|
ماذا تفعل لو اصبح ابنك داعشيا ؟!
نشر بتاريخ: 08/01/2018 ( آخر تحديث: 08/01/2018 الساعة: 20:10 )
الكاتب: وليد الهودلي
اصطدمنا مع نماذج من جماعة التكفير والهجرة نهاية سبعينات القرن الماضي وكانت المواجهة فكرية مجردة من اي بعد آخر : وكانت محصلة أفكارهم تكفير كل من يختلف معهم ، يبدأ التكفير بمن لم يحكم بما انزل الله ( طبعا على طريقتهم في فهم الدين ) ثم تكفير كل من لم يكفر الكافر وبالتالي يخرج من الدين كل من لك يكن معهم .. احتدم النقاش الفكري وكتب علماء ذاك الزمان كتبا اذكر منها كتاب الحكم وقضية تكفير المسلم لسالم علي البهنساوي ودعاة لا بغاة للجريشي ودعاة لا قضاة للهضيبي وغيرها مما أدى الى انحسار الظاهرة وتراجعها بشكل كبير وعودة الشباب الى التيار الوسطي المعتدل في الفهم الاسلامي .
واصدمت بداية العام الماضي مع نموذجين في سجن مجدو معتقلين على ذمة انتمائهما لداعش ، الحوار هذه المرة مصبوغ بالدم ، لم يعد فكريا علميا وانما اصبح عاطفيا وافعاليا بشكل كبير ، كان محور النقاش التكفير واليوم اصبح التكفير الذي يؤدي الى التوحش وسفك الدماء بمبرر ديني وانه قربة الى الله !! كيف يتقرب الى الله بقتل المدنيين المسالمين ؟ ماذا تحقق داعش في الحياة البشرية ؟وماذا عن تصورهم الديني الذي يضرب الاساس الديني ( ما أنزلنا عليك القران لتشقى ) .. هل تأتي السعادة من هذا القتل والترويع والاخذ بنظرية التوحش .. هذه النظرية تتناسب مع التتار مع الاستعمار الذي قتل ودمر مع الاحتلال والمحتل .. تتناسب مع كل شيء الا الاسلام دين الرحمة وانقاذ البشرية من الظلم والعدوان وموقفه معروف من اول جريمة ارتكبت في البشرية حيث قتل قابيل هابيل بينما المعتدى عليه يقول " لئن بسطت يدك الي لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك " ، ومعروف بان من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا . وكانت نتيجة الحوار أنهم لا يستقبلون ولا يرسلون .. أين المشكلة ؟ المشكلة في البناء .. كيف تم بناؤهم ؟ منظومة فكرية عاطفية نفسية تنسجم مع مدفون في اعماقهم من الحقد والكراهية للقوى الظالمة المستبدة في هذا العالم ومن ممارسات طاغية عانوا منها طويلا ومع الاخلاص الاعمى لهذا الدين ومع افتقادهم لبناء الفهم الديني الممنهج الصحيح الذي يجعل الانسان المتدين معتدلا وعلى بصيرة من دينه بشكل متوازن ثم بناء الفهم السياسي الذي يجعله يفهم الواقع ومعادلاته بطريقة علمية متوازنة فلا ينجرف الى أجندة سياسية لا يعرف مبتغاها ولا يكون امعة ولا يجعل العاطفة تسيطر على العقل والمنطق ولا ينجرف ايضا الى طائفية مقيتة او عصبية منحرفة . اذا افتقدنا البناء ولم نعمل عليه كما يجب فان البناء يكون مشوها وعرضة للوقوع بمثل هذا الغلو والتطرف ..فلو افترضنا ان ابنا لك وقع بهذا الشرك ثم جئت لتناقشه النقاش الطويل العريض فلن تصل معه الى نتيجة تذكر .. لماذا ؟ لان المشكلة في البناء .. البناء مشوه وخاطىء ولا بد من اعادة البناء وهذه تتطلب جهود جبارة واستعداد عند الشاب المغرر به ، وهذا الاستعداد نادر الوجود في مثل هذه النمطية من التفكير .. ما الحل اذا ؟؟ لا بد من العمل جيدا على البناء الديني القويم ولا بد من العمل على ثقافة المجتمع خاصة في الاوساط المتدينة بشكل منهجي صحيح .. واقع الحال يقول ان هذا غير متوفر والمتوفر هو الذي ينتج البناء المشوه الذي يمتلك قابلية التطرف والداعشية .. لذلك لا بد من نهضة فكرية وتربوية شاملة والا بقينا عرضة لمثل هذا . |