![]() |
ما لم يقله ترامب صراحة: بعد ثلاث سنوات القدس عاصمتان!
نشر بتاريخ: 09/12/2017 ( آخر تحديث: 09/12/2017 الساعة: 19:20 )
![]()
الكاتب: تحسين يقين
بالرغم من خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصادمة؛ وبالرغم من انفعالنا الشرعي فلسطينيا وعربيا وعالميا بل وأمريكيا، وبالرغم من الحراك العالمي الذي لا ينتصر فقط للحق الفلسطيني في القدس، بل في إعادة الاعتبار لقضية فلسطين الأكثر عدلا ونبلا؛ "فإن الحجر الذي ما زال البناؤون يهملونه، سيظل حجر الأساس. اقول بالرغم من كل هذا؛ فإن لنا قراءة أخرى للإعلان ترامب، نجتهد في توظيفها لصالحنا.
- "ليس بالمهمة السهلة؛ ففي هذا التوقيت بالذات اختيار الكلمات يكون صعبا ودقيقا، كمن يمسح بالماء على جرح ملتهب فتوخ الحذر في اختيارها". - ....................................................................... - جرب! - سأفكر قليلا، ثمة أمل، وثمة ما يجمع عليه العالم، بما يصعب تجاوزه لا إسرائيليا ولا أمريكيا! القدس؟ أي منها؟ فقد صارتا قدسين! لم يقل الرئيس الأمريكي أي قدس يقصد، لكنه فعليا قصد القدس الغربية التي احتلت عام 1948، وليست التي اختلت عام 1967، والتي ما زالت وفق المرجعيات الدولية التي تشكل الولايات المتحدة ركنا هاما فيها أرضا محتلة. وإذا ربط تنفيذ ذلك فيزيقيا وعمليا بمدة 3 سنوات، فإن الإعلان لا يغدو أكثر من وعد ليس أكثر؛ وهو مقرون ضمنا وموضوعيا بنتائج المفاوضات، لذلك لم يحتفل الإسرائيليون بذلك، بل راحوا يخشون من إعلان آخر لترامب، خصوصا أن الولايات المتحدة لم تغّير مواقفها السياسي من كون الضفة الغربية بما فيها القدس أرضا محتلة. لعله غموضا إبداعيا، الحديث العام، ليأتي بتفصيل لا يسر إسرائيل، حيث كما يقال: الشيطان يسكن في التفاصيل! المقصود هو القدس الغربية؛ التي أصلا شكلت مكانا لالتقاء الرسميين الأمريكيين بنظرائهم الإسرائليين، كما شكلت القدس الشرقية أيضا مكانا للقاءات أمريكية فلسطينية. لنتأمل قول الرئيس الأمريكي: "القدس اليوم، ويجب ان تبقى، مكان حيث يصلي اليهود في حائط المبكى، حيث يسير المسيحيون بدرب الآلام، وحيث يصلي المسلمون في المسجد الاقصى”. وكان واضحا "بالحفاظ على الاوضاع الراهنة في الاماكن المقدسة في القدس، بما يشمل الحرم القدسي، الذي تطرق اليه بحذر باسم الحرم الشريف". كما قال بشكل مباشر "ان اعلانه ليس بمثابة التزام امريكي بأي مسائل مكانة نهائية، بما يشمل حدود السيادة الإسرائيلية في القدس. وإنه يجب حل هذه المسائل في المفاوضات". ماذا يعني ذلك؟ يعني للفلسطينيين والعرب الكثير، ولا نظنن حتى في أحوالنا المهلهلة سيكون من السهل على الولايات المتحدة العبث بالنار. لذلك أزعم أن الإعلان يخص القدس الغربية المحتلة عام 1948، وأن هناك ما يخص القدس الشرقية في الصفقة التي يعدّ لها الرئيس الأمريكي. لذلك أتفق مع ما ذكره د. علي الجرباوي في الأيام الخميس، حين حلل قائلا: "إن هذا القرار يمكن أن يكون قد أتى نتيجة مشاورات خفيّة مع نتنياهو، إما تلبية لطلب مباشر منه، أو من أجل تسهيل مهمة إقناعه، وتحصيل قبول حكومته اليمينية، على ما يسميه ترامب بــ "صفقة العصر" لتسوية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، والتي يتضمنها مشروع "السلام الإقليمي" الذي يسعى الرئيس الأميركي لعقده بين العرب، وخصوصاً الدول الخليجية، مع إسرائيل. فهذه "الصفقة" التي يُعدّ للإعلان عنها أميركياً خلال فترة قادمة وجيزة لا بد وأنها تشتمل على بنود لا تحظى بموافقة الحكومة الإسرائيلية الحالية. ومن أجل تذليل المعارضة الإسرائيلية المتوقعة، يُقدّم ترامب لإسرائيل بهذا القرار دفعة تشجيعية مسبقة، وذلك بتلبية أحد أهم المطالب التي طالما سعت لتحقيقه، وهو الاعتراف بالقدس موحدّة وعاصمة لها." انتهى الاقتباس ربما، وهل بوسعنا غير التحليل والتفسير والتنبؤ! - من الصعب على دولة عظمى تشغل عضوا دائم العضوية في مجلس الأمن، والدولة المضيفة للأمم المتحدة أن تقف منفردة أمام العالم كله، وأمام القانون الدولي! - ...................................................... - ومن الصعب أن تعادي الولايات المتحدة أيضا المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية التي تشكل ما هو أهم من النظم السياسية في لحظات معينة! - إذن؟ - أظن أن هناك ما سيعادل هذا الحامض بقاعدة وصولا للملح والماء. - ها قد صرت كيميائيا! كيمياء الوجه: متجهما كان الرئيس دونالد ترامب..فلم يكن ذلك ليسرّه! ومن الدلائل أيضا دعوة الرئيس ترامب للرئيس أبو مازن لزيارة واشنطون، واللقاء به؛ فهل سيتم ذلك من أجل تهدئة خواطر قائد شعب؟ صعب افتراض هذا الأمر، فالظن أن هناك ما تخبئه الإدارة الأمريكية لإسرائيل! موضوع القدس شائك جدا، وصعب للكتابة فيه، لكنه يظل موضوعا مهما وملحا؛ فكما قيل: الحرب تبدأ من القدس والسلام أيضا؛ فهل سيقوم الرئيس الأمريكي برفع مستوى التمثيل الأمريكي في القدس الشرقية، لتصبح القنصلية العامة ممثلية أو مفوضية للولايات المتحدة في القدس؟ القدس الشرقية المحتلة عام 1967؟ إن إعلانا أمريكيا كهذا الإعلان المأمول سيساهم في إبقاء الولايات المتحدة وسيطا في العملية السياسية، ولا نظن أنها تنوي ترك هذا الدور لأحد؛ وهي تعلم تماما أن قبول وساطتها فلسطينيا وعربيا وإسلاميا لن يترسّخ إلا بالحد الأدنى من الموضوعية والعدالة. لذلك، وبالرغم من أهمية الحراك الوطني والقومي والدولي، فإن من المهم طرق ؟ابواب العاصمة واشنطون بقوة، لأنها تحتاج هذا الطرق العربي والإسلامي، خصوصا من أصدقائها وحلفائها، غير المعادين فعليا لإسرائيل، لتبرر ما تفكّر به الإدارة الأمريكية من إعلان خارطة طريق غير سارة تماما للحكومة الإسرائيلية، التي سيصعب عليها مناوءتها. الولايات المتحدة دولة عظمى، لن يكون عليها سهلا ترك الأمور للصدفة ولردود الفعل؛ وأزعم أنها ما تجرأت بهذا الإعلان إلا بعد دراسة مستفيضة ونقاشات مع حميع الأطراف، تلك الأطراف التي تعلم في قرارة نفسها أنها لن تأخذ كل ما هو على المائدة! كنا نتوقع ونرجو أن يجد الرئيس الأمريكي ناصحا لتأجيل خطوته 3 سنوات بما يكفي لإنهاء الاحتلال، لكان الأمر طبيعيا، دولتان الشرقية عاصمة فلسطين والغربية عاصمة إسرائيل، يختتم بها ولايته يتوج من خلالها إقامة سلام عادل هنا. لم يستطع الرئيس الأمريكي في إعلانه ربط إسرائيل بالقدس الغربية وفلسطين بالقدس الشرقية، في هذا الوقت قبل قيام الدولة الفلسطينية، لكنه سيستطيع ذلك مستقبلا، وحتى يستطيع ذلك يجب أن يكون لنا دور على النحو التالي: - تحقيق الوحدة الوطنية حتى ولو اقتسم شعبنا لقمة الخبز، وفيها يجب أن نسعى تجديد الشرعية الشعبية عن طريق الانتخابات. - تقوية العلاقات الفلسطينية العربية، في ظل التزام الدول المؤثرة بالثوابت الفلسطينية. - قطع الطريق على إسرائيل للاستفراد بالولايات المتحدة. - العمل السياسية والدبلوماسي وأي حراك جاد من أجل تطبيق القرارات الدولية. - الحفاظ على قدرات شعبنا وممتلكاته وأرواح أبنائه وبناته. - تعميق معنى البقاء الإبداعي لشعبنا تحت الاحتلال باتجاه التخلص منه. - مأسسة الضغوطات السياسية والدينية العالمية على الولايات المتحدة، والتي أصلا تريدها أمريكا للبدء في الخطوة التالية، التي ستكون في صالح الشعب الفلسطيني. - الحديث العلني عن مشروع الدولة الواحدة بدل حل الدولتين، والذي يمكن من خلاله حل قضايا الحل الدائم بما فيها القدس. - توعية المجتمع العالمي بأن تسييس الدين أمر لا يفيد السلام، لأن منطق الأديان وجوهرها واحد، وأن وصول المؤمنين للأماكن المقدسة لا يعني احتلالها، فهي حق شرعي لم ينكره أحد. وتقديم قراءات تاريخية موضوعية بأقلام مؤرخين مشهود لهم توخي الحقائق؛ فإذا كان لا بد من العودة للتاريخ، فإن أهل البلاد كانوا هنا قبل الأديان بآلاف السنين، وإن الإلحاح على الوجود الديني ليس في صالح الإسرائيليين. وأن المهم هو الإنسان لا التاريخ، دمه وكرامته كل ذلك هو المقدس. هذا اجتهاد وتأمل ورجاء..إلا يكون على هذا النحو المتوقع، فإن غير ذلك هو الجهل واللامسؤولية والجنون، ولا أظن الساسة الدوليين بهذه السذاجة. لذلك قال ترامب "أن حدود السيادة الإسرائيلية في القدس تخضع لمحادثات الوضع النهائي". لعله صراحة الغموضّ..أو غموض الصراحة.. [email protected] |