نشر بتاريخ: 31/12/2017 ( آخر تحديث: 01/01/2018 الساعة: 07:36 )
رام الله -معا- أوقد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، مساء اليوم الأحد، شعلة الانطلاقة الـ53 لحركة "فتح" والثورة الفلسطينية المعاصرة.
وحضر مراسم إيقاد شعلة الانطلاقة، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، بحضور رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وعدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة "فتح"، والمجلس الثوري، إضافة إلى ممثلين عن مختلف الفصائل.
وهنّأ الرئيس في كلمته التي ألقاها، قبيل إيقاد شعلة الانطلاقة، أبناء شعبنا لمناسبة الذكرى الـ53 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وحركة "فتح"، وبالعام الميلادي الجديد، وبأعياد الميلاد المجيدة، وأعرب عن أمله بأن يكون 2018 عام الاستقلال.
وقال: "هذه الثورة التي أطلقها إخوانكم قادة هذه الحركة ومؤسسوها وعشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، هؤلاء أصحاب الفضل في أن تبقى ثورتنا إلى يومنا هذا قائمة تسير سيرا قويا متينا من أجل الوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها الأبدية".
وشدد الرئيس على أن القدس ستبقى عاصمة الشعب الفلسطيني الأبدية، رغم كل محاولات تغيير مجرى التاريخ والجغرافيا ..ليقولوا إنها عاصمة للآخرين.
وأكد أنه لن يستطيع أحد خذل من خذل أو وقف ضدنا، أن يقف في طريق ثورتنا للوصول إلى هدفها، وسنبقى مرابطين هنا صامدين إلى يوم الدين، مهما حاولوا أن يغيروا التاريخ لن يستطيعوا، ولن نرتكب الأخطاء الحمقاء التي حدثت في الماضي، باقون هنا حتى تحرير فلسطين وأرضها وستكون القدس الشرقية عاصمتها الأبدية.
وقبيل إيقاد شعلة الانطلاقة، وضع الرئيس عباس إكليلا من الزهور على ضريح الرئيس الشهيد ياسر عرفات مفجر الثورة الفلسطينية، وقرأ الفاتحة على روحه.
نص الكلمة:
في هذه اللحظات بالغة الدقة والخطورة، نقف وإياكم نحيي الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي قادتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، نحو تثبيت حقنا في تقرير المصير والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا.
إن انطلاقة ثورتنا الفلسطينية العملاقة في مثل هذا اليوم عام 1965، قد أحيت روح المقاومة في شعبنا الفلسطيني، وانتشلت هويته الوطنية من الضياع، وأنهت محاولات الطمس والتغييب، فكانت مسيرة راسخة وشامخة، قدم شعبنا من خلالها عشرات آلاف الشهداء، ومئات الآلاف من الأسرى والجرحى من أجل نيل حريته وسيادته وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
نعم إنها فتح قائدة النضال، ورائدة الكفاح، ومفجرة الثورة على الظلم والاحتلال الإسرائيلي البغيض، فتح أيتها الأخوات، أيها الإخوة، ومن خلفها شعبنا العظيم، رواد التضحية والعطاء، رماح الوطن، وحماة المسيرة، ولا زالت فتح ولا زلتم وستبقون معها أيها الفلسطينيون الأبطال، بإذن الله، نِعمَ الرجال والنساء الأوفياء، تدافعون عن شعبكم الأبي، وترابكم الوطني، فما وهنتم يوماً ولا كلّت عزائمكم، أنتم يا أبطال فتح، وأنتم يا كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ويا كل القوى الوطنية، ويا كل الفلسطينيين سيوف الحق والمدافعين عنه في وجه غطرسة الاحتلال وإرهاب عصابات المستوطنين على شعبنا ومقدساته ومقدراته.
إننا إذ نقف اليوم إحياءً لذكرى الانطلاقة المجيدة، لنتوجه بداية بتحية الإكبار والإجلال لشهداء ثورتنا بدءاً من القادة الشهداء المؤسسين، وعلى رأسهم الأخ القائد الشهيد الرمز أبو عمار رحمه الله، ورحمهم جميعاً، وإلى كل شهداء فلسطين الأبطال، والى كل جرحانا البواسل، نقول لذويهم وأسرهم بأنهم باقون في ذاكرة الوطن ووجدانه، وإن تضحيات أبنائكم هي أوسمة ونياشين شرف على صدوركم وعلى صدر الوطن، ولأسرانا الأبطال نقول، إن فجر الحرية آت لا ريب فيه، وسنواصل العمل من أجل حريتكم وعودتكم لأهلكم وذويكم سالمين.
الأخوات والإخوة ، يا أبناء شعبنا البطل،
?حين انطلقت الثورة الفلسطينية، قطع رجالها على أنفسهم عهداً وقسماً بأن يمضوا في سبيلهم الذي اختاروه في أصعب الظروف، وما زال الصراع والنضال محتدماً لتحقيق أهداف شعبنا الوطنية، وإحقاق حقوقه الثابتة، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وسوف نبقى متمسكين بثوابتنا الوطنية، ومحافظين على القرار الوطني المستقل، الذي دفع شعبنا من أجله ثمناً باهظاً من دماء أبنائه الزكية الطاهرة.
?وها نحن اليوم، أيتها الأخوات، أيها الإخوة، وبعد مضي قرن من الزمان على وعد بلفور الغادر الظالم، وانقضاء سبعة عقود على النكبة، وخمسين عاماً على احتلال إسرائيل لما تبقى من أرض فلسطين، نواجه تحدياً جديداً تقوده الولايات المتحدة الأمريكية انحيازاً ودعماً لإسرائيل، قوة الاحتلال، بالاعتداء على مكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد خالفت القانون الدولي والشرعية الدولية وفقدت أهليتها كوسيط في عملية السلام.
?نعم، يا أبناء شعبنا وأمتنا ويا أصدقاءنا في كل العالم، إن القدس تواجه مؤامرة كبرى لتغيير هويتها وطابعها، والاعتداء على مقدساتها الإسلامية المسيحية، وهي بحاجة ماسة لوقفة شموخ وإباء من الجميع في العالم، فالقدس الشرقية هي مدينة السلام، وكانت وما زالت وستظل إلى الأبد، عاصمة دولة فلسطين.
ومن هذا المقام، فإننا نتوجه بالتحية والتقدير لأبناء شعبنا الفلسطيني المرابط في فلسطين، وبخاصة أهلنا في القدس، حماة الأقصى والقيامة، الذين يتحملون ويواجهون عدوان المستوطنين وجيش الاحتلال الاسرائيلي، للتضييق عليهم وتهجيرهم منها.
وأود في هذه الذكرى الخالدة، أن أتوجه باسم شعبنا الفلسطيني في كل مكان بجزيل الشكر، وأسمى عبارات التقدير والامتنان لكل الدول والمنظمات والقوى والشعوب التي وقفت إلى جانب قضيتنا وشعبنا، والتفّت حولنا ودعمتنا بتصويتها في جملة من القرارات التي صدرت، وكان آخرها " متحدون من أجل السلام " في الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس، والتي عبرت بموقفها هذا عن تضامنها مع الحق والعدل، ورفضها لسياسة الابتزاز والإملاءات.
إن كرامة شعبنا وحقوقه وثوابته غير قابلة للمساومة، ونحن بإذن الله قادرون في كل مرة يتعرض فيها شعبنا ومقدراته للخطر أن نقف بكل شموخ واعتزاز، مستمدين ذلك من عدالة قضيتنا وصمود شعبنا ومبادئنا التي لن نحيد عنها، لندافع عن شعبنا وقضيتنا ووطننا ومقدساتنا، ونقول "لا" لمن يحاولون فرض الإملاءات علينا".
يا أبناء شعبنا البطل، أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
?إن شعبنا الفلسطيني، الذي قدّم التضحيات الجسام دفاعاً عن كرامته وحريته على مر الأجيال، يستحق منا أن نواصل هذه المسيرة في الدفاع عنه وعن حقوقه، وفي الأسابيع الماضية وبعد صدور القرار الأمريكي المشؤوم حول القدس، قمنا بحشد الطاقات الدولية، وتوجهنا للقمة الإسلامية ومجلس جامعة الدول العربية، وحصلنا على تأييد عارم، كما توجهنا لمجلس الأمن والجمعية العامة في جلستها الطارئة، "متحدون من أجل السلام"، وحصلنا على إجماع دولي باعتبار هذا القرار الأمريكي لاغياً وباطلاً.
وفي هذا الصدد، سنعقد جلسة طارئة للمجلس المركزي الفلسطيني في الأيام القادمة، وهو أعلى سلطة تشريعية للشعب الفلسطيني تنوب عن المجلس الوطني الفلسطيني، وذلك لمناقشة قضايا إستراتيجية تهم مصير شعبنا وقضيته العادلة، واتخاذ القرارات الحاسمة للحفاظ على القدس وحماية حقوق شعبنا.
كما سنمضي قدماً في جهودنا السياسية والدبلوماسية بالانضمام لجميع المنظمات والمعاهدات الدولية، علماً بأننا أصبحنا أعضاء كاملي العضوية في أكثر من مائة منها، وسنعمل وبشكل حثيث على نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتحقيق المزيد من الاعترافات من الدول التي تؤمن بحل الدولتين، ولم تعترف بعد بدولة فلسطين.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
سنواصل بكل إخلاص ومثابرة العمل على توحيد أرضنا وشعبنا وتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وصولاً لسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد. وإنني أطمئن أبناء شعبنا، بأننا نسير في درب المصالحة بخطى واثقة وحثيثة، وسنتوّجها بوحدة وطنية راسخة وقوية.
إن شعبنا لن يخضع ولن يركع ولن يستسلم ، وهو باق وصامد، ومرابط في وطنه بمسيحييه ومسلميه، في القدس زهرة المدائن وفي كل بقعة من فلسطين.
وإن راية الحرية ستبقى تتلقفها الأجيال الفلسطينية، جيلاً بعد جيل، فها هم أطفالنا وشبابنا وشاباتنا ونساؤنا وشيوخنا ماضون في عطائهم وتضحياتهم، لمجابهة جرائم الاحتلال وبطشه، وكلكم شاهد على اغتيال الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا، واعتقال الفتى فوزي الجنيدي بوحشية من قبل عشرات من جنود الاحتلال، وكذلك اعتقال الفتاة الزهرة عهد التميمي التي دافعت بشجاعة وشموخ عن حرمة منزلها وأهلها ووطنها في وجه جيش الاحتلال الاسرائيلي الغاشم.
وهذا يذكرنا بجرائم ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ومجموعات الإرهاب من المستوطنين عندما اغتالوا الطفل محمد الدرة، وحرقوا الفتى محمد أبو خضير، وأبادوا أسرة دوابشة بكاملها عدا الطفل أحمد الذي بقي وحيداً يعاني آلام الحرق وفقدان أهله، والقائمة طويلة من الجرائم الوحشية.
?وبالرغم من كل ذلك، فإننا نقول لإسرائيل إذا كنتم تريدون السلام والأمن والاستقرار، فعليكم إنهاء احتلالكم واستيطانكم لأرضنا، أرض دولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي كافة وعلى رأسها اللاجئين والأسرى استناداً لقرارات الشرعية ذات الصلة.
لن نقبل ببقاء الوضع القائم، ولن نقبل بنظام الابارتهايد، ولن نقبل بسلطة دون سلطة، واحتلال دون كلفة، وعليكم أن تعيدوا النظر في سياساتكم وإجراءاتكم العدوانية ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا قبل فوات الاوان.
وأريد التأكيد هنا، أن هناك خطوطا حمراء، وثوابت تشكل الأساس في موقفنا، نلتزم بها ولا يمكن لأحد أن يتجاوزها:
- لا حل إلا على أساس قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار الجمعية العامة رقم 19/67 الصادر في 29/11/2012، وقرار مجلس الامن 2334 لعام 2016، وقرارات المجالس الوطنية، ومبادرة السلام العربية التي تؤكد جميعها على إقامة دولة فلسطين على حدود 1967 والقدس الشرقية بحدودها الكاملة عاصمة لها.
- إن تطبيق مبادرة السلام العربية مرهون بإنهاء إسرائيل لاحتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله أولاً وقبل كل شيء.
- إن المؤامرة على القدس لن تمر، ولن نسمح لكائن من كان أن يمس بحقوقنا وثوابتنا الوطنية.
فهذه مسيرة ياسر عرفات، وعبد القادر الحسيني، وعز الدين القسام، وجورج حبش، وأحمد ياسين، ورفاقهم من قادة وشهداء الشعب الفلسطيني.
وختاماً فإننا نؤكد أننا باقون في أرضنا، متمسكون بحقوق شعبنا وسننتصر بإذن الله.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، الحرية لأسرانا البواسل، والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال، وعاشت فلسطين والقدس الشريف عاصمتنا الأبدية الخالدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،