|
هل سيؤثر قطع المساعدات الأمريكية على الاقتصاد الفلسطيني؟
نشر بتاريخ: 29/12/2017 ( آخر تحديث: 30/12/2017 الساعة: 15:01 )
رام الله - تقرير معا - فراس طنينة - تهديدات أمريكية ونقاشات في الكونغرس لإصدار قرار بوقف المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لفلسطين، إلا أن خبراء سياسة واقتصاد يقللون من تداعياتها المحتملة على الاقتصاد الفلسطيني، كون المساعدات الأمريكية متذبذبة وغير ثابتة، وهي في تناقص بشكل سنوي.
المساعدات الأمريكية لفلسطين كانت مشروطة دوماً، وكانت أسلوب ابتزاز أمريكي تضغط بها الإدارات الأمريكية على السلطة لثنيها عن اتخاذ عديد الخطوات السياسية، ولكن في ظل حالة العدوان الذي أعلنته إدارة ترامب، فإن شعرة معاوية باتت على وشك أن تقطع نهائياً. المساعدات الأمريكية للسلطة تقارب 300 مليون دولار سنوياً، القسم الأكبر منها يقدم عبر الوكالة الأمريكية للتنمية من خلال دعم مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، على شكل مشاريع تنموية، والنسبة الأقل تأتي على شكل مساعدات مالية مباشرة لخزينة السلطة. الفلسطينيون يرون أنه في حال قطع هذه المساعدات الأمريكية عن السلطة، فإن ذلك سيؤدي إلى تحرر القيادة الفلسطينية من الابتزاز الأمريكي، ويجعلها أكثر قدرة على تنفيذ قرارات اتخذتها سابقاً، وأجلتها جراء الابتزاز وسياسة لي الذراع الأمريكية. وتكمن التخوفات الحقيقية في إمكانية قيام دول أخرى بقطع مساعداتها عن السلطة، وإذا ما أقدمت إسرائيل على قطع أموال المقاصة التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، فعندذاك سيصاب الاقتصاد الفلسطيني بالشلل. وفي الصدد، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، د. مصطفى البرغوثي، إن قطع المساعدات الخارجية لن يؤثر كثيراً على الشعب الفلسطيني، لأن مجموع المساعدات الخارجية التي تصل السلطة الفلسطينية لا تزيد عن 16 بالمئة فقط من ميزانية السلطة، في حين يدفع المواطن الفلسطيني 84 بالمئة من ميزانية السلطة، فلا أحد يهدد فلسطين بالمساعدات الخارجية. وأكد د. البرغوثي أن 50 بالمئة من قيمة المساعدات الأمريكية تعود إلى الولايات المتحدة على شكل نفقات إدارية ورواتب خبراء واستشارات وما شابه، فليقطعوها فهي لن تؤثر، حتى يعرفوا أنها لا يمكن أن تستخدم كوسيلة للابتزاز السياسي لشعب فلسطين. وشدد د. البرغوثي على أن الإدارة الأمريكية تبنت وجهة النظر الإسرائيلية، وبات المشروع الوحيد لديها هو تصفية القضية الفلسطينية من خلال تصفية قضية القدس واللاجئين والعودة والحق الفلسطيني في دولة حقيقية، لصالح تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وأضاف: معارضتنا لهذا الاتفاق تحمي حقوقنا الوطنية، وتحرم الدول العربية التي تطمح أن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل من هذه الإمكانية، لأنه لا يستطيع أحد أن يبرؤ على تجاوز فلسطين. وشدد د. البرغوثي على أن الإدارة الأمريكية خرقت تعهداتها في 4 أمور، خرقت تعهداتها بعدم إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وفعلياً أغلقته، وخرقت تعهدها بعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وخرقت تعهدها بشأن بشأن الاعتراف بالقدس المحتلة كعاصمة لإسرائيل، والآن تخرق تعهدها بشأن المساعدات الخارجية. واعتبر د. البرغوثي "لذلك السلطة تحررت من الابتزاز الأمريكي، ويجب عليها أن تقوم بالإجراءات التي وعدت بها، وتأخرت كثيراً في تنفيذها، وعلى رأسها إحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية، والانضمام الفوري إلى كل المنظمات الدولية، التي لم تكن الولايات المتحدة تريد انضمام فلسطين لها. من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور نصر عبد الكريم، إن التهديدات الامريكية بقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين لن تؤثر كثيراً على الفلسطينيين، لأنها غير منتظمة وتتقطع بشكل مستمر. وشدد د. عبد الكريم أنها لن تخلق أثراً جوهرياً على الاقتصاد ولا على خزينة السلطة، لأن المساعدات في السنوات السبع الماضية اتسمت بعدم الانتظام، وهي لا تزيد عن 300 مليون دولار سنوياً، معظمها يتم صرفها من خلال شركات أمريكية وتعمل في فلسطين، والجزء اليسير منها 50 أو 60 مليون تذهب لصالح الخزينة مباشرة. واعتبر د. عبد الكريم أن أضرار قطع المساعدات الأمريكية على استدامة السلطة المالية لن تكون كبيرة، كما أن السلطة تعلمت أن تعيش بدونها لسنوات طويلة في الماضي. وأضاف: ربما قطع المساعدات تحمل الأضرار على بعض مشاريع البنية التحتية والمشاريع المتعلقة بدعم الأمن، ولكن خلاف ذلك أظن أنه لن يحمل أضراراً كبيرة. وأكد د. عبد الكريم أن الإشكالية ربما تكمن فيما إذا ما أقدمت بعض الدول التي تتماشى مع سياسة ومواقف الولايات المتحدة، بما فيها دول عربية، على حجب مساعداتها، عندها سيكون الضرر أكبر بكثير. ويرى د. عبد الكريم أن الضرر الأكبر والأخطر يكمن في إقدام كيان الاحتلال على فرض عقوبات اقتصادية على السلطة، في حال بدأت معالم مواجهة واضحة ومفتوحة، وقيام الكيان بفرض إجراءات عقابية اقتصادياً، وهو ما سيعرض الاقتصاد الفلسطيني إلى أضرار بالغة، وربما يلغي كثيراً من حالة النمو ومساره والذي تحقق منذ العام 2008، وهنا الخطورة. من جهته، أكد المحلل السياسي والكاتب، خليل شاهين أن هناك حملة أمريكية إسرائيلية للضغط على القيادة الفلسطينية باستخدام مختلف الوسائل، لا سيما بعد اتخاذ قرار الإدارة الأمريكية بنقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال. وأشار شاهين إلى أن الولايات المتحدة تناقش قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، من خلال قانون جرى نقاشه في الكونغرس، ووقف الدعم الأمريكي لوكالة الغوث، وسلسلة أخرى من الإجراءات العقابية، وربما تطال إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن. وأكد شاهين على أن المساعدات المالية الأمريكية ليست كبيرة جداً من الناحية المالية، ولكن قطعها قد يؤثر بالسلب على الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، وإن كانت تأثيراته أكبر على المجتمع المدني من خلال الدعم الذي تتلقاه عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. |