|
عملية القدس الفدائية وسيادة الرئيس
نشر بتاريخ: 16/07/2017 ( آخر تحديث: 16/07/2017 الساعة: 12:20 )
الكاتب: د. وليد القططي
ذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) الرسمية يوم الجمعة 14/7 الخبر التالي بالنص: "جرى اليوم الجمعة اتصال هاتفي بين رئيس دولة فلسطين محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث عبّر الرئيس عن رفضه الشديد وإدانته للحادث الذي جرى في المسجد الأقصى المبارك، كما أكد رفضه لأي أحداث عنف من أي جهة كانت وخاصة دور العبادة، كما طالب الرئيس محمود عباس بإلغاء الإجراءات الإسرائيلية بإغلاق المسجد الأقصى المبارك أمام المصلين...". وصياغة الخبر بهذه الطريقة تحتوي على نوع من التضليل لا بد من إظهاره والتعقيب عليه.
من يقرأ أو يسمع الخبر بهذه الصياغة بدون خلفية مسبقة عن واقع الأمور في المنطقة يعتقد أن هذا الاتصال قد تم بين رئيس دولتين مستقلتين هما دولتا فلسطين و"إسرائيل" بينهما علاقات دبلوماسية متكافئة وحسن جوار طبيعي؛ وليس بين رئيس دولة احتلال من أسوأ أنواع الاحتلال العسكري والاستيطاني والإحلالي والعنصري، وبين رئيس كيان سياسي أكبر من الحكم الذاتي وأقل من الدولة، وهو في حقيقته سلطة تحت الاحتلال أُطلق عليها وهماً اسم دولة وهذا تسويق للوهم، وترويج للسراب، وإيغال في خداع الذات، وهروب من التوصيف الحقيقي للواقع كشعب تحت الاحتلال لا زال يعيش مرحلة تحرر وطني ويسعى للعودة إلى وطنه وتحرير أرضه وتحقيق استقلاله الوطني... حتى لو أنشأ لنفسه كياناً سياسياً وإدارياً تحت الاحتلال قبل انجاز مشروع التحرير بخلاف الوضع الطبيعي الذي يقتضي تحرير الأرض ثم إنشاء الكيان الوطني. كما أن وصف عملية القدس الفدائية بأنها حادث عنف وإدانتها ورفضها الشديد حسب وصف وكالة وفا نقلاً عن تصريح منسوب للسيد محمود عباس مُمكن أن يُفهم لو صدر من رئيس دولة لا علاقة لها بالصراع أو محايدة بيننا وبين دولة الاحتلال، ولكنه غير مفهوم ولا يُمكن أن يُقبل من أي طرف فلسطيني، وكأنما يتم الحديث عن حادث عنف وقع في اليابان أو الأرجنتين بعيداً عن فلسطين في تجاهل واضح ومتعمد لكون العملية قد وقعت في القدس المحتلة وهي أرض محتلة وفق القانون الدولي، وضد جنود الاحتلال. في القدس العنوان الأبرز للصراع مع الاحتلال، والمكان الأقدس لمقاومة الاحتلال، وقبلة المجاهدين والاستشهاديين من كل أنحاء فلسطين، هذه المقاومة المشروعة في كل المواثيق الأرضية والسماوية ما عدا ميثاق اتفاقية أوسلو التي أراحت الاحتلال من دفع فاتورة احتلاله. وختاماً من المفهوم أن السيد محمود عباس مُقّيد باتفاقية أوسلو التي تحدد طبيعة العلاقة مع دولة الاحتلال وتجعله يُعطي تصريحات بهذه الصيغة في الشكل والمضمون. ولكن من غير المفهوم استمرار تمسكه باتفاقية أنشأت سلطة أراد منها الكيان الصهيوني أن تكون غطاءً للاحتلال وتريحه من أعباء السكان المدنية وتُبقي سيطرته على الأرض ليلتهمها بالتقسيط وإيجاد شريك فلسطيني يقمع المقاومة، ويتخذها جسراً سياسياً للعبور إلى كل العواصم العربية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى بدمجها في الإقليم العربي الإسلامي. بل ومن غير المقبول أن نتمسك بسلطة أصبح مجرد وجودها إنجاز وطني وغاية في حد ذاتها وتحوّلت إلى إنجاز وطني كبير يجب الحفاظ عليه بكل ثمن، حتى لو كان هذا الثمن هو التضحية بحلم التحرير والعودة والاستقلال. |