وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الائتلاف الأهلي يطالب بعدم إصدار قانون بقرار بشأن الجنايات الكبرى

نشر بتاريخ: 15/08/2017 ( آخر تحديث: 15/08/2017 الساعة: 16:11 )
الائتلاف الأهلي يطالب بعدم إصدار قانون بقرار بشأن الجنايات الكبرى
رام الله- معا- طالب الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية، الرئيس محمود عباس، بعدم إصدار مشروع قرار بقانون لسنة 2017 بشأن محكمة الجنايات الكبرى.
وتلقت معا نصا من الرسالة التي وجهها الائتلاف للمستشار القانوني للرئيس هذا نصها:

معالي المستشار القانوني للسيد الرئيس
الوزير حسن العوري المحترم

الموضوع: مشروع قرار بقانون بلا رقم لسنة 2017 بشأن محكمة الجنايات الكبرى المحال إلى السيد الرئيس من مجلس الوزراء لإصداره

يهديكم الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية أطيب تحياته، ويرفق لمعاليكم مذكرة قانونية حول مشروع قرار بقانون بلا رقم لسنة 2017 بشأن محكمة الجنايات الكبرى المُحال إلى السيد الرئيس من قبل الحكومة لإصداره، مذكراً بأن المشروع المذكور سبق لمجلس الوزراء وأحاله إلى السيد الرئيس بصيغته الأولى مشروع قرار بقانون بلا رقم لسنة 2016 بشأن محكمة الجنايات الكبرى بتاريخ 13/12/2016 بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسته الأسبوعية رقم 130/17، وعلى إثر الإحالة المذكورة وجه الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية إلى السيد الرئيس مذكرة خطية بتاريخ 02/02/2017، بيّن فيها أوجُه مخالفة المشروع للقانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، وإخلاله بضمانات المحاكمة العادلة، وبالتزامات دولة فلسطين المترتبة على انضمامها للإتفاقيات الدولية، وبخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإخلاله بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعد جزءاً من القانون الدولي العرفي، الأمر الذي أدى في حينه إلى عدم إصداره بصيغته الأولى، وإعادته إلى الحكومة للوقوف على الملاحظات المقدمة بشأنه، الأمر الذي حدا بالحكومة إلى إقرار مشروع قرار بقانون بصيغته الجديدة بلا رقم لسنة 2017 بشأن محكمة الجنايات الكبرى، وإحالته إلى السيد الرئيس لإصداره.

إننا في الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية إذ نأمل منكم الإطلاع على مذكرتنا الموجهة إلى السيد الرئيس بتاريخ 02/02/2017، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من مذكرتنا هذه، والوقوف عليهما بإمعان، وبالنتيجة عدم إصدار مشروع القرار بقانون لانطوائه على جُل الهنّات والمخاطر والمخالفات القانونية، ولمسّه المباشر بالقانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، وضمانات المحاكمة العادلة، والإتفاقيات والعهود الدولية ذات الصلة.

ومنعاً للتكرار فإننا بعد أن وقفنا على الصيغة الجديدة لمشروع القرار بقانون لسنة 2017، والمقر من قبل الحكومة في جلستها المنعقدة بتاريخ 01/08/2017، نجد بأن المشروع بصيغته الجديدة لم يتجاوز ولم يعالج الهنّات والثغرات الواردة في صيغته الأولى، ما يستدعي طرحه جانباً وعدم الإلتفات إليه وعدم إصداره لجملةٍ من الأسباب والاعتبارات تتمثل في:

1- مشروع القرار بقانون بصيغته الجديدة لم يختلف عن المشروع بصيغته الأولى، إلا في حدود ضيقةٍ للغاية تمثلت في عدم تناوله للمنع من السفر أو ترقب الوصول، وفي تخفيضه للمدة الزمنية المتاحة للنيابة العامة للتوقيف من أسبوع إلى أربعة أيام، مع إلغاء للنصوص الناظمة للمنع من مغادرة البلاد، وترقب الوصول، وإلغاء النص الخاص بانطباق قانون السلطة القضائية على قضاة وأعضاء النيابة العامة في المحكمة المقترحة، والوارد في المادة الثالثة من المشروع بصيغته الأولى، وتعديل للمادة التاسعة عشرة من المشروع بصيغته الأولى وفقاً لما ورد في المادة العشرون من المشروع بصيغته الجديدة، وهو تعديل ذات طابع إداري أكثر منه موضوعي، وحذف المادتين العشرون والثانية والعشرون من المشروع بصيغته الأولى، إلى جانب إيراد أحكام ونصوص مستحدثة كما هو الحال في المواد الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة من المشروع بصيغته الجديدة.
2- المادة الثانية من المشروع بصيغته الجديدة بقيت على ذات النص الوارد في الصيغة الأولى للمشروع، ونرى بأن واضعها لم يوضح على ماذا تتبع الإجراءات والأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجزائية، هل على إجراءات التحقيق أم الإحالة، أم تقديم البيّنات، أم إجراءات الدعوى؟ ما يوسمها بعيب الخطأ الصياغي، والإيراد على غير حاجة أو موضوع.
3- لقد جاء المشروع متضمناً للنص المادة الثالثة، المتعلق بسرعة الفصل بالدعاوى، إذ جاء النص بصيغة فضفاضة قد يُساء استخدامها للمساس بحقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة، كونه لم يستهدف تقصير أمد تأجيل جلسات المحاكمة، بل تحدث عن سرعة الفصل في القضايا، ولا يعدو تكراراً لما ورد في المادة الخامسة عشرة من المشروع ذاته إذا كان القصد منها إجراءات النظر في الدعوى.
4- النص الوارد في المادة الرابعة والخاص بإنشاء المحكمة مكانه قانون تشكيل المحاكم النظامية.
5- النص الخاص بمكان انعقاد المحكمة والوارد في المادة الخامسة من المشروع، وهو ذات النص الوارد في المادة السادسة من المشروع بصيغته الأولى، يمثل خروجاً عن قواعد انعقاد المحكمة خارج نطاق اختصاصها، والمنظم بموجب قانون السلطة القضائية، وقانون تشكيل المحاكم النظامية، كما أنه مَعيب بالخطأ الجسيم في الصياغة، إذ أشار إلى أن انعقاد المحكمة خارج مكانها المؤقت يتم بناءً على طلب من النائب العام، وكأن مثل هذا الطلب قرار واجب النفاذ، في حين أن انعقاد المحكمة المكاني لا يندرج بأي حال تحت نطاق صلاحيات النيابة العامة، وهي خصم في الدعوى وليست قاضياً فاصلاً فيها، والأصل الدستوري يقضي بالإلتزام بقواعد انعقاد المحكمة خارج نطاق اختصاصها، والذي يتم بقرار قضائي وبصلاحية قضائية مطلقة ومنفردة، فلرئيس المحكمة أو القاضي المختص أن يقبل أو يرفض طلب النيابة العامة، والصياغة الواردة في النص المقترح تمس صلاحيات القضاء وسلطانه، وتتيح المجال لتغول النيابة العامة في اختصاصات القضاء.
6- المادة السادسة في المشروع بصيغته الجديدة والمقابل لنص المادة السابعة من المشروع بصيغته الأولى، يُشير إلى أن هيئة المحكمة قد تضم في عضويتها أو رئاستها قضاة من محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، وذلك بنصه على تشكيل هيئة المحكمة من ثلاث قضاة لا تقل درجتهم عن قاضي بداية، وهذا يتناقض ومبدأ التقاضي على درجتين وهرمية البناء القضائي، إذ لا يُتخيل أن محكمة الاستئناف مثلاً ستنظر في طعن مقدم ضد حكم صادر عن أعضاء فيها، أو أعضاء في المحكمة العُليا التي تعلوها.
7- المادة السابعة من الصيغة الجديدة من مشروع القرار بقانون، والتي تماثل المادة الثامنة من المشروع بصيغته الأولى، تتناقض مع قانون الإجراءات الجزائية، إذ أن من يمثل النيابة أمام محكمة الاستئناف وكيلاً للنيابة العامة، في حين من يمثل النيابة أمام محكمة أقل درجة، كالمحكمة الداعي المشروع لتشكيلها هو رئيس نيابة.
8- المادة الثامنة من المشروع بصيغته الجديدة، والذي يماثل المادة التاسعة من المشروع بصغيته الأولى أناطت بالمحكمة اختصاصات واسعة للغاية، إذ في فقرتها الأولى تشير إلى اختصاص المحكمة في النظر منفصل في جرائم القتل، ما عدا القتل الخطأ، والأفعال التي تندرج تحت تعريف القتل واسعة جداً، وقد تشمل الضرب المُفضي إلى الموت، والإجهاض المفضي إلى الموت، والحرق المفضي إلى الموت، وما إلى ذلك، كما أدرجت في فقرتها الثانية جرائم هتك العرض، وفي فقرتها الثالثة أدرجت الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وهو مصطلح فضفاض عصّي على الضبط والتحديد والحصر، قد يصل إلى اعتبار إبداء الرأي على وسيلة التواصل الإجتماعي (الفيس بوك) جريمة أمن دولة، كما أن هناك عدد من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي معاقب عليها بعقوبات "جنحوية" وليست جنائية وبالتالي ينبغي أن تخرج من اختصاص المحكمة. وفي فقرتها الخامسة، أدرجت الشروع في الجرائم المبينة فيها، على الرغم من أن المُشرّع في القانون الموضوعي (قانون العقوبات) لم يُجرم أصلاً الشروع في الجُنح، إلاّ إذا نص القانون على ذلك صراحةً، بشأن كل جنحة على انفراد، إذا أن الأصل عدم تجريم الشروع في الجُنح.
9- المادة التاسعة في المشروع بصيغته الجديدة، والتي تماثل المادة العاشرة في المشروع بصيغته الأولى، منحت النيابة العامة صلاحية اتخاذ كافة الإجراءات التحفظية، وهو مصطلح فضفاض غير محدد، وخاضع لتفسير الشخص القائم على التحقيق، وهو ما قد يعتبر ابتداع جديد يخرج عن القواعد القانونية الملزمة ببيان ماهية الإجراء، ونوعه صراحةً دون تعميم. وقد يتم التعامل مع قرارات المنع من السفر والحالة هذه على انها إجراءات تحفظية!
10- المادة العاشرة في المشروع بصيغته الجديدة، والمعدلة للمادة الثانية عشرة من المشروع بصيغته الأولى، خفضت مدة التوقيف لوكيل النيابة، من اسبوع إلى أربعة أيام، وفي ذلك تعديل لقانون الإجراءات الجزائية، الذي منح النيابة مدة يومين فقط، لذات المقتضيات الواردة في النص، وهي بالأصل ممنوحة لأغراض تتصل بعدم انتظام العمل في القضاء؛ بسبب العطلة الأسبوعية أو العطل الرسمية لا اكثر، إذ أن الأصل في الإنسان أن يبقى حراً والاستثناء أن يجري توقيفه بقرار قضائي، وبالتالي لا زال ينطوي هذا النص على انتهاك لحقوق الإنسان، وتوسيع صلاحيات النيابة العامة دون موجب قانوني، علماً بأن بمقدور النيابة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بتمديد توقيف المتهم وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية الساري المفعول، بالإشارة إلى أن الخطأ الجسيم الوارد في النص والذي تضمن التوقيف بعد مدة الأربعة أيام المشار إليها في مقدمته، يتم وفقاً لأحكام المادة الثامنة من المشروع، وكان من الأجدى النص على (أن تتم الإجراءات وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية)، كما أن ما أورده النص من الحالات التي تجيز لوكيل النيابة توقيف المتهم بعد استجوابه لمدة أربعة أيام، جاءت بصيغة عامة وفضفاضة من شاكلة الخشية من هروب المتهم، أو توقي الإخلال الجسيم بالأمن، أو النظام العام، أو عدم وجود محل إقامة ثابت للمتهم، وكان بالإمكان الإشارة إلى القواعد والإجراءات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية والناظمة لإجراءات التوقيف، الأمر الذي يجعل من النص غير ذي حاجة أو موضوع، إضافة إلى ما ينطوي عليه من منح وكيل النيابة العامة صلاحيات تُهدر ضمانات المتهم في الحرية، وتشِل يد المحكمة من الرقابة على التوقيف، ويمثل تعديلاً لقانون الإجراءات الجزائية وإلغاءً لصلاحيات قاضي الصلح والبداية من النظر والفصل في قرارات تمديد التوقيف، وإناطة ذلك بالنيابة العامة ومحكمة الجنايات المقترح تشكيلها على خلاف مع قانون الإجراءات الجزائية، وفي تناقض صارخٍ معه.
11- ما ورد في المادة الحادية عشرة من المشروع بصيغته الجديدة وهو نص مستحدث لم يرد في صيغة المشروع الأولى، ويتصل بتعديل مدد التوقيف الصادرة عن المحكمة، بتعديل جوهري للمدد الواردة في قانون الإجراءات الجزائية، إذ جعل من مدد التوقيف التي يجوز للمحكمة فيها توقيف المتهم أثناء فترة التحقيق إلى ثلاثة أشهر بدلاً من 45 يوماً، وكذلك أجازت في الفقرة الثانية منها تمديد المدة مرة أخرى لمدة ثلاثة أشهر أخرى، قبل عرض المتهم إلى المحاكمة وإحالة قرار الإتهام إلى المحكمة، بل وأجازت في الفقرة الثالثة تمديد التوقيف لمدة ثلاثة أشهر أخرى (ما يرفع مدة التوقيف أثناء التحقيق إلى ستة أشهر)، يليها طلب توقيف المتهم حتى إنتهاء إجراءات المحاكمة، وفي هذا مساس واضح بقاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أو ما يُعرف باستيفاء العقوبة تحت الحساب، الأمر الذي ينسف فلسفة قانون الإجراءات الجزائية، والفلسفة العقابية المنصوص عليها في القوانين الموضوعية أيضاً برمتها، ويُشكل تهديداً ومساساً بالحقوق الأساسية للمواطن، الواردة في الباب الثاني من القانون الأساسي، وتلك الواردة في الإتفاقيات والعهود الدولية الملزمة بها دولة فلسطين.
12- المادة الثانية عشرة من المشروع بصيغته الجديدة، وهو نص مستحدث لم يرد في المشروع بصيغته الأولى، والمتعلق بحضور محامي المتهم للتحقيق باستثناء حالة التلبس، وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وهو مصطلح فضفاض يعود تقديره لوكيل النيابة ما يفتح الباب واسعاً أمام التعسف في استخدام السلطة، ويفقد النص مغزاه وغايته.
13- المادة الثالثة عشرة من المشروع بصيغته الجديدة تضمنت نصاً مستحدثاً أتاحت للنيابة العامة إعادة توقيف المتهم المُخلى سبيله بالكفالة إذا ظهرت أدلة جديدة، حتى لو لم يتغير الوصف الجرمي للفعل الجاري التحقيق بشأنه، وفي هذا انقلاب على الفلسفة الواردة في قانون الإجراءات الجزائية، والتي تعتبر أن إخلاء السبيل هو الأصل، والتوقيف هو الاستثناء، كما أن بقاء المتهم طليقاً لا يحول دون محاكمته، وما ورد في النص يتحدث عن أدلة إثبات لا تستدعي بالضرورة إعادة التوقيف، الأمر الذي يجعل من النص المذكور سيفاً مسّلطاً على حقوق الإنسان ومخالفاً للقانون الأساسي الذي تتضمن حماية لحق المواطن في التنقل واعتبر أن الأصل بقاء المتهم حراً، ما يجعل من النص غير ذي موضوع، ماس بالحقوق الأساسية للمواطن وبإجراءات المحاكمة العادلة وضماناتها.
14- المادة السادسة عشرة من مشروع القرار بقانون بصيغته الجديدة والتي تماثل المادة الخامسة عشرة من المشروع بصيغته الأولى، جاء بمصطلح جديد، وهو عدم جواز إعادة النظر في القرار الصادر بمحاكمة المتهم كما لو كان حاضراً إذا غاب عن إحدى جلسات المحاكمة لأي سبب كان، عدى القوة القاهرة التي تقتنع بها المحكمة حتى لو أدى ذلك إلى حرمان المتهم من الدفاع عن نفسه، وفي هذا مساس بقواعد المحاكمة العادلة، وخروجاً عن أحكام القانون الأساسي والإتفاقية الدولية.
15- المادة السابعة عشرة من المشروع بصيغته الجديدة والتي تماثل المادة السادسة عشرة من القانون بصيغته الأولى، تضمنت نصاً موضوعياً مكانه قانون العقوبات، حيث نصت على تخفيض العقوبة في حال اعتراف المتهم بمقدار الثلث، وهذا يمثل خروجاً عن القواعد التشريعية العامة المقررة.
16- المادة الثامنة عشرة من المشروع بصيغته الجديدة والتي تماثل المادة السابعة عشرة من القانون بصيغته الأولى، تُشكل ظاهرة في منتهى الخطورة، إذ تمنح النائب العام طلب نقل الدعوى من هيئة إلى هيئة أخرى من قضاة ذات المحكمة، وفي هذا انقلاب على قواعد الحكم، فالخصم لا يختار قاضيه، كما أنه يمثل تدخلاً في عمل القضاة، إلى جانب ما يمثله من تأثير على استقلاليتهم بداعٍ يستند إلى معيارٍ فضفاض، مُطلق من شاكلة الإخلال بالأمن العام، بل تمادى النص في منح النائب العام الحق في طلب نقل الدعوى من هيئة إلى أخرى من قضاة ذات المحكمة في جميع مراحل المحاكمة، بما فيها مرحلة التحقيق، ما قد يندرج تحت مظلة البحث عن قضاة على المقاس، وهذا أمر في منتهى الخطورة ويهدد أسس دولة القانون.
17- المادة التاسعة عشرة من المشروع بصيغته الجديدة والتي تماثل المادة الثامنة عشرة من المشروع بصيغته الأولى، تضمنت في فقرتها الثالثة ما يحول دون إخلاء سبيل المتهم تحت أي ظرف، حتى لو قدم طعناً بالحكم الصادر بحقه، على خلاف أحكام قانون الإجراءات الجزائية.
18- المادة الواحد والعشرون من المشروع بصيغته الجديدة والتي تماثل المادة الواحد والعشرون من المشروع بصيغته الأولى، قلب هذا النص مبدأ إجراءات التقاضي على درجتين، بأن حول محكمة الاستئناف من محكمة موضوع إلى محكمة قانون، بنصه على أن تُنظر الطعون الاستئنافية تدقيقاً إلاّ في حالة الحكم بالإعدام أوالأشغال الشاقة المؤبدة، وهو نصٌ ينسف النظام القضائي برمته، ويُحرم المتقاضين من درجة من درجات التقاضي. كما أن النص المذكور يستخدم عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة تارة "والسجن المؤبد" تارة أخرى والأخيرة غير واردة في العقوبات جنائية الوصف في قانون العقوبات النافذ.
19- المادة الثانية والعشرون من المشروع بصيغته الجديدة والمعدلة للمادة الثالثة والعشرون من المشروع بصيغته الأولى، والتي تنص "بموجب أحكام هذا القانون تُحال إلى المحكمة جميع الدعاوى التي أصبحت من اختصاصها ما لم يكن باب المرافعة قد أقفل فيها"، تشكل خروجاً عن ما استقر عليه قضاة محكمة النقض بهيئتها العامة، والذي أرسى مبدءاً قضائياً يقضي بأن مباشرة الإختصاص وصفٌ يلازم المحكمة ساعة تحديدها، بمعنى أنه إذا ما تولت محكمة مختصة النظر في دعوى ثم صدر تشريعاً يُحيل الإختصاص إلى محكمة أخرى، فإن التشريع الجديد لا يمس باختصاص المحكمة التي كانت مختصة عند اتصالها بالدعوى، ناهيك عن ما يشكله من تراكم قضائي، ومسٌ بمبدأ تحقيق العدالة بأقصر وقت ممكن لأن في إطالة أمد التقاضي على غير سند ما يُشكل انكاراً للعدالة ويمس بحقوق الناس وأمن المجتمع، وذلك كله على غير ذي مقتضى ودون حاجة أو مبرر، سيّما وأن المشروع بصيغته الجديدة وفي المادة الثالثة والعشرون منه أعطى للمحكمة المقترح تشكيلها صلاحية الاستمرار في النظر في الدعاوى المُحالة إليها من النقطة التي وصلت إليها، ما يجعل من النص الوارد في المادة الثانية والعشرون غير ذي موضوعٍ أو جدوى أو حاجة، فضلاً عن انتهاكه لقواعد المحاكمة العادلة وضماناتها.

معالي المستشار،،
أمام هذه الملاحظات وتلك الواردة في مذكرة الائتلاف المُشار إليها في مقدمة هذه المذكرة، والموجهة إلى السيد الرئيس بتاريخ 02/02/2017، فإننا في الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية نرى بأن المشروع بصيغته الجديدة لا زال ينطوي على انتهاك لأحكام القانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ما يستدعي طرحه جانباً وعدم الإلتفات إليه وعدم إصداره، مؤكدين سلفاً أن لا حاجة موضوعية له، سيّما وأن القضاء الفلسطيني تندرج تحت مظلته ثماني محاكم بداية موزعة على ثماني محافظات، ومُشَكَلة من قضاة بداية، وقد يكونوا هم ذاتهم القضاة التي ستشكل منهم محكمة الجنايات الكبرى المقترحة، ما يفقد الغاية من انشاءها، أو الحاجة العملية لهذا الإنشاء، وينفي الضرورة المُلحة التي لا تحتمل التأخير، التي يُستند إليها في إصدار القرارات بقوانين.
مع الاحترام،