|
غزة.. حارسة الحُلُم والمشروع الوطني الفلسطيني
نشر بتاريخ: 01/11/2017 ( آخر تحديث: 01/11/2017 الساعة: 18:00 )
الكاتب: د.محمد أبوسمره
غزة ... وجع القلب ، وقلب الوجع ..!!!
غزة يا وجع القلب ....!!!! غزة ياقلب الوجع .....!!!! آآآآآآهٍ ..... آآآآآآهٍ من وجعٍ ، ومن آلمٍ لادواء له ....!!! لاعلاج له ....!!!! لاشفاء له ..... !!!! غزة ....أما اكتفيتِ وارتويتِ من كل هذا العذاب ، والألم ، والوجع ، والحزن ؟! أما اكتفيتِ ....؟؟!! كأنّما أصبحتِ أنتِ والعذاب توأمين ....!!! كأنما عَشِقتِ وأحبَبتِ العذاب ، والحزن ، والحصار، والجوع ، والفقر ، والآلام ...؟! كأنما ابتلعَ بحرُكِ حروف اللغةٍ كلها ....!! أصبحتِ تعشقين الصمت ... !! كأنكِ أنتِ لستِ التي أعرِفُك ، ويعرفُك الجميع ..!!! ياغزة ... يا سيّدة الصمت والأحزان والآلام والأوجاع .... حتى صرخات التأوه والألم والوجع من الحصار والظلم والقهر والعدوان أصبحتِ لاتعرفينها .... ولكنّي يا سيّدة الحزن ... ياسيدة الصبر الوحدة والغربة والصمود .... ياغزة المعشوقة ... ياوحيدة ... ياغريبة .... ياعظيمة...أنا ابنك العربي / الفلسطيني / العسقلاني / الغزي ... سأصرخ نيابةً عنك وبملء الفم .... ملء الهم .....سأصرخ .. وأصرخ .. وأصرخ ... ألماً/ وجعاً / حزناً / و.... أملاً : آهٍ من وجعٍ.... ومن ألمٍ.... ومن حزنٍ ومن غضبٍ .... آهٍ من غربةٍ داخل حدود ما تبقّى من بقايا الوطن ...!! وآهٍ من قسوةِ سجنٍ ، جدرانه ماتبقى من بقايا مساحة الوجع الفلسطيني / الغزيّ ...!!! حيثُ لابحرَ لنا إلا بضعةَ أمتارٍ، ومساحاتٌ من الخوف والقهر والحصار ... لاهواء ، لاسماء ...لاشمس ، ولانهار !!! ليلنا نهارنا ، نهارنا ليلنا .... أما سماؤنا ، فهي لطائرات المحتل والموت ، لمناطيد العسس والرعب التي تَعُدُ أنفاسنا.... لاهواء، لاشمس ، لابحر ، لاليل ، لانهار ، ولاأرض ، حيث تستبيحها جرّافات الخراب ، ودبابات الدّمار ، وأبراج النار والموت والقتل ..... وعلى امتداد حدودنا ومزارعنا... وتستبيح آليات القاتل الصهيوني المجرم ، ونيرانه أكثر من ربع مساحة القطاع ، الذي يضيق بأهله إلى حدّ الإختناق ، كالزنزانة التي نوافذ للهواء فيها ، ولامكان للحياة ... وقطاع غزة ليس أكثر من سجنٍ صغير... صغير ، حد الإختناق والتكدّس ....ومخطئ من يقول أنّه السجن الكبير ، إنما هو السجن الصغير جداً ، ويضيق بأهله الصابرين ، والذين وصل بهم الضيق والتعب والألم والوجع حداً ، يجعل صَبر نبي الله أيوب ( عليه السلام) ، يتواضع في صبره أمام صبرهم / صبرنا ، صمودهم / صمودنا ، وعذاباتهم / عذاباتنا ...!!!! فغزة ليست أكثر من علبة كبريت مشتعلة ، ملتهبة ، متفجرة غيظاً / قهراً / جوعاً وحصاراً .... ياغزة .... تعجز الكلمات ، وتخرس الحروف .... يبتلعنا البحر مع كل حروف من الحروف ... فلم يعد لنا سوى الحلم ، الحلم ، الحلم ... هذا إن بقي هناك قدرةً لنا حتى على الحلم، !!! أوفيمالو استطعنا أن نسرق بضعَ لحظاتٍ من جحيمِ تعبنا وليلنا لننام.... ونحاول أن نحلم ... نحلم ، كيف ؟؟!!! ومن هو هذا الذي يستطيع النوم في غزة ، في ظل هذا الحريق واللهب الليلي ؟؟؟ هذا اللهب والجحيم الليلي.!!!!.. حيث لاكهرباء....لاماء....لاهواء.... لاشيئ سوى العذاب والمعاناة والقهر والهوان !!! وفي كل الأيام والأسابيع والشهوروالأعوام : لامعابر ....لاسفر....لامستقبل ....لاأمل .... ولاشمس تشرق!! وحتى عندما تُفتح طاقة صغيرة جداً من الأمل لبضعة عشرات أومئات من البشر ، عفواً بقايا البشر يتكالب عليهم الجميع ، ومن جهات الكون الأربع ليصادروا هذا الأمل ، ويغلقوا هذه النافذة الصغيرة .. ممنوع عليكم أيها الفلسطينييون الغزيون المقهورون المظلومون الأمل ، وليس مسموحاً لكم أيضاً أية محاولة لصناعة الأمل ، ومحاولة التشبث بالأمل ... أنتم ممنوعون من الأمل ، ممنوعون من الفرح والسعادة ، ممنوعون من الحياة ، ومن من كل شيئ له علاقة بحياة البشر ... !!!! فقط عليكم أن تعيشوا الحصار والقهر والعذاب والجوع والأمراض والأوجاع ، ولاشئ سوى العذاب ، فالعذاب صُنِعَ خصيصاً لأجلكم ، ولذلك لاتحاولوا الفرح ... فلن تفرحوا !!! يا الله ...... كم أصبحنا منبوذين ومُهانين ومقهورين وضعفاء ومُستَضعَفين وأذلاء ...!!! وهنا أودّ السؤال البريء ، أو غير البريء : ــــ لماذا الجميع أصبح يهوى صناعة عذاباتنا ، وآلامنا ، وأوجاعنا ؟؟؟ ــــ ترى هل يعرف ويدرك العالم ، وأممه المتحدة ومنظماته الدولية لحقوق الإنسان أنّ : غزّة العنيدة هذه ، تبتلع بين ضفتيها وجدران وأسلاك حدودها الشائكة مليونين من بقايا البشر ، ويقبعون للعام الحادي عشر على التوالي سجناء محاصرين داخل حدود القطاع (350 كم مربع ) المغلقة عليهم؟؟؟ ــــ وهل يعرف ويدرك الجميع أنّ غزّة العصيّة دوماً على الكسر ، قد تصبر على الظالمين والظلم والحصار والضيم والفقر والألم والجوع بضع سنوات ، ولكنها لن تصبر العمر كله والزمان كله ... ولن تنكسر ...؟؟ ــــ هل يعرف ويدرك الجميع أنّ شرارة الغضب الفلسطيني ، والثورة الفلسطينية ، والمقاومة والفعل الفلسطيني النوعي ، وبدء وصياغة كل مرحلة دوماً تنطلق من غزة ....,؟؟ ياقوم : غزة قد تصبر ، قد تتألم ، قد تتوجع ، قد تصمت بعض الوقت ، ولكنها باذن الله لن تنكسر ... صدقوني لن تنكسر ، فكما أنّها لم تنكسر بالماضي ، لن تنكسر بالحاضر والمستقبل بإذن الله ... فغزة رحم الثورة الولود ، وبرميل البارود ، غزة أول الرصاص وأول الحجارة ، غزة أول الشهداء ومولد الثوار..... غزة المفتي الحاج أمين الحسيني ، وجمال عبد الناصر وأحمدعبدالعزيز ومصطفى حافظ ، وأحمد الشقيري ، وزياد الحسيني ، غزة ياسرعرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وأبويوسف النجار، وقائمة الشرف والعز والفَخَار لآلاف آلاف الأسماء الكبيرة والعظيمة التي تزيِّن نهارنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا بآيات المجد والبطولات والعزة والشرف والإنتصارات ، غزة التي لاتشبه إلا نفسها .... ومن لايصدقني فليُعِد قراءة تاريخ بلاد الشام وفلسطين عموماً ، وتاريخ ودور وماضي غزة على وجه الخصوص ... ويوماً ما غزة هذه المظلومة / المحاصرة / الفقيرة / المتعبة / الجائعة / المتعبة / الصابرة ، ستنفجر ، كما برميل البارود ، كما البركان المشتعل غضباً وثورةً ، وتضحية وعطاءً ، وانتصاراً ، وستنتصر ، نعم ستنتصر ــــ بمشيئة الله ــــــ فهي لم تعرف الهزائم أبداً طيلة تاريخها منذ فجر التاريخ ، وكلّ الغزاة والمحاربين لها كانوا ينهزمون وينكسرون على أبواب قلاعها وأسفل جدران حصونها ، وتحت أسوارها ، وأمام صمود فرسانها وأبطالها ، وهي التي كسرت وهزمت القيصر ، وهي التي كبَّدت الجنرال المجرم الحالم نابليون بونابرت الخسائر ، وأحرقت وجوه وأجساد جنوده المجرمين بالزيت المغلي ، وهو لم يتمكن من دخولها ، وجعلته يلتف من حولها هروباً نحو شمال فلسطين العزيزة يجر أذيال الخيبة والجراح وبدايات الهزيمة الكبرى أمام أسوار عكا العظيمة / توأم غزة ، وعندهزيمته الكبرى أمام أسوار وقلاع وحصون عكا لم يجروء أن يعود براً إلى مصر ، ففر إليها هارباً ذليلاً عن طريق البحر ، وألقى بأسلحته ومدافعه في قعر البحر المتوسط ، وبسبب بطولات ومقاومة وشراسة وصمود وعناد غزة تمنى المجحوم رئيس وزراء العدو الأسبق إسحاق رابين أن يبتلعها البحر المتوسط ، ولكنها لم ولن تغرق ، وإنتصرت ، وأنتجت حُلماً وأملاً فلسطينياً جديداً ... ونحن على الموعد ، مع حُلمٍ وأملٍ ومستقبلٍ جديد تصنعه لنا ، ولشعبنا ، ولقضيتنا ، ولأمتنا ... غزة على الموعد ، كما كانت دوماً ، مع فجرٍ جديد ، وأمل وفرح ومستقبل واعد مشرق ، يعيد من جديد مكانة القضية الفلسطينية التي تراجعت خلال سنوات الإنقسام الأسود ، فغزة هي بوابة فلسطين ، وبوابة تاريخنا وحريتنا نحو القدس وكل فلسطين ، وهي حارسة الحُلُم الفلسطيني.. ____________________________________________ * رئيس تيار الإستقلال الفلسطيني، وعضو المجلس الوطني |