|
متغيرات تدعو للتفكير
نشر بتاريخ: 05/11/2017 ( آخر تحديث: 05/11/2017 الساعة: 19:23 )
الكاتب: عوني المشني
هناك متغيرات استراتيجية دولية لها أهمية قصوى تدعو للتفكير، سأتعرض لبعض تلك المتغيرات بدون ان أضعها في سياق تحليلي، اترك للقارئ ان يقرأها كما يريد ويستنتج منها ما هو مناسبا.
المتغير الاول : الزيادة السكانية الطبيعية في اوروبا 1.38 هذا المعدل منخفض جدا الى الحد الذي يهدد بانقراض الحضارة الأوروبية في اقل من خمسون عاما ، فمعدل الزيادة السكانية المطلوب لتستمر الحضارة اي حضارة هو 2.1 وأقل من ذلك تهديد خطير لتلك الحضارة . وكتبت صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية بهذا الصدد: الأوروبيون لا يمثلون في الوقت الراهن سوى سبعة في المئة من سكان العالم، وهذه النسبة ستنخفض إلى 4 في المئة مع نهاية القرن.المفاجئ انه رغم ذلك فان اوروبا لا يقل عدد سكانها !!!! لماذا ؟؟؟؟ السبب بسيط هو الهجرة الاسلامية ، في روسيا واحد من كل خمسة مواطنين مسلم ، بريطانيا تضاعف عدد المسلمين ثلاثين مرة في ربع قرن ، هولندا خلال عشرين سنة سيُصبِح اكثر من نصف السكان مسلمين ، ألمانيا فيها سبعة ملايين مسلم تركي عدا المسلمين من جنسيات اخرى ، وهكذا . اقل من خمسون عاما سيكون نصف سكان القارة مسلمون !!!! وفِي ظل " صدام الحضارات " الذي بشر به صاموئيل هنتغنتون فان فتحا اسلاميا لأوربا قد تجاوز مرحلة البداية بكثير وأصبح تحصيل حاصل . يضاف الى ذلك ان تاثير اوروبا في الاقتصاد العالمي يتناقص ، السياحة الى تايلند أصبحت اكثر من السياحة الى فرنسا ، كوريا الجنوبية لديها حصة اقل من ألمانيا بقليل في صناعة السيارات من حيث عدد السيارات المنتجة والمصدرة ، وطبعا لن نتحدث عن الصين التي تتصدر الاقتصاد العالمي وعلى حساب اوروبا في اغلب الجوانب . وفي تكثيف إجمال للحالة قال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية بكلمة ألقاها في مدريد قبل أيام إلى أن التراجع الاقتصادي في أوروبا، وتدني معدل الولادات، وصل إلى درجة وصف فيها بعض المراقبين والمحليين أوروبا بالقارة العجوز التي تحتضر. نحن امام متغيرات لها علاقة بتراجع الدور الأوروربي ومتغيرات ديمغرافية تغير الطابع الثقافي والسياسي لها لدرجة ان البعض يعتقد ان خمسون سنة هي مدة كافية جدا لتصبح اوروبا قارة إسلامية !!!! المتغير الثاني : بات مؤكدا ان جمهور اوروبا بأغلبيته الساحقة اصبح مؤيدا للحقوق الوطنية الفلسطينية ومعاديا لإسرائيل كرمز للتمييز العنصري والوحشية والاحتلال ، لم يعد هذا شعبيا فقط بل انعكس الى حد على سياسات وأحزاب وبرلمانات ، معظم البرلمانات الأوروبية اعترفت بدولة فلسيطين ، حزب العمل البريطاني وهو الحزب الاهم الى جانب حزب المحافظين اصبح رئيسه من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية ، وفِي عدد غير قليل من الأحزاب الاوروبية هناك ذات التوجه ، في بلجيكيا يتخوف اليهود من لَبْس" الكيباه " وهي غطاء رأس اليهود المتدينين خوفا من تمييزهم كيهود ، اوروبا في طريقها وبشكل متسارع لتغيير موقفها والمسألة مسألة وقت لتصبح اوروبا معادية لإسرائيل الدولة العنصرية المتوحشة . في عام ٢٠٠٤ وفِي استطلاع جرى في اوروبا بلغت نسبة من يصفون اسرائيل بدولة عنصرية ٣٩٪ . اما أمريكيا فالمتغيرات فيها اقل ولكنها باتت واضحة ، على مستوى الشباب الامريكي فان هذا الجيل يميل وبشكل دراماتيكي للتعاطف مع الحقوق الوطنية الفلسطينية ويناهض سياسات اسرائيل العنصرية ، الارتباط الديني بإسرائيل لم يعد قائما وها هو تراجع ملحوظ حتى بدى واضحا ان كنائس امريكية ذات وزن كبير توقف استثماراتها في اسرائيل حتى بين اليهود الأمريكيين فانهم باتوا معارضين بشكل مُلفت للسياسات الاسرائيلية ، في الجامعات تراجع التأييد لاسرائيل بات أمرا عاما وبشكل مثير ، بمعنى او باخر ان وضع اسرائيل في أمريكيا شعبيا في تراجع خجول ولكنه تراجع يثير قلق مؤيدي اسرائيل . بمعنى او باخر اسرائيل تحتل الرقم الاول عالميا كدولة عنصرية وباتت تمثل رمزا للتمييز العنصري والاضطهاد ، والدعم العالمي لها في تراجع متواصل وعلى ساحات مهمة وحيوية . المتغير الثالث : هو ما تؤكده الإحصائيات والشواهد حول تركيبة المجتمع الاسرائيلي حيث " إن المجتمع الإسرائيلي يمر بتحول واسع النطاق سيعيد بناء هويتنا ذاتها كـ"إسرائيليين،" وسيترك أثرًا واضحًا على كيفية فهمنا لأنفسنا ووطننا، وهو تغيّر لا مفر أو مهرب منه.. إن "المجتمع الإسرائيلي الجديد" ليس نبوءة مخيفة ولكن واقع يمكن رؤيته بالفعل من تشكيل رواد الصف الأول بالمدارس الإسرائيلية." بهذا الكلام بدأ الرئيس الاسرائيلي ريفلين كلمته امام مؤتمر هرتسليا العام الماضي ، بهذه الكلمة قدم ريفلين رؤيته بان المجتمع الاسرائيلي يتشكل من اربعة قبائل مختلفة ، العرب واليهود المحافظين جدا والذين يرفضون الحداثة والصهيونية يشكلان قبيلتين قريبتين من بعض ، بينما العلمانيين واليهود الحريديم قبيلتين اخريتين ، الصهيونية ليست القاسم المشترك بين تلك القبائل ، بل هي عنصر الخلاف الى حد التناقض . العرب واليهود المحافظين الذين يرفضون الحداثة والصهيونية يشكلون الان نصف طلبة المدارس في اسرائيل ، معلومة ليست عبثية بل احصائية رسمية إسرائيلية ، ويؤكدها ريفلين نفسه . ريفيلين يقول علينا التعود في المستقبل على اسرائيل بدون صهيونية !!!! بعقد اجتماعي جديد بين القبائل الأربعة ، عقد يتجاوب مع المجتمع الجديد . هذا جانب ، اما الجانب الاخر فهو الهجرة العكسية ، حوالي مليون ونصف إسرائيلي يعيشون في الخارج اغلبهم لم يعد لاسرائيل منذ عشر سنوات ، ربعهم لا يفكر بالعودة مطلقا ، الثلثين منهم يسعوا او حصلو على جنسية ثانية ، معظم المهاجرين من الكفاءات العلمية وفئة الشباب ، ثلاث سنوات عبى التوالي تتفوق الهجرة من داخل اسرائيل للخارج على الهجرة اليها . ثلاث متغيرات تتؤكدها الوقائع والارقام ، لها تأثير كبير على المشهد الدولي والاقليمي والوطني ، كيف سنفهمها ، كيف ستكون تأثيراتها المستقبلية ، كيف سنوظفها في معركتنا لنيل حقوقنا الوطنية ، هي تلك الأسئلة التي وجب على صناع القرار والمخططين الاستراتيجيين ان يتوقفوا امامها قبل ان يقدموا رؤيتهم للوضع الفلسطينين . الوحيد الذي لا يتغير ولا يأخذ المتغيرات هذه في الاعتبار هو الخطاب السياسي لقادة فصائلنا الفلسطينية ، انه خطاب ثابت وغير ذي صلة بالمتغيرات الدولية والإقليمية . انه خطاب منفصل عن الواقع وينتمي الى أواسط القرن العشرين !!!!! |