وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ويني مانديلا التي رأيت: امرأة من زمن آخر !

نشر بتاريخ: 02/04/2018 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
ويني مانديلا التي رأيت: امرأة من زمن آخر !
كتب اياد العطيات
ونيسان الذي يحمل في كل مطلع له، كذبة تمرح بها نفوس الناس، بات يضن علينا في هذه الأوقات الموجعة، حتى بالكذب، ويستبدلها بكل أنواع الآلام، فها هو يصدمنا بخبر من نوع الفقد، لامرأة من زمن آخر، كانت علاقتي معها مقابلة تلفزيونية، لساعة ونصف، ولكنها وطدت في نفسي معرفة، تغني عن الدهر كله، وذلك لأن علاقة ويني مانديلا، مع القضية الفلسطينية وأهلها، كانت تقوم على المبادئ لا سواها، والحب الخالص الذي نلتمسه في قلوب العالمين، والتضامن الذي لا يفرق بين جنوب إفريقي أو فلسطيني، في كل الظروف.
ترحل ويني مانديلا، الزوجة السابقة للزعيم الأممي نيلسون مانديلا، في صمت، وهي التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، بعد رحلة حياة، أنتج عنها مئات المقالات والمقابلات واللقاءات الصحفية والبرامج الوثائقية والأفلام السينمائية، والسير الذاتية، وآخرها كتاب "أسمى من الأمل"، الذي يتناول حياة ويني مانديلا.
عن عمر يناهز الـ82 عاما، معظمها نضال واعتقال وتضحيات، منذ أن التقت بالزعيم نيلسون مانديلا، عام 1957، لتتزوجه بعدها بعام، وتنجب منه ابنتين اثنتين، ترحل ويني مانديلا، التي اكتسبت بجدارة لقب "أم الأمة"، ثم لتكون هي رافعة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، بعد اعتقال معظم قياداته ومن ضمنهم مانديلا، وتواجد الجزء الآخر في المنافي، لتبدأ رحلتها في التعذيب الوحشي، على نظام الفصل العنصري البائد، الذي كان حليفا لإسرائيل.
لقد آثرت الفلسطينيين، على غيرهم، وكنت شاهدا حينما اتصل بي الصديق تامر المصري، الذي كان مسؤولا إعلاميا في سفارتنا في جنوب إفريقيا مطلع عام 2015م، وعرض علي زيارة جنوب إفريقيا، بترتيب من السفير في حينه، الأخ عبد الحفيظ نوفل، لحضور فعاليات أسبوع الآبارتيد الإسرائيلي، في شهر آذار، لنتفق على إعداد فيلم عن الحالة التضامنية الجنوب إفريقية، مع الشعب الفلسطيني، ونغطي الفعاليات.
يومها أخبرت كلا من السفير عبد الحفيظ نوفل الذي انتقل سفيرا بعدها لدى روسيا، والمستشار تامر المصري، الذي انتقل هو الآخر إلى جمهورية التشيك، بأنني أريد مقابلات من نوع آخر، تعضد ما نسمعه عن حالة التضامن اللا متناهي مع الشعب الفلسطيني، في جنوب إفريقيا، فكان الإغراء لي كصحفي على النحو التالي، مقابلة حصرية مع ويني مانديلا، وهو اسم كافي ليشجعني على قطع محيطين وأربعة أبحر في تسع ساعات طيران ونصف، للقدوم إلى جنوب إفريقيا، والاسم الآخر، كان للقس ديزموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1986م، ورئيس لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا، بعد سقوط نظام الفصل العنصري عام 1994م .. لأكتشف لاحقا أن كلا الطرفين كانا يرفضان إجراء أي لقاءات صحفية أو إعلامية، بعد أن اعتزلا العمل العام، ولكن الاستثناء كان لفلسطين.

أذكر أنني قد مددت يدي للسلام عليها، فكانت شديدة قاسية فيها من قوة الشباب ما يلفت الانتباه، بينما كانت عباراتها أقوى وأكثر شدة، من كل ما يمكن أن تسمعه في أرض العرب، إذ دعت المرأة إلى تكاتف الدول الإفريقية، لمحاربة إسرائيل مع الفلسطينيين، فأدركت أنها تتحدث بذات اللغة التي كانت قبل ثلاثين عاما، في الحديث عن ضرورة توحد الأفارقة لإسقاط نظام الفصل العنصري .. ففلسطين بدت في تلك الجملة، هي ذاتها جنوب إفريقيا، التي تنتمي إليها ويني مانديلا.
سألت السفير عبد الحفيظ نوفل، عن الشاب الأسمر الذي كان يتلاطف مع تامر المصري، وكأنه كان يسأل عن الجهة التي تجري اللقاء مع "أم الأمة"، ليبادرني تامر بأن هذا هو زيندوا حفيدها من ابنتها، ولقبه الذي تسميه به جدته ويني مانديلا، هو القذافي.
ستعيد وكالة معا، بث فيلم طهارة السلاح، تكريما لروح الفقيدة ويني مانديلا، وأظن ذلك كان آخر لقاء متلفز لوسيلة تلفزيونية أجنبية، تظهر به للإعلام، لأنه جاء برسم فلسطين، وتشرفت به شبكة معا الإخبارية، أجريته معها وصوره الزميل إياد العطيات.