وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

البرغوثي يدعو لتبني إستراتيجية وطنية فلسطينية موحدة

نشر بتاريخ: 15/01/2018 ( آخر تحديث: 15/01/2018 الساعة: 19:34 )
رام الله -  معا - القى أمين عام المبادرة الوطنية د. مصطفى البرغوثي، يوم الاثنين، كلمة في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفيما يلي نص الكلمة:
أيها الأخوة والأخوات ،

ينعقد المجلس المركزي في أخطر ظرف مرت به قضية فلسطين، إذ وصل مستوى التآمر عليها الى درجة محاولة تصفيتها، وتصفية أهداف نضالنا بالكامل.

ويحاول أعداء شعبنا استثمار الاختلال غير المسبوق في ميزان القوى بيننا وبينهم والانحياز الأمريكي الكامل لمخططاتهم، لفرض مشروع تصفية كامل لقضية فلسطين، بدءاً بقضية القدس واللاجئين وإنهاء بحقنا في إقامة دولتنا المستقلة.

ودون إطالة أو شرح لتفاصيل أصبحت معروفة للجميع لا بد من الإقرار بحقائق أصبحت دامغة في وضوحها، ولا يمكن التقدم للأمام في الدفاع عن مصالح شعبنا دون فهمها، والإقرار بوجودها وهي :-

أولا :​إن فكرة ومشروع الحل الوسط بيننا وبين الحركة الصهيونية قد فشل، لأن إسرائيل لم، ولا، ولن تريده. وكل ما أرادته الحركة الصهيونية من اتفاق أوسلو كان تحييد تأثير الانتفاضة الشعبية الأولى والنضال الفلسطيني، وكسب الوقت لاستكمال عملية الضم والتهويد للضفة الغربية، بالإضافة إلى إحداث انقسام عميق في الساحة الفلسطينية.
وبالنسبة للحركة الصهيونية فان الهدف المبطن سابقاً والمعلن الآن كان وما زال الاستيلاء على كل فلسطين.

ثانياً :​إن اتفاق أوسلو فشل وأن المراهنة على حل وسط مع إسرائيل قد فشلت، كما أن المراهنة على دور الولايات المتحدة كوسيط في عملية السلام، التي بدأت بتوقيع اتفاق أوسلو انتهت جميعها إلى الفشل الكامل، وقد آن الأوان للتخلي إستراتيجياً عن النهج الذي فشل، وعدم الاكتفاء بخطوات تكتيكية أو ردود أفعال محدودة.

ثالثاً :​نحن كفلسطينيين لسنا في مرحلة حل للصراع مع الحركة الصهيونية وإسرائيل، بل في مرحلة نضال وكفاح، من أجل أهداف شعبنا في الحرية والعودة، وتحرير وطننا من الاحتلال والاضطهاد العنصري.

رابعاً :​ان فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، وما سمي بحل الدولتين، يتآكل كل يوم مع وقع الاستيطان الإسرائيلي وقرارات إدارة ترامب الأمريكية والتقاعس العربي عن التصدي لإسرائيل.

خامساً :​ إن مخطط إسرائيل الموجه نحو ابتلاع وتهويد الضفة الغربية قائم على الفصل الكامل بين الضفة والقطاع وتشجيع الانقسام لإضعاف تأثير العامل الديموغرافي في الصراع الدائر.

سادساً:​إن التنازل التاريخي الذي قبلته منظمة التحرير عن حق الفلسطينيين في 78% من أرض فلسطين من خلال ما سمي بحل الدولتين، يجب إلغاءه رداً على تنكر الطرف الآخر لمبدأ الحل الوسط.
     
سابعاً:  ​إن أهدافنا لن تتحقق إلا بتغيير ميزان القوى، ولذلك فإننا بحاجة إلى تبني إستراتيجية وطنية بديلة للنهج الذي فشل، تركز على تغيير ميزان القوى، بالمقاومة الشعبية الشاملة، وحركة المقاطعة (BDS) وتعزيز الصمود الفلسطيني المقاوم على الأرض، وتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة بناء التكامل بين أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والأراضي المحتلة والخارج، مع المحافظة على التأييد الدولي الذي حققه الشعب الفلسطيني والعمل على توسيعه
ثامنا: ​يجب أن تُحمل الحركة الصهيونية وإسرائيل ومن يدعمها المسؤولية الكاملة تاريخياً عن إفشال ما يسمى "بحل الدولتين" الذي تقوم بتدميره بالكامل.

تاسعاً:ة​إن إسرائيل فرضت وتفرض كل يوم بديلها لحل الدولتين بتعزيز الاحتلال بمنظومة الأبارتهايد العنصرية، وأن البديل الوحيد لقيام دولة فلسطينية مستقلة وما يسمى بحل الدولتين ليس الأمر الواقع القائم وهو دولة الأبارتهايد الواحدة التي تكرسها إسرائيل ويروج لها جزء من الإعلام الغربي، بل الدولة الواحدة الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، والتي لن تكون ولا يمكن ان تكون يهودية. وان التساوي في الحقوق لا يعني فقط التساوي في الحقوق المدنية فحسب، بل والمساواة في الحقوق القومية، وبما يضمن كامل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بكل مكوناته.

عاشراً:​إن الشعب الفلسطيني يقف اليوم أمام مهمة أكبر بكثير من مجرد إنقاذ حل الدولتين أو مواصلة المراهنة على حسن نوايا الآخرين المنشغلين بهمومهم ومصالحهم. فما فعلته الحركة الصهيونية بوطننا ولشعبنا من تطهير عرقي وتهجير، واحتلال وتمييز عنصري، وما تفعله اليوم يفرض على الشعب الفلسطيني أن يتصدى لمهمة أكبر وهي تحرير وطنه وإسقاط نظام الأبارتهايد والاستعباد العنصري بكامله، وأن يرسل رسالة للعالم، بأن إقدام إسرائيل عل قتل فكرة الدولة المستقلة، لا يترك لنا إلا خيار النضال والكفاح من أجل إسقاط نظام الأبارتهايد العنصري الإسرائيلي في كل فلسطين.
وشعبنا قادر على ذلك، إن قدمنا له رؤية واضحة وقيادة موحدة واستعداد للتضحية وتقدم الصفوف، وإستراتيجية وطنية بديلة لما فشل.
وأول ركائز نجاحنا هي إعطاء الأولوية الأولى لبقاء وصمود الشعب الفلسطيني بكل مكوناته على أرض فلسطين، بحيث يكون صموده صموداً مقاوماً وفاعلاً، وأن يتم تعزيزه بترسيخ الوحدة بين الضفة والقطاع وإزالة كل أوجه الانقسام الداخلي.


على ضوء ذلك فإننا نطالب المجلس المركزي بإقرار القرارات التاليــة :-

1) وضع آلية لضمان تنفيذ قرارات المجلس المركزي، إذ لا يجوز أبداً أن يتكرر ما جرى لقرارات المجلس المركزي السابق، والتي لم تنفذ وخاصة القرار بوقف التنسيق الأمني وثانياً القرار بعقد المجلس المركزي كل 3 شهور.
2) تبني إستراتيجية وطنية فلسطينية موحدة تركز على تغيير ميزان القوى، عبر المقاومة الشعبية الواسعة، وتنظيم حركة المقاطعة وفرض العقوبات (BDS) وإعادة بناء التكامل بين مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الأراضي المحتلة وفي الخارج حول مشروع وطني وكفاحي جامع، وإنهاء الانقسام الداخلي، وتكريس كل الطاقات لدعم الصمود المقاوم للشعب الفلسطيني على أرض وطنه فلسطين.
3) إلغاء التزامات الجانب الفلسطيني المترتبة على اتفاقي أوسلو وباريس الاقتصادي بما في ذلك :

أ – الإلغاء الشامل و النهائي لكل أشكال التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي.

ب- سحب الاعتراف بإسرائيل واشتراطه بإلغاء القرار الإسرائيلي بضم القدس المحتلة وإزالة الاستيطان وإلغاء كافة قرارات التهويد والضم ، والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس على كامل الأراضي المحتلة عام 1967.

ج- التمرد على، ومقاومة القيود الإسرائيلية على الوجود والعمل الفلسطيني وخاصة في ما يسمى بمناطق " C" واعتماد منهج الصمود المقاوم بفرض الحقائق الفلسطينية على الأرض في مواجهته الحقائق الإسرائيلية.

د – تحرير القرارات الاقتصادية والتنموية الفلسطينية من قيود وإتفاق باريس بما في ذلك نسبة ضرائب القيمة المضافة.

4) رفض والتصدي لما يسمى بصفقة القرن ولقرارات ترامب بشأن القدس، ورفض رعاية إدارة ترامب لما يسمى بعملية السلام.

5) تبني المقاومة الشعبية ودعمها وتعزيزها وتحفيز كافة القوى الفلسطينية للانخراط فيها.

6) تبني حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات من إسرائيل BDS، وتولي مهمة المقاطعة الشاملة للبضائع الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية.

7) الانضمام الفوري لكافة المنظمات الدولية وخاصة التي لها وزن وتأثير كالملكية الفكرية ومنظمة الصحة العالمية والغداء العالمي ومنظمة العمل الدولية.

8) الإحالة الفورية للمسئولين الإسرائيليين بدءاً بنتنياهو وليبرمان وإنتهاءاً بأصغر مسئول في المستوطنات إلى محكمة الجنايات الدولية، وهو أمر تأخر كثيراً رغم القرارات المتكررة بضرورة تنفيذه ورغم قرار محكمة الجنايات الدولية باعتبار الاستيطان جريمة حرب.

9) تكريس كل الطاقات لفرض الوقائع الفلسطينية في القدس ومحيطها ومواجهة الأمر الواقع الإسرائيلي بالأمر الواقع الفلسطيني والصمود المقاوم على الأرض، بما في ذلك إنشاء وتعزيز المؤسسات الفلسطينية المستقلة في القدس.

10) انجاز مهمة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنشاء قيادة وطنية موحدة لحركة التحرر الوطني الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية من خلال وإعادة بناء مكوناتها وتفعيل مقدراتها مع الاعتماد الفوري للخطوات التاليــة :-

أ -​تنفيذ اتفاقات المصالحة الوطنية.
ب-​دعوة إطار تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية لاجتماعات دورية، تكون مهمتها ضمان وحدة القرار السياسي والكفاحي الفلسطيني والالتزام الجماعي به.
ج-​استئناف أعمال اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، والتي عقدت في بيروت في بداية العام الماضي لإنهاء ترتيبات عقد المجلس الوطني.
د -​تنفيذ القرارات السابقة بإجراء انتخابات لعضوية المجلس الوطني الفلسطيني حيثما أمكن ذلك، لضمان تجديد طاقاته وتفعيله، وفتح الأبواب لمشاركة أجيال الشباب الفلسطيني في الهيئات القيادية للشعب الفلسطيني.
هـ -​اتخاذ كافة الإجراءات لإسناد شعبنا في قطاع غزة الذي صمد ببطولة للاعتداءات الإسرائيلية وفي مواجهة الحصار الإسرائيلي، ودعم احتياجات صموده الإنسانية، والسعي بكل الوسائل لضمان حرية تنقل أفراده، واحتياجاته الصحية والمعيشية،ووضع خطة تنموية عاجلة بالتعاون مع أصدقاء شعبنا لتلبيتها، وذلك يتطلب إلغاء كافة الإجراءات المتخذة تجاه قطاع غزة منذ نيسان من العام الماضي .

ان تنفيذ هذه القرارات هو الكفيل بجعل الاحتلال مكلفا ، وباستبدال وضع سلطة بلا سيادة بحركة تحرر وطنية تمتلك الارادة واستقلالية القرار.

أيهـا الأخــوة والأخــوات ،،،

يجري اجتماع هذا المجلس المركزي في مفصل تاريخي، ويتطلب بالتالي قرارات تاريخية، وقد كان هذا المجلس هو الذي اقر اتفاق أوسلو ويتحمل مسؤولية ذلك، وهو الذي قرر إنشاء السلطة الفلسطينية، وتبني نهج التفاوض مع إسرائيل.
وهو مطالب اليوم بقرارات حاسمة تخرج الشعب الفلسطيني وحركة التحرر الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية من نفق أوسلو والمراهنة على المفاوضات، إلى الرحاب التي جربناها وعشناها في كل تجارب الثورة الفلسطينية، والانتفاضة الشعبية، والانتصارات في المحافل الدولية...إلى رحاب النضال الوطني التحرري لشعب باسل قدم شهداؤه وأسراه ومناضلوه تضحيات لا مثيل لها، ببطولة وعطاء لا ينضب.

إن فعلتم ذلك فستجدون أيدي وعقول وعواطف كل أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في كل مكان جاهزة لتلقف قراراتكم والمشاركة الفعالة في النضال لتنفيذها ، وسنجد كل أحرار العالم وقوى الإنسانية إلى جانبنا في نضالنا العادل من أجل الحرية والكرامة.
الشعب الفلسطيني لم يبخل يوما بالتضحيات و العطاء، و لكنه لن يقبل، و لا يستطيع أن يحتمل، أي إحباط جديد.