وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اهانة هيلي وازدراء ترامب- اشارة لتصفية ابو مازن

نشر بتاريخ: 28/01/2018 ( آخر تحديث: 28/01/2018 الساعة: 11:45 )
اهانة هيلي وازدراء ترامب- اشارة لتصفية ابو مازن
الكاتب: موفق مطر
يحق لنا اعتبار ما اعلنته مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن "هيلي" في كلمة رسمية باجتماع هذا المحفل الدولي الأهم في العالم، أهم خبر منذ وصول الأميركيين الى القمر والنزول على سطحه!! ذلك أنها قد شهدت- من دون قصد طبعا– باخلاص ومصداقية وشجاعة وجرأة رئيس الشعب الفلسطيني، وكأنها تعترف أمام مندوبي العالم: ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يخضع لمشيئتنا ولارهابنا، ولم يتراجع، وانما على العكس فقد قرر مواجهتنا ونحن الدولة الأعظم في العالم، وقال لنا: "لا"، واخرجنا من دائرة الوساطة في العملية السياسية لحل القضية الفلسطينية.
قد لا يعلم ترامب ومندوبته هيلي حجم رصيد قيم العمل السياسي الأخلاقية لدى رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الرئيس محمود عباس ابو مازن، وسنذهب الى ابعد من ذلك ونقول ان فائضه يكفي لأن ينهل منها ويتعلم أولئك الذين مازالوا لا يعرفون ولا يعلمون بعد معنى كرامة وشرف الشعوب، ولم يستوعبوا بعد أهم قاعدة في الدرس الأول في مدرسة تاريخ الشعوب وهي ان الحرية لا تبادل برغيف الخبز.
ليست الاهانة في قاموس عملنا الوطني والسياسي والدبلوماسي، لكن شرفنا الوطني، ومصداقيتنا واخلاصنا في الدفاع عن شعبنا ومقدساته، وحقوقه التاريخية والطبيعية، هي اسلحتنا لمواجهة كل من يفكر بمساس اقدس ما لدينا، حقنا في الحرية، حقنا في قدسنا، حقنا في وطننا، فنحن كرام من سلالة كرام اهل حضارة ومدنية، ومن يسيء الينا او يغدرنا او يخون عهده معنا فانه لا مكان ولا اعتبار له حتى يبادلنا الاحترام، فشعبنا قوة عظمى ايضا، ويستمد عظمته انه شعب هذه الأرض المقدسة، وانه جدير بانجاز استقلال وطني، وأخذ مكانته ودوره في بناء منظومة السلام والاستقرار والعدل في العالم.
مندوبة ترامب في مجلس الأمن نيكي هيلي قالت حرفيا: "إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أهان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برفضه دور واشنطن في عملية السلام"، لكنها لم توضح ولم تذكر الحيثيات الحقيقية التي ارتكز عليها موقف الرئيس الفلسطيني، رغم محاولة يائسة مارستها بإباحية سياسية بما يشبه دور الكومبارس الضعيف الذي لا يملك الحد الادنى من الموهبة السياسية او الدبلوماسية، رغم أنها مندوبة اقوى دولة في العالم كان يفترض تحليها بشجاعة المحترف في عالم السياسة.
لم يقف ترامب عند عتبة هجوم مندوبته المباشر على الرئيس ابو مازن، فأخذ على عاتقه اظهار غضبه من موقف الرئيس الفلسطيني والقيادة الوطنية، فبدا كمن يقر بمواجهة عملاق، فهذا الذي جاء الى البيت الأبيض على عربة الدولار، قد أدرك ودونما شك أن موقف الرئيس عباس قائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني، سيكبح جماح استكباره وتغوله وارهابه للعالم، فهو يعلم أن الرئيس ابو مازن لا يملك ترسانة اسلحة ولا صواريخ نووية كما كوريا الشمالية، ورغم ذلك وقف بصلابة في وجه قراراته وسياساته وخداعه وغدره، ورفض استقبال نائبه (مايك بنس) الذي زار دولا في المنطقة، وذلك بحكم قرار الادارة الأميركية اخراج نفسها من العملية السياسية كوسيط فور توقيع الرئيس ألأميركي دونالد ترامب على قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
ترامب الذي هدد بحرمان السلطة الوطنية من مئات ملايين الدولارات ما لم تعود القيادة الفلسطينية الى مفاوضات مع دولة الاحتلال تحت اشراف الولايات المتحدة الأميركية، لا يريدنا العودة الى طاولة المفاوضات خاضعين صاغرين وحسب، بل يفكر بكسر كرامة الشعب الفلسطيني، وعنفوانه، وصلابته وصموده، وثباته على اهدافه الوطنية، وحرمانه من شرف الدفاع عن مقدساته وأرضه ومستقبله على ارض وطنه فلسطين، لذا قال في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مساء أول امس الخميس بعد اجتماعه مع نتنياهو (زلمته في اسرائيل): "إن الفلسطينيين تعاملوا بازدراء مع الولايات المتحدة برفضهم الاجتماع مع نائب رئيس الولايات المتحدة مايك بنس".
الآن وبعد جمع (اهانة هيلي) مع (ازدراء ترامب) يكون لدينا في المحصلة اقرار من قادة البيت الأبيض بعجزهم عن تطويع او تطبيع او تدجين أو تقويض أو السيطرة على موقف الرئيس ابو مازن، لكن يجب الا نغفل عن أمر بالغ الخطورة، وهو ان كلام هيلي وترامب سيكون بمثابة ابتداء حملة منظمة ومبرمجة على الرئيس ابو مازن تذكرنا بالحملة على الرئيس الشهيد ياسر عرفات ابو عمار– رحمه الله- قبل اغتياله بسم اسرائيلي.. فترامب سوف يحاول ان لا يفوت للرئيس الفلسطيني أبو مازن الهزيمة الدبلوماسية والسياسية للبيت الأبيض في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما تم اسقاط قراره بشأن الاعتراف بالقدس بالضربة القاضية، رغم تهديدات ادارته التي لم تخل من لكنة ارهابية.
لا نخاف على رئيسنا، فهو مرفوع الرأس، وهذا اقرار من الذي تنحني امام استكباره الكثير من الرؤوس وتخضع، ولا نخشى الجوع ابدا مادمنا نرفض مقايضة كرامتنا ومقدساتنا وحريتنا، فالاحرار تبقى دماؤهم طاهرة نقية في عروقهم، ولا يلوثونها أبدا بالخيانة.