|
قُتل القائد... فماتت الثورة
نشر بتاريخ: 09/11/2017 ( آخر تحديث: 09/11/2017 الساعة: 16:54 )
الكاتب: عماد عفانه
كم كنا نود في الوقت الذي تحتفل فیه حركة فتح بذكرى رحيل الراحل یاسر عرفات بعد 13 سنة على رحیله، أن تحتفل فلسطين بانتهاء لجنة التحقیق في اغتیال یاسر عرفات أعمالھا لجھة الكشف عن القتلة.
وكم كنا نود في الوقت الذي فتح فیه تلفزیون فتح في رام الله موجة مفتوحة لإحیاء ذكرى عرفات، أن تفتح موجة للبحث والحدیث عن قتلة أبو عمار. إننا جمیعا مع الكشف عن قتلة یاسر عرفات الزعیم والرمز الفلسطیني لعشرات السنوات مھما اختلفنا معه أو علیه ولا اعتقد أن أي فصیل أو مواطن فلسطیني مع أن یتحول قرار تشكیل لجنة التحقیق إلى بعض مقاطع جافة من خریف القرارات السابقة، كما أننا ضد أن ینضم ھذا القرار ونتائجه إلى التیه في صحراء وعود السراب بالالتزام بالكشف عن قتلة یاسر عرفات. إلا انه ولشدید الأسف في ذكرى یاسر عرفات التي كان یجب أن تجمع كل الفلسطینیین واصل زعران المناكفات وفتوات الفضائیات في تغییب الأمل بوحدتنا خلف مئات الاشتراطات التي نثروھا في مختلف المنابر الإعلامیة في مشھد ھولیودي قبل الإذعان لمتطلبات المصالحة. یاسر عرفات لم یقصر في ملء جیوبنا بالوعود بالعدالة والشفافیة، وأخرى بالإنصاف ورغد العیش والسلام، ھذه الوعود التي أشاحت بوجھھا عن میدان الفعل، حتى أصبحنا لا نشبه أنفسنا أمام شعوب العالم. وصحیح أیضا أن ھذه الوعود طمرت كما طمرت برامج حكومات فتح تحت ركام المصائب التي خذلت شعبنا كما خذل أخوة یوسف أبوھم یعقوب عندما رسموا أسماءھم على اتفاق أوسلو. إلا أن شعبنا وبعد رحیل یاسر عرفات كان یملأه الأمل بأن یتجاوز بعد الانتخابات التشریعیة الأخیرة أوجاع الحكومات السابقة بفسادھا وفئویتھا ورائحتھا التي أزكمت الأنوف، كما كان یأمل أن نتفوق على ضیق أفقنا وعلى الإرتھان لرغبات الأباطرة الذین سلخوا جلود أشرافنا وسرقوا لقمة الشرف من أفواه أبنائنا، لا أن تمر الأحلام بحیاة كریمة كباقي فقراء الأرض لا أغنیائھم كالأطياف. في ذكرى رحيل یاسر عرفات كان شعبنا یأمل من القادة والرموز الذین ورثوه أن لا أن یسمحوا بتمدد البلطجة والسرقة والزعرنة والثأریة العشائریة كالورم السرطاني إلى شوارعنا المھدمة والمستباحة. كما لا نزال نأمل ان تتوقف كل التصریحات والممارسات التي تساھم في تعقید الأمور، لجھة منح الأمل فرصة للحیاة مرة أخرى. أیھا السادة: یخطئ من یعتقد أن أنھار المناشیر أو سیول الخطابات أو بریق الكامیرات أو طبع القبل على وجوه الشیاطین الأمریكیة والإسرائیلیة أو حتى الأوروبیة ستروي عطش شعبنا أو تسد جوعه، بعدما ضاقت بھا المصطلحات التبریریة التي لا تنتھي، والتي حولت سماءنا إلى مظلة خانقة لسجن كبیر. مصطلحات من قبیل استقلالیة القرار، وحدة الصف، الابتعاد عن المحاور، إبعاد الفاسدین، إقالة المرتشین، الحكومة الواحدة والسلاح الواحد، إلى آخره مما تكرر في خطاباتھم شبه الارتجالیة، التي تتناثر كقصص شھرزاد، والتي لم تضع حدا للیل الفتنة الطویل التي فرضت على شعبنا أن یتعود على التعامل مع مصیبة الانقسام كما یتعامل مع اللیل والنھار. ھذه الفتنة التي قسمت شعبنا في الضفة وغزة إلى شطرین، تماما كما اللیل والنھار، إلا أن شعبنا لم ینفصل عن نفسه ولا عن بعضه حتى ولو انفصل اللیل عن النھار. فیما المحنة ما زالت تختلف عنفا وتزداد اتساعا، وتفرض معادلة جدیدة على الأرض في سبیل تحقیق أماني الأعداء في إسقاط خیار شعبنا بالتوافق، فإننا لا نزال نرى البعض یزداد مراوغة خارج الحدود في انتظار ھبة..ھدیة.. موقعة برھن الفتنة بینما كرة الدماء والأشلاء تستقر في المرمى الفلسطیني. وھل ما زال على الحرب المفتوحة أن تأخذ أبعادھا كاملة، وأن تغیر تضاریس مخططاتهم الملتھبة ارض المواجھة قبل أن یغیروا رأیھم لصالح المصالحة..! وھل ما زال على مشاھد دمائنا وأشلائنا وعارنا أن تتقدم نشرات أخبار الفضائیات، في الوقت الذي تتراجع فیه قوافل المعونات والإمدادات ومساعي رفع الحصار عن غزة، فیما الضفة ترزح تحت نعال الاحتلال قبل أن نتقدم لتنفيذ الاتفاق مع أنفسنا.! وھل ما زال على برود الموت أن یغلب دفئ طفولة أولادنا قبل أن یذعنوا للوحدة !. وھل سیفتح البعض عینیه لیشھد كیف غیرت قراراتهم واتفاقاتھم الأمنیة السریة معالم النفوس. وهل يسعون لابقاء المقابر على استعداد لاستقبال ضحایاھا، حیث ما زال الأموات في الساحات المجاورة وغيرها یحتمون بالقبور من رصاص یفیض غضب كي لا یقتلھم مرتین، بعدما تحولت الجثامین إلى أھداف عسكریة. وھل ما زال علینا أن نقف عند حافة قبورنا حتى نقف عند حقیقة فاجعتنا، وحتى ندرك أن ھناك من ینقب أحلامنا وثقتنا وأخوتنا ووحدتنا كي تأخذ إسرائیل صورتھا التوراتیة على حساب أشلائنا.!. الآن وبعد أن طوت أرضنا فراش مطرز بمئات الحواجز والبنادق المأجورة التائھة، وبعدما عاد بعض جنودنا بعار لا فكاك منه، وبعد أن خمدت نار الفتنة تاركة وشما غیر الوجوه، ھل على شعبنا أن يواصل جني الحنظل الذي حصدناه قبل أن یركن البعض إلى التصالح والوحدة..!!. القدس، القدس التي عندما سئل یاسر عرفات عن مصیرھا مستقبلھا قال " القدس ورقة بیضاء في جیب طفل في صدر أم لم تولد بعد" فھل على ضجیج الاحتفالات الكرنفالیة باغتيال القائد یاسر عرفات أن تغیب أصوات النحیب على موت الثورة التي مات لأجلھا..!!. |