|
مائة عام على مأساة فلسطين
نشر بتاريخ: 01/11/2017 ( آخر تحديث: 01/11/2017 الساعة: 18:19 )
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
منذ مائة عام وفلسطين تعيش آلام وجراحات مدملة، وتحيا واقعا احتلاليا مأساويا منذ الاحتلال البريطاني لأرض فلسطين بعد تنفيذ اتفاقيات تقاسم الوطن العربي بين الدول الاستعمارية الكبرى ما سميت اتفاقية ( سايكس بيكو) عام 1916م لتكون أرض فلسطين من نصيب بريطانيا – الدولة الاستعمارية في ذلك التاريخ- ومنذ أن وطأت أقدام البريطانيين أرضنا فلسطين بدءوا بتقديم المساعدات لليهود الصهاينة من أجل تمكينهم من احتلال أرض فلسطين و منحهم وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر بلفور وعد بلفور المشؤوم في الثاني من نوفمبر- تشرين الثاني عام 1917م ومنذ ذلك الوقت ألزم الصهاينة القوى الاستعمارية الكبرى التعامل مع هذا الوعد والمساعدة على تنفيذه، وبدأ الصهاينة حينها يكثفون الهجرات إلى أرض فلسطين، وينشئون التجمعات التعاونية الزراعية وذلك ضمن خطط السيطرة على أرض فلسطين.
وبطبيعة الحال قاوم الفلسطينيون الهجرات الصهيونية إلى فلسطين، وقاوموا الاحتلال البريطاني وإجراءاته الإجرامية بحق الفلسطينيين، ورفض الفلسطينيون والعرب مخططات بريطانيا الخبيثة لتمكين الصهاينة اليهود في أرض فلسطين ووضعهم في أرفع المناصب الحكومية. والتاريخ يسجل الثورات الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني وضد استمرار الهجرات اليهودية الصهيونية إلى أرض فلسطين، وأبرز الثورات ثورة البراق التي حدثت في مدينة القدس في التاسع من أغسطس عام 1929م وإضراب عام 1936 الذي استمر لمدة ست شهور وهو أطول إضراب خاضه الفلسطينيون ضد المحتلين، وبعدها تواصلت الثورات والمظاهرات ضد الاحتلال البريطاني حتى حرب نكبة فلسطين وتزايد عمليات القتل والتدمير بحق الفلسطينيين التي خاضتها العصابات الصهيونية من أجل تهجير وطرد أكبر عدد من الفلسطينيين من أرضهم وإحلال اليهود الصهاينة . وبعد مرور مائة عام على وعد بلفور المشؤوم تخرج علينا رئيس وزراء بريطانيا العجوز الشمطاء (تيرزا ماي) لتعلن افتخارها بهذا الوعد، واحتفال بريطانيا بهذه الذكرى؛ لا أدري أي وقاحة سياسية هذه عندما تفتخر رئيسة وزراء بأكبر جريمة قتل وإبادة وتطهير عرقي في التاريخ الحديث المعاصر ؛ بدلا أن تكّفر بريطانيا عن أخطائها وتعتذر للفلسطينيين وللعالم عن الخطأ التاريخي تعلن أنها ستقيم الاحتفالات في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشئوم . إن فلسطين والفلسطينيين لازالوا يعانون الويلات والنكبات جراء هذا الوعد التاريخي المشؤوم الذي غرس الكيان السرطاني في قلب الوطن العربي ليكون خنجرا مسموما يبث الفوضى والنزاعات والخلافات بين أبناء الوطن العربي، ولم يشهد الوطن العربي أمنا واستقرارا يوما منذ احتلال أرض فلسطين . أن بريطانيا دعمت الحركة الصهيونية بكل قوة من أجل احتلال فلسطين وتنفيذ وعد بلفور المشؤوم وأصدرت حكومة الاحتلال البريطاني المئات الأوامر العسكرية والقرارات من أجل تمكين اليهود من السيطرة على أرض فلسطين وقدمت لهم كافة المساعدات المادية والمعنوية، وكذلك كرست بريطانيا جهدها لتسهيل إقامة الوطن القومي اليهودي من خلال الاعتراف بالوكالة اليهودية والتعاون معها في كافة المجالات، وفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتسهيل لليهود امتلاك للأراضي بشتى الوسائل، والضغط على الفلاح الفلسطيني لبيع أرضه، وتهيئة الفرصة أمام العصابات اليهودية للتدريب على القتال والتزود بالسلاح اللازم؛ في المقابل كانت بريطانيا تتخذ إجراءات عنصرية منها الإعدام والسجن للفلسطينيين العرب سكان البلاد الأصليين والأكثرية وتحرمهم من كافة الحقوق والواجبات والوظائف الإدارية وشراء الأراضي والحريات بهدف التمكين لليهود لاحتلال أرض فلسطين. لقد منح البريطانيون اليهود الوعد الذهبي الذي يبحثون عنه منذ سنين وهم يرسلون الهدايا والوفود للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني للسماح لهم بالهجرة إلى أرض فلسطين ومن ثم تصبح فلسطين وطننا قومي لهم، ونحن نتذكر كلماته المسطرة في تاريخنا بمداد الذهب " انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة ". اليوم وبعد مرور مائة عام على وعد بلفور المشؤوم يواصل الاحتلال الصهيوني سرقة أرض فلسطين وإقامة المئات من الوحدات الاستيطانية عليها ويواصل تهويد المقدسات الفلسطينية وسرقة وتخريب الآثار وتنشر قوات الاحتلال الصهيوني على أرضنا آلاف الحواجز الأسمنتية وتواصل جرائم القتل والاستيطان على أرضنا المحتلة، والحل الوحيد هو تمسكنا بثوابتنا ووحدتنا وسلاحنا من أجل تحرير أرضنا الفلسطينية وكنس الاحتلال عنها . |