|
الأسيرة المحررة ربى طليب تعتبر نفسها ما زالت داخل السجن وتعيش معاناة الأسيرات
نشر بتاريخ: 22/01/2008 ( آخر تحديث: 22/01/2008 الساعة: 11:26 )
نابلس- سلفيت- معا- رائدات صامدات يرفعن الرأس عاليا ..هن فخر الأمة العربية والإسلامية ... نور إرادتهم يحاصر ظلام السجـن ويقهر إرادة سجانيهـم .. فعندما يفتقدن الحرية وهن في مقتبل العمر, وتصادر كرامتهنُ بالزج في زنازين نتنة لا تصلح حتى للحيوانات , وعندما تقيد الأيدي والأرجل وتغمغم العيون, ويمضين للمجهول... عندما تجبر الأم على ترك رضيعها قسراً . وعندما تتجمد الدموع في مقل الأمهات ليس خوفاً أو ضعفاً وإنما يقيناً أن الحق آت والعدل قائم لا محالة . حينها ندرك حتماً أننا نتكلم عن شامخاتٍ عزيزات رغم المهانة والذل, إنهن نساءٌ في قلاع الموت... هكذا هن الأسيرات الفلسطينيات.. نماذج لنساء عظيماتٍ سيذكرهن التاريخ حتماً .. طرزن خارطة فلسطين بتضحياتهن .. فمنهن من خرجت ومنهن من تنتظر .. وكانت الطالبة ربى طليب 20 عاما من قرية قيرة بسلفيت ممن خرجوا بعدما قهروا السجان وعاهدت على المضي قدما في ذات الطريق .. لذلك استحقت العرس الفلسطيني الذي أقيم في قريتها خلال استقبالها .
الاعتقال "ربى لم تتجاوز العشرين ربيعاً, لكن الاحتلال تجاوز كل الأعراف والتقاليد والأخلاق ونزل لأدنى مستوى، ليضمها إلى قائمة الأسيرات في غياهب سجونه المظلمة, لتزيد عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الإحتلال والذي بلغ أكثر من (128) أسيرة فلسطينية، من بينهن (12) أسيرة تحت سن 18 عاما . فلم تكن تعلم ربى محمود طليب 19 عاماً , الطالبة في جامعة النجاح الوطنية من قرية قيرة شمال مدينة سلفيت, أن عودتها من جامعتها عبر حاجز بيت ايبا غرب نابلس جنوب يوم الأحد 14/1/2007م لن يكون عادياً كباقي أيام حياتها الجامعية، حيث تفاجأت ربى بعددٍ كبير من قوات الاحتلال الموجودة على الحاجز (بعد فحص هويتها) تحاصرها من كل الجهات بطريقة مريعة, وتقوم بتكبيل يديها بالسلاسل الحديدية واحتجازها لمدة أربع ساعات متواصلة تحت المطر الغزير قبل اقتيادها إلى مركز توقيف حواره . وحشية التحقيق وأوضح أهل الأسيرة طليب أنه تم نقلها من حاجز حواره بعد ساعات من احتجازها إلى مركز تحقيق بتاح تكفا العسكري، ليبدأ معها قصة عذاب ومعاناة مع زنازين الاحتلال في ظل ظروف تعذيب قاسية مريرة, مارسها الاحتلال بحق الطالبة طليب ليتم نقلها بعد أسبوعين من التحقيق المتواصل والتعذيب إلى سجن تلموند العسكري قسم (11) وفق لائحة اتهام أعدها الاحتلال ، وتتحدث والدة الأسيرة طليب بقلب الأم التي تفتقد فلذة وتتحدث عن صفات ربى و شخصيتها المميزة والقوية, واعتمادها الكبير على نفسها في إدارة شؤون حياتها , والتي طالما كانت تملئ البيت بهجةً وسرور وحياة بخفة ظلها, ومرحها وحنانها. والد الأسيرة طليب تأثر كما أهل القرية الذين عرفوا ربى بحبها الكبير للخير ومساعدة الآخرين, فكانت دوماً تشاركا في الهلال الأحمر الفلسطيني وفي إقامة المخيمات الصيفية والكثير من النشاطات التطوعية والاجتماعية التي كانت تخدم أهل القرية. زنزانة انفرادية وتتحدث ربى عن الزنازنة وهي عبارة عن غرفة مساحتها صغيرة جداً حائطها من الإسمنت وبها بروز حتى إذا ما أراد الأسير أن يريح ظهره عليها لا يرتاح، والضوء خافت جدا يتعب النظر، وفي سطح الزنزانة يوجد فتحة صغيرة لإدخال الهواء يتحكمون بها فيدخلون هواء بارد في فصل الشتاء وهواء ساخن في فصل الصيف والغطاء عبارة عن بطانية واحدة خشنة ولا يوجد وسادة والفرشة سيئة جدا والحمام عبارة عن حفرة في الأرض عبارة والمياه تحتاج كل ثانية إلى ضغطة حتى تنزل نقطة منها، والطعام لا يوجد أسوأ منه، وبذلك أنت تعيش معزول عن العالم لا تعرف الليل من النهار. بعد خمس دقائق من دخولي لهذه الزنزانة أخذوني مباشرة إلى غرفة التحقيق وأنا معصوبة العينين ومكبلة اليدين والقدمين، وأجلسوني على كرسي حديد مثبت في الأرض وثبتوا قدمي في الكرسي ويداي من الخلف وبدؤا في عملية التحقيق، تأتي مجموعة من المحققين وتخرج ويأتي غيرها والتي كانت كلها عبارة عن تعذيب نفسي من تهديد. وضع صعب تضيف ربى وضع الأسيرات صعب جداً فيه قهر وذل ومهانة، وكم من آهات انطلقت "واإسلاماه وامعتصماه واعرباه" من أفواه الأسيرات لعلها تلامس نخوة العرب والمسلمين، فغرف السجن سيئة للغاية، فمساحتها الصغيرة والمحاطة بالقضبان من جميع الجهات تكسوا جدرانها العفن، لا نرى لا شمساً ولا هواءً، حتى ساحة الفورة ضيقة جدا ومحاطة من جميع الجهات بالقضبان الحديدي، بالإضافة إلى أن السجانين يقومون بتدريباتهم العسكرية في هذه الساحة مما يعرضنا للخطر، فضلاً عن أن الكثيرات من الأسيرات لهن أطفال لا يرونهم ولا يستطعن احتضانهم ولو للحظة واحدة، كذلك تعاني الأسيرات من الإدارة التي تمنع إدخال الملابس وأسعار الكانتينا التي نقتات منها مرتفعة جدا، ومصادرة المصاحف الشريفة وسرقة أثمن الكتب وفرض العقوبات من عزل ومنع زيارة الأهل والغرامة المالية، وأحيانًا الاعتداء عليهن بالضرب المبرح، ودائماً الأكمول العلاج الوحيد لكل الأمراض، والأسوأ من ذلك هو العزل الانفرادي في غرفة بعيداً عنا وقريبة من سجن الجنائيات اللواتي يقمن بالاعتداء على الأسيرات بالشتائم والألفاظ النابية وإلقاء القاذورات. ولكن رغم كل هذه المعاناة والآلام كنا نعمل على اغتنام الوقت فيما هو مفيد من قراءة كتب وحفظ القرآن وتنظيم الدورات العلمية واللغوية فهناك دورات في التلاوة والتجويد ودورات في اللغة العبرية والإنجليزية، فهي مدرسة كاملة. ما زلت مسجونة وتؤكد ربى أنها لا أعتبر نفسها خرجت من السجن طالما أن هناك أسيرة واحدة خلف القضبان، وسأبقى ما حييت أنشر قضيتهم حتى يخرج الجميع من السجون، وأقول لأخواتي الأسيرات أن اصبروا وصابرو واحتسبوا ذلك عند الله تعالى فالفـرج قريب بإذن الله رغم أنف الاحتلال. وتضيف أنني أناشد التحرك السريع من قبل الجميع لنصرة الأسيرة آمنة منى التي أضربت 25 يوما وكانت تنتقل وتتحرك عبر كرسي متحرك حيث وعدها السجانون بالنقل الى الغرف مقابل وقف إضرابها عن الطعام. |