نشر بتاريخ: 30/01/2018 ( آخر تحديث: 30/01/2018 الساعة: 19:04 )
رام الله -معا- عقدت مؤسسة الحق اليوم ورشة عمل في مقر الهلال الأحمر بالبيرة حول "الاحتجاز على ذمة المحافظين" في ضوء المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الفلسطينية والواقع العملي على الأرض. تأتي هذه الورشة في ظل الارتفاع المتزايد لحالات الاحتجاز على ذمة المحافظين التي وثقتها "الحق" خلال العام 2017 والتي تجاوزت 50 حالة علاوة على حالات الاحتجاز على ذمة اللجنة الأمنية المشتركة ورؤساء الأجهزة الأمنية.
وعرضت "الحق" ورقة قانونية حول عدم دستورية الاحتجاز على ذمة المحافظين لانتهاكه القانون الأساسي والتشريعات ذات الصلة ومخالفته للاتفاقيات التي انضمت لها فلسطين وبخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأكدت "الحق" على أن الاحتجاز على ذمة المحافظين ينتهك مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة وقرينة البراءة المفترضة بأي مشتبه به، وأن حالات الاحتجاز التعسفي التي تابعتها شكلت انتهاكاً لقانون منع الجرائم الأردني لسنة 1954 ساري المفعول في ذاته كونها تتم بشكل مباشر أو بناء على طلب الأجهزة الأمنية بما يخالف الإجراءات الواردة في قانون منع الجرائم، علاوة على أن هذا النوع من الاحتجاز التعسفي يخالف الاجتهاد الذي استقرت عليه محكمة العدل العليا والتي أكدت على انتهاكه للحريات الشخصية وضمانات المحاكمة العادلة وبأنه يشكل غصباً لسلطة القضاء، كما أن من شأنه أن يضعف من ثقة المواطنين بالأحكام الصادرة عن القضاء ولا سيما باستمرار احتجاز عدد من المواطنين على ذمة المحافظين بعد صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم. طالبت "الحق" بوقف عمليات الاحتجاز التعسفي على ذمة المحافظين كونها تشكل جرائم موصوفة في القانون الأساسي المعدل وقانون العقوبات النافذ وقانون مكافحة الفساد تستوجب ملاحقة ومحاسبة مرتكبيها .
بدوره، أكد المستشار عيسى أبو شرار رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً؛ في مداخلته حول الاحتجاز على ذمة المحافظين في ضوء الأحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا على أن مرسوم المحافظين لسنة 2003 الذي منح المحافظين صفة الضبط القضائي لا يرتكز على أساس قانوني كونه يخالف الأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجزائية الذي أكد على أن صفة الضبط القضائي لا تمنح إلا من خلال قانون وليس بمرسوم، وأضاف بأن جل قرارات الاحتجاز على ذمة المحافظين قوبلت بالإلغاء من قبل محكمة العدل العليا كونه مخالف للضمانات الواردة في القانون الأساسي المعدل وقانون الإجراءات الجزائية ويشكل اعتداء على سلطة القضاء.
من جانبه، أكد د. عبد الناصر أبو سمهدانة رئيس النيابة العامة بأنه قد جرى خلال العامين الماضيين متابعة 20 حالة احتجاز على ذمة المحافظين لدى محكمة العدل العليا، وأنه على ضوء متابعة النيابة العامة مع المحافظين جرى الافراج عن المحتجزين على ذمة المحافظين؛ وبالتالي لم تستكمل إجراءات المحاكمة، وأضاف أن النيابة العامة تتلقى البلاغات بهذا الشأن وتعمل على التحقق منها ومتابعتها مع الجهات المعنية في إطار دورها باعتبارها حارسة العدالة الجنائية.
وبدوره، عرض الأستاذ مازن لحام مدير الدائرة القانونية في هيئة مكافحة الفساد جهود الهيئة في مواجهة جرائم الفساد بمختلف أنواعها في إطار اختصاصها بموجب قانون مكافحة الفساد، موضحاً أن الهيئة تتابع البلاغات التي تصلها بشأن الاحتجاز التعسفي خلافاً للقانون بما يشمل عدم تنفيذ قرارات المحاكم وإساءة استعمال السلطة، وأشار بأنه لا يوجد تعريف محدد لإساءة استخدام السلطة في قانون هيئة مكافحة الفساد قانون العقوبات النافذ، وأن هناك جهود تبذل من قبل الهيئة لتطوير قانون مكافحة الفساد بما يساهم في تعزيز رسالة الهيئة وأهدافها.
وقدم د. هاني زبيدات المستشار القانوني لمحافظة أريحا عرضاً حول الجوانب الموضوعية والاجرائية الواردة في قانون منع الجرائم لسنة 1954 ساري المفعول، والقيود الواردة بشأن الاحتجاز على ذمة المحافظين، والإجراءات التي تتبع من قبل المحافظين في هذا السياق، وعرض بعضاً من الحالات التي جرى متابعتها من قبل المحافظين مؤكداً على ضرورة تعديل القانون بما يحاكي التطورات والمستجدات ويحافظ على حقوق المواطنين ويراعي مقتضيات النظام العام.
وقد شهدت الورشة تفاعلاً كبيراً من قبل المشاركين الممثلين لقطاعات رسمية وأهلية عديدة الذين أكدوا على ضرورة احترام الحق في الحرية الشخصية، ومبدأ الفصل بين السلطات، وضمانات المحاكمة العادلة، والمعايير الدولية لحقوق الانسان في إجراءات القبض والاحتجاز، وأهمية الطعن على قانون منع الجرائم لمخالفته أحكام القانون الأساسي والتشريعات الفلسطينية ذات الصلة والاتفاقيات التي انضمت اليها دولة فلسطين ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ووجوب مراعاة قانون منع الجرائم النافذ للحقوق والحريات العامة من خلال إجراء تعديلات جوهرية عليه بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان أو العمل على إلغائه.