مما اضطرها إلى الخروج من تونس وتوقيع اتفاق أوسلو، وهذا ما يجري مع قيادة حركة حماس في قطر اليوم. إن التحولات الراهنة التي تمر بها حركة حماس، تقودنا إلى استنتاج افتراضي بأن احتمالات توقيع اتفاقية سلام بينها وبين "اسرائيل" مرتفعة إلى حدٍ ما، لأن حركة حماس وفقاً لما تم عرضه مسبقاً باتت تتعامل بلغة المصالح، مثلها مثل أي دولة، و تعتبر نفسها اليوم في مرحلة تأسيس الدولة وهذا يعني أن انفصال الضفة وغزة قد دخل مرحلة لا رجعة عنها. * فادي قدري أبو بكر- كاتب وباحث فلسطيني |