|
الذكرى الخمسون لمعركة الكرامة
نشر بتاريخ: 23/03/2018 ( آخر تحديث: 23/03/2018 الساعة: 11:54 )
الكاتب: عباس زكي
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح
انتصار الكرامة هدية السماء والانتصار بفعل الدماء، ما سر ذلك اليوم الذي انزرع في وجدان الاحرار من أبناء امتنا العربية وحركات التحرير العالمية، كان يوماً صافياً لا اثر فيه للبرق ولا للرعود ورغم ذلك امطر الانتصار العظيم لامتنا . انه يوم الخميس 21 مارس 1968 هو يوم الاحرار الذي قررت فيه فتح نزع ثوب العار عن طريق الجيوش العربية المهزومة والإسهام في صنع النصر لأمة فاقدة للنصر تجتر الهزيمة بفعل نكسة 5 حزيران 1967 امام ما يسمى بجيش الدفاع الاسرائيلي الذي كان يعرف بأسطورة التفوق والجيش الذي لا يقهر .. هذا ما يسمى بجيش الدفاع قام بمذابح قبل سبعة شهور واقتطع الضفة الغربية من الاردن والجولان من سوريا وسيناء من مصر وارتفعت معنوياته الى عنان السماء بهزيمته ثلاث جيوش عربية وامتداداتها واحتلال اراضيها – هذا جيش الدفاع الذي فرض على زعيم الامة جمال عبد الناصر التنحي تماماً اقراراً بالهزيمة والعودة الى صفوف الجماهير الضامنة للعزة والنصر اذا ما توفرت لها القيادة الشجاعة . هذا الزعيم الذي صدقت مشاعر وعواطف المصريين والذي خرجوا بالملايين يوم 29 / 10 يونيو 67 يجددون له البيعة .. قائداً وزعيماً للأمة من المحيط الى الخليج وعاد وهو يختزن في عقله وقلبه معنى القيادة وتجديد البيعة وتحمل المسؤولية فقرر اعادة النظر في كل المظاهر الخادعة من اجل مصر من اجل العروبة فأطلق النداء لحرب الاستنزاف التي كان ابرزها انتصار الكرامة بعد سبعة شهور على النكسة او حرب الايام الستة بل الساعات الستة التي سقط فيها الاعز من العسكريين وفقدان الامل لمن يقرأ تقديرات الاعداء وتعظيم دور اسرائيل وارتفاع مكانتها من دور الاداة والدمية للغرب الى الاندفاع كقوة قائده قاهره للعرب وتحويل التاريخ والحالة العربية الى واقع شديد السواد . في تلك الايام الحزينة رأيت الدموع تنهمر من عيون الرجال وهم يرون الاسرى من الجيش المصري يقتلون ويداسون بالدبابات وهذا ما تفعله العصابات الصهيونية التي لا تقيم وزناً للأعراف والقوانين وتعتمد البلطجة والغطرسة كما فعلت في فلسطين الجريحة المنكوبة بمذابح يندى لها جيين البشرية في الدوايمة في دير ياسين في كفر قاسم ... الخ. تحت شعار لننتصر بالرعب وبهذا دمرت 550 قرية فلسطينية ناهيك عن المدن الرئيسية تحت نير الاحتلال الاستيطاني الاجلائي التوسعي العنصري ونفي الاغيار، تحت شعار ( كلو بموت والموت للعرب ) من اجل العودة الى ارض الميعاد حسب زعمهم باللباس الديني تغظية لوظيفتهم الاستعمارية كأداة متقدمة للاستعمار القديم ( الاوروبي ) الجديد الامريكي واليهودية منهم براء لفرض الهيمنة على ثروات المنطقة العربية من المحيط الى الخليج والهيمنة على مقدرات الشرق الاوسط . هذا ما كان يخطط وفق تصريحات نابليون بونابرت الذي اعلن بعد فشله اقتحام عكا الفلسطينية فرمى بقبعته من فوق سور عكا باعتبار انه قائد لا يقر بالهزيمة وفور عودته الى فرنسا رفع شعار ( لا بد من احتلال سيناء وجلب كل يهود اوروبا الشرقية اليها لقيموا جسماً معادياً الى محيطه العربي والى الابد مرجعيته نحن لفرض الهيمنة على مقدراتهم وتمكننا من العودة الى المنطقة في اي وقت تشاء ) . وهذا ما ورد في تقرير كامبل بانرمان ايضا الصادر عن الدول الاستعمارية السبعة بما فيها فرنسا 1907 نتيجة دراسة هذه الدول الاوروبية السبعة بعد اكتشاف النفط في السعودية والخليج باعتبار النفط شريان الصناعات الحديثة اضافة الى مميزات اخرى كالموقع الجغرافي والشعب الموحد باللغة والديانة والتقاليد والثروة، وكانت صيغة التقرير على النحو التالي " لا بد من اقامة حاجز بشري – يفصل المغرب العربي عن مشرقه يفرض الهيمنة على ثروات ومقدرات المنطقة، يمنع العرب من استعادة الحضارة التي اخذها عنهم الغرب " فكان الجسم هو اسرائيل بدل ان يكون في الارجنتين او سيناء ان تكون الضحية فلسطين بموجب هذا كانت اتفاقية سايكس بيكو 1916 بتقسيم الوطن بين المنتصرين في الحرب العالمية الاولى بموجب هذا كان وعد بلفور المشؤوم لروتشيلد بمنح فلسطين وطن قومي لليهود 1917، بموجب هذا كان الانتداب البريطاني والمندوب السامي الصهيوني هربرت صموئيل الذي بدأ في جلب الهجرات الصهيونية الى فلسطين. ورغم البطولات والتضحيات التي فرضت على عصبة الامم اثر ثورة البراق ان تعترف بأن البراق والقدس هي وقف اسلامي . كان سباق الاحرار والأبطال محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي يتنافسون على حبل المشنقة من يعدم اولاً في مشاهد تؤكد عظمة شعب الجبارين الذي خلقه الله للشدة والذي برهن على عظمة الدور في اطول اضراب في التاريخ عام 1936 استمر ستة اشهر، بموجب هذا كان قرار التقسيم 181 وإقامة دولة اسرائيل ومنع قيام الدولة العربية الفلسطينية مع عدم ملأ المكان او الحد من توسيع الاستيطان وذلك بهيمنة امريكا وبريطانيا على القرار لأضاعه اي امل للعرب في الكرامة والعزة او البقاء في فلسطين ذات المكانة الروحية وبخاصة القدس التي يتجدد وعد بلفور بقرار الرئيس الامريكي المتصهين دونالد ترامب بمنح القدس عاصمة لإسرائيل. على ضوء هذا الواقع الفاسد الذي تلى النكبة السوداء عام 1948 وأصبح شعبنا كرة يتقاذفونه هنا وهناك ويتم التنكر لحقوقه كإنسان كما هو حال الفلسطينيين في لبنان ، الاغنياء ساهموا في بناء وتطوير لبنان ( والفقراء انسان مع وقف التنفيذ) محرومين من اي حقوق وارتفع شعار طرحه جون فوستردالس وزير خارجية امريكا الكبار من الفلسطينيين يموتون والصغار ينسون ويسدل الستار على هذه القضية. وبعد مخاض عنيف 1958 اي بعد عشر سنوات على النكبة السوداء وتجوال الشباب الفلسطيني على الاحزاب والأنظمة طمعاً في الانتصار لشعب فلسطين المظلوم بدأت النشأة والتكوين لحركة فتح رفضاً لاندثار القيم، رفضا للواقع الفاسد رفضا للانحناء وإدارة الظهر ، وعملت على مسح ورصد امكانيات شعبنا والأهداف الاستراتجية لدى العدو ، وبما يضمن استمرار مسيرة الثورة لتضيء سماء الامة برصاصها الاحمر في الفاتح من يناير 1965 إذاناً بفجر جديد للفلسطينيين ونفض الغبار عن ملفاتهم في الامم المتحدة وأجندة العالم. قبلت فتح المواجهة مع من يملؤهم الرعب خوفاً من اسرائيل ولكن بعد هزيمة او نكسة حزيران 67 ضاقت ذرعاً في ان تبقى في دوائر التسلل باعتبارها الحقيقة والمدركة بوعي لطبيعة الصراع . وكان التحول الاهم رسالة الزعيم عبد الناصر " يا شباب الفتح هبوا وقاتلوا ولو بإشعال حرائق فإنكم ان لم تشعلوا حرائق على ارضكم فلن ترفع عليها اعلاماً عربية قط " هنا التقط القائد الملهم عرفات الاشارة وهرول الى فلسطين المحتلة ووضع قواعد الارتكاز في الداخل ورسم ورفاقه خطة استئناف العمل الفدائي ووجد ضالته في التعاون مع الجيش الاردني الباسل الذي لم يقبل الهزيمة وبدأ بنفض غبارها بإعادة التنظيم والتعاون مع الفدائيين وصولاُ الى هذا اليوم الخالد في التاريخ العربي يوم الخميس 21 مارس اذار 1968 يوم وحدة الفدائي الفلسطيني مع الجندي الاردني يوم تجسد الوفاء للوطن للكرامة والشهامة والإخلاص في حمل الامانة يوم علت صيحات الله اكبر ونشيد وحدنا الدم يا كرامة يوم تقدم عرفات وصلاح خلف وأبو صبري وأبو اللطف قيادة الفدائيين وقال الملك الحسين بن طلال كلنا فدائيون، يوم عربي نزع رداء الذله وأعاد للعسكرية العربية شرفها ووضع النصر لأمة فاقدة للنصر فالتحية الى الشهداء من الجيش والفدائيين والى تلك النماذج الطاهرة التي هزمت الجيش الأسطورة، وعرضت دباباته التي تركها في المدرج الروماني بعمان يوم انفتحت امام فتح معسكرات امبابة في مصر وتم تزويدنا بالصورايخ، يوم فتحت معسكرات الرشيد في بغداد يوم شعرت الجزائر بالفخر لمن تخرجوا من كلية تشرشال العسكرية وفتحت الصين كلية نانكين امام قيادات فتح لنهل المزيد من العلوم العسكرية يوم استقبل عبد الناصر عرفات لأول مرة وقال له ثبت بالدليل القاطع ان فتح انبل ظاهرة وجدت لتبقى يا ياسر فرد عليه القائد لتبقى وتنتصر يا سيادة الرئيس ،فأصطحبه عبدالناصر الى الاتحاد السوفيتي رأس المنظومة الاشتراكية تكريساً للدور الفلسطيني عالمياً. اذن في الساعات الحرجة في دخول المراحل الصعبة في الخروج من المأزق من اجل وضع الانتصارات ومن اجل التدثر بالكرامة بالشرف بالعزة . من اجل حماية الشعب والمقدسات تحتاج الى شعب شجاع وقيادة مغامرة اذا ما لزم الامر كما قلبت قيادة حركة قانون حرب العصابات وساهمت بصنع نصر بالكرامة ، هذا هو ذلك اليوم الذي اصبح فيه عرفات كما هوشي منه لفيتنام وفيدل كاسترو لكوبا ... الخلود لروحه الطاهرة ولكل القابضين على الجمر وصولا الى يوم النصر وهو قريب بأذن الله. في يوم الكرامة نوجه التحية الى الامهات الفلسطينيات -الاردنيات – العربيات الى ام يوسف ام مقاتلي الكرامة الى امهات الاسرى والشهداء حارسات بقائنا وفي يوم الكرامة والمرأة نؤكد على فلسطينيتنا التي تتسع لانتصارات جديدة مهما كان حجم المؤامرة على قدسنا . |