|
المُهاجرُ في وطنه
نشر بتاريخ: 16/08/2017 ( آخر تحديث: 16/08/2017 الساعة: 14:29 )
الكاتب: المتوكل طه
"أغْرَبُ الغرباء مَن صار غريباً في وطنه.. سِرُّه عَلَنْ وخوفهُ وَطَن "
******** في أيِّ طيفٍ سوف تفردُ خيمةَ الرّعَويِّ في هذي السّهولِ ، أو الجبالِ الشاهقاتِ ؟ وأين تغفو وسطَ هذا القيظِ والثلجِ الكثيفِ ، وكيف تخفي سيفَكَ الممدودَ ، حين تُقَبِّلُ امرأةً تُغنَّي وحدَها حولَ القطيعِ .. ومَن سيأتي في الليالي ، والكلابُ بلا نباحٍ .. لا مسالكَ للضيوفِ ! وهل يفيضُ حليبُكَ الدُرّيُّ من بين الأصابعِ ، في الربيعِ ؟ وربّما تنسى مواويلَ الرحيلِ على المراعي ، إنْ تذكَّر قلبُكَ المعقوصُ أعشاشَ الطيورِ ! وسوف تبحثُ عن كلامٍ من هواءٍ .. أو ستحملُ ماءَكَ النّهريَّ .. في بعض الجِرار . *** أنتَ المُؤَقَّتُ والمُقَسَّمُ ، مثل بطّيخِ المواسمِ ، في براري الحاكمين !! وسوف ترقبُكَ الذئابُ إذا خرجتَ من احتِقانِ مُربَّعِ الصيَّادِ .. فاكتُبْ ما تشاء .. فلن ترى ، مثلي ، المجرّاتِ البعيدةَ .. إنّما تتغيّر الأحوالُ .. والدّنيا يُداوِلُها الزمانُ .. و ثمةَ الأحلامُ ..لا تغفو ! ستبقى خلفَ أسلاكِ الحرامِ ، وثَمَّ كَفٌّ تطرقُ البابَ العنيدَ ، وإنّني من فوقِ هذه الوَحْشةِ الخرساء ، في كلِّ الذُّرى الجرداء .. ألمحُ غيمةً تمتدُّ في كلِّ البلادِ .. فلا عليكَ ولا عليَّ ولا على هذا المُشرَّدِ .. إنْ تعثَّرَ بالطريقِ .. فسوف ينكسرُ الجدار . *** إذا التقى القلبان ؛ ينكسرُ الصّدى في النّبضِ ، تعلو رفَّةُ العينين ، تنغلقُ الشفاهُ على حريرِ الصّمتِ ، يمشى نهرُ موسيقى إلى الجسدين ، ترتبكُ الحواسُ ولا فرار .. ولا فرار .. فأين تَلقى دولةً للزَّوجِ والأولادِ و الجيرانِ .. في هذا المدار ؟ *** أَوَّبْتَ مثل عواصفِ المطرِ العنيفِ ، زرعتَ بعضَ حقولِكَ الصفراء بالورقِ الخفيفِ وبالحبوبِ وبعضِ أشتالِ الخضار .. وأَوْقَدوا كَبْشاً ليومِ العيدِ ، قاموا ، واستباحوا آخرَ المِخيال ، صبّوا ألفَ كأسٍ للأهازيجِ الرّهيفةِ ، زَوَّجوا بنتَ الإلهِ لسيّد الفرسانِ ، ناموا .. والوسائدُ من نبيذِ المشمشِ الجبليِّ ، واجتمعَ الرجالُ ، وغابَ أكثرُهُم .. هناكَ ، ولم يعودوا ! أغلقوا وجهَ الحدودِ .. ولم تزل كلُّ العشيرةِ بالجهاتِ الستِّ ، والبلدُ المُوَزَّعُ لا يزال مبعثراً في الرّيحِ .. فاجْمَعْ خيمةَ الأجدادِ ، وارفَعْ فوقَها جُرْحَ النّبيِّ ، لكي يعودوا للغناءِ وللدّيار . ولا تَقُلْ : كيفَ السبيل ؟! فأنتَ مَنْ فتحَ السماءَ على مصاريعِ النجومِ ، وأنتَ مَنْ لَبسَ الرّياحَ على قميصِ المُعجزاتِ ، .. وأنتَ مَن أخذَ القرار ! |