وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الصبية والقمقم لعزام حدبا ورانية العامودي

نشر بتاريخ: 04/02/2018 ( آخر تحديث: 04/02/2018 الساعة: 17:55 )
الصبية والقمقم لعزام حدبا ورانية العامودي
الكاتب: تحسين يقين
الصبية والقمقم لعزام حدبا ورانية العامودي- دعوة لتأمل آفاق ادب الطفل العربي 
الأمنية الثالثة!
إنها الأهم لها ولنا ولحارس القنديل!
لأن الطريق موحشة وصعبة، فما علينا إلا تعليم أطفالنا وأحفادنا وحفيداتنا على السير والركض والزحف وتجاوز المعيقات..
لذلك، يلعب أدب الطفل وفن الطفل دورا تنويريا مدهشا في تكوين الذات، لتكون في سيرها..أكثر ثباتا وتماسكا..
رحم الله من كان يكرر علينا: "إحنا وإياهم والزمن طويل"!
هي تحديات المستقبل إذن: الاحتلال، والمعاصرة علما وتقنية وثقافة وسلوكا.
إذن يمثل أدب وفن الطفل أمرا استراتيجيا لأطفالنا..والتربية والتعليم كذلك..إنها شجر الزيتون والحنطة معا..ثمة ما هو آن..وما هو للزمن!
سألتني مديرة المدرسة التي استضافتني ككاتب عن طالباتها: فقلت رائعات وذكيات كباقي الأطفال؛ لكن من المهم ألا نورثهم/ن عيوبنا.
- وعقدنا؟
- وعقدنا!
هل ننحاز للمسؤولية الأخلاقية الوجودية؟ أم الى الأسلوب المدهش في الفن والأدب؟
أم أن السؤال غير ضروري أصلا!
ثمة ما هو عضوي بين الأسلوب والمضمون، بل لعلّ المضمون يخلق شكله ولغته أيضا:
"أريدك أن تتحرّر من هذا القمقم.. قالت الصبية بدون تفكير.. هل تستطيع ذلك؟"
تلك كانت الأمنية الأخيرة للطفلة في قصة الأطفال "الصبية والقمقم"، للكاتب اللبناني عزام حدبا، التي رسمتها الفنانة الفلسطينية رانية العامودي، كتعاون عروبي تنويري.
وحين سألها عن أمنيتها هي، خاصة أنها طلبت إسعاد أخيها من خلال السفر، وإسعاد جدتها من خلال التقائها ولو حلما بزوجها الذي سبقها الرحيل، "ابتسمت الفتاة برقّة وقالت: بل كلّها كانت لي..".
- لماذا تساءلت: هل ننحاز للمسؤولية الأخلاقية الوجودية؟ أم الى الأسلوب المدهش في الفن والأدب؟
- بسبب الاهتمام بالجملة المفتاحية لنص المقال!
دهشت جدا عندما قرأت الأمنية الثالثة!
لقد تميزت القصة بمحتواها الفلسفي الذي يمرّر دون إقحام أو تعقيد، وهي تدور حول معاني العطاء والاختيار والحرية.
وهذا ما نحتاجه!
فإن لم نحرر أنفسنا فمن سيفعل؟!
بل إن الطريق للتحرر الوطني يلزمهها تحرر الذات، التي إن لم تفعل، فسيظل الوضع على ما هو عليه!
هذا عن الفكرة الأدبية المشوقة: تحرير نفسه من الأسر القديم. أما المسؤولية الأخلاقية الملتزمة، فتجلت في جوابها للمارد الذي استغرب كيف أضاعت الأماني دون أن تطلب لها، بأنها أصلا كانت لها!
لعلنا هنا فقط نفكّر في الخلاص: خلاصنا معا، خلاص الشعوب وخلاص قادتها!
لا "مارد ضخم يقف أمامنا عاقدًا يديه على صدره قائلا: شبيك لبيك عبدك بين يديك..!
لعلنا هنا نقرأ هذا الحوار في القصة بين الصبية والمارد:
- " لم أعد أتذكّر ما قد كان ذنبي.. قال المارد وهو يعصر ذاكرته قبل أن يردف.. إن كان لي ذنب!
- لا ينبغي للمرء أن يعتاد سجنًا.. قالت الصبية ..
- تراجع المارد خطوتين من هول الصدمة وقال: لا أعرف.. لم يسبق لإنسيّ أن فكّر بهذا الطلب الغريب..
- ليس طلبي غريباً، بل مَن ساعدتَهم قبلي هم الغرباء.. علّقت الصبية.
- لكنّي اعتدتُ على هذا القمقم، ولم يعد يزعجني .. قال المارد متململًا..
- كرّرت الصبية قناعتها وقالت: لا ينبغي للمرء أن يعتاد سجنًا.. ولو صُنِعَ من ذهب..
- ولكني أحب خدمة الناس وتلبية أمانيهم.. قال المارد.. لقد اعتدتُ على ذلك.
- ستظلّ تخدم الناس.. ولكن بإرادتك هذه المرة.. قالت الصبية.. ستشعر بلذّة مختلفة حينما تقدّم العطاء وأنت لست مجبرًا عليه."
وهكذا بادرت الفنانة الفلسطينية رانية العامودي التي تعيش تحت الاحتلال، مؤمنة بأن الإنسان هو من يطيل فترة الاحتلال، فإن لم يبادر لتحرير نفسه فلن يتحرر وطنه. لقد حولت قصة الأطفال القادمة من لبنان إلى قصة بين أيدي أطفال فلسطين؛ فحينما طال انتظارها لمن يمول النشر، قامت هي بالنشر، كمبادرة، لتهدي أطفال فلسطين والعروبة ما يمكن أن يقويهم وهم وهن في هذا الطريق الموحش. ومن متحف محمود درويش كمنبر وطني ثقافي أطلقت القصة، بمصاحبة صوت الكاتب عن بعد، إذ يسعد بزيارته فلسطين ولو صوتا..!
أدب وفن الطفل..والتربية والتعليم..هي كلها شجر الزيتون والنخيل والعنب..
حولت الرسامة القصة الى نشاط ذاتي يستمتع فيه الأطفال الفلسطينيون، ومن ثم تستقبل أفكار الآطفال التي يتم تنفيذها رسما..لعل ذلك يسكن في لاوعيهم وهو يسيرون نحو الشمس!
كل بما يهب نفسه من تحرير نفسه من الوقت والانتظار!
لنا كشعب أن نختار مصيرنا، من خلال أجندتنا الخاصة، التي كانت موجودة أصلا، فنم تغييبها والعمل على تشظيتها.
ما ينطبق على الفرد ينطبق على الشعب.
بكلمات مشوقة ورسوم جميلة نصير أقوى صغارا وكبارا..
بالفن والأدب، وفي الأصل كانتت الكلمة!
دائما هناك ما يمكن صنعه، ونشره، والتبشير به للمستقبل. شرط ذلك أن نريد.

[email protected]