|
الشاب مالك شاهين: حياة مريض الكلى أشبه بالقوقعة مقيدة بشروط
نشر بتاريخ: 27/03/2018 ( آخر تحديث: 27/03/2018 الساعة: 12:36 )
القدس- معا- منذ 9 سنوات وهو يتنقل من مدينة القدس إلى بلدته في حلحول وبالعكس، ليس للعمل ولا للدراسة وإنما لوحدة غسيل الكلى في مستشفى الأوغستا فكتوريا "المُطّلع"، فعلى حين غرة باغته المرض وأثقل كاهله حيث لم يكن يتجاوز حينها الـ 13 عاما، كان طفلا صغيرا لا يعرف معنى المرض، ولا يعرف القدس أيضا حتى أصبح العلاج جزءا لا يتجزأ من حياته، وأصبحت القدس كل حياته.
إنه مالك شاهين (22 عاما) وهو طالب في كلية الحقوق بجامعة الخليل، شاب طموح ليس لأحلامه حدود، فالمرض كما يقول "لا يمنع الحُلم، ولا الحب، ولا الزواج ولا حتى العمل والإستمرار في الحياة"، مضيفا" أن مريض الكلى كأي انسان عادي لا ينقصه شيء أبدا، لذلك أرفض نظرة الشفقة والحزن التي يتطلع لنا فيها مجتمعنا، غدا سأتخرج، وسأزاول مهنتي، وأتزوج ولن يمنعني مرضي من تحقيق أحلامي هذا كان خيار الله لكن هذه هي أهدافي". اكتشاف المرض فوجىء مالك باصابته بالفشل الكلوي وكانت صدمة كبيرة له ولعائلته وعن لحظة اكتشاف المرض يقول: قبل اكتشافي للمرض كنت مصابا بآلام في الرأس لا تنتهي، كانت الأوجاع غير طبيعية، حتى مع المسكنات لا تهدأ، فذهبت لاجراء الفحوصات التي أظهرت بأن نسبة الأملاح في جسدي عالية جدا، ومن هنا بدأت رحلة البحث عن العلاج كان ذلك عام 2009 وكان الحل بأن أخضع لغسيل الكلى. وتابع: إن الأمر شكل صدمة كبيرة لي ولعائلتي خاصة والديًّ اللذين أخفيا حزنهما وحاولا بكل جهدهما بأن يكونا قويان أمامي حتى لا أضعف، وبالفعل استمديت منهما القوة رغم رفضي الخضوع للعلاج في بادئ الأمر، فقد كنت صغيرا أريد اللعب والتنزه ولا أريد بأن تقيدني أسلاك جهاز غسيل الكلى مدى الحياة. مالك والقدس ويستطرد مالك بحديثه: لم يكن في مستشفيات الضفة الغربية وحدة غسيل كلى للأطفال، لذا تم تحويلي إلى مستشفى المُطَّلع في القدس، حينها شعرت بسعادة كبيرة فأنا الآن يمكنني دخول القدس وسآتي إليها 3 أيام في الأسبوع، في الوقت الذي لم أكن باستطاعتي دخولها قبل المرض. ويضيف بابتسامة خجولة: أمي وأبي والقدس خففوا عني عبء المرض وأوجاعه، وفي السنة الأولى كان والدي يرافقني للعلاج لكني بعدها اعتدت على الأمر وأصبحت أعرف الطريق جيدا حتى أن مستشفى المطلع يوفر حافلة خاصة لمرضى منطقة الجنوب ومرافقيهم ذهابا وايابا وبالتالي هذا ساعدني أكثر بتخفيف عناء التنقل، ففي المواصلات العامة نشعر بالذل والمهاناة اضافة إلى عناء التوقف والنزول على الحواجز العسكرية، والوقت الطويل الذي يصل من ساعتين إلى ساعتين ونصف. نقلة نوعية تنتقل حياة المريض من حياة طبيعية إلى حياة مقيدة بشروط طبية واجراءات صحية كثيرة، وحول هذا الموضوع يقول مالك: إن حياة المريض أشبه بالقوقعة فحياة مريض الكلى تصبح مقيدة بأسلاك غسيل الكلى، وبالتالي لا يستطيع التحرك خارجها كما يشاء ومتى يحلو له، فحين يريد الخروج عليه أن يحسب ألف حساب، وأن يتخذ الكثير من الإجراءات الضرورية تحسبا لأي طارئ صحي، لكن أريد أن أؤكد أن المرض لا يمنع المريض من السفر أو التنزه بل على العكس يمكنه فعل أي شيء يرغبه لكن عليه أن تكون صحته على سلم أولوياته وبأن يتواصل باستمرار مع طبييه الخاص، ورغم أنه سيكون الأمر عليه صعبا في البداية لكن مع مرور الوقت سيصبح معتادا عليه وأمرا واقعا. العامل النفسي ايجابية مالك ونفسيته العالية تلعب دورا كبيرا في حياته كمريض، حيث يقول: كلما كانت نفسية المريض عالية فإنه سيتغلب على المرض ويعتاد على روتين العلاج ويتقبله، فهناك الكثير من المرضى لا يتقبلون العلاج ويرفضون أن تقيد حياتهم، وهنا يكمن الضعف والخنوع وأحيانا قد يصل بالمريض إلى الإكتئاب ثم الموت". الدراسة والعلاج واجه مالك صعوبات كثيرة أثناء المرحلة المدرسية بسبب اضطراره للتغيب عن الدراسة لثلاثة أيام أسبوعيا، وخاصة في الثانوية العامة: كانت مرحلة الثانوية العامة أصعب مرحلة واجهتها بالتزامن مع العلاج، فقد كان من الضروري أن التزم بالدوام، لكني لم أستطع وكنت ألتحق بالدروس الصفية من خلال زملائي، ورغم كل تلك الصعوبات نجحت وحققت تفوقا غير متوقعا والتحقت بكلية الحقوق، وفي الجامعة كان الدوام والعلاج لا يتعارضان وكنت التحق بالمحاضرات في الأيام التي ليس علي فيها غسيل كلى . مستشفى المُطَّلع وغسيل الكلى وعن خدمات مستشفى المُطَّلع لمرضى غسيل الكلى، يقول مالك: احتضنني مستشفى المُطَّلع منذ أن كان عمري 13 عاما، فعشت فيه أكثر من 9 سنوات من عمري، فأنا أرى أطبائي وزملائي في الغسيل أكثر من أهلي، فهو بيتي الثاني الذي يتم فيه معاملتي أفضل معاملة، والروح الإيجابية لدى العاملين فيه والراحة النفسية والنظافة التي بداخله تساعد المريض بأن يتخطى مرضه بسرعة وتهون عليه أوجاع العلاج، إضافة لاهتمامهم بالمريض أكثر من اهتمام المريض بنفسه. مالك اليوم يستعد للتخرج، وكله أمل بالله وطاقة ايجابية ليس لها حدود، فهو يستعد للتدرب في مجال المحاماة ويسعى لاستكمال تعليمه العالي، ويختم حديثه بالقول" لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، سأتعايش مع مرضي كأنه لم يكن، وسأعيش بحب وحرية". |