|
الدولة والمواطن.. أيّ علاقة نريد؟
نشر بتاريخ: 05/08/2017 ( آخر تحديث: 05/08/2017 الساعة: 16:53 )
الكاتب: نبيل الزيناتي
كن طموحاً، اذهب الى أبعد مدى، فلم تصبح الدول عظيمة إلا عندما أصبح مواطنوها طموحين، ذهبوا بها نحو المنعة والقوة، إن ثمة مشاعر لا يفهم معانيها إلا مواطن دولة تحترم مواطنيها، دولة جعلت من الإنسان شجاعاً حتى لو كان ضعيفاً وجباناً، جعلت منه مواطناً قوياً سواء كان على حق أو على باطل، فالدولة القوية هي من تُشعِر مواطنيها بالعزة والكرامة والفخر بالمواطنة، إنها الدولة التي تقف إلى جانب مواطنيها بكل ما تملك، كأنها تقول للعالم أجمع أنها ذات شأن عظيم؛ كيف ذلك؟ إن الوطنية هي حب الوطن والعمل من أجله والموت في سبيل الدفاع عنه.
هذه هي الوطنية الحقيقة، تقف الدولة مع مواطنيها في أزماتهم في ضعفهم، في نجاحاتهم، وابداعاتهم، فرحهم وحزنهم، داخل الوطن وخارجه، وكذلك تعطي المواطن حقه دون مواربة، ولكي تصبح الدولة قوية تقف إلى جانبك حينما تحتاجها، لذا عليها أن تعطي الدولة الثقة لمواطنيها، تشعرهم بالفخر والاعتزاز في كل شيء، الدولة التي أُسست على أن المواطن عليه واجبات وله حقوق، هي تلك الدولة التي تحكمها مؤسسات حقيقية، رسخت مفهوم القانون والعمل به؛ دون أي مساس بسيادة هذا القانون الذي يحفظ لكل إنسان حقه، إن الشعور بالأمان عند أغلب الناس وعلماء الاجتماع يعني الشعور بأنه ليس هناك ما يهدد حياة الفرد أو صحته الجسدية أو صحة وسلامة كل من يتبعه من عائلة أو معارف أو أصدقاء، وكلما اتسعت دائرة الأمان حول الفرد تحقق لديه أيضاً الشعور بالطمأنينة والسكينة، وهما شعوران يترتبان على الشعور بالأمان، أما الأمن فهو من أكثر المشاعر مصاحبة وملاصقة للأمان ولكن الأمن والأمان لا يعنيان بالضرورة الصحة الجسدية فقط، بل أيضاً يتضمنان الشعور براحة البال والهدوء النفسي والأمن الغذائي، فالأمان يتحقق في كل شيء، ويبحث عنه الإنسان في كل جوانب حياته، إذاً نستطيع القول أن قوة الإنسان وصلابته واستعداده للتضحية بكل شيء من أجل وطنه لا يأتي دون عمل منظم ووطني لترسيخ مفهوم المواطنة في الدولة. إن الشعور بالنقص والتخلف والرجعية عند بعض مواطني الدول العربية، يدفع بهم بالاتجاه نحو التطرف الديني، يأتي ذلك نتيجة عدم تحقيق مبدأ المواطنة ومدنية الدولة وديمقراطيتها كممارسة حقيقية، فتأسيس الدولة بشكل وحدوي يساوي بين الراعي والرعية، دون أن يملك أحد حبة والعيش في إطار أن الراعي من يملك أحقية الأرض يدفع بالمواطن نحو امتهان الوطن. لذا واجب على المجتمعات بكافة رعاتها وأطيافها من أعلى رأس الدولة حتى أصغر طفل فيها أن يؤمنوا بأن الوطن للجميع ويعملوا بكل طاقاتهم للحفاظ عليه لينعموا بحياة كريمة، لا أن يسعي أيٌ منهم لتملك الدولة كي تصبح له ولعائلته وحزبه كما يجري في أصقاعنا العربية . شتان بين قادة الحركة الصهيونية الذين خططوا لتحصين دولة الاحتلال قبل قيامها، وبين سياسيينا الذين يتنازعون من أجل السلطة قبل بناء الدولة، بل قبل تحرير البلاد، فالخلاف بين الساسة، في الحياة العامة وبعداوة وحقد الذي يُحسم بمنطق "أنا ومن بعدي الطوفان" و"عليّ وعلى أعدائي"، ورغم المظاهر العصرية الخادعة فقد ظلت السياسة الفلسطينية في جوهرها قبائل تتنازع غنائم وهمية كاذبة، لا ترتقي لمستوى التعاطف مع طفلٍ يموت نتيجة عدم تقديم العلاج المناسب له، لامرأة توفت لعدم تحويلها للعلاج في الخارج كي تحصل على جرعة كيماوية، والله يقول "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، شتان بين التنازع والتدافع، فلا أحد يفوق سياسيينا في الهوس بالسلطة والاستعداد للتفريط بالمصلحة الوطنية. إن نظامنا السياسي تم اغتصابه من سياسينا، أضاعوا فرص عديدة لاحترام المؤسسات الوطنية ونظامه الأساسي وكذلك الدفاع عن مواطنيه، فظلت البلاد تراوح مكانها بسبب ضعف سياسيينا، وقوى العمل الوطني والإسلامي في الحفاظ علي قوة وعنفوان شعبنا وقضيته وتوفير له الحياة الكريمة ومقومات صموده، إن ذاكرة الشعوب وغياب ثقافة التوثيق والتقييم والاعتبار والمحاسبة، هي من أهم اسباب واقعنا المتردي، فلا أحد يقبل أن يتحمل مسؤولية أخطاؤه، فضلاً علي أن يعتذر أو يعتزل، الكل يتفنّن في التنصّل من المسؤولية وإيجاد المبرّرات والشمّاعات، لم يهتد قادتنا إلى طريق النهوض، بل إن كثيراً من التراجع جاء لسبب بسيط يتمثل في غياب مشروع نهضوي وزعامات وطنية حقيقية تعبّئ الشعب وتوحّده، وضعف الهوية الوطنية والحس الوطني لحساب الولاءات والنزعات والأجندات الفئوية والمصالح الشخصية، لذلك لا تنتظر أيها المواطن الفلسطيني دولة كما ترغب، تجعلك شجاعاً. |