|
أبو مازن: لم يعد بإمكاننا الاستمرار كسلطة دون سلطة
نشر بتاريخ: 20/09/2017 ( آخر تحديث: 21/09/2017 الساعة: 09:08 )
بيت لحم- معا- هدد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" بحل السلطة الفلسطينية، قائلا: لن يكون أمامنا سوى مطالبة إسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال بتحمل مسؤولياتها كاملة عن هذا الاحتلال، وتحمل ما يترتب عليه من تبعات، فلم يعد بإمكاننا الاستمرار كسلطة دون سلطة، وأن يستمر الاحتلال دون كلفة، نحن نقترب من هذه اللحظة.
وأضاف "ابو مازن" في كلمته أمام الدورة الـ 72 للأمم المتحدة، أن الحكومة الاسرائيلية تواصل بناء المستوطنات على الأرض الفلسطينية منتهكة المواثيق والقرارات الدولة ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وتواصل تنكرها لحل الدولتين. ووصف الرئيس استمرار الاحتلال بوصمة عار في جبين إسرائيل المجتمع الدولي، الذي حمّله المسؤولية عن إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. وأضاف الرئيس عباس أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضرورة وأساس لإكمال الجهود في مواجهة الإرهاب. واتهم الرئيس إسرائيل بالتنكر لعملية السلام وإفشالها، بالاستمرار في بناء المستوطنات وفرض وقائع على الارض لا تدع مجالا لاقامة الدولة الفلسطينية، وبالتنكر لحل الدولتين، "الأمر الذي أصبح يشكل خطرا حقيقيا على الشعبين"، مطالبا بمراجعة استراتيجية شاملة لعملية السلام. وأضاف الرئيس أن القدس مدينة محتلة، وإجراءات إسرائيل فيها باطلة ولاغية وغير قانونية، كما هو الاستيطان في القدس الشرقية وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحذر الرئيس من جر الصراع في المنطقة إلى صراع ديني، وقال: إن صراعنا سياسي ولتبعدوا عن القضايا الدينية. وتابع الرئيس حول قطاع غزة قائلا: "تحملنا مسؤولياتنا تجاه شعبنا في قطاع غزة رغم الانقسام، ولا دولة فلسطينية في غزة أو دون غزة"، معبرا عن ارتياحه من الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في القاهرة بجهود مصرية لإنهاء الانقسام. وقال الرئيس عباس إن الحكومة الفلسطينية ستتوجه نهاية الأسبوع القادم إلى غزة لممارسة أعمالها هناك. ويتابع الفلسطينيون الكلمة عبر شاشات ضخمة وضعت في مراكز المدن في الضفة الغربية، فيما رفع الجمهور المحتشط في الميادين أعلام فلسطين ورايات حركة فتح. وفيما يأتي النص الحرفي للخطاب: كلمة الرئيس بسم الله الرحمن الرحيم السيد رئيس الجمعية العامة المحترم السيدات والسادة، أربعة وعشرون عاما مضت على توقيع اتفاق أوسلو الانتقالي الذي حدد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بعد خمس سنوات، ومنح الفلسطينيين الأمل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فأين نحن اليوم من هذا الأمل؟ السيد الرئيس، السيدات والسادة، لقد اعترفنا بدولة إسرائيل على حدود العام 1967، لكن استمرار رفض الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بهذه الحدود يجعل من الاعتراف المتبادل بيننا وبينهم الذي وقعناه في أوسلو عام 1993 موضع تساؤل. مُنذ خطابي أمام جمعيتكم الموقرة في العام الماضي، والذي طالبت فيه بأن يكون عام 2017 هو عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، واصلت الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات على أرض دولتنا المحتلة، منتهكة المواثيق والقرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، كما واصلت تنكرها وبشكل صارخ لحل الدولتين، ولجأت إلى سياسات وأساليب المماطلة وخلق الذرائع للتهرب من مسؤولياتها بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين، وبدلا من أن تركز على الأسباب وعلى ضرورة معالجة المشكلة من جذورها، أخذت تسعى لحرف الانتباه الدولي إلى مسائل جانبية أفرزتها سياساتها الاستعمارية، فعندما نُطالبها ويطالبها المجتمع الدولي بإنهاء احتلالها لأرضنا المحتلة، تتهرب من ذلك وتتذرع بادعاءات التحريض، وبعدم وجود شريك فلسطيني، أو طرح شروط تعجيزية، وهي تُدرك كما تدركون جميعا، أن الحاضنة الطبيعـــــــية للتحــــريض، ولأعمال العنف هـــــو الاحتلال الإسرائيلي العسكري لأرضنا الذي جاوز اليوم نصف قرن من الزمان. منذ أكثر من 10 سنوات اتفقنا على تشكيل لجنة ثلاثية أمريكية إسرائيلية فلسطينية، لمعالجة مسألة التحريض، والقرار عائد لأميركا، وعملت هذه اللجنة سنة ثم ألغوها، ومنذ ذلك الوقت ونحن نطالب بإحياء اللجنة، إذن من الذي يحرض على التحريض؟ المثير للاستغراب أن بعض من تقع على عاتقهم مسؤولية إنهاء هذا الاحتلال، يصفونه بالمزعوم، ما هو الاحتلال المزعوم!؟ 50 عاما ونحن نرزح تحت الاحتلال ثم يأتي شخص في موقع مسؤولية ويقول أين الاحتلال؟ إن استمرار هذا الاحتلال يعتبر وصمة عار في جبين دولة إسرائيل أولا، وفي جبين المجتمع الدولي ثانيا، ويقع على عاتق هذه المنظمة الدولية مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من العيش بحرية ورخاء في دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. ومما لا شك فيه أن تجفيف مستنقع الاحتلال الاستعماري في أرضنا، وإنهاء ممارساته الظالمة وغير القانونية ضد أبناء شعبنا، سيكون له عظيم الأثر في محاربة ظاهرة الإرهاب، وحرمان التنظيمات الإرهابية من أهم الأوراق التي تستغلها لتسويق أفكارها الظلامية، لذلك نؤكد: أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا هو ضرورة وأساس لإكمال الجهود التي نقوم بها جميعا في مواجهة هذه التنظيمات. نحن الفلسطينيين ضد الإرهاب المحلي والإقليمي والدولي، أيًا كان شكله ومنبعه ومصدره، ونعمل على محاربته. السيد الرئيس، السيدات والسادة، لقد ذهبنا في جهودنا ومسعانا من أجل تحقيق السلام مع جيراننا الإسرائيليين إلى حد بعيد، وتبنينا مع الدول العربية والإسلامية مبادرة ثمينة هي مبادرة السلام العربية لحل الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي، هذه المبادرة التي تربط انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة التي احتلتها عام 1967 باعتراف هذه الدول بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، فماذا كان رد إسرائيل؟ 57 دول عربية وإسلامية أبدت استعدادها في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة أن تعترف بدولة إسرائيل وتطبع العلاقات معها. وكانت هناك أيضا خطة خارطة الطريق في العام 2003 التي قدمتها اللجنة الرباعية الدولية، وتبناها مجلس الأمن ووافقنا عليها ورفضتها الحكومة الإسرائيلية. ولكسر الجمود في عملية السلام، ولإنجاح المساعي الدولية كانت المبادرة الفرنسية التي جاءت لإنقاذ عملية السلام وحل الدولتين، والتي ترتب عليها مؤتمر باريس للسلام في مطلع هذا العام، والذي حضرته سبعون دولة وأربع منظمات دولية، ولكنها جوبهت أيضا برفض ومقاطعة إسرائيل، إضافة إلى مبادرة الرئيس الروسي بوتين، ومبادرة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والجهود المشكورة التي يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. أين هي هذه المبادرات ولماذا لا تقبل بها اسرائيل. وفي مسعى آخر من جانبنا لإحياء عملية السلام، عرضنا على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يؤكد التزامه بحل الدولتين، وأن يجلس معنا إلى الطاولة لنرسم الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطين، لكي نفتح المجال أمام مفاوضات جادة تعالج بقية قضايا الوضع الدائم، وللأسف فإنه يرفض مثل هذا العرض. رغم جهودنا ومساعينا الحثيثة والصادقة من أجل إنجاح عملية السلام، لا تزال إسرائيل مستمرة في التنكر لالتزاماتها تجاه عملية السلام وتصر على إفشالها، باستمرارها في بناء المستوطنات في كل مكان، لم يعد هناك مكان لدولة فلسطين وهذا غير مقبول لنا ولكم، وعليكم المسؤولية، وتنكرها لحل الدولتين، الأمر الذي أصبح يُشكل خطرا حقيقيا على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ما يفرض علينا القيام بمراجعة استراتيجية شاملة لهذه العملية. فلا يكفي أيها السيدات والسادة أن يكون الالتزام بالسلام من جانب واحد، لأن ذلك لن يقود إلى تحقيق السلام. إن الحرية لا تتجزأ إما أن تكون حرا أو لا حر. لقد حذرنا في الماضي ولا نزال من ممارسات الحكومة الإسرائيلية بشأن فرض الحقائق الاحتلالية في مدينة القدس الشرقية، وقلنا إن هذه الممارسات تؤجج مشاعر العداء الديني الذي يمكن أن يتحول إلى صراع ديني عنيف، وطالبنا الحكومة الإسرائيلية باحترام الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في المدينة، ولكن الحكومة الإسرائيلية، ومنذ أن احتلت القدس عام 1967، نعم هي محتلة، القدس محتلة، قامت بضمها بقرار من طرف واحد، رفضناه في حينه، ونرفضه اليوم كما رفضه العالم بما في ذلك مجلس الأمن، عشرات القرارات صدرت عن مجلس الأمن، أعلى سلطة في العالم، تقول قرارات الضم غير قانونية، أين نذهب إذن! لن نذهب للإرهاب والعنف. فالقدس مدينة محتلة وقرارات إسرائيل وإجراءاتها فيها إجراءات باطلة ولاغية وغير قانونية من البداية إلى النهاية، كما هو الحال بالنسبة للاستيطان الإسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية. إن ما تقوم به إسرائيل من تغيير للوضع القائم التاريخي في القدس، والمس بمكانة المسجد الأقصى على وجه الخصوص، هو لعب بالنار، واعتداء على مسؤولياتنا ومسؤوليات الأردن الشقيق، نحن الاثنان مسؤولان عن هذه المدينة، نحذر الحكومة الإسرائيلية من مغبّته ونحملها المسؤولية الكاملة عن تداعياته. لا تحاولوا أن تذهبوا إلى حرب دينية، إنها خطيرة علينا وعليكم، صراعنا سياسي فليبق سياسيا. السيد الرئيس، السيدات والسادة، رغم استمرار الاحتلال، ورغم ما نتعرض له من قيود وسياسات احتلالية، فإننا تمكّنا وبكل جدارة من بناء مؤسسات دولتنا التي اعترفت بها أغلبية الدول الأعضاء في هذه المنظمة، 138 دولة، وأغتنم الفرصة مرة أخرى لأشكر هذه الدول جميعها، لأنها باعترافها بدولة فلسطين، أو التصويت لصالح رفع مكانة عضويتها في الأمم المتحدة، تسهم في إزالة جزء من الظلم التاريخي الذي وقع على شعبنا، وتدعم مبادئ الحق والعدل وهدف تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي منطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام. وكنت قد نبّهتُ في خطابي العام الماضي أمام جمعيتكم الموقرة بأنه لا يمكن استمرار الوضع القائم في أرض دولة فلسطين المحتلة، ومع ذلك فقد ازداد هذا الوضع سوءا جرّاء استمرار إسرائيل في احتلالها وسياساتها العدوانية وخرقها المتواصل للقانون الدولي، لهذا لن يكون أمامنا سوى مطالبة إسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال بتحمل مسؤولياتها كاملة عن هذا الاحتلال، وتحمل ما يترتب عليها من تبعات. فلم يعد بإمكاننا الاستمرار كسلطة دون سلطة، وأن يستمر الاحتلال دون كلفة. نحن نقترب من هذه اللحظة. إذا لم يريدوا حل الدولتين وسلاما، فليعودوا ليستلموا مسؤولياتهم وتبعات هذه المسؤوليات. إن حل الدولتين اليوم في خطر، فلا يمكننا كفلسطينيين أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الخطر الداهم الذي يستهدف وجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا، ويتهدد السلام والأمن في منطقتنا والعالم، وقد نجد أنفسنا مضطرين إلى اتخاذ خطوات، أو البحث في حلول بديلة لكي نحافظ على وجودنا الوطني، وفي ذات الوقت نُبقي الآفاق مفتوحة لتحقيق السلام والأمن. لكن كل الخيارات التي نبحث عنها ستكون سلمية. فمن حقنا في هذه الحال أن ننظر في البدائل التي تصون لنا حقوقنا وتحمي أرضنا وشعبنا، من تكريس نظام الأبرتهايد الذي انتهى في جنوب إفريقيا قبل سنوات وما زال عندنا. ومن جانب آخر طلبنا من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين حول الاستيطان والاعتداءات، وسنواصل الانضمام للمواثيق والمؤسســـــات والبروتوكولات الدولية، إذ إن فلسطين أصبحت دولة مراقبا وفقا لقرار الجمعية العامة 67/19/2012. ولذلك فإنني سأدعو في الفترة القادمة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد للقيام بهذه المراجعة الاستراتيجية الشاملة. السيد الرئيس، السيدات والسادة، خيارنا كفلسطينيين وكعرب، وخيار العالم هو القانون الدولي والشرعية الدولية وخيار الدولتين على حدود 1967، وسوف نُعطي المساعي المبذولة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأعضاء الرباعية الدولية، والمجتمع الدولي كل فرصة ممكنة لتحقيق الصفقة التاريخية المتمثلة بحل الدولتين، وذلك لتعيش دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية بسلام وأمن، جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل. ولكن إذا تم تدمير خيار الدولتين، وتعميق وترسيخ مبدأ الدولة الواحدة بنظامين (أبرتهايد) من خلال فرض الأمر الواقع الاحتلالي، وهو ما يرفضه شعبنا والمجتمع الدولي، وسيكون مصيره الفشل، فلن يكون أمامكم وأمامنا إلا النضال والمطالبة بحقوق كاملة لجميع سكان فلسطين التاريخية. إن هذا ليس تهديدا، إنما تحذير من النتائج المترتبة على استمرار الحكومة الإسرائيلية في تقويض مبدأ حل الدولتين. إن مشكلتنا هي مع الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي وليس مع اليهودية كدين، فاليهودية بالنسبة لنا كفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، لم تكن ولن تكون خطرا علينا، إنها ديانة سماوية مثلها مثل الإسلام والمسيحية. يقول الله سبحانه وتعالى في قرآننا الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم: "لا نُفرق بين أحد من رسله". صدق الله العظيم. ونقول بهذه المناسبة، تهانينا لليهود بعيد رأس سنتهم اليوم، وللمسلمين برأس السنة الهجرية غدا، هذه مصادفة ودليل على تقارب الديانات. السيد الرئيس، السيدات والسادة، لقد تحملنا مسؤولياتنا تجاه شعبنا في قطاع غزة رغم الانقسام الذي وقع في عام 2007، ومنذ ذلك الحين ونحن نقدم أشكال الدعم كافة لأهلنا في القطاع الذين يعانون من حصار إسرائيلي ظالم. وقد أكدنا مرارا وتكرارا بأن لا أحد أحرص منا على شعبنا في القطاع، كما أكدنا أن لا دولة فلسطينية في غزة، ولا دولة فلسطينية دون قطاع غزة. واليوم أعبر عن ارتياحي للاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة بجهود مصرية مشكورة لإلغاء ما قامت به حركة حماس من إجراءات أعقبت هذا الانقسام، بما في ذلك الحكومة التي شكلتها، والالتزام بتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها كاملة في القطاع وإجراء انتخابات عامة. وفي نهاية الأسبوع المقبل ستذهب حكومتنا لممارسة مهامها في غزة. السيد الرئيس، السيدات والسادة، في خطابي أمام جمعيتكم في العام الماضي أيضا، طالبت الحكومة البريطانية بتصحيح خطأ فادح ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني عندما أصدرت وعد بلفور عام 1917، الذي يمنح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين، رغم أن فلسطين كانت عامرة بأهلها الفلسطينيين، وكانت تعتبر من أكثر البلاد تقدما وازدهارا، فلم تكن بحاجة لكي تُستعمر أو توضع تحت انتداب دولة عظمى، لكن الحكومة البريطانية لم تحرك حتى الآن ساكنا إزاء مطالبتنا لها بتصحيح خطئها التاريخي بحق شعبنا بالاعتذار للشعب الفلسطيني وتعويضه، وبالاعتراف بدولة فلسطين. والأسوأ من ذلك أنهم يريدون في نوفمبر أن يحتفلوا لمناسبة مئة سنة على جريمتهم هذه بحقنا. إن سكوت المجتمع الدولي على ممارسات إسرائيل العدوانية شجعها منذ البداية على الاستمرار في هذه الممارسات، دعوني فقط أذكركم بأن إسرائيل خرقت وتخرق القرارات الدولية منذ نشأتها، فهي التي خرقت بنود ميثاق الأمم المتحدة ولا تزال، والقرارات 181، 194، 242، و338، وصولا إلى قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، فهل سلَّم المجتمع الدولي بأن إسرائيل هي دولة فوق القانون؟ ولماذا التعامل مع الدول بمعايير مزدوجة؟ المادتان 41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة تنصان على أن من يعتدي على أراضي الطرف الآخر سوف يقمع بقوة السلاح، إسرائيل أخذت من أرضنا 23% ولم تتحرك الأمم المتحدة لقمعها. السيد الرئيس، السيدات والسادة، من أجل إنقاذ عملية السلام وحل الدولتين، فإنني أطالب منظمتكم ودولكم الموقرة بما يلي: أولا: العمل الحثيث والجاد من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين خلال فترة زمنية محددة، إذ إنه لم يعد كافيا إصدار البيانات الفضفاضة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام من دون سقف زمني لذلك، وتطبيق المبادرة العربية للسلام بما يشمل قضية اللاجئين حسب القرار 194. ثانيا: وقف النشاطات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة كافة، كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي كان آخرها قرار 2334 لعام 2016، بالإضافة إلى منطوق اتفاقية جنيف الرابعة. ثالثا: توفير الحماية الدولية لأرض وشعب دولة فلسطين، توطئة لإنهاء الاحتلال، لأنه ليس بمقدورنا حماية شعبنا وأرضنا ومقدساتنا من هذا الاحتلال البغيض، ولا يمكن أن يكون الرد على هذا الاحتلال السكوت عليه. رابعا: الطلب من إسرائيل الإقرار بحدود عام 1967 كأساس لحل الدولتين، وترسيم هذه الحدود على أساس قرارات الشرعية الدولية، وبعد هذا الترسيم سيكون بمقدور كل طرف أن يتصرف بأرضه كما يشاء دون الإجحاف بحقوق الطرف الآخر. خامسا: أطالب جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بدولة إسرائيل أن تعلن أن اعترافها تم على أساس حدود العام 1967، وذلك تأكيدا على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وبمقتضيات الحل السياسي القائم على هذه القرارات. واسمحوا لي أن أسألكم، أين هي حدود دولة إسرائيل التي اعترفتم وتعترفون بها؟ كيف يمكن الاعتراف بدولة ليس لها حدود، والقانون الدولي يقول إن لكل دولة حدودا. سادسا: أدعو الدول كافة إلى إنهاء كل أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير القانونية في أرض دولة فلسطين، واتخاذ جميع الإجراءات لوقف هذا التعامل وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومواقف هذه الدول، أسوة بما فعله المجتمع الدولي بالنظام العنصري في جنوب افريقيا سابقا. سابعا: حث الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين على الاعتراف بها، إذ إنه لا يعقل أن تغيب معايير المساواة التي تساعد في تحقيق السلام، وأنا لا أفهم كيف يضر الاعتراف بدولة فلسطين بفرص تحقيق السلام، لا سيما ونحن كفلسطينيين نعترف بدولة إسرائيل على حدود العام 1967. ثامنا: إننا نتوقع من مجلس الأمن الدولي الموافقة على طلبنا بقبول دولة فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، فكل من يؤيد الحل السياسي على أساس الدولتين عليه أن يعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة. تاسعا: إننا نناشد المجتمع الدولي مواصلة تقديم الدعم الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني ليتمكن من تحقيق الاعتماد على الذات. كما نناشدكم مواصلة تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها الإنسانية، وفي هذا السياق فإننا نحذر من محاولات تغيير مهام الوكالة وأنظمتها، ونحذر كذلك من شطب البند السابع في مجلس حقوق الإنسان، أو منع صدور القائمة السوداء للشركات العاملة في المستعمرات الإسرائيلية في أرض دولة فلسطين المحتلة. عاشرا: وبالمقابل فإننا نؤكد التزامنا باحترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وتنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 20/30، واتفاقية باريس لتغيير المناخ، وبقية الاتفاقيات والمعاهدات التي اعتمدناها ووقعنا عليها. السيد الرئيس، السيدات والسادة، سوف تقوم دولة فلسطين بصياغة هذه المطالب في مشاريع قرارات، وحسب الأصول، وتقديمها للجمعية العامة للأمم المتحدة، آملين منكم جميعا التصويت لصالحها حفاظا على بقاء حل الدولتين وفرصة تحقيق السلام، وحرصا على توفير الأمن والاستقرار والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ولشعوب ودول المنطقة بشكل عام. وفي الختام، اسمحوا لي أيها السيدات والسادة أن أتقدم بالتحية لشعبنا العظيم الصامد على أرض وطنه فلسطين، رغم كل ما يعاني، والذي يناضل ضد الاحتلال نضالا سلميا، من أجل نيل حريته واستقلاله وحفظ كرامته الوطنية والإنسانية. تحية لأبناء شعبنا في القدس الذين سطروا أروع صور المقاومة الشعبية السلمية أمام ممارسات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي. تحية لأبناء شعبنا في المنافي والشتات. تحية لأبناء شعبنا في الضفة الغربية الصامدة. تحية لأبناء شعبنا الصابرين في غزة المحاصرة. تحية لشهدائنا الأبرار، ولأسرانا البواسل الذين يقبعون في سجون الاحتلال. أقول لهؤلاء جميعا إن الحرية قادمة لا محالة، وإن الاحتلال إلى زوال، فإما الاستقلال لدولة فلسطين لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل على حدود العام 1967، وإما الحقوق الكاملة التي تضمن المساواة للجميع على أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر. عندما تحررت جنوب إفريقيا من نظام الأبرتهايد قال مانديلا من على منبر الأمم المتحدة التي ساهمت وأيدت إنهاء الأبرتهايد، ونتمم ما قال لا يكتمل نصرنا إلا بنصر الشعب الفلسطيني، وضعها أمانة في أعناقكم، دولة دولة، وخاصة الدول العظمى، هذه أمانة فردوا الأمانات لأهلها، فهل أنتم فاعلون. شكرا،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |