|
الطبقة البركانية ومستقبل الثورة الاخلاقية
نشر بتاريخ: 30/10/2017 ( آخر تحديث: 30/10/2017 الساعة: 19:12 )
الكاتب: د.ياسر عبيدالله
بين الثورة الاخلاقية والطبقة البركانية معرفة ترسخت وهي: امتلاك الشباب للوعي بعجزهم عن تغيير واقعهم، حل اشكالياتهم مع الدولة؛ كالحق بالتوظيف، الحق بالسكن، الحق ببناء اسرة، الخ ...
فالشباب مغترب في وطنه وعن ذاته؛ شباب عاطل عن العمل - ليس لانه لا يمتلك مؤهل للوظيفة بل لانه يمتلك مؤهل وخريج جامعة لكنه - يبحث عن عمل دون جدوى، ولا يوجد سياسات واضحة نحو حل مشكلة البطالة في صفوف الخريجين من الجامعات وفي مختلف التخصصات على الرغم أن الاكثر معاناة من بين القطاعات فيما يتعلق بالبطالة هو قطاع التعليم فقد رصد ملتقى الخريجين نسبة البطالة من العام 2010 وحتى العام 2017 وقد تبين ان النمو في بطالة الخريجين كان مخيفاً فقد كان بالعام 2010 ( 21000 ) خريج عاطل عن العمل. وفي ايلول من العام 2017 وصل الى اكثر من (45000 ) خريج عاطل عن العمل بزيادة منتظمة بمعدل 5000 خريج سنوياً في غياب تام للسياسات الهادفة الى وقف مأساة الخريجين. وفي شَبه علمي ما بين النظرية العلمية التي تفسر اسباب البركان وأشكاله وبين "الطبقة البركانية" المتمثلة باعدد الخريجين المتزايدة في مختلف التخصصات والعاطلين عن العمل من غير الخريجين الذين لا يمكن ادراجهم تحت وصف: أنهم من الصفوة. اذ أن الصفوة هم قلة من الشعب تتحكم به، ولا يمكن وصفهم على أنهم من الصفوة الوسطى؛ وهم المهنيين من أصحاب الشهادات العلمية: أطباء، مهندسين، محامين، محاسبين وأصحاب المشاريع الصغيرة. ولا يمكن إدراجهم تحت مسمى الصفوة الدنيا والمتمثلة في ذوي الدخل المحدود من الموظفين والعمال، لذا فإن هذه الطبقة تمتلك خصائص مشتركة هي : الحرمان ، الفقر المتميز بالقهر وعدم القدرة على بناء اسرة او التنبؤ بمستقبل افرادها ، على الرغم من امتلاكهم الوعي بما يدور حولهم وادراكهم لاشكال التميز. هذه الفئة المهمشة المحرومة من عدل الفئة العليا الحاكمة في حالة غليان وصمت أشبه بالبركان؛وهؤلاء هم "الطبقة البركانية" أي الخريجون العاطون عن العمل . بالرغم من معرفة الطبقة العليا الحاكمة واصحاب القرار بواقع تلك "الطبقة البركانية" إلا انها تصر على اهمالها وتهميشها تحت مبررات وذرائع لا منطقية ولا أخلاقية. وحسب رؤية "غوستاف لوبان" وهو عالم فرنسي تحدث عن تشكل الكتلة الحرجة نتيجة التراكمات التي تحدثها الانظمة والحكومات لدى العامة مما يجعل منها بركان خامد بركان قد يثور في اي لحظة، وبهذا فأن الثورة الاخلاقية –ثورة مطلبية تلبي احتياجات الشباب – قد تحدث في أي لحظة وقد تتخذ من اي هفوة في اي نظام عربي من اجل ان تثور وتفجر الاوضاع، وقد تكون ايضا تلك الطبقة البركانية نقطة ضعف في اي دولة عربية تستغل من قبل دول تسعى لتحقيق نفوذها في الوطن العربي والتي قد تغذيها بقيادات تنظم تلك الطبقة وتفجرها وفق رؤية دخيلة على تلك المجتمعات العربية لتدميرها وتفرض قيادات جديدة تابعة لتلك القوة الطامعة في السيطرة على الوطن العربي وثرواته. وللاستفادة من نظرية ماركس حول الطبقات حين تنبأ بثورة تقوم بها الطبقة العاملة ولم تتحق تلك النبوءة، ليس لان ماركس كان مخطيء، ولكن لان الانظمة عملت على تحقيق المطالب التي كانت تشكل سبب لقيام الثورة وحسنت اوضاع العمال ومنحتهم حقوقا وامتيازات جعلتهم يعشون في استقرار؛ وبالتالي هل الانظمة العربية تستشعر ما يحدث من تشكل للطبقة البركانية في مجتمعاتها، وهل تعمل كما عملت الشعوب الاوروبية من معالجة كافة القضايا المتعلقة بمستقبل الشباب وتوفير فرص عمل وحياة كريمة لهم قبل ان يتفجر بركانهم وتصبح الحياة في ميحط البركان معدومة ؟ وقد وصف "باريتو" الصفوة "انها اقلية من الشعب تستحوذ على عملية اتخاذ القرار داخل المجتمع ونظرا لاتساع مجالات القرارات فانها تؤثر على المظاهر العامة للجمتمع ايضا" . وفي المقابل توصف الصفوة البركانية او الطبقة البركانية في المجتمعات العربية : انها الاغلبية من الشباب العاطل عن العمل ممن يملكون مؤهلات علمية وشهادات جامعية ولكن انظمتهم تهملهم ولا يملكون قرارا حول مستقبلهم ولكنهم يملكون القواسم المشتركة فيما بينهم معيشيا ورايا مهيئة للثورة . يتميز الواقع الفلسطيني ما بعد المصالحة وما قبل حل الدولتين بوجود ملفات عالقة توجب وضع استراتيجيات وطنية لمعالجتها تجنبا لاي حراك او تجنباً "للثورة الاخلاقية" التي قد تحدث نتيجة تراكم القضايا المطلببية : البطالة ، المعلمين ، الصحفين والحريات ، المهندسين ، اصحاب المهن ... والتي تشكل الطبقة البركانية والتي تتشكل نتيجة تشكل الكتلة الحرجة والتي تحدث عنها عالم الاجتماع الفرنسي لوبان الناتجة عن تراكم القهر والاهمال والقمع لدى فئات المجتمع المختلفة خصوصا الشباب . تأتي "الثورة الاخلاقية" كحل وحيد منقذ لا خيارات اخرى بين "الطبقة البركانية" وتشكلها وتداعيات غليانها والتنبؤ بمستقبل تفجرها وحجم الاضرار التي قد تنجم عن ذلك، وفي المقابل تقف الصفوة من المجتمعات العربية في مكان ثابت "استاتيكي" لا يحاولوا تفهم معاناة "الطبقة البركانية" ولا يبحثون عن حلول او مخرج للازمة. "الثورة الاخلاقية" هي الخيار المستقبلي لكافة الشعوب العربية دون استثناء طالما ان هناك جمود في السياسات والخطط المرسومة التي تعدها وتنفذها تلك الدول اتجاه حل مشكلة بطالة الخريجين بشكل خاص وبطالة الشباب بشكل عام . وقد اهمل كل من باريتو وماركس دور الطبقة العاطلة عن العمل او المقهورة التي اسميها " الطبقة البركانية "، انها المخزون الشبابي المفجر للثورة الاخلاقية المرتقبة نتيجة تداعيات تراكمات اهمال النخب الحاكمة لهم ولحقوقهم وعدم ادرجها في ملفات الحكومات والوزارات والمؤتمرات، وبهذا فهم بركان قد يثور بل سوف يثور في فترة ليس ببعيدة ضد كل من يقف في وجههم وفي مصير مسقبلهم . [email protected] |