الحمد الله: نعود الى غزة لتحقيق المصالحة ولنعيد بناءها

غزة -معا- قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله "نعود مرة أخرى الى قطاع غزة، هذا الجزء الأصيل من وطننا وهويتنا، من أجل تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، وإنهاء مظاهر وتداعيات الإنقسام المؤلمة، ولنعيد بناء غزة، لبنة لبنة، بخطى ثابتة ومدروسة، ولننطلق نحو الوحدة والوفاق والانسجام. فنحن نبني على هذه اللحظة التاريخية التي ارتقت فيها كافة الفصائل على التجاذبات السياسية، وإنجازت فقط للمصلحة الوطنية العليا، ولشعبنا هنا في قطاع غزة، وللمواطن الفلسطيني أولا وأخيرا".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لدى وصوله معبر بيت حانون في قطاع غزة، اليوم الاثنين، بحضور الوفد الحكومي المرافق، ومدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، وعدد من الشخصيات الاعتبارية من فصائل العمل الوطني، وحشد كبير من المواطنين.

وأضاف الحمد الله: "نتواجد هنا، وفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل وجرحانا، وعائلاتهم جميعا، ووفاء لبنات وأبناء غزة الذين تحملوا آلام وثقل سنين الإنقسام وضراوة الحصار والعزلة. جئنا، بتعلميات ومتابعة من فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، لنعلن للعالم من قلب غزة أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تقوم دون وحدة جغرافية وسياسية بين الضفة والقطاع، ولنغلق معا فصل الإنقسام بكافة تفاصيله وتبعاته. فنحن على يقين، بأن الطريق الوحيد للوصول إلى أهدافنا الوطنية الجامعة، هو بصون وحدتنا وطي هذه الصفحة وحماية النظام السياسي الفلسطيني. من الآن فصاعدا، الكل منخرط ومسؤول وموحد في جهود إعادة إعمار القطاع، وتعزيز صمود المواطنين، وضمان تطورهم وإستقرارهم، وإعمال مبادئ حقوق الإنسان وصون الحريات."

وثمن عاليا الجهود الحثيثة التي بذلتها جمهورية مصر العربية، منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني وحتى هذه اللحظة، لضمان إتمام المصالحة، وأحيي الفصائل والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، وكل أفراد شعبنا، الذين لبوا النداء وتوحدوا ودعموا الخطى الجادة لإنهاء الإنقسام.

واوضح الحمد الله: "تتسلم اليوم حكومة الوفاق مسؤولياتها ومهامها في إدارة شؤون القطاع، الأمنية والمالية والمدنية، حيث شكلنا عددا من اللجان الوزارية لتباشر تسلم المؤسسات والدوائر الحكومية ومهام الأمن، إضافة إلى شؤون المعابر والمنافذ. وتحقيقا لوحدة النظام السياسي، سيتم معالجة القضايا الإدارية العالقة وعلى رأسها، ملف الموظفين، في إطار اتفاق القاهرة، ومن خلال اللجنة الإدارية القانونية، وضمن الإمكانات المتاحة."

وأستطرد رئيس الوزراء إن الوضع الكارثي غير المسبوق الذي وصلت إليه غزة بفعل سنوات الحصار والإنقسام وتوالي العدوان الإسرائيلي عليها، والذي حذرت المنظمات الدولية من مغبة إستمراره، لم يعد يحتمل إضاعة أية لحظة بالمماطلة والتجاذبات والخلاف. فقد آن وقت العمل والوقوف عند المسؤوليات. فالمستفيد الوحيد من إطالة عمر هذا الإنقسام، هو الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق، فإننا نعتبر قرار حركة حماس بالإستجابة لمبادرة الأخ الرئيس وحل اللجنة الإدارية، خطوة هامة سنبني عليها الكثير من العمل.

واستدرك رئيس الوزراء: "إننا واثقون بأن أجواء التفاهم والإيجابية ستسود، ونتطلع إلى العمل الوثيق مع كافة فصائل وقوى العمل الوطني، ومع مؤسسات القطاع الخاص والأهلي والمجتمع المدني، لتمكين حكومة التوافق من أداء مهامها ومشاركتها في نجدة أبناء شعبنا في غزة ومعالجة تداعيات الإنقسام، ورأب الصدع الذي أنهك الكل الفلسطيني وأحدث إختلالات كبيرة في بنية المجتمع والنظام السياسي ككل. فنجاح عمل الحكومة، سيكون دائما مرهونا بقدرتها التنفيذية على الأرض وفي الميدان، وبالقدر الذي تتمكن فيه من إحداث تأثير إيجابي واسع على حياة المواطنين."

ودعا الجميع بلا استثناء، لرص الصفوف والإلتفاف حول المصالحة والوحدة الوطنية وتغليب مصلحة وطننا على أية اعتبارات أو مصالح فئوية وحزبية ضيقة، ليكون وفاقنا الوطني في أعلى صوره. هذا هو السبيل الذي به نصون مشروعنا الوطني ونتصدى للاحتلال الإسرائيلي ومخططاته، ونضع المجتمع الدولي عند مسؤولياته بإلزام إسرائيل برفع الحصار المفروض على غزة، وفتح المعابر والمنافذ، وتأمين حركة البضائع والأشخاص، وإنهاء إحتلالها لأرضنا ومواردنا. فالعالم لن يلتفت إلى شعب ممزق وغير موحد مهما كانت قضيته عادلة أو حقوقه مشروعة.

وأضاف الحمد الله: "إن أولويتنا اليوم، والتي لا تسبقها أية أولويات، هي التخفيف من معاناتكم وتوفير مقومات الحياة الطبيعية في غزة، فنحن الآن أمام سلسلة إجراءات وخطوات وبرامج عمل، من شأنها إحداث تغيير ملموس على الأرض. وسنعمل على توفير البيئة السليمة لنمو ونماء أطفالنا وتشغيل شبابنا، الذين نشأوا في ظل الانقسام المرير، وتحملوا ويلات ثلاث حروب متتالية، علينا جميعا، تقع مسؤولية وواجب تجنيبهم والأجيال اللاحقة المزيد من الألم والمعاناة، بل تحقيق تطلعاتهم وبناء مستقبل أفضل وآمن لهم، لنعيد لهم الإبتسامة والثقة ونكرس فيهم الأمل وإرادة الحياة."

وتابع رئيس الوزراء: "بإتخاذ هذه الخطوات الجادة والملموسة نحو تفكيك عقبات الإنقسام وتبعاته وتحقيق تطلعات شعبنا في الوحدة والوفاق، يصبح المجتمع الدولي، بكافة قواه المؤثرة ومنظماته وهيئاته الإنسانية والحقوقية، مطالبا بالإنخراط الواسع في ورشة إعادة الإعمار والحياة إلى قطاع غزة، بل ومطالبا أكثر بالوقوف عند مسؤولياته لإخراج غزة من دائرة الفقر والتلوث والمرض التي تتهددها، ومن الكارثة الإنسانية التي تحدق بها."

وأختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: "إننا ندرك تماما أن الطريق لا يزال طويلا وشاقا، وإننا سنصطدم بالعقبات والتحديات، لكن شعبنا الفلسطيني الذي نهض من حطام نكبته ومأساة تشرده، قادر اليوم على النهوض من جديد من بين الدمار والمعاناة في غزة، ليبني وطنه ومستقبله، ويكرس حقه الطبيعي في العيش بحرية وكرامة كباقي شعوب الأرض. ستبقى غزة دائما حامية هويتنا الوطنية، ولن تكون دولة فلسطينية إلا وغزة في قلبها والقدس عاصمتها الأبدية."