|
القصة الكاملة للمعركة السياسية والضغوط حول الأقصى
نشر بتاريخ: 30/07/2017 ( آخر تحديث: 30/07/2017 الساعة: 19:33 )
القدس- معا- كانت الطائرة الرئاسية الفلسطينية قد حطت للتو في مطار في العاصمة الأردنية منتصف مساء الخميس، بعدما قطع الرئيس محمود عباس زيارته إلى الصين عندما تلقى مكالمة هاتفية من جاريد كوشنر صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي طلب المساعدة في إنهاء أزمة المسجد الأقصى.
وعلمت "الأيام" أن الرئيس عباس رد على كوشنر بأن المساعدة تكون بالضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية من أجل أن تزيل جميع الإجراءات التي قامت بها في محيط المسجد الأقصى منذ الرابع عشر من تموز، محذراً من أن الأوضاع متفجرة وقد تنزلق إلى خارج السيطرة. وإزاء ضغوط كوشنر فإن الرئيس عباس رد بأنه في حال لم تبادر الحكومة الإسرائيلية إلى إزالة تعدياتها وتمكين المصلين من الدخول إلى المسجد الأقصى بدون قيود لأداء صلاة الجمعة فإن الأمور ستنفجر وستتسبب بإراقة دماء، وعندها فإن السلطة الفلسطينية ستوقف جميع اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية، بما فيها الأمنية. رفض الأميركيون هذا الموقف وحاولوا الضغط على الرئيس من أجل التراجع، ولكن بتعنت إسرائيل وأداء عشرات آلاف الفلسطينيين الصلاة في الشوارع وقيام مستوطن وعنصر وحدات خاصة وجندي إسرائيليين بقتل 3 فلسطينيين في القدس، أعلن الرئيس عباس في اجتماع للقيادة الفلسطينية في مساء ذات اليوم قطع الاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية بما فيها التنسيق الأمني. وفي هذا الصدد قال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ "الأيام": الأميركيون، طيلة الأزمة، كانوا ينقلون المطالب الإسرائيلية مع تبنيها، ولم يقوموا بأي جهد لتقديم رؤية أميركية لحل الأزمة تنطلق من الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى منذ1926 والتزمت به الحكومات الإسرائيلية بعد العام 1967. وأضاف: الأميركيون حتى اللحظة الأخيرة لم يفعلوا شيئاً، المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات لم يفعل أي شيء، وفي آخر يوم قال إن الإسرائيليين أزالوا البوابات الإلكترونية، فلماذا لا يتم القبول بالكاميرات، وحاول أن يمررها على أنها امر عادي ولكن تم رفض هذا الأمر بشكل مطلق وحاسم. وتابع مجدلاني: اتسم الموقف الأميركي طوال الأزمة بالانحياز وعدم الموضوعية او الجدية مع تبني الموقف الإسرائيلي بشكل كامل، وفريق كهذا هو أقرب إلى نتنياهو منه إلى فريق يمكن أن يعيد عملية السلام إلى مسارها او يستأنف العملية السياسية، فهو اقرب إلى نتنياهو تحديدا ولليمين المتطرف من حتى موقف الرئيس الأميركي ترامب نفسه. وصدرت التعليمات إلى جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية الفلسطينية بوقف الاتصالات بالكامل مع الجانب الإسرائيلي وفي أي موضوع كان، مع التأكيد على أن الاتصالات مقتصرة على وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ في القضايا الإنسانية فقط لا غير. لم يعجب هذا الموقف الحكومة الإسرائيلية التي سارعت إلى توجيه التهديدات إلى القيادات الفلسطينية. وقال مصدر فلسطيني لـ "الأيام" "قالت الحكومة الإسرائيلية إنه في حال استمر وقف الاتصالات، بما فيها الأمنية، فإن الحكومة الإسرائيلية ستبادر أيضا إلى وقف الاتصالات من جانبها في كل القضايا بما فيها الإنسانية، وإنها ستعمل على وقف تحويل المستحقات المالية التي تجمعها شهرياً نيابة عن السلطة الفلسطينية والتي تعتبر مصدر الدخل الأساسي للسلطة". بلغة المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة فإن وقف المستحقات المالية يعني المساهمة في انهيار السلطة الفلسطينية. غير أن الرئيس عباس رفض الالتفات إلى هذه التهديدات وأصر على موقفه بأن على الحكومة الإسرائيلية أن تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من تموز. وأصدر الرئيس تعليماته إلى الحكومة بتقديم كل الدعم المطلوب للفلسطينيين في مدينة القدس بعد أن حيّا الحراك السلمي للمواطنين المقدسيين بالصلاة في مواجهة آلاف من عناصر الشرطة المدججين بالسلاح وإصرار المواطنين الفلسطينيين على سلمية تحركهم. وعلمت "الأيام" أن الرئيس عباس كان يرى بأنه يتوجب حل المشكلة من أساسها باعتبار أنه أولاً يجب على إسرائيل أن تزيل جميع التغييرات التي أحدثتها منذ 14 تموز ولكن يجب النظر أيضاً في جذور المشكلة في القدس والتي تتفجر في كل عام، وذلك بوقف إجراءات الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين. وعلمت "الأيام" أنه قبل الاجتماع الثاني للقيادة الفلسطينية وبعد أن أزالت الحكومة الإسرائيلية البوابات الإلكترونية من مداخل المسجد الأقصى حاول المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات الاجتماع مع الرئيس عباس، ولكن الرئيس رفض الاجتماع معه. وأوفد الرئيس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات ورئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج للقاء مع غرينبلات الذي جاء مع القنصل الأميركي العام في القدس دونالد بلوم. وأبلغ عريقات اجتماع القيادة أن الجانب الفلسطيني أصر على التمسك بوقف الاتصالات لحين تتراجع إسرائيل، وأصر على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من تموز، وأن توقف إسرائيل تعدياتها بالكامل مستقبلا، وان تعمل الإدارة الأميركية على حل القضية من جذورها وذلك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية واقامة الدولة وعاصمتها القدس على حدود 1967. وأشار عريقات في تقريره إلى القيادة الفلسطينية إلى أن الجانب الأميركي لم يجلب جديداً. وعلمت "الأيام" أنه في حال إصرار الحكومة الإسرائيلية على عدم إزالة جميع تعدياتها في المسجد الأقصى للجمعة الثانية فإنه سيصار إلى خطوات إضافية من بينها الانضمام إلى 28 اتفاقية ومعاهدة ومؤسسة دولية وتقديم إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية. وقد اقرت القيادة الفلسطينية هذه الخطوات ولكن ترك تحديد موعد التحرك للرئيس عباس. ورأى مجدلاني أن الحكومة الإسرائيلية سعت طوال الأزمة إلى حل من خلف ظهر السلطة الفلسطينية، وقال: نتنياهو بالأساس كان يبحث عن حل خارج إطار تفاهمات مع القيادة الفلسطينية لإخراج القدس من إطار الحل السياسي لاحقاً، وأنا أعتبر أن صمود المقدسيين وتضحياتهم والطابع السلمي لتحركهم والمشاركة الشعبية الواسعة هو الذي فرض فلسطين على المعادلة السياسية. وأضاف: بقدر ما كانت هذه معركة إرادات بيننا وبين الجانب الإسرائيلي كانت أيضا صراع سيادة على القدس، وما جرى أكد انه لا يمكن تجاوز الجانب الفلسطيني، ولا يمكن أن أي حل يبحث عنه نتنياهو يكون خارج نطاق القرار السياسي الفلسطيني. من جهة ثانية، فإن المعركة للدفاع عن المسجد الأقصى ابرزت تنسيقا فلسطينيا- أردنيا مستمرا ومتواصلا على مدار الساعة على أعلى المستويات. وعلمت "الأيام" أن الرئيس عباس كان كلف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات بالتواصل الدائم مع القيادة الأردنية. وأعلن وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي في بيان وفي تغريدة على حسابه في "تويتر" تواصل الاتصال والتنسيق المشترك بين القيادة الفلسطينية والقيادة الأردنية. وعلمت "الأيام" أن الاتصال الذي جرى بين الرئيس عباس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتحرك كان بطلب من الأردن باعتبار أن تركيا ترأس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي. وعلى إثر ذلك فقد دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى اجتماع على المستوى الوزاري من أجل بحث التطورات الخطيرة في المسجد الأقصى. وقال مجدلاني: نحن كنا حريصين على التنسيق والتشاور مع الأشقاء في الأردن لأكثر من سبب أهمها هناك رعاية أردنية للمقدسات في القدس، وذلك بموجب اتفاق اردني –فلسطيني وبالتالي كان يهمنا الدور الأردني ويهمنا التنسيق المستمر مع الاردن". ولكن لوحظ خلال الأزمة نشاط محور القيادي السابق محمد دحلان وحركة (حماس)، فتم عقد مؤتمر صحافي للطرفين في بداية الأزمة ومن ثم حاول دحلان تقديم نفسه طرفاً وصولاً إلى سماح حركة (حماس) له بالحديث في جلسة عقدها نواب حماس والمحسوبون على دحلان في غزة. بيد أن ما تم التخطيط له ليكون عامل ضغط كبير على القيادة تزامن مع نجاح الجهود بإزالة التعديات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وإعلان المرجعيات الدينية في القدس قرارها الدخول إلى المسجد، ما حول الأنظار كلياً عن الجلسة التي تم التخطيط لها مسبقاً. وقال مجدلاني "دحلان حاول أن يشوش ليفرض نفسه ولكن رهان دحلان و"حماس" كان على شيء اهم، وهو أن القيادة الفلسطينية لن تصمد أمام الضغوط الخارجية وأنها ستبحث عن حل، ولذلك كان دحلان و"حماس" ينتظرون فشل القيادة في معركة الأقصى". ولفت في هذا الصدد إلى أن "حماس لم تلتقط الفرصة التاريخية التي عرضها الرئيس بوقف التصعيد الإعلامي وتوجيه الاهتمام إلى القدس والمسجد الأقصى والقبول بمبادرة حل ما تسمى باللجنة الإدارية وتمكين الحكومة من ممارسة دورها والتحضير للانتخابات، فقد كان رهانهم مع دحلان أن القيادة ستفشل في المعركة وانهم سيتحركون لزيادة الضغط على القيادة الفلسطينية لتقديم انفسهم كبديل". وتابع مجدلاني: عندما كانوا يتحدثون في غزة كان الشعب يحتفل في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية فخسروا الرهان. المصدر: الأيام الالكترونية |